أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورج حزبون - المسيحيون العرب والكنيسة















المزيد.....

المسيحيون العرب والكنيسة


جورج حزبون

الحوار المتمدن-العدد: 3393 - 2011 / 6 / 11 - 21:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



نشئت المسيحية في فلسطين ، ونشطت في روما بفعل ذهاب المبشرين الأوائل بطرس وبولس، عاصمة الدولة الرومانية العالمية ذلك الوقت ، وحين اعتنق الإمبراطور قسطنطين المسيحية ، اعتبر نفسه رأس الكنيسة ، فدعي إلى عقد مؤتمر نيقية عام 325 م ، والذي اصدر قانون الإيمان ، في محاولة لتوحيد المذاهب المسيحية المختلفة أيامها ، ونظم البناء الكنسي حسب التنظيم الإداري للدولة بحيث أقام بطريركية في كل منطقة يوجد له فيها حاكم أو والي ، وجعل المدينة التي بناها على اسمه / القسطنطينية / عاصمته الشرقية ، وأقام فيها قيادة كنسية لوائيه حسب ذلك العصر ، مع بقاء روما مركزاً رئيسياً ، وانشأ الكنائس واشهرها كنيسة المهد في بيت لحم و كنيسة القيامة في القدس وغيرها من المواقع بإشراف والدته ( هيلانة ) ، وبذلك جمع بين الدين والدولة .
مع انقسام الإمبراطورية بعد وفاة قسطنطين ، حكم احد أبنائه روما والأخر القسطنطينية ، وكان هذا بداية الانقسام في الإمبراطورية والكنيسة رسميا، وجرت انشقاقات إيمانية كبيرة ، واجتهادات فلسفية ولاهوتية ، ليس هدف المقال مناقشتها ألان ، ومع تغير الحكومات وسقوط القسطنطينية ، نشئ واقع جديد ، فانفصلت الكنيسة عن الدولة مبكراً في الشرق ، ذلك جاء بفعل الفتوحات وغياب حكومة مسيحية ، فأخذت الكنيسة زمام الأمور وبدأت تهتم بمتابعة الحياة المدنية لإتباعها ، ونظمت عقود الزواج ، والميلاد ، والميراث ، وأصبح هناك محاكم كنسية تفصل في شؤون الرعية،كما أقامت كل طائفة محاكمها الدينية ، وكانت أيضا بالضرورة المحاكم الشرعية للمسلمين ، وبحكم كون الخليقة هو رأس الدولة المدنية والدينية ، فأخذ الانفصال بين الشعب على أسس دينية ، بحكم المرجعيات المختلفة ، ونما فيها ، بحكم طبائع الأمور ، مناكفات و تمايز ، وخاصة حين اخذ بعض الحكام المسلمين ، باضطهاد المسيحيين ، وتميزهم بالملبس والمظهر والمعاملة ، كما حصل إبان حكم المتوكل وبيبرس وحتى عمر بن عبد العزيز وغيره حتى الحكم العثماني.
وفي السنوات المتأخرة من حكم العثمانيون ، وبروز القومية الطورانية ، وإهمال المناطق العربية ، بدأت تظهر حركة عربية كان من ضمن قياداتها عدد كبير ومهم من المسيحيين ، وذلك له أسبابه الخاصة والموضوعية ، حيث كان التعليم في المدارس المسيحية المدعومة من دول استعمارية أوروبية ، سمح بظهور شخصية ثقافية مسيحية وجدت أن خصوصيتها في عروبتها وليس في الولاء لتلك الدول التي حصلت على ( فرمانات ) عثمانية ، تحت ذرائع حماية تلك الطائفة المسيحية وتلك ، حتى ان الانكليز مثلا حين لم يجدوا لهم طائفة مسيحية اخذوا حصة حمايتهم / للدروز /! مما يؤكد إن الغاية كانت استعمارية تبحث عن وسيلة ، إلا إن المثقفين المسيحيين توجهوا نحو قوميتهم و دافعوا و نازعوا المستعمرين حتى وصلوا حبال المشانق ، وفي مرحلة الاستقلال النسبي للبلدان العربية كانت السجون ملتقى المسيحيين و المسلمين ، وكذلك كان الأمر في سجون الاحتلال الإسرائيلي ولم يكن أحدا يهتم ببحث الأمر فهو طبيعي جداً فهذا وطن الجميع ونحن مواطنون .
ومع ذلك ظلت الكنيسة محتفظة بدورها وخصوصيتها تجاه تابعيتها ، علماً ان الأمور في أوروبا وأميركا تغيرت وأصبحت تختلف تماماً ، فلا وصاية للكنيسة على الرعايا فالجميع امام قانون واحد لدولة واحدة لكل مواطنيها ، لهم الحق اعتناق أي دين او فكر ورفض الأديان ، انما يحمهم قانون وضعي واحد ، بلا تميز وبشكل ديمقراطي .
اختلف الأمر في البلدان العربية بالنسبة لواقع الكنيسة ، فالأقباط في مصر لهم كنيستهم الوطنية ، لكنهم يملكون لغة خاصة يؤدون الصلاة بها ، ومحاكم دينية تدير شأنهم الاجتماعي ، وفي لبنان عدة كنائس ، والأوسع نفوذا هم الموارنة حيث لهم نسبة وطنية ، لكنها أيضا تتابع الشأن الروحي ، وان حاولت التأثير على الوضع السياسي ، لكن فيما عدا ذلك فبقيت الكنائس اللاتينية / كاثوليك / والروم الأرثوذكس / كل له مركز قيادي ومرجعية روحية وإدارية ، الأول / الفاتيكان / في روما و الثاني / اثينا / اليونان ،وهم يتعاملون مع طوائفهم العربية بمرجعية أجنبية ؟ خاصة في الأماكن الدينية الأساسية في فلسطين ، والقيادات الروحية ظلت غير عربية ، بل وان وجد عربي ما في وضع ما فان المرجعية النهائية ( روما ) ، وبالنسبة للأرثوذكس فاتخذوا إجراء عجيباً بإبعاد العرب ، فقد فرضوا على كل راهب عربي ان يتزوج !! وبذلك حسب القانون الكنسي لا يحق له ان يترقى في السلك الكهنوتي ، حرصاً على ان يظل القرار بيد الجانب اليوناني ، وظل ما يدعى عند كافة الطوائف خاصة / الكاثوليك / خوري الرعية تابعاً لقيادة ( الفرنسيسكان ) وتدعى مؤسستهم / حراسة الأماكن المقدسة / وهي فلسطين !وظل يحكم ذهنية هذه المؤسسات ميراث استعلائي على الرعية ، وبلا شك فان الكثيرون يستفيدون من الخدمات التي تقدمها ، مثل الجامعات ، و المدارس ، والمساعدات الأخرى ، ويستفيد منها المسيحيون والمسلمون ، لكن هذا على صعيد المواطنة اثأر حساسيات أخرى ، فقد بدأ أوساط من المسلمين ينظرون الى المسيحيين على أنهم أصحاب مرجعية أخرى( خاصة بعد بروز الحركات الاسلاموية والسلفية ) تقربهم من أوروبا ( هنا لا أحب استخدام تعبير الغرب لأنه مسمى جغرافي سياسي ) ، وإنهم تحت الضغوط يهاجرون وهذا ابرز ما يبرر هجرتهم ، وكان الوطن بالنسبة لهم هو المكان المستقر ، وفي الوطن صراع ونزاع وانخفاض مستوى معيشة علاوة على اعتبارات أخرى فتكون الهجرة مجالا محسوبا، وتظل تلك المؤسسات الدينية لها الهيمنة على المقدسات وإنسانها ، وتظل الحساسيات قائمة ، وتسرب أصحاب أجندات معينة خلال تلك المعدلة وهم قادرين على التحرك والتأثير مما يحلق ضرراً بالمجتمع والوطن .
أن الحالة الراهنة ، والمرحلة التاريخية ، تحتاج الى تصويب وضع المؤسسات الكنسية والعمل على تصويبها ، حيث مستوجب إقامة كنيسة محلية وطنية، وإنهاء ملفات المرجعيات الأخرى وحسمها وطنياً ، وتحشيد حالة اجتماعية لتحقيق المواطنة ، مما يفرض على الحكومات العربية اخذ ذلك بالاعتبار والتوقف عن معاملة المسيحيين بشكل مختلف ، ليتوقف المسيحيون عن اعتبار أنفسهم فئة مضطهدة وتتعرض للتميز ويجدون الحرية في الغربة وطن ، وهذا الأمر أصبح ناضجاً مع انطلاق الربيع العربي لتحصين قاعدتنا الداخلية ، وتصبح ميراث تاريخي وتأكيد ان المسيحية ديانة عربية بالجغرافية والتاريخ أعيد إنتاجها خارج إطارها وحملت تعبيرات وترتيبات إدارية و دينية من الضروري والواجب ( توطينها ) ، وحسم موضوع ان المسيحيون هم أصحاب أجندات أخرى ، خاصة بعد ان ثبت بالقطع ان الذين هاجروا لا يتمتعون بأية ميزات مختلفة ، بل ان الكثيرين منهم بدء بالعودة ، لأننا جميعا لا وطن لنا سوى هذا الوطن ، ولتحقيق الدولة الديمقراطية العلمانية ، يجب فصل الدين عن الدولة ، وهذا يستوجب إنهاء ارتباط مؤسساتنا الدينية عربيا او شرقيا ولا وهابية ولا أوروبية .



#جورج_حزبون (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اوسلو والسلطة والمصير
- الخامس من حزيران والفجر العربي
- لماذا تخلى الشيوعيون الفلسطينيون عن قيادة النقابات ؟
- الواقع والمطلوب
- اميل حبيبي
- النكبة
- المصالحة الفلسطينية
- في ذكرى ايار
- سقط النقاب عن وجه الانظمة العربية
- لتتواصل ثورة الكادحين العرب ولتتعمق
- عن الربيع العربي والمخاطر
- الثورة والوضع الراهن
- العام والخاص في ثورة التحرر العربي
- الثورة حركة تغير في التاريخ
- كل السلطة للشعب
- زمن الثورة وزمن هزيمة الردة
- عاشت ثورة الشعب التونسي البطل
- تحية للشعب التونسي
- لمصلحة من يذبح المسيحين
- تحية لعمال سيدي بو زيد


المزيد.....




- مسيحيو روسيا يحتفلون بعيد الفصح
- بوتين يحضر قداس عيد الفصح في كاتدرائية المسيح المخلص بموسكو ...
- رغم القيود الإسرائيلية... آلاف المسيحيين يحيون طقوس سبت النو ...
- الحرب الصامتة على الوجود المسيحي في القدس
- لجنة شئون الكنائس في فلسطين: سبت النور يتحول لنموذج لانتهاك ...
- خطوات تنزيل تردد قناة طيور الجنة على أحدث الأقمار الصناعية 2 ...
- دعوات لتعزيز التقارب السعودي الإيراني وترسيخ الوحدة الإسلامي ...
- طريقة تثبيت قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات لمشاه ...
- تردد قناة طيور الجنة أطفال 2025 بجودة ممتازة على النايل سات ...
- مستني ايه فرحك أبنك حالًا مع أحدث تردد قناة طيور الجنة الجدي ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورج حزبون - المسيحيون العرب والكنيسة