|
النقد الذاتي
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 3389 - 2011 / 6 / 7 - 17:54
المحور:
المجتمع المدني
ثمة ما يدفعني للكلام في هذا الباب ، أو قل إن هناك ثمة حاجة تدعونا لنمارس النقد بصورة موضوعية وإيجابية وشفافه في كل مجالات الحياة والعمل والسلوك والإعتقاد ، وربما تكون مهلة - المئة يوم - لتقييم عمل الحكومة والوزراء هو الدافع لعملية النقد هذه التي أخترناها عنواناً لمقالنا ، خاصةً وإن شيئاً لم يتغير منذ ذلك الحين . بل إن الشركاء في العمل السياسي يعملون كما أرى وأسمع بالسر والعلن لكي تذهب هذه المدة دون تحقيق أهدافها أو ماهو مطلوب منها ، وكأن المطلوب في أذهانهم هو صراخ في الإعلام و أمام الشعب وقولهم - بان الحكومة قد خسرت الرهان - ولم تستطع تنفيذ ما وعدت به أو أدعت في مجال تحسين الوضع الأمني والخدمي والوظيفي . نعم نحن كمراقبين كنا نسمع ونشاهد حملات التضليل و التشويه والتسقيط حتى من قبل ان تنقضي هذه المدة ، بل وسمعنا من يراهن ويتحدى ومن يدس السم في العسل خوفاً على أحلام المواطنيين وأمانيهم من الهدر للوقت والجهد ، مع إن حاجات المواطن العراقي هي حق على الجميع أعني على الشركاء في العمل السياسي ، فلا أحد مسؤول وغيره سائل ولا احد كبش فداء وغيره القاضي فالكل في المسوؤلية سواء ، والكل في التقصير سواء كما إن الحكومة هي ليست رئيس الوزراء وحده ، بل هي هذه المجموعة التي تلم كل هذا الطيف من قوميات العراق وطوائفه ، وهؤلاء جميعاً يجب ان يكونوا شركاء في النجاح وفي الخسارة ، إذن هي ليست مسؤولية فرد واحد أو فئة واحدة حتى يُقال إنها السبب أو إنها المسؤول ، فالجميع رضوا بان يكونوا شركاء في الحكم لا معارضين ، ومن يُرد ذلك يتحمل ولا يُحمل غيره هذا إن كان هناك شعور بالمسؤولية الوطنية ، فالمسؤولية هنا لأنها لا تتجزء بكما إن التقصير لا يتجزء طالما أرتضى الجميع الشراكة والعمل معاً . ثم إن من يريد ان يعمل لصالح شعبه وجماعته فلينتخب للحكومة أعضاء منه ومن جماعته أناس مخلصين شرفاء يعملون بصدق وحُسن نيه وليس تبعاً لمزاج المجموعة التي ينتمون إليها حتى إذا غضبت غضب و إن أرادت أراد !!! ، نعم هناك فشل في الجانب الأمني والخدمي ويزداد هذا الفشل في المناطق التي فقدت سلطان الحكم أيام حاكمية الفرد الواحد والحزب الواحد ، يظهر هذا في أطراف بغداد والرمادي وتكريت ، التي يكثر فيها الإرهاب والتطرف والكراهية لكل ماهو جديد ومفيد ، لهذا أقول : أين هم شركاء العمل السياسي في هذه المناطق ؟ وكيف لهم بان يسمحوا بكل هذا التجاوز والتعدي ؟ في مناطقهم ، أليس في العراق اليوم حكومات محلية هي المسؤولة ؟ أليس هذا من أول واجباتها ؟ وأنا على يقين بإن الحكومة الإتحادية لم تقصر حينما يطلب منها . هذا التخريب في جسد الوطن العراقي من المستفيد منه ولماذا ؟ طبعاً الكل سيتنصل ويرمي صاحبه مع إن الجميع خطاءون ، والحكومة هي الأخرى ليست معصومة من الخطأ ، ولكن من لم - يرتكب خطأً فليرمها بحجر - ، قلت نعم قلت الحرص على العراق وشعبه لا يأتي بالتدليس وبالشعارات إنما بالعمل وفق الدستور ومع الحكومة وبهدوء ومن غير صراخ وعويل ، ومشكلات العراق في أغلبها خدمية وليست سياسية ، وكلنا يدري مدى عمق معانات الشعب في حاجاته اليومية من المأكل والمشرب والكهرباء والماء وكل شيء ، والعراق الذي كان يُقال عنه بلد السواد كناية في كثرة المزارع والبساتين ، صار اليوم يباباً مقفراً فالزراعة فيه قد تعطلت ، و بدأنا نعتمد على مايدره علينا الجيران من مواد غذائية وخضروات ، وأما الصناعة لا شيء نذكره مفيد ، لكننا جميعاً أو هكذا تعودنا الإنغمار والهوس في السياسة وبالكلام فيها ، نجد هذا في الشارع وفي القهوة وفي المضيف وفي غرف النوم ، هذه العادة السيئة عطلت عقولنا وأجسادنا على الشعور بالحياة . مشكلات العراق ليست سياسية مشكلات العراق خدمية وإجتماعية ووظيفية ، مشكلاته لا تحل بالهوس السياسي كما يفعل الشركاء تضييعاً للوقت ومغالبة مع الحكومة ، بل هي مشكلات تمس كيان العراق في بناه وفي شخصيته الوطنية والإنسانية ، ومن هنا نقول : لماذا لم يتهافت الساسة على دفع أعوانهم للعمل بدل الصراخ والعويل ؟ لماذا يشعرون الناس بخيبة الأمل مع إنه ولا زال أن يكون في الإمكان أفضل مما كان ؟ النقد الذاتي : هو واجب علينا جميعاً بأن نقف وقفة شجاعة نحدد مالنا وما علينا ، ونعترف بإخفاقاتنا ونجاحاتنا من وحي ما قدمناه بالفعل وليس ما نتصور أو نعتقد أو ننظر ، وهذه مسؤوليتنا جميعاً فلا نحمل الحكومة ورئيسها كل أخطاءنا ، نعم هي تتحمل مثلنا ولكن يجب ان نخرج من هذه الدوامة التي أستحلاها البعض ، نعم إن فاقد الشيء لا يعطي غير هذا التسويف والتخريب وزيادة المعانات ، نعم هناك حفنة منتفعة وباقي الشعب يطحن بالموت والخوف والجوع والألم ، وهؤلاء يتفرجون وينظرون ويزاودون على الزلات ، النقد الذاتي : الذي نقصده هو بالعمل الصالح البعيد عن المرآءآت والبعيد عن البحث عن المكاسب الشخصية ، نعم هو الكشف الصريح والصادق والتعلم بان النزاهة والشرف تبدء من الفرد نفسه فلا نرمي أحد ولا نقولن لأحد لست على شيء ، ولا نكونن مثل تلك التي رمت بدائها وأنسلت ، في الوطن الكل شركاء والكل مسؤولون وحين يكون الحساب فعلى الجميع ان يثبت براءة ذمته قبل ان يتصيد العثرات لغيره ...
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رد على الشيخ ناصر العمر
-
الحكومة يجب أن تُحترم
-
الوجود الأمريكي في العراق
-
نهاية الإرهاب
-
البحرين لا تنقذها الدبابات السعودية بل ينقذها الحوار الوطني
...
-
الثورة الليبية في مواجهة الطغيان
-
أحذر الحكام العرب
-
الشعب يريد إسقاط النظام
-
هل أفاق العرب من سباتهم ؟
-
الثورة المصرية ... الحلم العربي
-
ثورة الشعب المصري
-
الحرية والثقافة
-
الثورة التونسية في مواجهة التحديات
-
لماذا الليبرالية الديمقراطية ؟
-
على أبواب عام جديد
-
أردوغان والوحدة
-
الخمر بين الحلال والحرام والإباحة
-
العام الهجري الجديد
-
الليبرالية الديمقراطية في مواجهة الطائفية والعنصرية
-
القرآن والمرأة
المزيد.....
-
المقررة الأممية لحقوق الانسان في فلسطين: جرائم اسرائيل شديدة
...
-
نتنياهو إلى واشنطن.. حماس وغزة والأسرى
-
المقررة الأممية لحقوق الانسان في فلسطين: اسرائيل تريد ترحيل
...
-
السعودية.. إعدام 3 أجانب والكشف عن جنسياتهم وجرائمهم
-
-قطع جثتها إلى 20 قطعة-.. محكمة تؤيد إعدام مواطن كويتي ارتك
...
-
واشنطن تجهز غوانتانامو مقرا لترحيل المهاجرين
-
-الأمن السوري- يشدد قبضته بالساحل ويعتقل العميد عاطف نجيب ال
...
-
أميركا.. هذا ما ينتظر -المهاجرين المرحلين- في غوانتانامو
-
إسرائيل تعيد اعتقال أسرى سابقين في الضفة الغربية
-
إبداع ورسائل كالرماح.. مغردون يصفون عملية تسليم القسام دفعة
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|