|
الآن العدد 22 / تشرين الأول 2004
حزب العمل الشيوعي في سورية
الحوار المتمدن-العدد: 1011 - 2004 / 11 / 8 - 08:28
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
فلنناضل من أجل 1-إلغاء احتكار السلطة وقيام نظام ديموقراطي معاصر لكامل المجتمع. 2- قيام أوسع جبهة عمل ديموقراطي علني وسلمي. 3- مقاومة المخططات الأمريكية – الصهيونية. 4- حزب يساري من طراز جديد ***** 1- افتتاحية الآن (ندوة الحوار الوطني الثانية). 2- بلاغ صحفي . 3- المخاطر التي تواجه سورية ومهام القوى الوطنية. الوحدة الوطنية أداة أساسية في مواجهة المخاطر. فاتح محمد جاموس 4- حول أزمة العمل الديموقراطي المعارض. صفوان عكاش 5- حوار مع الورقة السياسية لوحدة الشيوعيين السوريين. ورقة سياسية لوحدة الشيوعيين أو لتكريس حالتهم؟ *****
(افتتاحية الآن) ندوة الحوار الوطني الثانية بعد أشهر طويلة من انعقاد ندوة الحوار الوطني الأولى في دمشق – فندق البلازا، ها هي "الشروط" تتحقق لعقد الندوة الثانية. فماذا جرى؟ .. ما هو موقفنا وملاحظاتنا من مجريات الندوة، وما صدر عنها؟. 1- نعتقد أن الشروط التي تحققت لعقد الندوة (للأسف) جاءت أساساً من تطورات العامل الخارجي... بشكل خاص بعد ما جرى حول الوجود السوري في لبنان والقرار (1559).. وتقدم الإدارة الأمريكية على صعيد تطوير رأي عام دولي (رسمي هذه المرة عبر مجلس الأمن) وتصعيدها لوتائر تنفيذ استراتيجيتها في التدخل وإعادة صياغة المنطقة وسورية في الأولوية، هكذا إذن بعد مماطلات كثيرة من جهة النظام جاءت الموافقة (السياسية – الأمنية) على الانعقاد بصورة مفاجئة. 2- كانت بعض الترتيبات والخطوات قد تمت من جهة الأطراف التي حضرت الندوة الأولى، ذلك من خلال طاولة مستديرة مصغرة دعيت إليها شخصيات تمثل بصورة أو بأخرى الحالة الاعتبارية والفعلية للعديد من القوى السياسية والفعاليات، وجهت الدعوات فيها أيضاً لشخصيات حزبية بعثية (من جهة السلطة) .. لقد حضرت اجتماع الطاولة المستديرة كل الأطراف السابقة في الندوة ما عدا طرف السلطة وأحد أطراف التجمع الوطني الديموقراطي.. نحن لا نعرف الأسباب الحقيقية للامتناع عن الحضور والتداول في تطوير أعمال الندوة... نستطيع أن نقاربها فقط فيما يتعلق بجهة السلطة معتقدين أن مماطلتها صادرة عن فهمها ومنطقها في إدارة الأزمة، والغياب التام لأي جدية بتطوير شروط الوحدة الوطنية.. بشكل خاص ما يتعلق بتقديم ضمانات قانونية وسياسية للانفتاح، وإقفال سيرة الإصلاح السياسي، وارتباط ذلك كلياً بحاجات النظام وضغط العامل الخارجي. 3- في ذلك الاجتماع الصغير (الطاولة المستديرة) طرحت مسائل كثيرة، كضرورة الاستمرار بعقد الندوة، تحديد الموضوعات، توسيع دائرة المدعوين من القوى والفعاليات، الارتقاء بالندوة فيما يتعلق بضرورة صدور بيان أو بلاغ صحفي، وإعطائها شيئاً من الشرعية، كذلك تطوير صيغ العمل الإعلامي، والمسألة المتعلقة بالجهة المسؤولة "شكلاً" عن الدعوة لجعلها باسم الحضور... أسمائهم الشخصية والاعتبارية، أو أسماء مرجعياتهم السياسية وتياراتهم إن أمكن.. على أن تتابع الطاولة المستديرة عقد جلساتها.. وكما تم الاتفاق على أن يكون العنوان التالي: الوحدة الوطنية وضرورتها في مواجهة التهديدات والمخاطر الخارجية وكل ما يتعلق بذلك هو مادة الحوار. 4- حضر أحد رفاقنا اجتماع الطاولة المستديرة الأول بفهمنا وتحملنا الكامل للمسؤولية.. والآن لا نعرف إن عقد أي اجتماع آخر أكثر ضيقاً أو اتساعاً بوجود طرف السلطة أو عدم وجوده.. فأصحاب الدعوة الرفاق في اللجنة الوطنية لم يخبرونا شيئاً بخصوص ذلك.. 5- في الندوة تغيبت أطراف عديدة كما حصل في المرة الأولى بينما كان قد وجهت دعوات لمن يمثلها. بشكل خاص الأطراف الشيوعية في الجبهة، كما تغيبت أطراف كردية عديدة ولا نعتقد أنها قد دعيت أساساً.. كما تغيبت منظمات حقوق الإنسان معتقدين أنها لم تُدع أيضاً.. كما تغيب الرفاق في حزب العمال الثوري العربي، طالبنا بتوجيه دعوة إليهم ولا نعرف ماذا جرى لاحقاً. من جهتنا طالبنا بوضوح بضرورة توسيع الحضور بدعوة تلك الأطراف وتشجيعها.. ماذا جرى بهذا الخصوص كله لا نعرف. 6- نحن الآن أيضاً لا نعرف كيف ولماذا اختير الأشخاص الخمسة السادة (الطيب تيزيني، قدري جميل، صابر فلحوط، محمد حبس، رجاء الناصر).. ومن الذي اتفق عليهم بالاختيار.. ليبدأوا الندوة بمساهماتهم مع وقت زائد لكل منهم.. ولتكون مساهماتهم مادة للحوار.؟ ولماذا لم يتم اختيار غيرهم.. أو لم تضاف أسماء أخرى إليهم.. صحيح أن الاختيار حاول أن يمثل التلاوين وهذا صحيح وصائب لكنه منقوص بدرجة واضحة. كما نعتقد أنه كان موجهاً ومقصوداً.. فلماذا مثلاً لم يتم اختيار قوى معارضة من خارج التجمع؟ أو من الحزب القومي السوري؟ أو أي طرف كردي.. أو غيرها. 7- في الندوة تكلم عدد محدود باسم الجهات التي يمثلونها بوضوح.. تيار قاسيون، بعض الشخصيات الحزبية البعثية، حزب العمل الشيوعي.. حالات نادرة من المعارضة. .. لكن محتوى المداخلات انقسم إلى معارضة، نظام، وحالة بينية. من المعارضة بشكل خاص السادة غالب عامر، مصطفى رستم، فاتح جاموس، رجاء الناصر، يوسف سلمان، قاسم عزاوي.. ومن جهة السلطة السادة: ناصر عبيد الناصر، الياس نجمة، صابر فلحوط.. جمال القادري، أحمد الحاج علي، حيان سليمان.. كل من تكلم من الحزبيين. ما يلفت النظر بخطاب الأشخاص المحسوبين على الحزب القومي السوري أنه كان خطاب معارضة تقريباً.. كما أن خطاب الدكتور تيزيني قد تميز بوضوحه وراديكاليته مثل العديد من مداخلات المعارضة.. والدكتور طيب منذ فترة يطور خطابه ويخلصه من التعويل على قضايا وعوامل قديمة.. ويعيد الاعتبار إلى علاقة الارتباط الصحيحة بين التحديات والمخاطر.. 8- جرت أخطاء تجاه بعض الحضور ممن كانوا يرغبون بإبداء وجهات نظرهم.. أخطاء ربما نجمت عن عمليات تقسيم الوقت... ووضع زمن محدد لإنهاء أعمال الندوة وبعض المعايير الأخرى.. 9- إن مستوى التمثيل من جهة السلطة وحتى الآن، كما الإصرار على شكل الدعوة واعتبار الحضور أشخاص يمثلون أنفسهم وكامل التعامل الإعلامي مع الندوة، بعدم دعوة التلفزيون ووسائل الإعلام السورية وإليها وعدم نشر شيء عنها.. كلها عوامل تؤكد مستوى الاهتمام الضعيف من جهة السلطة، وعدم استعدادها للارتقاء بالندوة وإعطائها قيمة تمثيلية وشرعية عالية.. وأن الأمر لا يزال في إطار الرصد وقياس نبض الحركة والمواقف في أوساط القوى السياسية والفعاليات المجتمعية، كما لا يزال في إطار اللعب الإعلامي الوهمي. 10- من جهتنا نعتقد أنه كان على المعارضة أن تتعاطى إعلامياً مع الندوة بصورة منظمة وعالية.. كذلك بصورة مباشرة وعلى نطاق واسع..(على الرغم من بيانات التجمع التوضيحية أنه لم يحضر الندوة ومن حضرها هم أشخاص يمثلون أنفسهم) وهذا مطلب ضروري مستقبلاً .. فلماذا لا تحضر جهات إعلامية متعددة وحيادية، لتجاوز عمليات الضبط التي جرت فيما يتعلق مثلاً بالمحطات الفضائية التي حضرت والتقارير التي نشرت (العربية من مراسلتها الرئيسية في سورية).. 11- فيما يتعلق بالمعارضة ومن تكلم من طيفها.. نطرح بعض الملاحظات والتساؤلات.. –لقد غاب أي تنسيق بين أطراف المعارضة، بين الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم داخل صفوفها.. كان ذلك شيئاً سلبياً بدرجة كبيرة، لقد أبدينا ملاحظة ورأياً مشابهاً أثناء عقد الندوة الأولى وطالبنا بتحقيق ذلك التنسيق.. لكن الأمر جرى في الندوتين بدون خطة.. بدون أي عملية تنسيق بدون أي تفصيل شكلي مفيد داخل الندوة.. لا بأس.. صحيح أن الأمر في بدايته.. لكن نخشى أن يتواصل ليعبر عن استمرار حالة المعارضة القائم والمعروف.. إن التنسيق، الخطة، حتى بعض الخطوات الشكلية المتفق عليها.. كل ذلك يخلق طاقة تفعيل وتعبئة أكثر رقياً أمام المجتمع.. ويخلق وقائع ذات قيمة تمثيلية، شرعية وحمائية مختلفة وهامة. 12- حول البلاغ الصحفي الصادر، نعتبره معقولاً على العموم لكن التكثيف الوارد فيه ضيّع المفاهيم والخطوات المتمايزة والمختلف عليها، جعل الأمر صورة منسجمة بينما كانت الحقيقة والوقائع غير ذلك كلياً. كنا نتمنى لو جاء البلاغ الصحفي على العديد من الاقتراحات المقدمة على صعيد العمل الوطني والمهمات التي يطرحها.. وصعيد تطوير عمل الندوة بحد ذاتها.. صحيح أن نشر المداخلات بوثيقة واحدة سيسمح بمعرفة كل ذلك.. لكن البيان أو البلاغ يمتلك قدرة أعلى على الوصول والتوصيل في العديد من النقاط الهامة. 13- أخيراً: على الرغم من كل شيء، على الرغم من موقف السلطة الذي أوضحناه مع دوافعه .. نعتبر أن هناك ضرورة قصوى لاستمرار عملية الحوار بصورة غير مشروطة إلاَّ بالعلنية.. وتوسيع عملية التمثيل لبقية الأطراف السياسية والفعاليات.. ذلك هام جداً لكسر حالة الأزمة المغلقة والتقدم أي خطوة على الصعيد الديموقراطي وتطوير عملية الانتقال.. كما على صعيد مواجهة التهديدات الخارجية.. هكذا كان عقد الندوة الثانية صحيحاً وهاماً.. والأكثر أهمية استمرار عقدها والعمل على تطوير برنامجها.. وتركيبتها ومستوى التمثيل فيها.. والقضايا الملموسة التي تم المجتمع والوطن.. - وسننشر هنا مداخلة رفيقنا فاتح جاموس .. مع وجود مساهمة شفهية اضطر إليها قبل المداخلة المكتوبة (لكنها ليست بحوزتنا)... كما سننشر البلاغ الصحفي الذي صدر عن الندوة.. هيئة التحرير. *****
بلاغ صحفي بدعوة من اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين عقدت ندوة بدمشق بتاريخ 30/10/2004، شارك فيها مفكرون وسياسيون ونشطاء من مختلف الطيف السياسي والثقافي السوري، وهم: « د. طيب تيزيني – رجاء الناصر – ادوار حشوة – د. شرف أباظة – د. مخائيل عوض – د. منذر خدام – د. قاسم عزاوي – د. منير الحمش – سلامة كيلة – د. الياس نجمة – حسين العوادات – د. يوسف سلمان – د. محمد حبش- فاتح جاموس – مصطفى رستم - أيمن عبد النور – إبراهيم اللوزة - فيصل يوسف – د. مي الرحبي – د. قدري جميل – منصور أتاسي – سهيل قوطرش – حمزة منذر – أكرم فرحة – نذير جزماتي – علاء عرفات – فيصل خير بك – محمد عبد الكريم مصطفى – جمال القادري – د. ناصر عبيد الناصر – د. نذير العظمة – ابراهيم اليوسف – ابراهيم محمود - د. محمد سماق – د. صابر فلحوط – د. حيان سليمان – د. حميدي العبد الله – مروان صباغ – عرفان كلسلي – د. فايز عز الدين – د. فايز الصائغ – خالد عبود – نايف قيسية – د. عبد الإله نبهان – ممتاز الحسن – محمد موسى محمد – غالب عامر – محمد زهوة – مجيد الحسين – محمد زكي هويدي- رياض طبرة – محمود مرعي – كمال ابراهيم – د. احمد الحاج علي». وقد تداول المجتمعون في مفهوم الوحدة الوطنية في سورية وواقعها ودورها في مواجهة الصعوبات الداخلية والتهديد الخارجي ودور القوى الاجتماعية والسياسية في هذه المواجهة. أكد المشاركون على أهمية الوحدة الوطنية وضرورة بنائها على أسس من الحرية والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص واحترام التعددية، ضمن عملية جديدة من التأسيس لمجتمع سياسي يقوم على الحراك الحزبي والسياسي في إطار حراك اجتماعي وسياسي جدي في المجتمع السوري، والقبول المتبادل والمشاركة في تحقيق التنمية ومواجهة الفساد، واحترام فصل السلطات واستقلالها، والوصول إلى توافقات وطنية وبناء دولة حديثة، واعتبار المواطنة هي المعيار الأساس للدولة وللمواطنين. رأى المشاركون أن هذه المعايير تشكل الشرط الموضوعي لبناء الوحدة الوطنية، وتحديث المجتمع والدولة، والتغلب على الصعوبات الداخلية والتهديد الخارجي، وأكدوا أن إقامة هذه الوحدة هو السبيل الأساس الذي لا غنى عنه لتحقيق التنمية ورفع مستوى حياة الجماهير ومواجهة التهديد الأمريكي والإسرائيلي، واستيعاب معطيات التطورات العالمية والإقليمية والحفاظ على الشخصية الوطنية والثقافية الوطنية والاستقلال الوطني. *****
المخاطر التي تواجه سورية ومهام القوى الوطنية الوحدة الوطنية أداة أساسية في مواجهة المخاطر )مساهمة في الندوة الوطنية الثانية – فندق البلازا – دمشق 30/10/2004) أولاً: التحديات التي يواجهها الوطن السوري: مراكز البحث الاستراتيجي الأكثر شهرة ورصانة في العالم - تشير إلى التحديات "أو المخاطر التي يواجهها الوطن السوري من منظورات وأمدية زمنية بعيدة، متوسطة أو راهنة على الوجه التالي: 1- الصراع مع "اسرائيل" وما يستدعيه من قضايا الأراضي المحتلة، السيادة، علاقة الارتباط بالموضوع الفلسطيني ، النفوذ الإقليمي، مسألة المياه. 2- مشروع تنمية متطور وطني وشامل يجد لسورية موطئ قدم في عالم اليوم والمستقبل.. قادر على إيجاد حلول فعلية للعديد من المشاكل المهددة التي تمثل بحد ذاتها تحديات.. كمشكلة البطالة المتفاقمة، والوضع المعيشي المتدهور.. 3- نفاذ مصادر الطاقة الأساسية في مدى قريب والبدائل، وآثار ذلك. 4- التلوث البيئي المدمر.. خاصة وجهه غير المكشوف حتى الآن (النفايات النووية والكيماوية). 5- عملية الانتقال الديموقراطي.. وما تستدعيه من قضايا إلغاء احتكار لسلطة وقيام نظام ديموقراطي معاصر لكل المجتمع، قضايا حقوق الإنسان والمجتمع المدني، تصفية الآثار التدميرية لمراحل طويلة جداً من القمع وإلغاء المجتمع. تصفية العلاقة القائمة بين الدولة والسلطة.. إصلاح وتطوير عضوي بنائي للجهاز البيروقراطي القائم. جهاز مندمج بالسلطة.. يتعيش عليها.. وهو الآن فاسد جداً، جامد يفتقد للمرونة والتكيف مع أي إصلاح، متخلف.. وظيفته.. نشر الفساد.. توليد الأزمات ومفاقمتها. 6- وأضافت تلك المراكز حديثاً وراهناً تحدي العامل الخارجي الأمريكي.. بسبب قرار الإدارة بإعادة صياغة المنطقة وفي الأولوية سورية. والتهديد الفعلي بالتدخل لتنفيذ ذلك بكل الوسائل بما فيها العسكرية. 7- ومن جهتنا نعتقد أن هناك ضرورة قصوى لإضافة تحدي هام بل ومفتاحي في مواجهة التحديات السابقة الاستراتيجي منها والملح المباشر.. إنه تحدي الوحدة الوطنية بعينه.. ونقصد بكلامنا أن عامل الوحدة الوطنية المطلوبة بحدها الأدنى غائب.. غير متوفر.. بل هي في وضع خطر بصورة جدية.. غيابه بالحد المطلوب سيفتح الآفاق على كل الاحتمالات الخطرة والكارثية في الوطن.. بشكل خاص الآثار المحتملة لتدخل العامل الخارجي بوسائل عنيفة.. أو الاستمرار بمتابعة الضغوط حتى حدود خضوع النظام وقبوله بمطالب الإدارة الأمريكية وأهدافها الفعلية في استراتيجية التدخل. ثانياً: واقع الوحدة الوطنية في سورية اليوم.. حقيقة الظروف الراهنة: هناك طرف واحد في سورية يؤكد ليل نهار أن لا خطر عليها.. وأن هناك وحدة وطنية عالية. المجتمع متماسك بقوة. والشعب موحد حول قيادته. .له ثقة بنهجها ووسائل إدارتها للوطن والمخاطر التي تواجهه.. هكذا كل شيء في أمان.. ذلك الطرف هو السلطة أو النظام.. ولاتفعل ذلك بخطة وأهداف تتعلق بالتعبئة الوطنية وعدم التخويف.. إن ذلك الموقف الايديولوجي والإعلامي من جهة السلطة طبيعي ومنطقي . فأي اعتراف مختلف حول الوحدة الوطنية.. يعني اعترافاً بمسؤوليتها عن ذلك.. يعني اعترافاً بمسؤوليات وأخطاء في النهج والوسائل والعلاقة مع المجتمع.. كما أن أي اعتراف مخالف يقتضي تغييراً جذرياً في كل شيء.. خاصة في طابع ونهج احتكار السلطة وكل ما ينجم عنه. إن وضع المجتمع السوري في حقيقة الأمر مضبوط بنهج وآليات وممارسات قمعية .. إن المظاهر التي نراها من زوايا التماسك أو عدم انفلات التناقضات مخادعة جداً وليس عبثاً أن الوطن السوري خلال عشرين عاماً قد تهدد بالحرب الأهلية المفتوحة .. بل عاش بعض مظاهرها العنيفة... أكثر من ثلاث مرات.. المرة الأولى بالصراع بين التيار الديني وبعث العراق من جهة والسلطة من جهة أخرى.. والثانية جاءت من داخل صفوف السلطة بالترافق مع مرض الرئيس وانقسام مراكز القوى العسكرية والحزبية على بعضها نهاية عام 83 وبدايات 84.. والثالثة مع انفجار أحداث آذار الماضي وارتباطها بالمسألة الكردية.. ولا تزال آثار كل ذلك تفعل بقوة في تخريب الوحدة الوطنية.. في تغييب مستوى الحد الأدنى فيها.. بل تهدد بالانفجارات المشابهة في شروط مختلفة.. ونعتقد أن هذه الشروط محتملة الحدوث قريباً مع تطور دور العامل الخارجي في الشؤون الوطنية الداخلية. - نعتقد من منظورنا أن الظروف الراهنة هي ظروف استثنائية جداً في حياة الوطن.. وأن الزمن القريب القادم.. سيشهد التطورات مصيرية.. يتعلق الأمر بتراكم التحديات السابقة ووصول الوطن إلى حالة الأزمة شبه المغلقة بسبب إصرار النظام على نهج احتكار السلطة.. وسحب الشكوك وأسوأ الاتهامات كذلك القمع والعقوبات الردعية في وجه أي طرف يفكر ويعمل على إجراء انتقال ديموقراطي ولو بالسبل السلمية، العلنية والتدريجية.. بسبب إصراره على إلغاء المجتمع وقواه الوطنية.. ورفض أي عملية إصلاح.. وإدارة الأزمة بالسبل القديمة.. والاكتفاء بدرجات من الانفتاح التكيفية تحت ضغط الأزمات الداخلية.. وضغط العامل الخارجي.. من دون أي ضمانات قانونية أو سياسية.. انفتاح محسوب ومضبوط من منظور المصالح السلطوية الضيقة، الجامدة.. حتى العاجزة عن تحقيق منفعتها الذاتية ولو بتغيير الصورة أمام العالم وضرورة التطورات.. ذلك من جهة أولى.. * من جهة ثانية وفي ظل التدمير الذي قام به النظام للحراكات السياسية في المجتمع.. وتدمير قوى المعارضة.. ثم الانفتاح الجزئي المضبوط والموجه تحت ضغط الحاجات التكيفية. وانفتاح المجال جزئياً للعمل العلني وإمكانية الانتقال الديموقراطي التدريجي الطويل الشاق والمكلف.. مع كامل التباسات دروس الماضي.. والإحباطات التي تظهر يومياً.. في هذه الظروف يقرر العامل الخارجي (الأمريكي) التدخل من منظور استراتيجية.. أهدافه ووسائله.. يقرر إعادة صياغة المنطقة وفي الأولوية سورية.. يقرر استغلال الشرط السوري الذي نصفه والمعروف له جيداً أكثر من غيره.. وها هو يطور وتائر عمله ووسائله.. يطور قوى الضغط العالمية.. (ما جرى في لبنان مثال صريح ولن يتوقف).. نعتقد أن أمر التدخل الخارجي الأمريكي والحسم فيه قد دخل مرحلة العد التنازلي.. - أما المجتمع السوري والشعب السوري فإنه مضطر ومجبر على موقف المراقبة والفرجة. النظام يدير ظهره له.. وليس هناك أي مجال للتعبئة بمنطق مختلف وجاد.. - المعارضة الوطنية الديموقراطية المستنيرة منها والمحافظة المعادية لأمريكا.. (داخل الوطن وخارجه) مشلولة.. بسبب تدمير النظام لها .. كما بسبب انقساماتها في المواقف والممارسة والنظرة إلى الامكانات المتاحة بالواقع.. وهي منقسمة على ذاتها حتى داخل الاتجاه الواحد.. نهجها قاصر.. وغير متجرئ تتخبط في الكثير من القضايا.. علاقة الديموقراطي بالوطني.. الموقف من العامل الخارجي ومسائل الوحدة الوطنية، البرنامج.. الوسائل .. إلخ. - أما المعارضة الأخرى داخل الوطن التي ترى بالعامل الأمريكي مخرجاً حتمياً فإنها حتى الآن متناثرة على شكل مجموعات ضيقة وأفراد.. بدون مشروع سياسي.. واضح.. إذ نعتقد أن مثل هذا المشروع غير ممكن على الأقل في المدى المنظور القريب.. وليس أبداً بسبب القمع السلطوي الواقع عليها.. بل بسبب غياب العامل الشعبي والمجتمعي/المعادي لأمريكا.. ورفضه لهذه المعارضة.. المعارضة التي تمتد من بعض الحالات المثقفة بوجهات نظر ودوافع عديدة.. إلى أفراد ومجموعات نشأت وترعرعت داخل النظام والسلطة.. ذات نفوذ اقتصادي وسياسي كبير.. نشأت كمافيات خطرة ولا تزال.. بل في قسم منها تمثل نقاط ارتكاز لخيار أمريكي من داخل السلطة.. ومن المدهش واللافت تلك التقاطعات.. من الإحباط والعجز عن النضال .. إلى القناعات الليبرالية من أكثرها محافظة وارتباطاً بالمفاهيم والقيم الاقتصادية الهامشية إلى الليبرالية بهموم سياسية صرفة ليس مهماً كيف تتحصل بالعامل الخارجي.. - النظام وحتى الآن في المحصلة هو في وضعية المقاومة للعامل الخارجي الأمريكي.. على الرغم من التنازلات الكثيرة التي حصلت تحديداً بالعلاقة مع الساحة العراقية.. تلك المقاومة تنطلق من منهج ومنطق.. وطرق النظام المعهودة.. ولا تنطلق أبداً من عملية إصلاح سياسي ومصالحة مع المجتمع وقواه وفعالياته.. لا تنطلق من إلغاء الذرائع الداخلية التي يستغلها الخارج كحقائق فعلية.. في نفس الوقت يعمل النظام على خيارات عديدة أخرى من التسويف والتأجيل بانتظار تغير الشرط الأمريكي في المنطقة مرة أخرى بصورة سيئة متدهورة ... إلى الطرح الصريح لإمكانية تقاطع المصالح ولعب دور جديد في المنطقة.. أو بدور وظيفي حقيقي وصولاً إلى التعويل على اتجاهات وقوى اقتصادية داخل السلطة تشكل وسيطاً.. وقد تساعد في التهيئة حتى حدود خيار أمريكي.. أوروبي.. أو أمريكي في النهاية بتسارع العد التنازلي.. ذلك هو الظرف الاستثنائي.. المعقد الذي يبدو فيه الوطن منقسماً على ذاته.. في فهم ما يجري والموقف منه.. حول المهمات المطروحة.. حول قيادة الأزمة والبرنامج.. كذلك على الوسائل التي يجب اتباعها والخطوات المطلوبة بحسب أهميتها وأولوياتها.. نعتقد أن مستوى تدخل العامل الخارجي.. جرأته الخطوات والاختراقات التي يحققها لصالحه.. هو دليل كبير الآن على ضعف الوحدة الوطنية في سورية.. إن العامل الخارجي الأمريكي يستغل ذلك في نشاطه.. ويستخدم في دعاوته وإعلامه وتقديمه لأهدافه ودوافعه.. القضايا الحقيقية لمتطلبات المجتمع السوري كذرائع.. ثالثاً: عناصر القوة في الوحدة الوطنية الآن: بالتأكيد هناك بعض عناصر القوة الهامة. تتمثل في التركيبة والمواقف التالية: أ?- الموقف الشعبي بكتلته الرئيسية المعادي الآن لأمريكا.. ويقوم العداء أساساً في إطار موجة الصراع الأمريكي – الإسلامي بكل ميادينه السياسية ، الثقافية، الحضارية هذه الكتلة وموقفها هي العامل الأكثر أهمية في الوحدة الوطنية على الرغم من تناقضها مع النظام والتناقضات القائمة في صفوفها لأسباب طائفية أو قومية.. كذلك هي معادية لأمريكا بحكم وعيها العفوي لعلاقة الإدارة مع الكيان الصهيوني ومعاييرها المزدوجة في القضايا الواحدة ورفض هذه الكتلة لأي مشروع سياسي يقوم على عامل التدخل الخارجي الأمريكي.. ب?- يتجسد العامل الآخر في غالبية قوى المعارضة المنظمة الموجودة داخل الوطن وخارجه إذ ترفض تدخلات العامل الخارجي الأمريكي .. ورفض هذه الكتلة لأي مشروع سياسي يقوم على عامل التدخل الخارجي الأمريكي، كما رفضت وترفض قمع السلطة ونهجها ترفض تغطية أي مشروع مدعوم خارجياً. وعلى الرغم من كل ما فعله فيها النظام ولا يزال.. ترى أن هناك فرصة .. إمكانية في التطور الديموقراطي السلمي التدريجي.. وترى أن تدخل العامل الخارجي الأمريكي في كل حالاته.. خاصة بالوسائل العنيفة.. يحصل لأهدافه المنسقة مع الكيان الصهيوني.. نرى أنه سيجلب المزيد من الدمار في الوحدة الوطنية .. وسيفتح آفاق العنف والإرهاب والحرب الأهلية في الوطن. ت?- القوى الوطنية الأخرى داخل الجبهة.. على الرغم من علاقة التبعية العضوية للنظام وصمتها بل تبريرها لتاريخ القمع السلطوي. ث?- قسم واسع وهام من حزب البعث.. صحيح أن هذه الكتلة الكبيرة كانت ولا تزال أداة سلطوية.. إلاَّ أنها تشهد الآن عملية تفاعل على المسائل المصيرية التي نتكلم عنها.. وهي في الشروط القريبة القادمة الأكثر حرجاً ستكون جزءاً من كتلة الشعب الرئيسية.. وجزءاً من وحدتها الوطنية والمواقف الصحيحة المطلوبة ... ج?- نعتقد أن الدرس العراقي بعد الاحتلال الأمريكي يمثل عاملاً إيجابياً في الوحدة الوطنية السورية إن كان من زوايا تكشف الأهداف الأمريكية.. تكشف الوسائل الميكيافيلية اللاأخلاقية نهوض العصبيات والمزيد من الدمار الوطني ودمار الوحدة المجتمعة.. وأكثر من مائة ألف قتيل.. اتساع العنف والإرهاب وتقدم شروط وأسباب الحرب الأهلية.. كما أن قسماً من مثقفي وناشطي المجتمع السوري قد ارتقى برد فعله الأخلاقي على كامل المشروع الأمريكي في العراق.. ح?- الانفتاح السلطوي الأخير في السنوات الأربعة بكامل دوافعه التكيفية والاضطرارية.. والغياب الكامل لأي ضمانات قانونية وسياسية فيه.. والتحولات الهامة في ميدان القمع الجسدي.. وجملة التطورات العالمية وعدم قدرة النظام على إدارة ظهره لها، وللقوى الديموقراطية والإنسانية.. جعل المعارضة السورية وقطاعات مجتمعية تتزايد يومياً.. جعلها تقتنع أن لا عودة لسورية إلى الخلف.. وأن هناك ممكنات كثيرة للعمل السلمي العلني.. الديموقراطي المعارض بصورة جادة.. بالتالي هناك فرصة لانتقال ديموقراطي تدريجي.. هذه الفعاليات لديها قناعة عميقة أن العامل الخارجي بتدخله كلما جاء من قوى ديموقراطية وإنسانية صادقة.. كلما جاء بوسائل سلمية.. (إعلامية – سياسية – اقتصادية.. إلخ) حتى لو جاء بصيغ الضغط الفعلي والمشروط على النظام.. فإنه سيساعد سورية شعبها ومجتمعها على الانتقال الديموقراطي الأقل كلفة.. وربما الأكثر سرعة بحسب عبارة تشرشل الشهيرة لسائقه (تمهل لنصل بسرعة).. ولا تعتبر مثل تلك التدخلات مساً بالسيادة الوطنية الفعلية للدولة.. ربما هي تدخل بشؤون النظام وفرض شروط عليه من أجل الديموقراطية بوسائل سلمية.. هذا شيء مختلف جذرياً عن استراتيجية أهداف ووسائل التدخل الأمريكي.. وبعض الأطراف التي تنسق معه تلك هي عوامل قوة من أجل الارتقاء بالوحدة الوطنية.. لكنها تحتاج لاستراتيجية عمل خاصة – تحتاج لقوة تنسيق لقيادة وإدارة أزمات جادة.. تحتاج لتعبئة وخلق طاقة تفعيل.. نحن نراها في المعارضة الديموقراطية على الرغم من كامل حالتها الموصوفة.. رابعاً: معنى الوحدة الوطنية الآن... إمكانية وسبل تحقيقها: أكثر الأطراف قدرة على التأثير واللعب بالوحدة الوطنية بصورة سلبية.. هي الأطراف الأكثر قوة.. الأكثر حضوراً وامتلاكاً لوسائل الفعل.. في الداخل النظام لإصراره على نهجه.. وسائله.. طرقه القديمة في إدارة الوطن وأزماته.. إصراره على اعتبار الحالة المضبوطة بالقمع أنها حالة وحدة وطنية جيدة.. صادقة.. متماسكة حوله.. من خارج الوطن الطرف الأمريكي هو الأكثر قدرة على اللعب التأثير وتحقيق مكاسب جادة لصالح استراتيجيته.. حقق اختراقات هامة جداً.. يومياً ينفذ هنا وهناك.. كما يتقدم على الصعيد العالمي واللبناني .. العامل الأمريكي يستغل سلبيات الحالة السورية ومسؤوليات النظام فيها. .يطرحها كمطالب للمجتمع السوري.. كأنه يقود عملية "نضال" معه إلى جانبه لتحقيق تلك المطالب.. تلك القوتان والعاملان يخلقان مادة التأثير الحاسم في الوحدة الوطنية الآن.. القوى المنظمة وفعاليات المجتمع تنقسم على سياساتهما. .والقوى الثالثة (المعارضة الديموقراطية) غير قادرة حتى الآن على أن تشق الطريق الخاص والفعال من أجل الانتصار الديموقراطي.. ومقاومة التهديدات الخارجية عندما تتحول إلى فعل داهم.. العامل الخارجي الأمريكي أساساً، ثم الأوروبي (إنما بوسائل وأهداف مختلفة).. يتدخل في الحياة السورية بشمول وعمق. .تركيز إعلامي عالي.. تقديم كل الاغراءات والدعم وسبل الشهرة.. تقديم سبل حمائية متنوعة وتغطيات. التمييز العالي بين معارضة ومعارضة.. بين معارض ومعارض.. من منطلق الموقف السياسي تجاه العامل الخارجي وعلاقته بالعمل الوطني وكل ذلك يساهم أيضاً في المزيد من الاستقطاب والتأثير السلبي على الوحدة الوطنية.. - النظام بدوره يلعب على تناقضات المعارضة ومواقف أطرافها. .يصل الأمر حد سياسات التمييز فيما هو مسموح للطرف الفلاني أو الطرف الفلاني في النشاطات ومؤسسات الحراكات المدنية.. أو الاعتبار السياسي وعمليات الضغط أو التقاطع لفرض منطق في عمل المعارضة.. فرض حدود.. فرض وجود أو عدم وجود قوى وأطراف معارضة داخل هذا التجمع أو ذاك مع كامل عمليات الترهيب أساساً لضبط الحركة.. أو الترغيب لبعض أطرافها وشخوصها. والآن بعد تحديدنا للشرط الوطني السوري القائم، وحالة الوحدة الوطنية وضرورتها، موقف الأطراف الفاعلة داخلياً وخارجياً نسأل: لماذا الوحدة الوطنية الآن؟! .. ماذا تعني فعلياً؟. هل يمكن تحقيقها بالمستوى المطلوب..؟ سياق ذلك وآلياته؟ القوى والأطراف المعنية.. أدوارها.. البرنامج والمهمات؟. للوحدة الوطنية مفهوم ومعنى واحد عام.. حده الأدنى تعايش المجتمع كوحدة بكامل تناقضاته.. بواسطة آليات الدولة والقانون والإرادة السياسية الديموقراطية. .بآليات نظام ديموقراطي.. لا آليات القمع المعمم لنظام استثنائي، يكسر الإرادات وتبقى إرادته، يخلق وهماً وخداعاً في الوحدة الوطنية بينما يحفر فيها سلباً، وفوق الحد الأدنى ذلك قد تنشأ ظروف استثنائية تتطلب الارتقاء بالوحدة الوطنية إلى سويات أعلى، فيجري النظر إلى التناقضات والمهمات والوسائل بصورة مختلفة عن الحالة الطبيعية، يجري النظر إليها من منظور مؤقت إنما توحيدي ومركزي عبر تنازلات القوى والأطراف المتناقضة اقترابها واتفاقها على ذلك. الوطن السوري يعيش الآن شروطاً استثنائية جداً، انتقالية متسارعة، زمن الحسم فيها في الغالب الأعم قصير، السبب في كل ذلك قرار العامل الخارجي بالتدخل شرطنا الاستثنائي تحكمه مجموعة تناقضات وتفرض عدداً من المهمات والوسائل وأشكال العمل بينما الوحدة الوطنية ليست في وضعية ما تحت الحد الأدنى فحسب، بل هي شبه غائبة. كل التحديات التي عددناها تفرض ضرورتها بشكل طبيعي فكيف بالشرط الاستثنائي الموصوف، بعض تلك التحديات غدا وجودياً في حياة المجتمع الوطن السوري (كالديموقراطية ومسألة النظام الديموقراطي) وبعضها داهم مع كامل مخاطره التي شرحناها، إنه عامل التهديدات والتدخل الخارجي الأمريكي. إننا وحتى هذه اللحظة لانزال نعتبر المهمة المركزية في النضال هي في الحقل الديموقراطي، على الرغم من كل ما ذكرناه عن العامل الخارجي، تحددها وتحكمها التناقضات الداخلية في المجتمع، النظام مؤسساته وأجهزته من جهة وبقية المجتمع وقوى المعارضة من جهة أخرى، ولا نعتبر المهمة هنا مركزية لأنها ملحاحة أو مطروحة على الحل مباشرةً ، أو لأن المجتمع جاهز لتنفيذها الآن، ولا نعتبرها كذلك بحكم أهميتها بذاتها، فهذا لا يحدد مركزيتها، بل أساساً لارتباط حل بقية المهمات بها هذا من جهة ومن جهة أخرى لأن الحراك والفعل السياسي القائم من قبل المجتمع (عبر النخبة المحدودة فيه).. قائم في ميدانها ولأجلها أساساً.. إن تهديد العامل الخارجي والمهمة التي يطرحها يقوم أيضاً على التناقض.. بين ذلك العامل وكتلة كبيرة من الشعب والمجتمع وقوى المعارضة بالإضافة إلى قطاعات هامة من النظام.. (لأسباب إضطرارية دفاعية وعدم استعداد العامل الخارجي للمساومة، أو لأسباب وطنية بالتغاضي عن الوسائل القمعية وما تفعله في العامل الوطني والوحدة الوطنية تخريباً وتدميراً ) . وعلى الرغم من حديثنا عن احتمالات التسارع والزمن الضائع، ملحاحية وراهنية الخطر الخارجي إلا أن المهمة المفترضة في هذا الحقل لم تتحول بعد إلى مهمة مركزية. أولاً: لأن بقية التناقضات، المهمات غير مرتبطة بها مركزياً حتى الآن، النظام، السلطة بطبيعتها بنهجها بوسائلها بسياساتها تمنع ذلك، تحجزه. تعمل تسويفياً وانتظارياً، تعمل على عدة خيارات ومناورات، وترفض تقديم أي تنازل للمجتمع والمعارضة لنقاش الأمر، لتحديده، للاتفاق عليه، بذلك المعنى تدفع به حتى حدود الاحتلال المباشر وتغيير كامل التركيبة والقوى لتتقدم المهمة المركزية في ميدانه. من جهتنا نعتقد أن هناك ضرورة ملحة وإمكانية فعلية لتطوير حالة الوحدة الوطنية لمواجهة الشرط الاستثنائي، لمواجهة المخاطر الداهمة والمباشرة، وهذا يفترض تنازلات واتفاقاً بين الأطراف المتناقضة في المجتمع. من منظور المجتمع والمعارضة النظام محتاج لهما في مقاومته حتى الآن للعامل الخارجي وصراعه معه، إن الحاجة هنا تتعلق أيضاً بالمصلحة النظامية (المنفعة ) من منظور إمكانية الاستمرار أطول زمنياً، كذلك الاستقرار، وليس من منظور (عدد البنادق ومستوى التعبئة وجاهزيتها ضد أمريكا ) لهذا وقت آخر ، إذ لا أحد يريد استفزاز الإدارة الأمريكية ، التهويش وخلق دونكيشوتات ، الأمر يتعلق بنهج الرد على التهديدات وسحب الذرائع المطروحة. الذريعة المركزية والحاسمة هو الانتقال الديموقراطي الجدي، بقية الذرائع سيصبح استغلالها خارجياً صعباً عندما تكون وراءها إرادة شعبية ديموقراطية – كالعلاقة مع المقاومة الفلسطينية، أو العلاقة مع بعض أطراف المقاومة العراقية، أو الوضع اللبناني – على العالم برمته أن يصبح متأكداً بأن عملية إصلاح سياسي ديموقراطي قد بدأت في سورية بإرادات متعددة الآن. بذلك تتحول التناقضات، تنـزاح. هكذا تعني الآن الوحدة الوطنية وفي هذه الظروف. 1- اتفاقاً من المعارضة والمجتمع من جهة والنظام من جهة أخرى على طبيعة الشرط واستثنائيته ، المهمات التي يطرحها، الخطوات المفتاحية الضرورية . 2- الاتفاق يقتضي قيام حوار وطني شامل، متواصل بسويات مختلفة بدءاً من لجنة حوار مفوضة عليا من جهة النظام والمعارضة الديموقراطية الداخلية والخارجية (التي ترفض عامل التدخل الخارجي ) .. (عرباً وكرداً ) وصولاً إلى الحوارات الواسعة في المجتمع. 3- أن يتقدم النظام بالتنازلات الأولية التي تفتح سياقاً حقيقياً في عملية الانتقال الديموقراطي. أول ما يجب أن يقدمه النظام للمجتمع والمعارضة من تنازلات هي: أ?- وقف العمل بقانون الطوارئ فيما يتعلق بالنشاط السياسي الداخلي المعارض، وحصره بمسائل التآمر السياسي الأمني والصراع مع الأعداء الخارجيين ذلك بقرار صريح وواضح. ب?- لجنة مشتركة لإيجاد حل سريع بكل ما يتعلق بملف الاعتقال. ت?- حصة للمعارضة في وسائل الإعلام المركزية . ث?- إلغاء قانون المطبوعات وفتح حوار واسع حول قانون الأحزاب والجمعيات وكل ما يتعلق بهما، مع أمر مباشر بالسماح لكل حزب سياسي أو جمعية مدنية بإصدار وسيلة إعلامية خاصة بها. 4- أن تتقدم المعارضة بالتنازلات الأولية الضرورية في اعتبار التناقضات والمهمات بعد تنازلات النظام المطلوبة قد انتقلت إلى الميدان الوطني والعامل الخارجي. 5- الاتفاق على قضايا الانتقال الديموقراطي التدريجي العلني والسلمي، الآمن من جهة المعارضة عليها أن تحسم موقفها نهائياً لتنطلق من وعي شامل في سياسة الإصلاح وتتقدم ببرنامج واضح . - على المعارضة أن توضح فهمها لمعنى الانتقال الديموقراطي التدريجي وأن توضح موقفها من العامل الخارجي . - على المعارضة أن تصر وتمارس كامل الضغوط من أجل الحوار الوطني الشامل. بدءه ، تطويره ، استمراره ، وتحقيق نتائج عبره . - على المعارضة ألا توقف أبداً نشاطها الديموقراطي من أجل الديموقراطية مهما كانت الشروط، حتى لو تحولت مهمتها المركزية إلى الميدان الوطني وتهديدات العامل الخارجي. - على المعارضة أن تتعلم من دروس الماضي بأن القمع لا يخلق وحدة وطنية أبداً، ولا يسمح بأي استعداد لمواجهة الخطر الخارجي. فالمدخل إذاً إلى كل الحلقات هو الضمانات الديموقراطية، من هنا تبدأ الوحدة الوطنية وترتقي ، ومن هنا نقطع الذرائع أمام العامل الخارجي وتتسع إمكانات المواجهة وإبعاد الخطر. فاتح محمد جاموس 30/10/2004
*****
العمل الديموقراطي المعارض في حلب وبدعوة من لجنة العمل الوطني، جرى لقاء تداولي لبحث وضع المعارضة وتطوير عملها.. تقدم الرفيق صفوان عكاش بوجهة نظرنا.. ها نحن ننشرها بعد مرور أكثر من شهرين على اللقاء وانتشار بعض القضايا الهامة عنه بصورة أو بأخرى. هيئة التحرير. حول أزمة العمل الديموقراطي المعارض فرضيات : تقوم هذه المداخلة على الفرضيات التالية: 1- المعارضة فعل سياسي يشمل كامل المجتمع عمقاً واتساعاً تقوم به قوى ذات وعي وإرادة ومؤسسات تجعلها تمثل " الآخر" في مواجهة سلطة سياسية قائمة لإحداث تغييرات لا تريدها هذه السلطة للمناحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على قاعدة التوافق على مبدأي وحدة المجتمع والمصالح الوطنية العليا أي أنها مشروع سلطة بديلة موازية تتحمل مسؤوليات سياسية وأخلاقية بغض النظر عن ضعفها وإشكالياتها. 2- ليست الديمقراطية في الفكر السياسي الحديث مجرد آلية انتخابية للإدارة وحل النزاعات بل تشكل مع شقيقاتها العقلانية والعلمانية والدولة – الأمة جزءاً من المنظور الحداثي لا تقوم إلا به ولا يقوم إلا بها استناداً إلى المبدأين الأساسيين: a. تساوي جميع المواطنين في الحقوق والواجبات بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس. b. حرية المواطن في المشاركة والتعبير والتنظيم والاختيار ضمن حدود القانون الديمقراطي العادل. 3- يهدف العمل الديمقراطي المعارض إلى إحداث تحويل اقتصادي سياسي مبدأه بث روح الحياة في العمل السياسي ومنتهاه بناء المجتمع الديمقراطي العادل بوسائل وأدوات لا تتعارض سياسياً أو أخلاقياً مع الفكرة الديمقراطية ذاتها.. وذلك ضمن ثلاثة دوائر هي دائرة المعارضة الديمقراطية ذاتها علاقاتها خلافاتها توافقاتها تحالفاتها.. إلخ ودائرة المجتمع بمكوناتها المختلفة ودائرة العالم الخارجي. ويفترض في مقاربة المعارضة لهذه الدوائر الثلاث أن تواجه وتختلف بشكل جذري عن مقاربة السلطة الاستبدادية حتى وإن تقاطعت معها في موقف ما. وتتألف الأطراف المعنية بالعمل الديمقراطي المعارض من التجمع الوطني الديمقراطي، حزب العمل الشيوعي لجان إحياء المجتمع المدني منظمات حقوق الإنسان الثلاث (إن كانت ترى لنفسها دوراً في هذه العملية) وأحزاب كردية ديمقراطية معارضة وأية جماعات أو أفراد ناشطة موجودة أو قد توجد في المستقبل. المعضلات التي تواجهها المعارضة الديمقراطية: 1- تركيز واحتكار القوة السياسية والاقتصادية بيد طرف واحد ومنفرد. الأمر الذي يجعل ميزان القوى مختل بشكل كاسح بل يغدو مفهوم ميزان القوى لا معنى له. إن مقولة توازن الضعف مقولة خاطئة لأن السلطة شديدة الضعف أمام الضغط الخارجي وشديدة البأس على المجتمع في الوقت نفسه. 2- الخطاب الإيديولوجي وأحياناً السياسي المشترك بين المعارضة والنظام مما يجعل المعارضة تبدو وكأنها صورة منعكسة عن النظام. إن المشروع الديمقراطي يفترض خطاباً ديمقراطياً ومنسجماً. ويجب علينا أن نفهم الدور الذي تلعبه الأيديولوجيا كإسمنت السيطرة الاقتصادية والسياسية. 3- معضلة التيار الديني وطرق التعامل معه فالسائد تجاهل هذا التيار دون أي نقد فعلي له كأنه غير موجود.وقد يوحي التجاهل بأن البعض متواطئ مع السلطة في تهميشه أو على الأقل ملتزم بالخطوط الحمر التي يرسمها النظام وفق مصالحه بينما يوحي غياب النقد بالاتفاق مع مزيد من الانعزال. يجب أن يكون واضحاً لنا أن العملية الديمقراطية لا تقبل هذا التيار كناطق باسم السماء على الأرض وترفض نبذه وتهميشه ضمن دائرة الخطوط والمحرمات، ومن الضروري فتح حوار نقدي معه حول أسسه الفكرية السياسية ومساعدته على التشكل كتيار سياسي حقيقي مؤهل للاندماج في العملية السياسية المنتظرة. 4- هشاشة النسيج الاجتماعي السوري وتوتره الشديد وفق الخطوط الدينية والعرقية والطائفية وإمكانية التلاعب به من الداخل ومن قبل الخارج الامبريالي. 5- معضلة مفهوم الوطن والسيادة الوطنية وحسم مفهوم الوطن السوري دون إهمال روابطه القومية والإقليمية، والمخاطر الداخلية والخارجية الواقعية التي يتعرض لها، دون الرضوخ للابتزاز الذي يمارس باسم الخارج المعادي ولعبة الهجمة الامبريالية الشرسة. 6- ميراث الإرهاب الثقيل إرهاب الدولة وإرهاب التيار الديني وبعث العراق وآثاره المتبقية وطرق تصفيتها على الصعيدين السياسي والقانوني نذكر هنا ملفات المفقودين والمنفيين ومرتكبي جرائم حقوق الإنسان. 7- المسألة الفلسطينية، فغالباً ما يكون خطاب السلطة والمعارضة حولها موحد تقريباً. السلطة تبادر وتفعل والمعارضة تنتج الخطاب الوطني اللفظي دون أن تتجرأ على طرح نهج وممارسة مختلفين إنها تقر ضمناً بنهج وممارسة السلطة بخصوص المسألة الفلسطينية. واقع المعارضة الديمقراطية السورية نشكو جميعاً من عدم جاذبية وربما عقم طرحنا في المجتمع السوري وهو ما حدا بلجنة العمل الوطني مشكورة إلى إقامة هذه الطاولة المستديرة بحثاً عن مخارج عملية سياسية أو تنظيمية مما يستوجب نظرة أولية إلى واقع المعارضة الديمقراطية السورية وشروط عملها فطوال أكثر من خمسة وأربعين عاماً كانت المبادرة والفعل في مجتمعنا بيد سلطة احتكارية مما جعل الطبيعة الديكتاتورية للسلطة هي الشرط الأكثر حسماً في تكوين النهج والممارسة المعارضة (سرية نخبوية..) بالإضافة إلى شرط الأيديولوجية الشمولية المشترك بين السلطة ومعظم المعارضة عموماً. ومع أن الديكتاتورية كانت بداية حكم طغمة عسكرية معزولة إلا أنها من جهة أولى استندت إلى الأيديولوجية البعثية كهوية، مستمدة شرعيتها وتمثيليتها من الأيديولوجيا القومية الاشتراكية في البداية، واستطاعت من جهة ثانية استخدام مقدرات الدولة الاقتصادية والتنظيمية والمؤسسية لتشكيل قاعدة دعم يتشارك فيها الولاء والفساد مما عزز من درجة تمثيليتها لتبدو في النهاية مثالاً فعلياً عن حكم الطبقة الوسطى بسماته المختلطة. ورغم التغيرات التي مرت بها السلطة يظل التصور السائد الذي يعتبرها حفنة من المنتفعين، تفتقر إلى أي تمثيلة. تصوراً لا يفيد في معرفة هذه السلطة وآلياتها أو الطرق الناجعة في التعامل معها لذلك علينا بكل بساطة أن نجيب على هذه الأسئلة: ما هي المصالح الاجتماعية (طبقية أو غير ذلك) التي ترعاها السلطة؟ ما هي البنى السياسية والأيديولوجية والاقتصادية التي تستخدمها في هذه العملية بالتضافر مع عملية تأبيد حكمها؟ ما هو دور القطاع العام في ذلك والقطاع الإداري البيروقراطي؟ يستطيع المتابع أن يلاحظ المظاهر التالية في العمل الديمقراطي المعارض: - رغم الاجماع الظاهري على مقولة الديمقراطية إلا أن تصوراتنا عنها مختلفة مما يعني اختلافاً في رؤية الاصطفافات القادمة والممارسة الحالية والمستقبلية وتحديد سقف الممكن والمقبول. - التشتت (ثلاثة أحزاب ماركسية معارضة) والضعف والبطء في التحرك وسيطرة الحساسيات الشخصية والاقتصار على التنسيق الميداني الموسمي بأدنى حدوده. - التجمع الوطني الديمقراطي هو الأداة التحالفية الوحيدة وهو على مستوى العلاقة الديمقراطية الداخلية ومستوى البرنامج السياسي ومستوى الفاعلية لا يفي بمتطلبات تفعيل وتطوير العمل الديمقراطي المعارض. - الافتقار إلى الحد الأدنى من العمل المؤسسي إذ يمكن ابتكار العديد من المؤسسات حتى في ظل حالة الطوارئ لتكون قنوات اتصال فعلية في المجتمع. - عدم وجود صيغة واضحة ومتفق عليها للعلاقة بين معارضة الداخل ومعارضة الخارج مما أدى إلى حالات من الارتباك وتعطيل طاقات كبيرة في المنافي فبدت معارضة الخارج وكأنها تعمل لوحدها وفقاً لحسابات خاصة وأحياناً شخصية أو تجعل من نفسها مركز الفعل السياسي والإعلامي. مقترحات: 1- المبادرة إلى حوار علني صريح حول المفاهيم الأساسية في العمل الديمقراطي المعارض بهدف التوصل إلى فهم ولغة مشتركة بحيث يشمل هذا الحوار قضايا الوطن السوري – الديمقراطية – وسائل وآليات العمل السياسي – قطاع الدولة الاقتصادي ودوره كأساس اقتصادي داعم للاستبداد – عجز البرجوازية الليبرالية أو خوفها وإحجامها – الصراع مع الكيان الصهيوني وتأثيراته. 2- تطوير الخطوة السابقة إلى الحوار حول البرنامج الديمقراطي والنظام السياسي المنشود. 3- توجه كل طرف على حدة إلى نقد ومراجعة تجربته وتجديد رؤيته السياسية من أجل تجاوز الماضي بسلبياته والانسجام مع الفكرة الديمقراطية. 4- اختراق الخطوط الحمر المزعومة لتحقيق وحدة المعارضة الديمقراطية والمعارضة بشكل عام. تحديداً ما يخص العلاقة مع التيار الديني والأطراف السياسية الكردية الأمر الذي يتطلب قطعاً حقيقياً مع الماضي ومع السلطة الحاكمة من جهة الفكر والممارسة السياسيين. 5- تشكيل هيئة تنسيق مركزية وهيئات تنسيق على مستوى المحافظات تمثل أطراف العمل الديمقراطي بشكل متساو، وتتولى قيادة العمل الميداني المشترك وتطويره وإدارة الحوار المقترح. إن تجربة لجنة العمل الوطني بحلب يمكن أن تقدم مثالاً معقولاً بعد تطوير بنيتها وآليتها الداخلية. 6- إدماج القضية الكردية ضمن العملية الديمقراطية العامة عبر إدماج الأحزاب الكردية الديمقراطية المعارضة ضمن العمل الديمقراطي الوطني العام وهيئاته المنشودة وإدراج الحقوق الديمقراطية الكردية المشروعة على قاعدة المساواة والحرية ووحدة الوطن في البرنامج الديمقراطي الوطني العام. 7- فتح حوار نقدي جاد بين المعارضة الديمقراطية اللادينية والمعارضة الدينية حول متطلبات ووسائل العمل الديمقراطي والتزامات الأطراف المشاركة والمجتمع الديمقراطي المنشود وتتويج ذلك بميثاق وطني ديمقراطي عام تشارك فيه جميع الفعاليات الفكرية والسياسية السورية إن أمكن. وتنبثق عنه هيئات تنسيق وعمل في الداخل والخارج. وصولاً إلى جعل المعارضة قطباً اجتماعياً سياسياً معتبراً في الداخل والخارج. 8- التوصل مع معارضة الخارج إلى فهم وصيغة عمل مشتركين باعتبار المعارضة عمل داخلي بالدرجة الأولى وتطويره مرهون بالتوصل إلى برنامج وهيئات عمل داخلية موحدة، فيما تشكل معارضة الخارج امتداداً عضوياً للمعارضة الداخلية فهي إذن ليست طرفا مستقلاً ولا منفذاً تابعاً، بل جزءاً من كل يعمل ضمن شروط وإمكانيات مختلفة تتطلب درجة من المرونة وحرية الحركة للعب دور فعال في المجالات الإعلامية والمالية وحقوق الإنسان.. إلخ. في النهاية مهما كانت درجة صعوبة عملنا وشروطنا الذاتية أو الموضوعية فإن هناك إمكانيات واقعية فعلية للتغيير والتطوير ولا يتطلب ذلك إلا استعداداً فعلياً وإرادة حاسمة ومباشرة العمل الفوري. صفوان عكاش حلب 1/8/2004 *****
(حوار مع الورقة السياسية لوحدة الشيوعيين السوريين) (ورقة سياسية لوحدة الشيوعيين- أم لتكريس حالتهم؟). رابعاً في الموضوعات السياسية تعني الورقة بالموضوعات السياسية موقف الرفاق المحدد تكثيفاً في أهم القضايا العالمية والعربية والمحلية، موقفهم المحدد في حركة التناقضات والصراعات القائمة عليها. بشكل خاص اللوحة الداخلية ثم الموقف السياسي العام التأسيسي الذي يتحدد أكثر فأكثر من خلال ما أسمته الورقة بالمهمات الآنية أو الملحة، هكذا هناك عناوين وقضايا تحدد موضوعات أساسية قد تشتق منها موضوعات أخرى مرتبطة بها هي على نفس المستوى من الأهمية أو أدنى، في حوارنا هنا سنهتم بالأمر بقدر أهمية الموضوعات بالارتباط بالمنهج وزوايا العمل السياسي الوطني الرئيسية (بذلك سنؤجل أو لن نهتم ببعض العناوين على الصعيد العربي أو القومي). 1- الموقف من الإمبريالية وتوابعه في خط الورقة السياسية: جاء في الصفحة (1) من الورقة السياسية "موقف الشيوعيين السوريين من الامبريالية (الشكل الأعلى للرأسمالية) هو موقف ثابت مستمر لا محيد عنه في النضال الدائم ضدها، وضد مخططاتها وأساليبها المتوحشة بهدف السيطرة على العالم تحت مسميات العولمة (التي ليست إلاَّ شكلاً متقدماً للسياسات الامبريالية)، الحرب على الإرهاب، والتي ازدادت إلى أقصى حد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بمختلف الأشكال المناسبة المتوفرة، وهو يشكل جوهر موقفهم في كل القضايا والمهام المنتصبة أمامهم". أ- من مقولة ونقطة ارتكاز منهجية كما هي مبدئية وصحيحة ينطلق الرفاق ليسنجوا عليها كامل موقفهم الاقتصادي – الطبقي الاجتماعي – ثم السياسي (وهو الجوهري والأهم). ما هي المشكلة في ذلك؟ المشكلة أنهم نسوا أو تناسوا أو أخطأوا في اعتبارات المنهج الشيوعي – الماركسي ذلك عندما أعطوا نقطة الارتكاز تلك كل شيء.. ماذا أغفلوا؟ أغفلوا أن هناك نقطة ارتكاز منهجية ومبدئية أخرى، إن لم تكن أكثر أهمية فهي على نفس المستوى وبدونها سيكون موقفهم بحالة "عرج" ذلك الارتكاز يتعلق بحتمية الموقف الواضح والمحدد من النظام الرأسمالي القائم في الوطن وبشكل خاص من السلطة السياسية التي تعبر عنه. "القوة" التي تصيغ وتضع السياسات الشاملة. السلطة التي تجعل حتى الموقف من الامبريالية بحد ذاته ملموساً، محدداً ومتاحاً.. إن التغييب المنهجي لهذه الحلقة التهرب من التحديد والوضوح فيها. والتي تتحدد على أساسها كل الاستراتيجية وكامل التكتيكات، البرنامج والمهمات الأساسية أو الراهنة والملحة من منظور وطني، يتحدد ذلك ويظهر بصورة نهائية في الوسائل وأشكال النضال السياسية المتبعة، عمليات الاستقطاب السياسي، وصولاً إلى التحالفات. ذلك الأمر برمته حدد نهج الرفاق البيني، حدد حساباتهم ومنطلقاتهم السياسية داخل الوطن. ب- وعندما نذكر بحلقة الارتكاز الأخرى أو الحاسمة في موقف الشيوعيين الثابت والمبدئي من النظام الرأسمالي داخل الوطن. لا نعني أبداً أن هناك موقفاً سياسياً (مسبقاً) في كل شيء. لا نعني ضرورة اتخاذ موقف معارض أو تحالفي تجاه النظام في هذه القضية أو تلك.. بل نعني ضرورة طرح المسألة منهجياً، طرح التساؤلات المحددة وتقديم إجابات واضحة عليها. وفي الأساس أننا شيوعيون وأنه نظام رأسمالي (من منظور العلاقة الطبقية – الاجتماعية). ومن منظور الانتقاد الأكثر راديكالية – كذلك منظور الممارسة للتغيير. منظور التناقض الأساسي (التاريخي) أليس هذا هو جوهر موقف الشيوعيين الثوري، بعد ذلك وبعد ذلك فقط وعلى أساسه نقول أن هذا النظام ديموقراطي أو غير ديموقراطي ونحن بصدد معارضة ديموقراطية واسعة لانتزاع هذه المهمة، أو أن هذا النظام يصيغ القوانين لصالح الفئات الرأسمالية الأكثر طفيلية وهامشية (البعض يقول لا وطنية). بالتالي يصعب أو يسهل عملية النضال ضد الامبريالية ويسمح بجعلها ملموسة. ج- في أي حالة كانت خطأ معرفياً أو منهجياً من قبل الرفاق، أو حسابات مقصودة ومسبقة في الموقف من النظام والسلطة السياسية أو الحلقة السياسية الداخلية. فإن بعض شروط التطور والسلوك الامبريالي قد أربكهم حتى النهاية، وضيع عليهم بقية إمكانية في الموقف من النظام والسلطة السياسية أو الحلقة السياسية الداخلية. فإن بعض شروط التطور والسلوك الامبريالي قد أربكهم حتى النهاية، وطبع عليهم بقية إمكانية في الموقف المستقل الصحيح كما جرى في تاريخ الحركة الشيوعية الرسمية. إن الشروط الامبريالية تبدو وقد ساعدت على الخيارات المنهجية البديلة. فهناك تحالف حقيقي عضوي وتاريخي أمريكي – صهيوني . بمخططات حقيقية من أجل المنطقة. وهناك تناقض فعلي بينهما وبين الحالة السورية بجملتها (بما فيها النظام السوري) . يتجسد التناقض في المسألة السياسية الوطنية المتعلقة بأراضٍ محتلة، وانعكاس الموضوع الفلسطيني القومي وطنياً في سوريا، مسائل السيادة، المياه، النفوذ الاقليمي. بل تحول الأمر أخيراً إلى التهديد الجدي بإعادة صياغة المنطقة وسوريا في الأولوية. وها هو التهديد وقد تحول إلى تدخلات فعلية متصاعدة تحتمل تماماً استخدام الوسائل العنيفة والاحتلال. ونحن نسأل: ألم تكن تلك الشروط والتناقض دائمة؟ ألم تتهدد المنطقة أكثر من مرة بإمكانية انطلاق الحروب والمؤامرات. ألم تشهد المنطقة وسوريا حروباً خارجية فعلية في هذه الفترة أو تلك. هل نسي الرفاق أن تلك القضية كانت ولا تزال بمثابة الحجة أو المشجب الذي علقت عليه كل السياسة الشيوعية الاصلاحية والانتهازية الداخلية واختلط الأمر بين الاستراتيجي والتكتيكي بالعلاقة التحالفية مع النظام وضاعت التصورات البديهية والمواقف البديهية الممكنة في حالات الحروب الوطنية، والاحتلال ، والموقف من الامبريالية. المواقف المعروفة وشروط تحقق الوحدة الوطنية والمواجهة الجادة. ونسأل ألم تكن تلك الظروف والتناقضات نفسها حجة النظام "سيفه المسلط" على الرقاب لكم الأفواه وتوجيه الاتهامات بالخيانة والعمالة وأنه الطرف الوحيد المخول والمؤهل لقيادة المسألة الوطنية نهجاً وتوجهاً وممارسة. وأن على الوضع الداخلي بشموله الانضباط تحت قيادة النظام فحسب، كانت المسألة بمثابة الانشوطة التي يصطاد فيها النظام الآخرين. يقمع ويصفي سياسياً. وأن كل ما يفعله داخلياً غايته المسألة الوطنية. فغدت أي معارضة متهمة. وغير مؤتمنة على المسألة الوطنية، غير موثوقة. دققوا تاريخياً من هي القوى التي تناقضت مع النظام ودخلت المعتقلات أو بالأصح رفض النظام أي سماع لوجهات نظرها فيما يتعلق بالربط بين قضايا الديموقراطية والحريات وتعبئة الشعب والمجتمع وبين المسألة الوطنية ومواجهة التهديدات الخارجية. فرفض أي معارضة بالدستور والقوانين والقمع فملئت السجون ودفع ثمن باهظ من قبل قوى معادية منهجياً وبشدة للتحالف الأمريكي – الصهيوني. كل ذلك تماماً بسبب احتكار السلطة والفصل المطلق للنظام بين المسألتين الوطنية والديموقراطية، كذلك بسبب المجاراة التامة للحركة الشيوعية الرسمية للنظام في ذلك. الرفاق في قاسيون بسبب فهمهم للموقف من الامبريالية. وعلاقته بالوضع الداخلي. لم يتجاوزا موقف حزبهم ربما بقيد أغلة في الجوهر. بل كان موقفهم أقل وضوحاً وتحديداً. بدا انتظارياً وبينياً. حزبهم الأم قال بوضوح أنه ليس في موقع المعارضة للنظام، للسلطة أنه في موقع التحالف معه وأنه في الجبهة بسبب المسألة الوطنية. وقيل أكثر من مرة أنه لو تعلق الأمر بالوضع الداخلي لوجد الحزب نفسه في صف المعارضة. أما موقف الرفاق في تيار قاسيون (البيني) فيبدو معلقاً في الفراغ. كحالة القوى التي يشيرون إليها (قوى السوق الكبرى، أوساط من البرجوازية البيروقراطية) دون تحديد وجودها السياسي الملموس. ومن يقود ذلك، من يمثل مصالحها ويدافع عنها. من هو الطرف الذي سهل ولا يزال يسهل ذلك النمو لقوى السوق الكبرى المتحالفة مع الامبريالية، وما علاقة السلطة بذلك. لا نعرف!. ء- إن ذلك الموقف الأحادي الارتكاز من الامبريالية ونسج كل شيء عليه، دفع إلى أخطاء ومبالغات في قراءة اللوحة الاقتصادية الطبقية والسياسية. "من المعروف أن علاقات الإنتاج الرأسمالية التي يغلب عليها الطابع الطفيلي قد سادت اقتصادياً منذ أواسط السبعينات في بلادنا صفحة 2 من الورقة" "قوى البورجوازية الطفيلية (القوى الكبرى للسوق) والمرتبطة عضوياً بقوى الرأسمال المالي العالمي وتقوم بالضغط للوصول إلى أمرين. إعادة انقسام الحصص مع البورجوازية البيروقراطية. والوصول إلى موقع القرار السياسي للحصول على الضمانات. ويصطدم هذا التوجه بأمرين – وبعد ذكر الأمر الأول تقول الورقة السياسية – وهذا لم يتحقق إلى الآن بسبب إصرار القوى الكبرى للسوق على موقفها "ص2-3" لاحظوا كم هي قوية هذه الفئة من البورجوازية من أواسط السبعينات الاقتصاد لها. والآن تريد السلطة وهي غير مستعدة حتى للمساومة مع البيروقراطية. لتبدو الأخيرة مسكينة وكأنها لم تكن موجودة أبداً ولا مسؤوليات عليها. ولا علاقة لها بالسلطة السياسية القوة التي تدمج وتصيغ وتفرض التوجهات والقرارات. ه- نعتقد أن الرفاق يقرؤن أزمة الامبريالية بصوةر خاطئة كلياً. نتجرأ على القول أنهم يقرؤونها مقلوبة فجاء في الورقة " والامبريالية للحفاظ على مواقعها المتقدمة في ظل أزمتها الاقتصادية المستعصية، تلجأ إلى أكثر الحلول وحشية وعدوانية ضد الشعوب مستخدمة القوة العسكرية كحل شامل". إذن هناك أزمة مستعصية جوهرها اقتصادي. تحرك كل السلوك الامبريالي. بهذه الحالة تغيب الأسباب والتناقضات في الحقل السياسي الدافعة لاتباع الامبريالية وسائل وأشكال للتدخل عنيفة أو غير عنيفة. يذكرنا هذا بالتحليل الماركسي الرسمي القديم" المتفائل والمبالغ دائماً" أي غير الموضوعي والجامد بخصوص قراءة الامبريالية وقدراتها على التكيف ومسألة وجود أو عدم وجود أزمة. ومستواها. والميدان الذي تتجسد فيه من حسن الحظ أن الرفاق لا يستخدمون قراءتهم أو لا يستطيعون في ضرورة رسم استراتيجية وتكتيكات هجومية الآن على صعيد العالم والمنطقة والوطن السوري بسبب فهمهم لحالة الامبريالية. ومن حسن الحظ أنهم ليسوا في موقع اليسار الطفولي المغامر وإلاَّ كانوا قد أوصلونا في سورية إلى ضرورة الثورة الاجتماعية بحكم أزمة الامبريالية. 2- الموقف من النظام الرأسمالي في الوطن. أ- في مجموع ما قدمه الرفاق من أبحاث اقتصادية وطبقية اجتماعية. بشكل خاص تقرير اللجنة التحضيرية للمؤتمر الاستثنائي الأول وصولاً إلى الورقة السياسية التي نناقشها سنقرأ الكثير عن طابع العلاقات الاقتصادية – سنقرأ الكثير عن عناوين رئيسية وفرعية – مؤشرات وأرقام أزمات ومشاكل في سورية – (ولا نشك أبداً بل نعتقد بثقة أن الرفاق قد ساهموا جيداً في العديد من الأبحاث المتعلقة بالمؤشرات والوقائع). وسنمر دائماً على ثلاثة مصطلحات تحدد الطبقة الرأسمالية في الوطن وفئاتها. إنها (البورجوازية البيروقراطية، البورجوازية الطفيلية أو قوى السوق الكبرى – البورجوزاية الوطنية) وفي كل تلك الأبحاث والمصطلحات المستخدمة. لم نر دراسة واحدة منهجية تحاول أن تقول أو تحدد لنا طبيعة هذا النظام البورجوازي . النمط الاقتصادي الخاص به (رأسمالي فحسب) أم هو رأسمالية الدولة أو بورجوازية الدولة البروقراطية (وهذه مصطلحات أكثر دقة منهجية من مصطلح الرفاق) محتوى العلاقة الرأسمالية الداخلية التي رسمت وترسم مساره من زاوية الانتاج والتوزيع والعلاقة مع الطبقات المنتجة وجوهر عملية الاستغلال. لم نعرف أبداً إن كانت البورجوازية البيروقراطية هي نمط خاص ومحدد في إطار النظام الرأسمالي العام. أم هي مجرد مجموع موظفين بيروقراطيين متواجدين داخل أجهزة دولة رأسمالية. يقومون وتقوم بدور وظيفي. (القمع والضبط) وتتلقى هذه الدولة وموظفوها رشوة (مجرد رشوة) من فئات رأسمالية أو طبقة بورجوزاية أخرى موجودة خارج الدولة. (نعني الشكل الكلاسيكي لعلاقة الهيمنة بالسيطرة. أو علاقة النظام الاقتصادي والطبقة بالدولة وأجهزتها). كل ذلك غائب منهجياً غائب بالحدود الدنيا البسيطة. ذلك الغياب استبدل بعبارات ومصطلحات أخرى تضيع فيها الأمور بين الاقتصادي الطبقي الاجتماعي والسياسي كالقول مثلاً " من المعروف أن علاقات الإنتاج الرأسمالية التي يغلب عليها الطابع الطفيلي قد سادت اقتصادياً منذ أواسط السبعينات في بلادنا. وأدى ذلك اجتماعياً إلى ازدياد دور البورجوازية الطفيلية والبورجوزاية البيروقراطية ص2 من الورقة السياسية"، أو القول "وقد ازداد في العقد الأخير الوزن النوعي للبورجوازية الطفيلية في الحياة الاقتصادية للبلاد من خلال تأثيرها على القرارات الاقتصادية. إن المسؤولية الأساسية فيما وصل إليه الوضع اليوم في هذا المجال تتحمله أوساط البورجوازية البيروقراطية التي تحالفت تاريخياً مع الطفيلية في نهب الدولة والشعب معاً ص 9. التقرير". ما المقصود بالمسؤولية. من هي تلك الأوساط وهل الأمر مجرد أمر أوساط أم أمر طبقة ، علاقات ونظام وسلطة؟ ما المقصود بالوزن النوعي. وكيف تفرض الطفيلية بتأثيرها تلك القرارات الاقتصادية. إذن هناك أوساط وأوساط في البيروقراطية. لا شيء يجمعها بصورة مركزية على صعيد مفاهيم النظام. العلاقة الاقتصادية المصلحة، النظام السياسي الدولة . وقيادة المجتمع. والكثير الكثير من الفقرات تؤكد غياب المنهجية في البحث. تؤكد الالتباسات التي نذكرها. تؤكد أهمية تساؤلاتنا وملاحظاتنا في التقرير مثلاً. "ويزيد من الوزن النوعي للبورجوازية الطفيلية تواطؤ أجزاء هامة من البورجوازية البيروقراطية "أو" إن هناك أوساطاً هامة من البورجوازية البيروقراطية تبحث عن مساومة جدية مع الطفيلية ضمن إطار إعادة التقاسم الوظيفي تسمح باستمرار مصالحها التي يمكن أن تتضرر." ب- في الإطار الاقتصادي – الطبقي الاجتماعي – نحن لا نعرف حدود البورجوازية الطفيلية. ربما نتلمس ونقدر معاني السوق وعلاقات السوق. معنى الإنتاجي وعلاقته بالوطني .لكن لا نعرف أبداً حدودها الاقتصادية داخل ملكية الدولة والسوق. ولا نعرف مستوى التشابك مع البيروقراطية (كنظام وعلاقة) كذلك كأفراد وفعاليات ودورهم الحالي . لا نعرف شيئاً عن المافيات الطفيلية الحديثة وموقعها في القرار السياسي الاقتصادي. وهل هذا شيء حديث ومضاف إلى الطفيلية. أم تكيف أخر في إطار النمط البيروقراطي لبورجوازية الدولة. ج- أما حول البورجوازية الوطنية والميادين الاقتصادية التي تعمل بها. كذلك حدودها الاجتماعية ومستوى البلورة والفعالية كلها مسائل غائبة. ء- وعندما نصل الميدان السياسي أو الحلقة السياسية وعلاقتها بالاقتصاد الاجتماع والطبقات يصبح الأمر لا عقلانياً تماماً ويوصلنا إلى بقية الحلقات المشتقة في كامل نتاج الرفاق خاصة التقرير. وأخيراً في الورقة السياسية لا نجد تعبيراً واحداً مصطلحاً قد استخدم ولو لمرة واحدة تحت مسمى "السلطة السياسية، أو السلطة، أو النظام السياسي، أو قمة الهرم السياسي" مرة واحدة في الورقة ورد الأمر ملتبساً في الصفحة 4 إذ جاء" ولعله من أكبر أخطاء الشيوعيين أنهم اكتفوا بتأييد موقف النظام في القضية الوطنية" لكن ما معنى النظام ما علاقته بالقرار السياسي الحاكم والموجه. من هي الفئة الطبقية التي تتحكم به سياسياً. هذه أشياء تبدو غير ضرورية عند الرفاق. وفي كل الأحوال نحن لا نعرف مسؤولية من هي فيما يجري. من هي القوة السياسية المسؤولة كيفية تجسدها اقتصادياً اعلامياً ايديولوجياً ثم علاقتها بأجهزة الدولة. وطابع هذه القوة. ديموقراطية أم قمعية أم شيء آخر. في الكثير من المواقع استبدل التحليل المنهجي المحدد والواضح بالتباسات تجعل من الدولة وأجهزتها هي الطرف المسؤول بدون أي ربط بمفهوم السلطة والنظام السياسي. مثلاً "وقف النهب المقونن وغير المقونن لأموال الشعب التي أوتمنت عليها الدولة وخاصة في قطاع الدولة . مما سيضع الأرضية المناسبة للنضال ضد الفساد المستشري في جهاز الدولة ص3 الورقة" "وهذه القوى التي يمكن التحالف معها غير محصورة في مكان محدد داخل الجهة أو خارجها. كما أن القوى التي نختلف سياسياً معها موجودة كما تبين الحياة في أماكن مختلفة ابتداءً من جهاز الدولة. وصولاً إلى قوى سياسية داخل الجبهة وخارجها ص4 تقرير" "وإذ يأخذ الشيوعيون على أحزاب الجبهة الوطنية أنها أصبحت غير فعالة وتراجع تأثيرها، والسبب الأساسي هو القرب الشديد لكوادرها الأساسية من جهاز الدولة وامتيازاته ص4 تقرير" وعند تذكر ما قلناه عن مسألة أوساط وأوساط من البورجوازية البيروقراطية يتضح ذلك الخلط بين السلطة والنظام، الدولة والأجهزة. وتضيع المسؤوليات وتضيع الحلقة السياسية ومسألة السلطة. حلقة الارتكاز الحاسمة في النضال الوطني للشيوعيين. ه- للأسف نحن لا نعتقد أبداً بأن الرفاق يعانوا من عجز معرفي أو ضعف معرفي. أو عدم قدرة على كشف تعقيدات والتباسات الواقع بل نعتقد أنهم يعرفون كل ذلك مثلنا – إن لم يكن أفضل – وأنهم بحسابات مسبقة يتقصدونه..، يتقصدون الوجود في الموقع البيني غير المحدد غير المحسوم. والذي لا يحملهم مسؤوليات الحد الأقصى السياسية للموقف النقدي الأكثر جذرية ووضوحاً. والممارسة الموافقة. دعونا نتابع بقية الحلقات السياسية في موقف الرفاق والمشتقة من هذه المسألة المركزية. 3- في الصراعات الاجتماعية – السياسية والبرنامج إذن البورجوازية الطفيلية (قوى السوق الكبرى) المرتبطة عضوياً بالامبريالية تسعى لاقتسام الحصص مع البيروقراطية لزيادة حصتها في ظروف اقليمية وعالمية مستجدة ومناسبة. كما تسعى للوصول إلى مواقع القرار السياسي للحصول على الضمانات الكافية لحماية الشكل الجديد لتوزيع الثروة الذي تريده. "ويصطدم هذا التوجه بأمرين مقاومة بعض أوساط البورجوازية البيروقراطية له إنطلاقاً من حرصها على إبقاء الأمور على ما هي عليه اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً من أجل الحفاظ على امتيازاتها وهذا يتناقض مع اتجاهات التطور الموضوعي وقد أثبتت الحياة والتجارب في المنطقة والعالم أن الأنظمة التي لا تستند إلى الجماهير الشعبية في إدارة المجتمع سياسياً والتي بحكم ذلك لا مستقبل لها تضطر بالتدريج للتكيف مع برنامج قوى السوق عن طريق المساومة على برنامج حل وسط يعيد توزيع المصالح والمكاسب والمواقع. وهذا الأمر لم يتحقق إلى الآن بسبب إصرار القوى الكبرى للسوق على موقفها ص3 الورقة". لن نتوقف كثيراً أمام "بعض أوساط" ومن هي وما هي علاقتها بالسلطة؟. ولن نتوقف أمام كلمة التطور الموضوعي والتجارب والزمن الهائل الذي بقي فيه النظام وسلطته بالمقابل ولن نتوقف أمام مسألة المساومة ومن يقودها". لكن نقول هذه هي الجهة أو الطرف الأولى بالمعنى الاقتصادي الاجتماعي السياسي بعلاقته التحالفية مع الامبريالية وتوجهاتها ومخططاتها. الطرف الأول للصراع الآن في الوطن وموقفه مكثفاً مما يجري. بالمقال هناك قوى أخرى تتناقض مع الطرف الأول مستاءة وتصارعه بصورة أو بأخرى حسب رأي الرفاق وتمنع تحقيق برنامجه حتى الآن "استياء أوساط واسعة من الجماهير الشعبية وبدء مقاومة لهذا التوجه الذي ترى فيه خطراً كبيراً، وعدواً نهب الكثير وقضى على الكثير من مكاسبها التي تحققت خلال العقود الماضي. ص3 الورقة". ثم يحدد الرفاق الصراع والبرنامجين المتصارعين والقوى المعنية. "إن هذا الصراع الاجتماعي يؤدي بالتدريج إلى إعادة اصطفاف القوى الاجتماعية والسياسية على أساس البرنامجين الأساسيين النقيضين. أ- برنامج القوى الكبرى للسوق، قوى البورجوازية الطفيلية المرتبطة بمصالح العولمة المتوحشة. ب- البرنامج الذي يعبر عن مصالح الجماهير الشعبية، الذي يصطدم ببرنامج قوى السوق، ولا يرى في التطور الاقتصادي – الاجتماعي الجاري أساساً لتوطيد الوحدة الوطنية والسيادة الوطنية والدولة الوطنية. ويتجاوب هذا البرنامج موضوعياً مع مصالح بعض أوساط البورجوازية الوطنية المرتبط وجودها بالإنتاج المادي، حتى ولو كان الوزن السياسي لهذه القوى في الظروف الملوسة الحالية غير فعال ص3 الورقة". دعونا ننتبه أن السلطة، النظام. غير موجود في أي من الطرفين. وأن بعض الأوساط التي تقاوم ضغوطات الطفيلية (بالتغاضي عن وزنها ودورها) هي في موقع المساومة. بل في موقع الدفاع المتراجع.. الموقع الذي يستحق الشفقة منا والتعاطف!! خاصة وأن الطفيلية مهاجمة مع كامل حلفها الخارجي وأنها "تتدلل" على البيروقراطية ولا توافق على حدود المساومة التي تريدها بعض أطراف البيروقراطية. لاحظوا التأسيس لما بقي من حلقات الموقف السياسي في إطار "البينية وعدم الحسم". دعونا نعيد بعض تفاصيل التحليل. (إذن هو صراع اجتماعي أدى لاصطفاف القوى الاجتماعية والسياسية وأعطى برنامجين أساسيين نقيضين وهنا يجب الاختيار. واختار الرفاق البرنامج الذي يعبر عن مصالح الجماهير الشعبية ولولا الحذر لقالوا برنامج الطبقة العاملة الاجتماعي. وخلفها قوى الشعب الأخرى ولولا الحذر. لتطابقت التناقضات على التناقض التاريخي الاجتماعي – الطبقي - السياسي واحتمال أن نكون أمام الثورة الاجتماعية؟! وعلى ذلك الأساس حدد الرفاق منهجهم وبرنامجهم في قضايا التحالفات وما يتعلق بها. 4- في التحالفات وقضايا المعارضة. "إننا كشيوعيين سوريين، خلال عملنا لتنفيذ سياستنا سنعمل لإقامة تحالفات سياسية مع القوى السياسية المختلفة، التي لا تتفق مع برنامج قوى السوق المحلية والدولية (أي قوى البورجوازية الطفيلية) وهذه القوى التي يمكن التحالف معها غير محصورة في مكان محدد داخل الجبهة أو خارجها – كما أن القوى التي نختلف سياسياً معها موجودة كما تبين الحياة في أماكن مختلفة ابتداءً من جهاز الدولة وصولاً إلى قوى سياسية داخل الجبهة وخارجها ص4 الورقة". إذن المقصود بكل ذلك هو الظروف التي يمر بها الوطن الآن واتجاهاتها للمستقبل القريب. إن موضوع التحالفات أكثر شمولاً ويتطلب التمييز بين استراتيجي وتكتيكي. لا بأس من الواضح أن الرفاق يقصدون التحالفات التكتيكية المؤقتة ونسألهم هل تجري التناقضات والصراعات والاستقطابات الآن على الموضوع الاجتماعي؟ بربكم هل تتحفز القوى السياسية الآن من أجل البرنامجين السابقين وأن المقاومة الصراع القتال بالوسائل القائمة (غير العنيفة) كلها مسائل تجري من أجل الحقل الاقتصادي أين المسألة الوطنية والتهديدات الخارجية. وأين المسألة الديموقراطية الغاء احتكار السلطة والانتقال الديموقراطي. أين صبت وتصب الحراكات السياسية في المجتمع والمحصورة الآن في إطار النخبة. وهل مسألة البرنامج مسألة ذاتية لأننا شيوعيون علينا قسر الأمر وتوجيهه في الاقتصاد والاجتماع الطبقي. أم أن البرنامج معطى موضوعي وذاتي يتجسد في التناقضات السياسية الأكثر تمركزاً يتجسد في الحراكات والوسائل المتبعة. يتجسد في شكل استقطاب القوى السياسية ألا تجدوا معنا أن النقاش في الوطن جارٍ حول المسألة الوطنية. والمسألة الديموقراطية أيهما المركزية. أيهما تشترط تنفيذ المهمات الأخرى والتحديات التي يواجهها الوطن. أيهما تستقطب القوى السياسية في المجتمع أكثر ولماذا. وفي هذه الحالة افترضوا معنا أن المهمة المركزية هي المهمة الديموقراطية بحسب كامل التحليل الماركسي. هل ضرورياً كي نتحالف مع الأطراف موقفها وعلاقتها ببرنامج اجتماعي أم أن الأمر يرتبط باستغراق تام بالاتفاق على أنها المهمة المطروحة. وأن القوى الأخرى المعنية بها هي قوى راجعت نفسها وهي قوى ديموقراطية جادة وتمارس الأمر بالتغاضي عن موقعها الاجتماعي الاقتصادي. من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. وافترضوا معنا أيضاً أن مهمة مواجهة التهديدات الخارجية قد غدت مركزية مع كامل الاشتراطات الضرورية. هل علينا من أجل التحالف اشتراط من هو مع البرنامج الاجتماعي كذا.. أم لا.. أم من هو ضد القوى الخارجية .. ومن معها .. ومن يوافق على أسس التحالف التي تطرح للنقاش والاتفاق وعلاقتها مثلاً ببقية الميادين. الديموقراطية والوحدة الوطنية والاقتصاد.. إلخ تذكروا أيها الرفاق معنا أن الحوار قد جرى في ندوتي الحوار الوطني بالبلازا حول تلك المسألتين والأولوية فيهما وعلاقات الارتباط بالمسائل الأخرى. والمعيقات والقوى المستقطبة وبطبيعة الحال قد تكون هناك برامج عدة، نعم. أكثر من برنامجين. تذكروا الصراع بين التيار الديني والنظام. فالمعارضة لم تكن جميعها في إطار برنامج واحد. بل كان لديها ثلاثة برامج. التيار الديني وبعث العراق . التجمع. حزب العمل وآخرون. ومن جهة النظام وحلفائه (في الجبهة) كان هناك برنامج واحد. والآن هناك برامج عديدة إن كان بخصوص اعتبار المسألة الديموقراطية مركزية. أم الوطنية والتهديدات الخارجية. ذلك داخل صفوف المعارضة بكامل طيفها. وداخل صفوف الحالات والقوى البينية. النظام هو الوحيد الذي لديه برنامج محدد ويحاول فرضه على البقية عبر كامل نهجه ووسائله وأجهزته. أما بخصوص المعارضة. فهماً وتحديداً ملموساً للقوى.فإننا عندما نضيف محتوى الفقرة التي اقتطعناها إلى فقرات أخرى من الكلمات التي قيلت في المؤتمر أو من التقرير نلحظ أن الرفاق مصرون على عدم التحديد. ونحن نعتقد أنهم حتى لو أرادوا بكل ما يفعلوه أن يختطوا ما نسميه عادة بالطريق الثالث بين المعارضة والنظام فإن ملاحظاتنا نفسها ستبقى. كما أ، الطريق الثالث لا يعفيهم أبداً من ضرورة التحديد فيما إذا هم معارضة للنظام أم بحالة تحالف معه على المهام المطروحة خاصة المركزية منها. وبما أن الرفاق لا يعتبرون نهجهم وطريقهم طريقاً ثالثاً دعونا نصل معهم إلى الحد الأقصى بطريقة تفكيرهم. فنحن نرى مثلهم أن الوضع في الوطن انتقالي متحرك. وأن الاستقطاب الاجتماعي السياسي وقبله الاقتصادي لم يستقر بل لم يدخل بعد العمليات السريعة الحادة والحاسمة – ونعتقد مثلهم أن هناك إمكانية فعلية لانتقادات وانقسامات داخل الصف الواحد. لكن هل هذا سبب يمنعنا من تحديد المهمة المركزية. وموقع النظام منها. وموقعنا من كل ذلك. وبفرض أن هناك قوى فعلية داخل النظام مع الديموقراطية . أو مع القوى الخارجية والطفيلية. أليست هناك محصلة سياسية في موقف النظام تجاه كل قضية مما يجعلنا في المعارضة أم لا كذلك وبفرض هناك قوى داخل المعارضة لا تهتم بالبورجوازية الطفيلية والبرنامج الاجتماعي. لكنها ضد التدخل الخارجي. ضد المخططات الأمريكية أو تعتبر المسألة الديموقراطية مركزية. وبفرض أن الرفاق لا يتفقون مع المعارضة على فهمها للمهمات والوسائل. ولا يريدون أن يكونوا في المعارضة. ماذا يمنع من دفع التحليل والموقف إلى النهاية ليكونوا بحالة تحالف مع النظام. بمهمة معينة بشروط معينة . أو ماذا يمنع أن يكونوا خطاً آخراً في المعارضة إنما محدداً. بتمايزه عن الخطوط الأخرى. في إطار هذه المسألة وحتى الآن لم يقدم الرفاق أي تصور ملموس لاصطفاف القوى السياسية. كما لم يقدموا أي تصور ملموس لاستنباط المهمات بل تابعوا موقفهم البيني غير المحدد كيف ذلك؟ 5- في المهمات وعلاقتها بالبرنامج. تعالوا نقرأ ونجري مقارنة بالمفاهيم والمقاصد التي تتضمنها الفقرات التالية: "وهكذا يتبين أن القضية الوطنية والاقتصادية – الاجتماعية والديموقراطية هي قضايا مترابطة لا يمكن فصلها عن بعضها وهي أوجه لقضية واحدة هي كرامة الوطن والمواطن، لذلك فإن موضوعة تسبيق أحد هذه الجوانب على الأخرى في ظروفنا الحالية الملموسة هي موضوعة غير صحيحة تؤدي إلى خلل خطير في السياسة يمكن أن يلقي حاملها بين أيدي قوى السوق بحجة النضال من أجل الديموقراطية فقط، كم يمكن أن يؤدي بحاملها إلى الانبطاح أمام البعض بحجة الدفاع عن القضية الوطنية أولاً ص4 من الورقة". إذن تفيد الفقرة تأكيداً أنه لا يجوز اختيار أو تسبيق مهمة على أخرى للتركيز عليها في هذه الظروف التي يعيشها الوطن. بسبب الخوف من السقوط في إحدى الهاويتين. ولا يهمنا أن نسأل الآن من هم أولئك البعض الذي يمكن الانبطاح أمامهم. لكن دعونا نأخذ فقرة أخرى. "إن تحقيق البرنامج الوطني الاقتصادي – الاجتماعي والذي بدأت تظهر ملامحه الأساسية في مواجهة برنامج القوى الكبرى للسوق يتطلب ظروفاً ومناخاً مناسباً لا يمكن توفيره دون تحقيق ديموقراطية واسعة في المجتمع، والتي أصبحت حاجة ملحة. ص3 من الورقة". بربكم كيف يمكن جمع ذلك التناقض في المفاهيم. مرة لا يجوز تسبيق مهمة ومرة أخرى في نفس الورقة بفارق سطور. وتحديداً الآن. تصبح مهمة بعينها ملحة ولا يمكن توفير ظروف ومناخات مناسبة لمواجهة برنامج القوى الكبرى إلاَّ بتحقيق الديموقراطية. هذه مفاهيم متناقضة ولا عقلانية. غدت كذلك بحكم الموقف المسبق لاختيار طريق بيني غير محدد . هذا من جهة. ومن جهة أخرى من قال أن هناك حتمية. عندما نختار الديموقراطية مهمة مركزية – بأن نسقط في أحضان العامل الخارجي لماذا لا تكون الديموقراطية مسارها التدريجي السلمي والعلني في صالح برنامج الجماهير الشعبية. أو لماذا يجب أن نسقط في أحضان النظام. أو ننبطح أمامه إذا كانت مهمة مقاومة التهديدات الخارجية هي المهمة المركزية لماذا نضطر للخضوع لنهج وإرادة وشروط النظام باستمرار احتكار السلطة والقمع. أليس هناك طريقاً آخراً مستقلاً لمقاومة التهديدات ونحن نتابع نضالنا الديموقراطي. أو بالعكس. ما هذه المعادلة المستعصية؟ هناك فقرات كثيرة تدوخنا من حيث تركيزها على المهمات وملحاحيتها. والاشتراطات التي تتطلبها كي تتحقق. أليس الاشتراط بحد ذاته نهجاً يحدد الأولوية والتسبيق وأن شيئاً يتقدم على غيره من حيث الظروف والإمكانية. حسب فهم الرفاق يصبح البرنامج خلطة بين مهمات كثيرة مصطفة حول طاولة مستديرة "بدون أولويات . أو عدد كبير من المهمات الملحة. (كما سنرى) أو مهمات تشترط بعضها بسلسلة مفتوحة لا تتوقف ذلك بدون تحديد أو تغلق دائرياً دون فتح. لقد نسي الرفاق أن البرنامج والمهمات (كما شرحنا هو معطى موضوعي وذاتي يتحدد في المجتمع والطبقات والفئات والحراكات والاستعداد للصراع وتنفيذ المهمة المعنية (المعطاة). وليس شئياً مفصلاً على القد، أو شيئاً مرسوماً ومضبوطاً من منظور إيديولوجي معين هنا نعتقد أن الرفاق أنفسهم وفي كل ما جاء بورقتهم من تحديد للمهمات العامة والآنية أو الملحة قد تجاوزوا الاشتراط الاجتماعي الذي وضعوه أو الشرط الايديولوجي بالأصح. مسألة الموقف من القوى الكبرى للسوق أو (قوى السوق الكبرى لا فرقّ) فغدت الديموقراطية مهمة ملحة وحتمية ومفتاحية إلى كل شيء .كما بلحظة أخرى غدت الوحدة الوطنية ملحة ومفتاحية لمواجهة التهديدات الخارجية "إن قضية الحفاظ على السيادة الوطنية وعلى وحدة التراب. جوهر القضية الوطنية" أو "يتطلب الدفاع عن الوطن. التهيئة للمقاومة الشاملة. لذلك فإن الحوار الوطني الواسع يصبح أداة ضرورية للوصول إلى الوحدة الوطنية الشاملة". 6- في المسألة الديموقراطية، موقف الرفاق المفاهيمي والبرنامجي. أ- دعونا نقرأ سوية " إن البرنامج الديموقراطي المطلوب تحقيقه ما هو إلاّّ أداة لتحقيق مصالح الجماهير الشعبية، وهو بحد ذاته ليس هدفاً نهائياً أمام الشيوعيين، فأي برنامج ديموقراطي لا يحقق مصالح الجماهير الشعبية الوطنية والاقتصادية الاجتماعية هو برنامج ديموقراطي مزيف، ونسخة معدلة عن برنامج تقييد الحريات السياسية التي تستخدمها الأنظمة القمعية وخاصة في بلدان العالم الثالث ص3 الورقة". هل هذه مفاهيم معقولة الآن بربكم؟ هل يجب التفكير بأدوات ومعارف كان لها ظروفها ومبرراتها ألا نستطيع الآن تقديم مفاهيم وقيماً أكثر رقياً من تلك الرأسمالية التي تربط الديموقراطية بعلاقات السوق. ألاَّ نستطيع التحرر من رد الفعل والتحول لاعتبار الديموقراطية، الحرية.. حقوق الإنسان. إلخ قيماً بحد ذاتها مطلقة دون ربط بالاقتصاد كما تدعي الرأسمالية. فلماذا لا نجعل من الديموقراطية والبرنامج الديموقراطي شيئاً بذاته ومن البديهي أنها بذلك فحسب خطوة متقدمة في التاريخ السياسي والاجتماعي بذلك أيضاً تتحقق شروط مصالح الطبقات الشعبية. وهل من المعقول اعتبار أمر الديموقراطية حتى البورجوازية الشكلانية منها. بكامل مآسيها الطبقية هي وجه آخر لعملة القمع الاستثنائي. ب- دققوا في "برنامج الشيوعيين الديموقراطي" الوارد في الورقة .هذا بعد مسامحتنا للرفاق بغياب أي تحليل عن طبيعة النظام السياسي: ديموقراطي أم قمعي. احتكاري للسلطة شمولي. أم ديموقراطي. أم خلطة بين بين – بعد ذلك هل هناك أي برنامج ديموقراطي الآن شيوعياً كان ام بورجوازياً في سوريا يمينياً أو يسارياً بدون الدعوة الصريحة لإلغاء احتكار السلطة بإلغاء المادة 8 من الدستور بالتغاضي عن الخطوات التدريجية والانتقالية التي يمكن ويجب تحقيقها. قال الرفاق في مطالبهم كل شيء. لكن خارج المسألة الجوهرية المتعلقة بتحديد طبيعة النظام والمطلب الرئيسي المناسب لإلغاء احتكار السلطة. بالنسبة لهم تتحقق الديموقراطية "بتعديل قانون الانتخابات الحالي" دون أن يقولوا لنا المحتوى المحدد لذلك. وهذه طريقة في الأمر صحيحة عندما نقول أن جوهر القانون الانتخابي الجديد بعد التعديل يجب أن يكون إلغاء المادة /8/ واحتكار السلطة. دعونا ننتقل إلى الموضوع الأخير. 7- المهمات الآنية أو "الملحة" "إن موضوعات الورقة السياسية هي بمثابة مشروع لوثيقة مستقبلية وهدفها تحديد المهام الآنية، مما سيفتح الطريق لصياغة برنامج موحد للشيوعيين السوريين ص1 الورقة " للأسف ورقة الرفاق لم تميز بين المهام المركزية أو المهام البرنامجية بشكل عام لمرحلة معينة كذلك لم تميز بينها وبين المهام الآنية "الملحة" بل لم تحدد الورقة المعنى المحدد أو المفهوم الخاص بكل مهمة. بشكل خاص معنى المهمة الآنية أو الملحة. نحن إذن لا نعرف ما هو المقصود بذلك. سنحاول مقاربة الأمر. فهمنا أن المعني هو بعض تلك المطالب التي تأتي في نهاية كل موضوعة سياسية رئيسية أو ثانوية فبعد العنوان الخاص بكل موضوعة يأتي تحليل مكثف ثم مطالب محددة. لماذا فقط بعض المطالب؟ لأن بعضها الآخر ليس مطروحاً للحل بشكل ملح ومباشر. لكن في كل الأحوال نحن مضطرون لأخذ العبارات الوصفية التي تسبق المهمة. تلك العبارات تظهر الغاية منها لفت النظر أو التأكيد أن هذه مهمة ملحة. فلنأخذ بعض الأمثلة (على الشيوعيين أن يوحدوا صفوفهم أكثر من أي وقت مضى، قضية الحفاظ على السيادة الوطنية وعلى وحدة التراب الوطني ترتدي أهمية خاصة في هذه الظروف – يتطلب الدفاع عن الوطن في ظل مخططات الامبريالية. التهيئة للمقاومة الشاملة، إطلاق الحريات السياسية البطالة تتطلب معالجة جذرية..) مع ذلك هذا لا يكفي " إذ في نهاية بعض العناوين لموضوعات أساسية تأتي عبارة تقول مثلاً "نعتقد أن ملامح البرنامج الاقتصادي – الاجتماعي تتحدد بالنقاط التالية – إن برنامج الشيوعيين الديموقراطيين يتمثل بـ: - هل مجموع تلك البرامج الجزئية هو البرنامج العام. - هل مجموع تلك المهام هو المعنى بالمهام الملحة. - أم أن جمع بعض المهام التي سبقتها عبارات وصفية تفيد الملحاحية ، المباشرة، الهامة. هو المعني الورقة تفيد أن المهام الملحة عديدة وكثيرة. بالنسبة لنا كل ذلك لا يعني ألاَّ الابتعاد القصدي والمنهجي عن الوضوح والتحديد بالنسبة لنا لابد أن هناك مهمة مركزية كذلك مهمة ملحة بعينها قبل غيرها. والورقة لم تهتم بذلك أبداً. 8- بعض ملاحظات أخيرة. 1- على الرغم من خلافنا الواسع مع موضوعات الورقة السياسية، مع نهجها التحليل النتائج، مفهوم البرنامج والمهمات. بشكل خاص في قضايا الموقف من (النظام والسلطة السياسية، الانتقال الديموقراطي، المعارضة، العلاقة بين الوطني والديموقراطي في قضايا التهديد الخارجي، وحدة الشيوعيين). إلا إننا نؤمن بقوة أن هناك إمكانية فعلية لتطوير حوارنا الثنائي كذلك مع أطراف ومجموعات يسارية أخرى من أجل صياغة ورقة عمل سياسية مشتركة. تمثل مشروع ورقة أو أساساً برنامجياً في هذه الشروط الاستثنائية للوطن، وبذلك تكون أيضاً ورقة لوحدة ثورية للشيوعيين أو اليسار الجديد (فصائل، مجموعات ، أفراد) ممن هم مقتنعون ويهمهم الانخراط في مثل هذه العملية. 2- نعتقد أننا حاورنا الرفاق والورقة بوضوح ودقة، وبالنهج الرفاقي الاخلاقي للحوار، كما بأصول أو آداب الحوار العامة والراقية، مع ذلك قد لا يخلو الأمر من خطأ أو تجاوز هنا وهناك فنعتذر عنه، مع حرصنا الدائم على تطوير العلاقة والبحث عن المشتركات، متمنين على مجموع الرفاق في تيار قاسيون أن يتفهموا دوافعنا وطريقتنا، وأن يبادرونا جدية الحوار المسؤول، المكتوب والمعمم لنخلق سوية مع أطراف أخرى عادات وأخلاقيات جديدة للحوار في ساحتنا الوطنية. *****
#حزب_العمل_الشيوعي_في_سورية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الآن – العدد 21 – أيلول 2004
-
حزب العمل الشيوعي في سورية يتقدم بورقة حوارية وموقف من -الور
...
-
-بيان- حول مسألة حزب يساري من طراز جديد
-
- ورقة دعوة- من أجل المساهمة الندية والديموقراطية
-
أهلاً بالرفيق عماد شيحا معنا وأهلاً قريبة بالرفيق عبد العزيز
...
-
نداء بصوت أعلى من أجل تطوير حركة المعارضة الديمقراطية
-
بيــــــان حول أحداث القا مشلي من حزب العمل الشيوعي في سوريا
-
بيان
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|