أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عصام مخول - بين ميزانية نتنياهو وكهف افلاطون!















المزيد.....

بين ميزانية نتنياهو وكهف افلاطون!


عصام مخول

الحوار المتمدن-العدد: 1009 - 2004 / 11 / 6 - 09:43
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


في خطاب التضليل الذي قام خلاله وزير المالية بنيامين نتنياهو بعرض قانون ميزانية الدولة للعام 2005 امام الكنيست، تحدث عن الحاجة الى دفع الاقتصاد الاسرائيلي خطوة حاسمة الى الامام من خلال قانون الميزانية المقترح. وقد اعادت رغبة نتنياهو بالخطو الى الامام الى ذهني خطابا قديما لوزير مالية سابق اسمه يهوشواع هوروفيش، تحدث عن الوضع الاقتصادي الصعب في حينه قائلا:

"نحن نقف على حافة الهاوية، وقريبا سنخطو خطوة هامة الى الامام" وان اخطر ما علينا ان نخشاه الآن هو ان يضمن لنا الوزير نتنياهو في خطة الميزانية المقترحة ان نمضي خطوة الى الامام في سياسته الى قلب الهاوية.
هذه هي طبيعة السياسة الاقتصادية الاجتماعية التي يقترحها نتنياهو، سياسة الهاوية لغالبية الناس، وهذا هو الخيار الذي عرضه في خطابه التضليلي: القبول بسياسته الاجتماعية الشرسة التي عهدناها في السنوات الثلاث الماضية، سياسة النيوليبرالية المتطرفة، سياسة الفقر والجوع للاكثرية والثراء والدلال للقلة الضئيلة – "او العودة للعيش في الكهوف" عقابا على رفض بشارة نتنياهو الاجتماعية الاقتصادية، وهو يحاول ان يدب الرعب في قلوب الاكثرية الساحقة من الناس المسحوقين ويضعها امام احد خيارين: الكهوف او الغاب الرأسمالي وقانونه.
ان الكهف الحقيقي الذي يحاول نتنياهو دفع المجتمع الاسرائيلي الى اعماقه هو "كهف افلاطون" الفلسفي، والذي يستطيع القابعون فيه ان يروا ظلال الاشياء، لا حقيقتها، فقط ظلال السياسة الاجتماعية – الاقتصادية التي يقودها، وليس جوهرها، بل ان اكثر ما يدب الذعر في قلب نتنياهو وحكومة الليبرالية الجديدة، هو ان يفهم الجمهور الواسع ويعي حقيقة هذه السياسة والمنحى الاجتماعي الذي تسير فيه.
ان السياسة الليبرالية الجديدة المتطرفة التي تقودها حكومة شارون – نتنياهو، تجتهد في استعمال لغة محايدة اقرب ما تكون الى الموضوعية وربما الظلال عندما تصف اجراءاتها واسسها، فما الذي يقف وراء الاصطلاح المحايد – "تخفيض تكلفة العمل مثلا"؟ وما الذي يحدد مضامينه؟
ان المضمون الحقيقي النيوليبرالي لهذا الكلام المحايد هو تخفيض اجور العاملين، وضرب العمل المنظم، وتحطيم النقابات والمنظمات العمالية، وتقديم التسهيلات والهدايا لاصحاب العمل، وضمان ارباحهم بالحد الاقصى من خلال تخفيض الضرائب المفروضة عليهم، وفي طليعتها ضريبة الشركات والمكوس، وضريبة الشراء، ورسوم التأمين الوطني المفروضة على المشغّلين. واذا كان دور الضرائب، هو اعادة توزيع اجمالي المداخيل، فان السياسة الاقتصادية الاجتماعية التي قادها الثنائي نتنياهو – شارون منذ العام 2003، قد حققت اهدافها بنقل القسم الاكبر من المداخيل، من ايدي العاملين واصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة، ومن الجيوب المخزوقة لمتقاضي المخصصات، الى الجيوب المنفوخة لاصحاب المداخيل الكبيرة وخصوصا القسم المئوي الاعلى في السلم الاجتماعي.
ان اقتراح الميزانية المقدمة للكنيست، يتحدث عن تخفيض الضرائب في الفترة من عام 2003 وحتى العام 2005 وخلاله، بقيمة ثلاثة عشر مليار شاقل – ولكنه يتحدث في مكان آخر عن رفع الضرائب بقيمة ثلاثة عشر مليار شاقل، فقيمة التخفيض الضريبي تساوي قيمة الزيادة الضريبية، وما تغير هو التوزيعة والبنية الداخلية للضرائب، فمقابل التخفيض الضريبي جرى رفع ضرائب اخرى يتحمل وزرها القطاعات الشعبية الواسعة والفقيرة، مثل مضاعفة رسوم المياه ثلاث مرات، بما قيمته في العامين 2004-2005 مليار شاقل للعام، والغاء الاعفاء من الضريبة عن العمل في ورديات وما الى ذلك.
ان هذه هي السياسة الحقيقية التي لا يريد لنا نتنياهو ان نراها ويريد لنا ان نكتفي بظلالها، انه يحاول ان يسوّق موقفا ايديولوجيا لا يهتز لجوع الاكثرين وفقرهم، بل يستعمله لاغناء القلة الرأسمالية والدفاع عن مصالحها.
ان الحقيقة التي يجب ان يعرفها مئات الالوف من ضحايا سياسة نتنياهو – شارون الاجتماعية، انه من دون تجويعكم، ومن دون افقاركم فان نتنياهو ومن يمثلهم في الجزء المئوي الاعلى من الناس، لن يزدادوا ثراء، من دون بؤسكم، ومن دون تدهور الفئات الاجتماعية المتوسطة فان اصحاب رؤوس الاموال لن يستطيعوا جرف ارباحهم. ان هذه الارباح وهذا الغنى الفاحش هو الوجه الآخر لعملة فقركم، وحان الوقت للتحرك، ورفض هذه المعادلات والعمل على شقلبتها. ان اولئك الذين لا يعملون ولا يعرفون، هم الذين يجرفون الارباح التي يحققها عرقكم وجهدكم، من فقر الفقراء يغتنون، ومن انخفاض مستوى حياة العاملين يرتفع مستوى حياة اصحاب العمل. من بؤس اكثرية الناس ترفل القلة في النعيم.
ان اغرب اللحظات في خطاب الوزير نتنياهو كانت اقدامه الجريء على تعليمنا درسا في العولمة الرأسمالية وانعكاساتهما، ولم يتورع "وزير الظلال" عن الدفاع عن المقولة – بان العولمة الرأسمالية هي طريق الخلاص للفقراء وهي المخرج للجياع في كل العالم.
لكن ما العمل، اذا كانت الحقائق اقوى من الظلال، والمعطيات اقوى من التضليل.. ففي اعلان الالفية الثالثة الذي رعته الامم المتحدة تعهدت دول العالم وفي طليعتها قادة العولمة الرأسمالية بالعمل على خفض عدد الفقراء حتى العام 2015 الى نصف عددهم الذي كان وصل في العام 1995 الى مليار وربع مليار انسان. ويعني هذا الهدف اخراج ستة واربعين مليون فقير سنويا من الفقر والفاقة. ولكن الحقيقة انه في الفترة بين العام 1995 وحتى الآن فقد انضم الى جيش الفقراء 28 مليون فقير اضافي سنويا، يشكلون هم الجواب الحقيقي لظلال نتنياهو، وزير الجوع والفقر، والفوارق الاجتماعية في ظل عولمة رأسمالية منفلتة.
ان الميزانية المقترحة للعام 2005، تصل الى 265 مليار شاقل، تقوم على نفس الاسس التي قادها نتنياهو حتى الآن. وهي لا تحمل اية بشارة تتجاوز المآسي والكوارث التي جلبتها هذه السياسة حتى الآن. بل تعمل على تعميقها. وفي مركز هذه الميزانية وفي القلب منها، تنتصب ميزانيات الصرف العسكري، وتمويل الحرب الارهابية على الشعب الفلسطيني والاحتلال والاستيطان وبناء جدار الفصل العنصري، وتمويل التعويضات للمستوطنين المرشحين للانسحاب من قطاع غزة، وكذلك لاعادة الديون، وهي في غالبيتها ديون عسكرية ايضا. مما يجعل من هذين البندين مركز الثقل في الميزانية ويبتلعان اكثر من نصف هذه الميزانية. ومن جهة اخرى فان الميزانية لا زالت تتمحور على تسريع عملية خصخصة الشركات الحكومية، مثل شركة الكهرباء، والمستشفيات الحكومية، وقطاعات الخدمات في المؤسسات الحكومية.
ان الحديث عن تقليص العاملين في قطاع الدولة، يحمل في طياته منطق الخصخصة، لان وظائف العاملين المرشحين للفصل، لا يتم التنازل عنها، بل يتم استبدال العاملين المنظمين والمهنيين في قطاع الدولة، بعاملي شركات قوى بشرية ومقاولين من "اثرياء" مركز الليكود" واصدقائهم، وهو ما يعني استبدال عاملين مع حقوق متراكمة بعاملين بدون حقوق. والاجدر القول استبدال عاملين بعبيد.
ان هذه الحكومة لا تقدم اية بشارة للخروج من الهاوية. بل تدعونا الى كهف افلاطون لتبقي لنا في الخارج بطالة اعمق، وفقرًا اوسع، واذلالاً لاوسع فئات المجتمع.

( من كلمة النائب عصام مخول في مناقشة قانون الميزانية – للعام 2005).



#عصام_مخول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطة شارون وأليس في بلاد العجائب! لماذا نرفض خطة شارون المعرو ...
- بيت جن
- هناك تحالف بين الجبهة وبين النضال البيئي
- الاتحاد)) يوميات شعب وأمل يتجدّد نحمل ((الاتحاد)) راية مشرقة ...
- 2003 عام مناهضي الحرب والقطب البديل
- الحرب لصالح المستوطنات- والطريق لسلام اسرائيلي- فلسطيني


المزيد.....




- مصر.. الكشف عن خطط لمشروع ضخم لإنتاج الطاقة الهجينة
- مصر.. الدولار يقترب من مستوى تاريخي و-النقد الدولي- يكشف أسب ...
- روسيا والجزائر تتصدران قائمة مورّدي الغاز إلى الاتحاد الأورو ...
- تركيا تخطط لبناء مصنع ضخم في مصر
- زيادة جديدة.. سعر الذهب منتصف تعاملات اليوم الخميس
- -الدوما- يقر ميزانية روسيا للعام 2025 .. تعرف على حجمها وتوج ...
- إسرائيل تعلن عن زيادة غير مسبوقة في تصدير الغاز إلى مصر
- عقارات بعشرات ملايين الدولارات يمتلكها نيمار لاعب الهلال الس ...
- الذهب يواصل الصعود على وقع الحرب الروسية الأوكرانية.. والدول ...
- نيويورك تايمز: ثمة شخص واحد يحتاجه ترامب في إدارته


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عصام مخول - بين ميزانية نتنياهو وكهف افلاطون!