|
تنظيم -القاعدة-وتنظيم -الاستثناء- في بلاد المغرب
سعيدي المولودي
الحوار المتمدن-العدد: 3386 - 2011 / 6 / 4 - 05:02
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
تنظيم "القاعدة" وتنظيم "الاستثناء" في بلاد المغرب في مقابل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب المعروف بتوجهاته الدموية، التكفيرية، الجهادية والإرهابية، يمكن القول إن المغرب خطا خطوة رائدة في مجال مواجهة هذا التنظيم والتصدي له بطريقة أقرب إلى التماهي معه وتبني معاييره الوهمية في النظرة إلى الوجود وإلى الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي. و تجسد هذا التماهي عير خلق تنظيم مضاد أو مواز هو "تنظيم الاستثناء" في بلاد المغرب، وهو تنظيم يجعل من ثقافته العميقة والسطحية إطارا لخلق طاقات تكييف رجعي لمعطيات الواقع وتوفير أسباب صناعة وسائل ثقافة دفاعية وتزيينية تحول كل الوقائع إلى منظومات مغلقة ومطلقة، تعوق كل إمكانيات الحركة أو المبادرة، يتم معها توطين التوجهات التكفيرية والجهادية والإرهابية على نحو موارب يستند على قيم ومعايير ومفاهيم تحرك إرادة الخوف وتؤجج غريزة التسلط والاستعباد. ويضع هذا التنظيم في صلب استراتيجيته النزوع المريض للدفاع عن الوضع القائم والتمسك به والاستماتة عليه، والانطلاق منه كإطار نهائي لتحقيق إنسانية المواطن، وتأسيس مرجعية ثابتة مرتبطة باختلاق المبررات المتجددة التي تجعل منه المنبع الخالد للنشاط والسعادة الدائمة وتكريس اختياراته المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كاختيارات نهائية وأزلية تشكل على الدوام مقياس التقدم والنمو والازدهار، ومن ثمة يجب خوض معارك ضارية لمواجهة أية محاولة للتفكير في تجاوزها أو انتقادها أو التبرم من آثارها. وتستند هذه الإستراتيجية إلى أصولية هوجاء أبعد ظلامية وأكثر ضلالية وأغرق في الرجعية تهدد باستمرار أي أفق لإدراك أو وعي يطرح سياق بدائل للواقع القائم أو يضعه موضع التساؤل أو الشك والارتياب،فالتاريخ بالنسبة لهذا التنظيم يتوقف عند مستوى "ما هو كائن" الثابت الذي لا يتغير، ومهمات الدفاع عنه واجب على جميع الجبهات، وكل العوامل التي تتحرك في اتجاه التغيير يجب احتواؤها واستبعادها واستئصالها، فليس هناك إلا حقيقة واحدة هي تمجيد الوضع وتأكيد شرعيته ومبررات وجوده وضرورات استمراره وخلوده. وكل ما يصب خارج هذا الدائرة هو انحراف طاريء. لذلك فإن التنظيم يروج لمجموعات من المقولات تؤدي دورها المحوري في تسييج آليات الحفاظ على الوضع وتوفير شروط التكيف مع تناقضاته، منها مثلا: الحالة المتفردة، الوضعية المتفردة، الوضع المتقدم، ما يحدث بالمغرب ليس ثمرة لأي فصل من الفصول.. وهي مقولات بهلوانية لا تعكس غير نظرة سطحية للوقائع والأحداث والتحولات التي يشهدها العالم والعالم العربي على الخصوص، وأبرز غاياتها القريبة والبعيدة تكريس سلطة النظام وأجهزته الاستثنائية وحماية اختياراته والاعتراف بشرعيتها المطلقة والنظر إليها كاختيارات طبيعية ونهائية، وتسويق المغرب في صورة "وحيد القرن" يحيا خارج التاريخ وخارج دورات الزمن ويجري بإيقاعات غامضة لا تضاهى، تلوح بمناديلها للمجهول.فالإحساس بالزمن في منظور التنظيم يسير في انجاه ارتدادي ونكوصي جامد يلغي المستقبل الذي يعتبره بعيدا عن الواقع وغريبا عنه، والزمن كله يتجمع في الوضع القائم أو الراهن الذي يجسد المطلق ويمثل "العقل الكلي" و"الزمن الكلي" الذي لا سلطان غير سلطانه. إن الاحتفاء بالواقع وتقديمه بصفته الصحيح سياسيا واجتماعيا واقتصاديا إنما يستهدف الهدم أكثر من البناء لأنه يرسخ بنية إدراكية مغلقة ورجعية تتحول إلى قوة وحشية تزرع الطغيان في كل الاتجاهات وتحول كل شيء معها إلى أداة لخدمة سلطة الواقع والدولة وخدمة أسباب السيطرة والقهر. والاحتماء كذلك بالمقولة السوقية :"الشعب عادة يحب الهدوء أو الخضوع" إنما هو مظهر آخر لتشويه الحقائق الملموسة وتكريس مبدأ أن على الجميع أن يقدم فروض الطاعة والولاء كوعي ثابت لا يمكن تجاوزه أو التحرر منه، وهو ما يبرر الاعتداء الموجه نحو احتمالات رفض الواقع أو انتقاده أو محاولات صياغة حلول تعيد بناء وتركيب هذا الواقع وتحديد أولوياته الكبرى خارج دائرة ما يرسمه النظام، ومن ثمة فإن تنظيم الاستثناء إنما يسعى بكل ما أوتي من قوة لخلق الشروط الثقافية التي تضمن ظروف الاستعباد والتبعية والرضى بالواقع مهما كان مأهولا بالخيبات والانكسارات الدائمة. وعلى وجه الإجمال يمكن حصر الأهداف الاستراتيجية الكبرى لتنظيم الاستثناء في بلاد المغرب في ما يلي: - الولاء الأعمى للسلطة ورفض أي شكل من أشكال انتقادها أو وضعها موضع التساؤل أو المحاسبة أو إخضاعها للمراقبة. - صد التحولات والحركات أو الثورات الاجتماعية وإحباطها، ومحاولات امتصاص الغضب الجماهيري وتبرير السياسات المتبعة في كل المجالات، انطلاقا من أنها الغاية في حد ذاتها. - عرقلة التطور الاجتماعي وإلغاء ديناميته، وتعطيل آليات تكريس الديموقراطية الشاملة كممارسة وتطبيق. - زرع وتقوية الإحساس بالعجز والقصور والخوف من السلطة والمستقبل، في الأوساط الشعبية و الإيهام بضعفها وزعزعة ثقتها في قدراتها وإرادتها في النغيير، بالترويج لمزاعم من قبيل:"كل معركة جماهيرية تنتهي دائما بالهزيمة." - تصريف الضغط الاجتماعي في اتجاه إفراغه من أية حمولة أو دلالة إيجابية، أو أي دور مفترض في صناعة خارطة طريق التغيير أو التحول المنشود. - إعادة ترميم وتنظيم صفوف نخبة سياسية فاشلة ضحلة ولا قيم لها، تعمل على خنق وتعطيل وتهجين الممارسة السياسية وتشويهها وتحويلها إلى مرتع خصب للمرتزقة والوصوليين والانتهازيين والعملاء وعابري السبيل. - مصادرة حرية الرأي والتعبير والنقد والإبداع الثوري المليء بالابتكار، و تضييق الخناق والتشدد في هذا الباب لتغدو الحرية وجها لمزيد من القيود ولاتساع دائرة هذه القيود. - تركيز الاهتمام على قوة الدولة القهرية ( الأمن.الجيش..) كقوة ضاربة بمقدورها أن تغطي على مواطن الخلل في الدولة والنظام، عملا بالشعار المعروف:"الدولة قوية والمواطن ضعيف".
#سعيدي_المولودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ابتهالات للدستور الجديد
-
زلات رئيس جامعة مولاي إسماعيل بمكناس
-
-قل ولا تقل... دون احتساب الرسوم-
-
الغربة في الشعر الأمازيغي بالأطلس المتوسط
-
في نقد استراتيجية التهييج
-
وزارة التعليم العالي: كفايات تصنيع الامتيازات
-
تعازيم الدخول السياسي
-
مدونة السيف على الطرقات
-
- أهل الكتاب-
-
- غابة عبد الناصر-
-
-أولاد عبد الواحد-
-
خشب الدرويش
-
هل للجمعيات حق الدعوة للإضراب؟
-
وزارة التعليم العالي والتحريض على التمييز
-
ترقية الأساتذة الباحثين ومأزق اللجان العلمية
-
الإصلاح الجامعي الجديد ووضع العصا في العجلة
-
الإصلاح الجامعي الجديد:مقاربات تقوية شهوة الإجازة
-
- إكراميات- الحكومة المغربية والتصنيف الجديد للأساتذة الباحث
...
-
جامعة مولاي إسماعيل .مكناس: انقلاب صغير في رأس الهرم
-
وزارة التعليم العالي ولعبة التماهي
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|