أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حسين رشيد - الشعر الشعبي والقنوات الفضائية















المزيد.....

الشعر الشعبي والقنوات الفضائية


حسين رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 3394 - 2011 / 6 / 12 - 10:38
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


1
في فترة من فترات العراق، كان الشعر الشعبي يقود الجماهير المتطلعة الى حياة حرة نزيهة وكريمة. مخترقا وبقوة الصراع السياسي والاجتماعي والفكري القائم آنذاك بين القوى الرجعية والدكتاتورية والقوى الوطنية الديمقراطية، اذ كانت القصائد الشعبية تحرك مشاعر واحاسيس الناس، بشكل كبير وتشكل حافزا ودافعا معنويا لهم.
من هنا ارتبطت حركة الشعر الشعبي العراقي مع تطور وعي الحركة السياسية العراقية الوطنية وبشكل خاص قوى اليسار والديمقراطية. فانتعش الشعر وارتقى سلم النجاح وازدهر بقوة، كون اغلب الشعراء ومنتجي الشعر الشعبي العراقي انذاك مرتبطين بشكل او باخر بقوى اليسار والديمقراطية والتقدم الوطنية، اذ استلهموا قضايا الشارع في قصائدهم التي كانت تردد عن ظهر قلب لدى عامة الناس من خلال تعايشهم اليومي واندماجهم الانساني مع قضايا وهموم الشارع العراقي.
والجميل بالامر ان تلك القضايا والهموم كانت تطرح بمفردات وعبارات ملونة بالجمال والحياة، متفاءلة ومحفزة لنظرة حقيقة لمستقبل جديد حتى لو كان فجره بعيدا، الامر الذي جعلهم قريبين جدا من الناس ومصدرا مهما من تحريكهم وتثويرهم. كما كان لمفردة القصيدة الشعبية المنتقة دور ايضا في ولوج الشعر الشعبي العراقي عالم الالق والتالق.. اذ كانت مفردة شفافة غنية تعج بالجمال والعذوبة، وخاصة تلك القصائد الغنائية التي ظلت بذاكرة الناس عقودا، واعتقد ان الامر لا يحتاج ان نذكر الكبير مظفر النواب وروائعه وابو سرحان وناظم السماوي وعريان سيد خلف وكاظم الرويعي وطارق ياسين وعلي الشباني ورهطا اخر من الشعراء لا تسعفني الذاكرة الان.
وعندما فتح الشاعر مظفر النواب باب التجديد في القصيدة الشعبية العراقية، إنطلق الشعراء الشعبيون ليس في العراق وحسب بل حتى في الوطن العربي، الى أفق الحداثة في الشعر الشعبي. والذي وصل الى اوج مراحله لياتي قانون منع الشعر الشعبي كتابة وقراءة ونشر من قبل سلطة البعث حيث بات يشكل خطرا كبيرا على تواجهتهم السلطوية.
ليعدلوا عن قرار المنع ابان حرب ايران ويدخل
الشعر الشعبي في التعبئة للحرب والدمار وتمجيد السلطة البعثية، ولتندحر القصيدة الشعبية والاغنية بشكل او باخر الى مستويات ادنى مما كانت عليها ابان فترة المنع السبعيني، ولتمر فترة التسعينيات وما تلاها من سنين القرن الجديد حتى لحظة سقوط الدكتاتورية البعثية والانفلات العام.

2
مع انتشار البث الفضائي والانترنيت، ودخول الثورة المعلوماتية والتكنولوجيا الى المجتمع العراقي، انتشرت واتسعت ظاهرة الشعر الشعبي في كل مكان من خلال الاذعات والصحف واجهزة الموبايل، أقراص ال(سي دي) المدمج، اضافة الى تنظيم الملتقيات والمهرجانات الخاصة بالشعر الشعبي الذي اصبح بضاعة رائجة في سوق الاعلام العراقي. ولا باس بذلك شريطة ان يحمل مواصفات البضاعة الجيدة والمتينة، لكن للاسف، فالاسفاف والاستخفاف، وصلا الى مرحلة لا يمكن السكوت عليهما والقبول بهما من خلال ما يبث من قصائد واغان. وما يحزن بالامر ان القنوات الفضائية اخذت تتسابق في بث البرامج التي تعنى بالشعر الشعبي وتخصص له اوقاتا مهمة من راحة المواطن العراقي الذي يضطر بالتالي الى الانتقال الى القنوات العربية.
وما يحزن اكثر ان اغلب هذا البرامج تبث يوم الجمعة، يوم راحة وتجمع العائلة العراقية، وفي اوقات متقاربة البث بين الفضائيات وكانها في سباق. والمحزن اكثر ان ما يبث فيها من كلام لا يمكن عده في مجال الشعر و حتى النص او الخاطرة، فالكثير منه كلام مصفط بشكل او باخر، مع تكرار الوجوه. وتفاهت الحوارات والطروحات، فتجد في قناة مقدم برنامج الشعر الشعبي ضيفا في قناة اخرى، تبث برنامجا خاصا بالشعر الشعبي ايضا، وهكذا تجد المقدم ضيفا في حلقة مقبلة. بمعنى ان العلاقات والاخوانيات هي التي تحكم هكذا برنامج، فالوجوه هي هي والاسماء هي هي من برنامج الى اخرى ومن قناة الى اخرى.
اما ما يحزن اكثر واكثر فهم مقدمو هذه البرامج، اذ يسمحمون لانفسهم عبر نرجسياتهم بتقييم القصائد، وتقييم الشعراء الضيوف، وقد يصل الامر الى التهجم على اعلام الشعر الشعبي العراقي مثلما فعل ذلك مقدم احد البرامج حين اهدى قصيدة بائسة لحظة قراءتها الى كل شعراء العراق باستثناء مظفر النواب،وكأن النواب جالس بانتظار اهدائه. تذكرت هذه الحادثة وانا اتابع زيارة النواب الكبير، وما كان يحدثنا، عن كواليس تلك الزيارة العزيز الشاعر كاظم غيلان، الذي ظل برقفته وفاء وعرفا لهذا الرمز الكبير وما احدثه من ثورة في الشعر الشعبي العراقي، بالمقابل كم من التفاهة والنزق يحمل مثل هكذا شويعر لا يعي مكانه الحقيقي في خانة الابداع العراقي وهو يحول بشكل او باخر النيل من رموز الشعر الشعبي العراقي ومن اخذ بيد الشعر الى ناصية الحداثة والجمال واستطاع ايصاله الى حدود ومجتمعات دول اخرى لم تكن تعرف الكثير من المفردات الشعبية العراقية..
هذا الشويعر يعد نفسه من الشعراء الذين يشار لهم بالبنان، ومن المظلومين والمضطهدين ابان النظام السابق متناسيا او متغافلا عن قصائده في تلك الفترة, وهذا الامر ينطبق على الكثير ممن يدعون انهم شعراء، وخاصة بعض مقدمي البرامج الفضائية الخاصة بالشعر الشعبي، وما يؤلم اكثر في امر هؤلاء الذين يعدون انفسهم شعراء، تحويل قصائدهم الصدامية والبعثية الى قصائد حسينية وطائفية، بالتالي اساؤوا الى هذه القضية الانسانية والى طائفتهم.

3
حتى لا ندخل في باب المقارنة بين جيل التجديد في الشعر الشعبي العراقي ممثلا بالنواب الكبير والجيل الذي تلاه من شعراء الحركة الوطنية، وبين ما موجد الان في ساحة الشعر الشعبي، فالكم الثقافي والمعرفي يختلف كثيرا، التواضع والرقي الانساني والاخلاقي مختلف اكثر، وهذا ما يضعنا امام حقيقة جهل وتخلف الكثير من الشعراء الشعبيين في الوقت الحاضر، بالتالي ينعكس بشكل او باخر على نصوصهم ومدى انصهارها مع معاناة الناس، وكيفية استخدام المفردة المناسبة والمعبرة في النصوص التي تحاكي همومهم وتطلعاتهم، لكن ما يؤسف له ان البعض منهم اخذته انتماءاته الطائفية والقومية والعشائرية اكثر مما اخذه الهم والحس الوطني. لكن اذ عدنا الى المربع الاول في هذه القضية، البرامج الفضائية الخاصة بالشعر الشعبي، ومن يتحمل المسؤولية، القنوات الفضائية تعزي الامر الى ان الشارع يريد ذلك، والمجتمع العراقي يهتم بالشعر الشعبي اكثر من اهتمامه بالفصيح او بالقصة او بالرواية، ولا باس بهكذا رأي فهو صحيح الى حد ما، فتركة البعث على المجتمع كبيرة وثقلية، وما عاناه من تقهقر ثقافي واجتماعي واقتصادي، انعكس بالتالي على ذائقته، لكن هذا لايعني ان الفضائيات لا تشترك بالذنب ولا تتحمل المسؤولية في بعض جوانب القضية، خاصة باختيار الاسماء المعدة والمقدمة والضيوف، حتى القصائد التي تقرأ في هكذا برامج. وهنا لا نلقي اللوم
على كل الفضائيات فالكثير منها لا يهمنا ولا يعنينا بشيء، ما يهمنا هي تلك القنوات المدنية غير الحزبية وغير الطائفية او كما تسمى القنوات الخاصة او شبه المستقلة التي تعنى بالخطاب المدني المتحضر، لذا لابد من اعادة النظر قدر الممكن في هذه البرامج اضافة الى برامج المسابقات الخاصة بالشعر الشعبي والتي تبث بشكل موسمي، من اجل ان نرفع ونرقى بذائقة الشعر الشعبي العراقي وحتى لا نطالب هذه المرة بقانون يمنع الشعر الشعبي.



#حسين_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمتنا السكنية الخانقة
- دهوك بلورة الجبال الخضراء
- بناء الانسان
- باطل ... نريد ان نعرف؟
- لماذا يتمسكون ويختفون؟
- المناداة في اللهجة العامية
- المناداة باللهجة الشعبية
- شهربان … جميلة باطيافها كحبات رمانها
- قصص قصيرة جدا
- عينكاوا والحفر بالذاكرة
- لهجتنا العامية
- بخدمتك
- تسميات نقدية
- تظاهرة في الكرادة
- تراث المدينة المعماري الشعبي
- ثقافة الناقد
- الزعيم عبد الكريم قاسم والحكومة الجديدة
- النقد والإبداع والفن والأخلاق
- توقيع كتاب
- لماذا الا صرار على المنفى ؟


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حسين رشيد - الشعر الشعبي والقنوات الفضائية