|
في الثورة المضادة .... من ميدان التحرير إلى جامع قاسمو
دانا جلال
الحوار المتمدن-العدد: 3392 - 2011 / 6 / 10 - 18:50
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
حينما طالب الشيخ مراد الخزنوي في مؤتمر انطاليا بضرورة فصل الدين عن الدولة وتمَّتُع القوميات ومنهم الكورد بحقوقهم القومية في سوريا "ما بعد الأسد" أصابت اللجنة المشرفة من الحاضنين الأتراك، والمُحتضنين الإخوان، والمُكَّملين للعدد واغلبهم هامش أو ماكياج" الهلع" ، لان قواعد اللُعبة والسيناريو المُعَّد (" أميركياً" ،"تركياً" ، اخوانياً ) كاد أن يخرج عن المُقَّرر والمُقَّدر، لولا مشيئة الله ونشاط الإخوان والأخوات من المسلمين والمسلمات، وصمت المتكلسين سياسياً في سياحة ثورية بدأت من انطاليا . قبل انطاليا، فتحت اسطنبول أبوابها لإخوان سوريا ،وبعدها وجِهَت الدعوة إلى بعض قادة الثورة الشبابية المصرية للإطلاع على الإسلام التركي وطريقة حكمه ، وقبل يومين أنهى ديكورات التجمعات الشبابية لأيتام البعث والاخوانيين العراقيين مؤتمرهم في اسطنبول حيث علق الحزب الشيوعي العمالي العراقي بكل وضوح على المؤامرة التركية وفرسانها من خلال بيان الحزب ( ليس من حقهم التحدث باسم الحركة الثورية في العراق). إلى أين تتجه ساحات الثورة وهل بدأت القوى المضادة للثورة تجني ثمار تضحيات الشباب؟ هل نجح المشروع ( الأميركي – التركي) بتتريك الساحات وخلق ظروف ملائمة لاردغنة الأنظمة السياسية من خلال نُسَّخٍ عربية لحزب العدالة والتنمية الاردوغاني ؟ أم إن للشباب "ثورة في ثورة" ، يعلنوها دائمة، ولن يسمحوا بان تكون مغدورة. الثورات الشبابية ، نقلةٌ نوعية في مفهوم الثورة ، جدلُ مختلف بتفاصيل لم يتشكل ويفصح عن نفسه بعد ، يمكن توصيفها بثورة" الجيل المهمش " سلطوياً ، ومن هم بجوارها وهامشها أو متقاطع معها . ساحاتهم مكشوفة ومداخلها مفتوحة حيث تنعدم إمكانية المرونة والمناورة . أن تكون الساحة" مكشوفة"،" مفتوحة"، خطها الأول هو الأخير، لوجيستيا الثورة ليست بحجم المعركة لضعف التيار الديمقراطي واليساري، كل تلك الاسباب جعلت من الشباب شجعاناً يقاتلون كما جيش طارق بن زياد ، حيث لا مركب لرحلة العودة. مسببات الشجاعة تحمل قي مكامنها عوامل الضعف لِتَّطلُ كثغرة في حاضر ثوري يمكن اختراقه من قبل الأحزاب الماضوية ومن ثم إعادتنا لمجاهل وجهالة القرون الوسطى. إن تراجع مفهوم" العامل الذاتي" الذي كان ضروريا لإعلان الثورة والذي كان يُعَّرف بأنه" حزب طليعي يسترشد بالإيديولوجية الثورية" لصالح ما يمكن تعريفه" بالبنى التحتية للثورة" بديلاً عن الذاتي ، ومُعَّبِراً عن الطاقات الجماهيرية الكامنة التي تجتاز النقطة الحرجة في تاريخ الشعوب يجعل من البنى التحتية للثورة ورغم تداخل وتقاطع واختلاف مكوناتها هي المؤثرة في تحديد مسار الثورات الشبابية. الاتجاه "الاخواندوغاني" كخطاب وهدف مؤسساتي احد ابرز الخيارات المطروحة. لقد تناول قائد ومنظر الكونفيدرالية الديمقراطية لشعوب الشرق "عبد الله اوجلان" وبالتفصيل التحالف ( الأميركي – التركي) لأسلَّمة ونمذَّجة المنطقة وفق التجربة التركية. أي( مؤسسة عسكرية متحالفة مع الغرب وإسرائيل و نظام حكم إسلامي يتبادل منفعة السلطة مع البرجوازية القومية والعابرة للقارات ، إسلام مذهبي و شوفيني يسمح بهامش للديمقراطية لدرجة منع ظهور البديل الديمقراطي ) . نعم ، هناك مخاطر جدية من أن تؤدي بعض طرقات الساحات الشبابية إلى "جمهوريات العمائم الإسلامية " المعولمة ، المُحَّجبة ظاهرا ً، العارية داخلاً . لان البنى التحتية للتغير في المدى المنظور على صعيده العربي مازال أسير المساجد وشعار" الشعب يريد إسقاط النظام " ببسملة الله اكبر الذي يطلقه قرضاوي مصر وعرعور سوريا وزنداني اليمن. مصريا «الإخوان» هم الأكثر قوة، متحالفين مع العسكر ولجنة تعديل الدستور هم من يتحكم به من خلال رئيس اللجنة " الإسلامي" طارق البشري. قوة الإخوان تحولت إلى عنجهية بالتعامل مع الذين سبقوهم في إعلان الثورة . فقد صرح احد رموزهم "صبحي صالح" وبكل ثقة «جايين جايين..قاعدين قاعدين»!. أما في سوريا فقد صرح رياض الشقفة، مراقب الجماعة، أن هناك بدائل كثيرة للنظام إذا ما رحل، في مقدمتهم الإخوان . في اليمن البديل الأقوى هم الإخوان عبر حزبهم «التجمع اليمني للإصلاح»، وهو قائد جبهة أحزاب «اللقاء المشترك»، وحزب الإصلاح امتزج به، «الإخواني» حميد الأحمر الذي جير قبيلة «حاشد» وهي اكبر قبائل اليمن لصالح الإخوان المسلمين . الوضع في ليبيا والسودان ليس بأفضل من تلك البلدان. إن عدم تناول مخاطر النموذج الاخواندوغاني في المنطقة بحجج مختلفة ، لتمثل خيانة للثورات الشبابية التي مازالت تحمل الكثير من المفاجآت رغم المؤامرة ( الأميركية – التركية – الاخوانية) بغرض مصادرتها واحتواءها. مؤامرة بلغت حد الاستهانة بالشباب العربي وقدرتهم على اكتشاف الطريق وبناء نموذجهم الخاص، فرئيس تنظيم حزب العدالة و التنمية في اسطنبول "عزيز بابوشجو" خاطب بعض ممثلي شباب الثورة ( أرى أن الفترة التي ستقيمونها هنا والتي ستستغرق عشرة أيام ستمكنكم من الإطلاع على الأعمال الدعائية للحزب والإطلاع على مسيرة كفاحنا الديمقراطي في هذا البلد، وإنني آمل أن تسهم هذه التجربة في إثراء تجاربكم، والتعرف على تركيا وأرضية الكفاح السياسي بها). جواب الشباب المصري كان من خلال الرد على سؤال قناة ”تي ر تي” التركية ، حول النموذج التركي وهل يمكن للثورات العربية أن تستفيد منه وتسعى لتطبيقه حيث أكدوا ( أن مصر ستقدم نموذجها الخاص، ولن تستنسخ تجارب دول أخرى، فلكل دولة ظروفها، ولا يمكن تعميم نموذج سياسي واقتصادي لدولة ما على دولة أخرى. صراع الشباب والإخوان المدعومين أميركيا وتركيا لم يحسم بعد وكل الاحتمالات واردة بما فيه إطلاق الجيل الثاني للثورة . أما عن جهد الإخوان والاردوغان في كوردستان فان إحلال نشيد" يا حماة الديار" العروبي بدلا عن الأناشيد القومية في غرب كوردستان و رفع الشعار المتطرف " الشعب يريد إسقاط الأحزاب الكوردية" ومنع بعض أطراف الحركة الشبابية الكوردية برفع شعارات ورموز قومية ديمقراطية وتشويههم لجدل ( القوم - الوطني ) بجعل المطلب والحق القومي الديمقراطي نقيض الله والوطنية ، كل تلك المواقف لبعض أطراف الحركة الشبابية في غرب كورستان ليست بعفوية أو بريئة، هو جهد منظم ومخطط له يهدف إلى مصادرة الهوية القومية ومن ثم الوطنية للحراك الشبابي الكوري بغرض خلق بنى تحتية للإسلام السياسي ومن ثم قبول النموذج "الاسلامدوغاني ". المطلوب من النخبة وهم يرصدون عدم تناسق البنى التحتية للثورة مع ثورة الشباب هو اقتباسه لشجاعة مضافة من الشباب والتحرر من اسر كاريزما الثورة التي تُخفي الكثير من النواقص والشوائب. على النخبة الكوردية أن تُطالب بعض أطراف الحركة الشبابية الكوردية وهم يعلنون شعار إسقاط الأحزاب الكوردية عن برنامجهم" لدمقرطة سوريا وحقوق أكرادها وبقية قومياتها ودياناتها " وعليهم واجب توضيح أسباب عدم رفع شعار إسقاط الأحزاب القومية والإسلامية العربية السورية التي لا تؤمن بالديمقراطية والدولة المدنية وحقوق القوميات والديانات في سوريا ما بعد الأسد . علينا أن نتسلح بشجاعة الشباب ونطرح المخاطر التي تهدد حركتهم ومستقبلنا بدلا من أن نحيل الساحة الشبابية إلى فضاء دكتاتوري يمكن اختراقه من قبل شيوخ السياسة المنهارين في عودة وان كانت بعمامة الإخوان. على المثقف العضوي أن يناقش الأصوات المتعددة في ساحات الشباب المتعددة الأصوات والأهداف بدلا من أن نرفع شعار " لا صوت يعلو على صوت انتفاضة الشباب" الذي أطلقه الأستاذ د. صلاح بدر الدين كمقدمة لسلسلة مقالات إعلانية وتبريرية لمؤتمر انطاليا لان هكذا شعار يجعل من مصادرة الرأي الآخر أسهل من مصادرة الدكتاتور لصوت المختلفين معه بحكم كاريزما الثورة ومشروعيتها وتضحية شبابها. نعم هناك صوت يعلو، هو ليس صوت الدكتاتور ، هو ليس صوت أسرى كاريزما الثورة أو المتحولين لمصادرتها ، هو صوت الضفاف التي ترسو فيها مراكب الثورة. أين تتجه الثورة الشبابية؟ المعركة لم تنتهي و الساحة مفتوحة للجميع ، مكشوفة بضعف المدد الديمقراطي يقابله مدد" أمريكي – تركي" له تأثيره في مسار الأحداث في المدى المنظور. عنوان المرحلة هو شجاعة الشباب، والتفاصيل في ضفاف تجمعنا ومراكب ترسو حيث الحلم المؤجل لشعوب الشرق، أما المراكب التي انطلقت وتنطلق من اسطنبول وانطاليا وبقية المدن التركية التي ستحتضن لاحقا مؤتمرات أخرى فإنها سترسو حتما حيثما انطلقت .
#دانا_جلال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-عقدة انطاليا - والحل الإسلامدوغاني لسوريا
-
الترجمة بِحَّد السيف ( القرآن نصاً والأكراد نموذجاً) –ج4-4
-
الترجمة بِحَّد السيف ( القرآن نصاً والأكراد نموذجاً) –ج3
-
الترجمة بِحَّد السيف ( القرآن نصاً والأكراد نموذجاً) –ج2
-
الترجمة بِحَّد السيف ( القرآن نصاً والأكراد نموذجاً) -ج1-
-
ذخيرة الشبيحة لا تكفي .. فتح بشار جبهة الجولان
-
الأمة الديمقراطية هوية إنسانية جديدة (حول التطور اللادولتي)
...
-
الأمة الديمقراطية هوية إنسانية جديدة - ج1
-
كاريزما الكتابة في عالم ميس الكريدي
-
عمال الشتات الجغرافي والهامش الطبقي
-
عن أجمل النساء في قارة جديدة اسمها -الثورة-
-
ساحات التحرير في كوردستان الشعب مُختَّلِفْ حول النظام (2-2)
-
اعتقال قادة حزب الحل الديمقراطي الكوردستاني والمؤتمر القومي
...
-
في جمعة المسلمين وأحد المسيحيين وأسبوع العلمانيين نكتشف الحق
...
-
ساحات التحرير في كوردستان الشعب مُختَّلِفْ حول النظام (ج1)
-
مَنْ يحرر الكوردي الفيلي من جمهورية العمائم وبداوة الخطاب ال
...
-
موقفنا من اقتحام مقري الحزب الشيوعي العراقي وحزب الأمة العرا
...
-
سر الصحفية وسذاجة الطيب المنسي
-
الامبريالية نمر الكتروني.... فهل هناك حاجة لأممية اليسار الا
...
-
سلطة الثقافة وثقافة السلطة من اولمب لبوابات ايمرالي
المزيد.....
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
-
نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا
...
-
-لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف
...
-
كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي
...
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|