أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليم فارس - العلمانية تطور مستمر وآفاق جديدة















المزيد.....


العلمانية تطور مستمر وآفاق جديدة


سليم فارس

الحوار المتمدن-العدد: 3385 - 2011 / 6 / 3 - 10:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أولاً: تعريف العلمانية.

لقد كثرت التعريفات حول العلمانية، إلا أنه مهما تعددت هذه التعريفات يبقى لها أسسها العلمية وجذورها التاريخية التي نشأت وتطورت مع تطور الانسانية


فمن قائل بأن العلمانية هي "رفض أية سلطة تشريعية أو تنفيذية في الدين تتدخل بحياة الفرد. فالدين في العلمانية (عند هؤلاء) ينتهي عندما يخرج الفرد من دار العبادة، وهم يرفضون الحكم الذي تصدره الجهات الدينية بحق أي مواطن تعتبره مذنباً. ويرون بأن الحكم يجب أن يكون مبنياً على قانون وطني عام تصدره المؤسسات التشريعية، حيث تتولى المؤسسة التنفيذية إقراره عملياً، وتتولى السلطة القضائية إصدار الحكم في أية قضية دون أن يتدخل رئيس الدولة فيه وذلك عملاً بقانون فصل السلطات، التي تفرضه الدولة العصرية.

وهناك آخرون من اعتبروا العلمانية " بأنها استخدام أساليب المنهج العلمي البحثي التجريبي القائم على العقل العلمي في إدارة شؤون الحياة بعيداً عن أية معتقدات دينية لاهوتية بأي شكل من الأشكال، لأن المعتقدات الدينية بطبيعتها تقسّم البشر إلى أديان ومذاهب". إلا أن العلمانية، حسب رأي هؤلاء " لا تنهي عن أتباع دين معيّن أو ملة معيّنة، بل تنادي بفصل الدين عن السياسة والدولة فقط، وبأن تكون الأديان معتنق شخصي بين الإنسان وخالقه". كما"وأنها، من الناحية السياسية تطالب بحرية الاعتقاد وتحرير معتقدات البشر من السلطة الدينية، وذلك بفصل الدولة عن هذه المعتقدات الغيبية"

وهناك آخرون يعتبرون بأن العلمانية تعني الإلحاد، وهم يعتبرون بان الدين هو مصدر السلطات. فما هي الظروف التاريخية التي ظهرت فيها العلمانية؟

ومهما قيل في العلمانية إلاّ أنها تعود بجذورها التاريخية إلى نهاية المجتمع العبودي, أي عندما بدأ تفسخ العلاقات التي أدت إلى الانتقال إلى عهد المجتمع الإقطاعي. في تلك الحقبة ظهر التناقض الأساسي بين الأرقاء باعتبارهم شغيلّة ومالكي الأرقاء باعتبارهم غير شغيلة, وبنتيجة الصراع ظهرت الأقلية الأرستقراطية, الدينية منها, والعلمانية, ثم ظهر الشغيلة الأحرار والفلاحين ومن ثم الحرفيين. وهؤلاء الأخيرين، أي الحرفيين، لعبوا دوراً كبيراً في تطور أدوات الإنتاج, كما ساهموا في ظهور العلوم على اختلافها. فهذه الجذور ساهمت بإنضاج الظروف التاريخية لظهور العلمانية. لكن مصطلح العلمانية (سيكولار، secular)، لم يستخدم ولأول مرة في التاريخ، إلا في معاهدة "وسيتفاليا"، وهو صلح عقد في أوروبا عام 1648 م، أي أواسط القرن السابع عشر، والذي أخرج الأوروبيين من أتون الحروب الدينية التي اندلعت في أوروبا بأكملها، وكانت هذه المعاهدة بداية انهيار النظام الإقطاعي وظهور معالم الدولة القومية الحديثة كضاهره رأسمالية، وهي ما كان يطلق عليها فيما بعد الدولة القومية العلمانية، حيث أشير في معاهدة الصلح المذكورة إلى "علمنة ممتلكات الكنيسة" بمعنى نقل هذه الممتلكات إلى سلطات زمنية غير دينية، وهي سلطة الدولة المدنية.مما يدل على أن الدولة ومؤسساتها، تمارس سلطاتها خارج إطار الدين، حيث أصبح الدين ومؤسساته يخضعون للدولة.



· تشكل الدولة القومية وظهور العلمانية
إن الدولة القومية بمعناها الحديث هي ظاهرة رأسمالية، ولكن كيف تشكلت هذه الظاهرة وما هي الشروط التاريخية لتشكلها ؟ أسئلة كثيرة تطرح لمعرفة حركة التطور التي أنتجت هذه الظاهرة. كانت الاكتشافات الجغرافية العظمى في نهاية القرن الخامس عشر، قد شكلت قفزة نوعية كبيرة في إيجاد السوق العالمية الجديدة.

ومع قيام الثورة الصناعية في أواسط القرن الثامن عشر، أصبحت الطريقة القديمة في عملية تراكم رأس المال لا تفي بالمتطلبات التجارية لهذه السوق التي فرضها فائض الإنتاج الصناعي. كما أن رأس المال الربوي ورأس المال التجاري اللذان كانا داخل اكثر التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية تبايناً، حيث يتعايش النظام الاقطاعي مع بقايا النظام العبودي، واصبح الأخير خاضعاً للأول، هذه التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الاقطاعية، التي كانت تهيمن في الريف، اضافة الى نظام الطوائف الحرفية في المدن، كانا يمنعا رأس المال النقدي الذي نشأ عن طريق الربا والتجارة من التحول الى رأسمال صناعي. فبدأت عملية الصراع بين علاقات الانتاج التي كانت سائدة، مع القوى المنتجة الجديدة والناشئة، اظهرت المانيفاكتورة الجديدة، كما ادى الى قيام نظام جديد هو النظام الرأسمالي، فظهرت الدولة القومية واخذت تنادي بالعلمانية. هذه الدولة الحديثة التي اخذت العلمانية طريقة للحكم دخلت في حالة من الصراع مع السلطات القديمة الدينية والاقطاعية، حيث دار الصراع بين الطبقة البرجوازية الحديثة التي نادت بالعلمانية، وبين الطبقة الاقطاعية القديمة المكونة من المؤسسات الدينية والاقطاعية. فبدأت هذه الطبقة الجديدة التي انتصرت، تمارس الحياة المدنية والمواطنة، معتمدة ايديولوجيتها لحماية مصالحها، لانها كانت تتعارض مع المؤسسات الدينية، وبذلك رفضت الدين كإيديولوجية، وهي ترفض الدين كمرجع سياسي أو كمرجع رئيسي للحياة السياسية يستند الى ايديولوجية السلطة الاقطاعية. ولقد اعتبرها البعض مذهباً يتجه الى أن "الامور الحياتية للبشر، ولاسيما السياسية منها، يجب أن ترتكز على ما هو مادي ملموس، مبتعدة عن ما هو غيبي، معتبرة بأن الحياة يجب أن تتحرر بالضرورة من النفوذ الديني، دون التمييز بين دين وآخر". فالعلمانية ترفض الحقائق المطلقة أو القوانين الألهية التي تعتبرها المرجعيات الدينية مطلقة ولا يجوز التشكيك في صحتها أو مخالفتها مهما كان الامر....



ثانياً: العلمانية وعلاقتها بالليبرالية والديمقراطية.

لقد تشكلت هذه العلاقة نتيجة ظهور العلمانية مع الدولة القومية كظاهرة رأسمالية، حيث قطعت مع السلطة القديمة المتمثلة بالنظام الاقطاعي فقامت الدولة، بصيغتها الجديدة، بتوحيد المقاطعات التي كانت خاضعة لسيطرة ملاكي الاراضي من رجال الكنيسة والاقطاعيين، وذلك بعد أن دخلت في حالة من الصراع استمر فترة تاريخية طويلة، أي منذ القرن الخامس عشر وصولاً الى القرن الثامن عشر.

في هذه الحقبة التاريخية ظهر الصراع بين السلطات الاقطاعية والدينية من جهة، و قيام الطبقة البرجوازية الجديدة من جهة أخرى، وجاء انعكاساً لبداية التناقض بين القوى المنتجة وعلاقات الانتاج الاقطاعية التي كانت سائدة، والتي استمرت حتى تفجّر الثورة الصناعية، حيث بدأت عملية تفسخ النظام الاقطاعي، فظهرت البدايات الاولى لحدوث التغيير في البنية الاقطاعية، أدت الى انبثاق المانيفاكتورات الجديدة في مرافئ التصدير، كذلك في بعض نقاطٍ على البر الداخلي بعيداً عن سيطرة المدن القديمة وأنظمة طوائفها الحرفية. من هنا، نشأ الصراع الضاري، خاصة في انكلترا، ضد هذه المنابت الجديدة للصناعة.

ولكن العنصر الهام الذي لعب دوراً أساسياً في حسم الصراع لصالح النمط الرأسمالي، الذي اعتمد العلمانية كاسلوب وكنهج في الممارسة السياسية، كان عنصر الاكتشافات الجغرافية، حيث وسّعت هذه الاكتشافاتٍ السوق من جهة، وأدت الى اكتشاف مناجم الذهب والفضة في القارة الاميركية من جهة ثانية، حيث ظهرت الرأسمالية "الميركانتيلية"، التجارية بشكلها الجديد. فقامت بعملية "فصل الدين عن الحياة بما فيها الحياة الشخصية"، كما اتخذت "بعض المبادئ الليبرالية". (الموسوعة البريطانية).

لكن "الليبرالية" بدون الديمقراطية، كعملية تنظيم مصالح الطبقة الجديد، تحوّل الحياة الى فوضى. لذا اتخذت الطبقة البرجوازية صيغة للحكم، وهي "الليبرالية الديمقراطية" حيث كانت تعتمد على ارادة أغلبية الشعب، سواء كانت دينية أم غير دينية.

إلا أن الرأسمالية بصيغتها "الليبرالية الديمقراطية" مالبثت أن قيدت حريات البشر بشكل أكثر فجاجة من السلطات التي سبقتها في السيطرة، اذ لا يمكن للحرية من أن تتحقق، وأن يمارس الانسان حريته، مالم تقترن بتأمين مستلزمات الحياة المعيشية والاجتماعية. لكن الطبقة البرجوازية قامت باستخدام الانماط السابقة على الرأسمالية، فعززت تجارة العبيد، وذلك عن طريق اقتلاع السكان الاصليين من مواطنهم واستعبادهم ودفنهم أحياء في المناجم، كما قام التجار في غزو ونهب الهند الشرقية، كذلك تمّ تحويل افريقيا الى ساحة محمية لصيد ذوي البشرة السوداء. وبهذه الصورة تميّز عهد الإنتاج الرأسمالي، وبدأت عملية الصراع من جديد، حيث عكس هذا الصراع الحالة الدياليكتيلية التي تحتمها حركة تاريخ الشعوب وتطورها. الا أن الرأسمالية شوّهت العلمانية وحولتها لخدمة مصالحها.



· الصراع ضد العلمانية والعلم.

لم تظهر الطبقة البرجوازية الجديدة، إلا بعد صراع عنيف استمر على امتداد عدة قرون. هذا الصراع بدأ بين القوى المنتجة وعلاقات الانتاج في النظام الاقطاعي. ولقد كانت القوى المحركة لهذا الصراع، بجزء منها، قوى بشرية متمثلة بالفلاحين والحرفيين الذين ساهموا الى حد كبير، في دفع عملية التطور الصناعي، إضافة الى الرأسمالية التجارية، ضد الاقطاع والكنيسة، حيث كان هؤلاء الاخيرين يدافعون عن مصالحهم وسلطتهم في التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الاقطاعية، فدخلت هذه الطبقة في صراع مع هذه القوى لمنع تشكل أية طبقة جديدة. فحاربت كل خطوة في تطور المجتمع، وتولت الكنيسة مهمة اساسية في هذا الصراع. فحاربت العلماء الذين ساهموا في النهضة الاوروبية، كما انشأت السلطة الكنسية، مدعومة من الاقطاع، محاكم التفتيش، فمارسوا من خلالها دوراً سياسياً، وتحوّلوا الى محترفين في السياسة، مستبدين طغاة تحت ستار الاكليروس والرهبانية والعشاء الرباني وبيع صكوك الغفران. فوقفت السلطة الكنسية الاقطاعية ضد العلم وهيمنت على الفكر، وقامت هذه المحاكم باتهام العلماء بالهرطقة. ومن ابرز العلماء الذين اتهمتهم الكنيسة ولاحقتهم، كان "كوبرنيقوس" الذي قال بمركزية الشمس، حيث نشر عام 1543 م كتابه بعنوان "حركات الاجرام السماوية" وقد حرّمت الكنيسة هذا الكتاب.

ومن ابرز من ذهب ضحية هذه السلطة، هو الراهب في الاخوية الدومينيكانية "جوردانوبراونو"، الذي وضع نظريته حول "اللانهائية" في الكون، كما صنع "التلسكوب، "حيث اتهمته الكنيسة بالهرطقة والكفر، وسجنته لمدة ثماني سنوات، ثم مالبثت أن حكمت عليه بالموت حرقاً، ونفّذ الحكم على عمود التعذيب وكان عمره سبعون سنة، وذلك عام 1600م.

ومن العلماء الكبار الذين لاحقتهم الكنيسة كان العالم الايطالي "غاليليوغاليلية" (1564-1642 م) الذي كان له اكتشافات علمية في الفلك والفيزياء والميكانيك.فرمته الكنيسة بالحرم وبقي هذا الحكم قائماً حتى أواسط تسعينيات القرن العشرين، حيث اصدرت عفواً عنه واعتبرته غير مذنب وغيرآثم.

وهناك العديد من العلماء والفلاسفة الذين لوحقوا من قبل محاكم التفتيش. لكن هذه الملاحقات كانت تعكس حالة من الصراع الطبقي، استمرت حتى اشتعال الثورات التي قامت في اوروبا، وكان ابرزها الثورة الفرنسية التي فجّرتها الطبقة البرجوازية الفرنسية، حيث انطلقت تحت شعارات الحرية والإخاء والمساواة، فبنت سلطتها بعيداً عن المفاهيم السابقة التي اعتمدت تقسيم المجتمع على اسس دينية. فكانت العلمانية اسلوباً في بناء دولة تخدم مصالح هذه الطبقة التي انشأت نمطاً جديداً للانتاج هو نمط الانتاج الرأسمالي.

فالعلمانية بهذا المعنى الذي ذكرناه سابقاً، ليست هيكلاً جامداً، بل هي عملية متحركة تتغير حسب ما تفرضها مصالح القوى المحركة. فهي، اذن ، جملة تغيرات وتطورات تاريخية، تقيم في سياق تطورها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، جملة من القوانين العلمية التي تعكس واقع الوضع الاجتماعي الناشئ عن هذه الحركة.



ثالثاً: انتقال العلمانية الى الشرق.

انتقلت العلمانية الى الشرق بمعناها الحديث في القرن التاسع عشر، حيث برزت بشكل أساسي في مصر وتركيا وايران ولبنان وسوريا ثمّ تونس، ومن بعدها العراق في نهاية القرن التاسع عشر. أما بقية البلدان العربية فقد انتقلت اليها في القرن العشرين.

لكن هذه المجتمعات لم تتطور بشكل طبيعي، كما حدث في اوروبا. وسبب ذلك، هوأن هذه البلدان كانت هدفاً للدول الرأسمالية كسوق استهلاكية لتصريف الانتاج، من جهة، وكمصْدٍ للمواد الاولية تقُدَّم للبلدان الصناعية، من جهة ثانية. فشوّهت الرأسمالية الصناعية، عملية الانتقال من النمط الاقطاعي الى النمط الرأسمالي، حيث اختلط مفهوم القومية، في معظم هذه البلدان، مع مفهوم الدين، وبذلك ازداد التشويه لمفهوم العلمنة والعلمانية، التي تحولت الى هدف للنظام الرأسمالي العالمي، ثم وضعتها، هذه الرأسمالية، وجهاً لوجه امام الدين، وحولت الإيمان الديني من معتقد الى ايديولوجية سياسية، كما حولت الصراع الطبقي الى صراع بين أبناء الطبقة الواحدة، وقسَّمت المجتمع انقساماً عمودياً لطمس حقيقة هذا الصراع. كما اضفت الرأسمالية التابعة على العلمانية سمة الالحاد امعاناً منها بمحاربة أي نظام جديد من شأنه أن يؤدي الى انتزاع سلطتها ويهدد مصالحها.

وبهذا، تخسر العلمانية مفهومها العلمي اذا ما تحولت الى اداة سلطوية لقمع الحريات ونهب خيرات المجتمع، وسلب الحريات على اختلافها، من دينية، ومن حق ممارسة طقوس العبادة، وحرية التعبير، ولا سيَما اذا ما قامت السلطات بمصادرة حقوق الشعب في العمل والعيش الكريم، وحل مشكلات التعليم والاستشفاء والسكن وغيرها...



رابعاً: العلمانية والكيانات الطائفية في لبنان

لقد تشكلت الدولة في لبنان بقوة خارجية امبريالية. لكنها لم تكن تلك الدولة التي تتناسب مع زمن وجودها، بل الدولة الطائفية، حيث اتخذت البرجوازية المسيطرة من هذا النظام الطائفي الراسمالي التبعي . ومن ثم حصّنتت نفسها بايديولوجية اطلقت عليها مفاهيم وشعارات جعلت منها مقدسات لا تمس، مثل "الفرادة" و"التوافقية" و" أقليات طائفية متشاركة" وغيرها.

وللحفاظ على هذا النظام، بدأت الطبقة البرجوازية تعمل جاهدة من اجل إعادة وتجديد النظام السياسي القائم، وهي تقف بشراسة ضد بناء دولة ديمقراطية علمانية، لان وجود مثل هذه الدولة، من شأنه أن يلغي وجود المؤسسات السياسية لهذه "الكيانات" الطائفية، مما يضعف سلطة الدولة ويؤدي الى انهيار النظام السياسي بصيغته الطائفية واقامة نظام ديمقراطي علماني.

لهذا السبب لجأت البرجوازية الى بدعة "الديمقراطية التوافقية" والى طرح شعارات لتحويل الانظار عن الديمقراطية الحقيقية، ولحرف الصراع عن طريقه الصحيح. وهي بذلك تقوم بطرح مفاهيم متعدد ومنها مفهوم "الكيانات الطائفية"، جاعلة ، حسب رؤيتها لكل كيان "بنيته المادية" حتى يتسنى لها أن تنفي الطائفية كونها "مسألة دينية" وجدت في مجتمع ديمقراطي صحيح. بحيث تستطيع بفكرها الغيبي أن تؤبد هذا النظام وأن تحمي سلطتها ومصالحها.

لقد لجأت هذه البرجوازية الى العمل الجاد من اجل تغييب الصراع الطبقي وتغليفه بالشكل الطائفي.

لقد خاضت هذه الطبقة صراعاً حاداً وشرساً، ضد أية صيغة جديدة وعصرية مستندة الى فكر سياسي يعتمد الطائفية ايديولوجية له.

لهذا تصبح العلمانية خطراً يهدّد هذه "الكيانات الطائفية" لان هذا الخطر هو نفسه خطر على النظام السياسي برمته.

من هذه المنطلقات، تخوض الطبقة المهيمنة معركتها المعقنَعة بالصراع الطائفي، وهي بهذا تدافع ظاهرياً عن "كيانات طائفية"، لكن محتوى الصراع الذي تخوضه هو من اجل الدفاع عن الاسس المادية لهذا النظام الرأسمالي التبعي، مدعومة من الامبريالية العالمية.

فعمليَة التغيير هذه، تتطلّب عملية ثورية تمس جوهر النظام التبعي، تتحدّد هذه العملية في اطار حركة تحرر وطني من نوع جديد، وذلك وفق مهمات تغييرية. فما هي هذه المهمات؟ وما هي الآليات التي تحقق هذه المهمات.



· المهام المطروحة للتغيير
للوصول الى علمانية حقيقية في لبنان، لابد من وضع برنامج وطني يتضمن جملة من المهام وابرزها:

- استكمال تحرير كامل التراب الوطني دون قيد أو شرط.

- تحقيق اصلاح سياسي جذري للنظام اللبناني القائم، يبدأ من الغاء الطائفية السياسية بشكل كامل. وذلك بوضع دستور عصري جديد يطبّق فيه قانون فصل السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، حيث يضع الدستور الجديد في سُلّم أولوياته الانتماء الوطني.

- يؤكد على المساواة التامة بين المواطنين، وعلى تكافؤ الفرص امام الجميع، وتعزيز الحريات الديمقراطية الواسعة، كحرية المعتقد، والإيمان ، والصحافة وحرية العمل والتنظيم الحزبي والثقافي والجماهيري....ويحوَل المؤسسات الديقراطية المهمشة الى مؤسسات ديمقراطية فعلية، والغاء القوانين التى تعيق ذلك.

- إصلاح التمثيل الشعبي، وذلك بوضع قانون انتخابي جديد على قاعدة لبنان دائرة انتخابية واحدة، والقائمة الوطنية الموحدة، واعتماد التمثيل النسبي.

- توسيع القطاعات الانتاجية من صناعية وزراعية وسياحية، وتعزيز القطاع العام.

- انشاء وزارة للتخطيط تتولى وضع خطط ودراسات الى كافة الوزارات لتفعيل العمل فيها وتعزيز الوضع الاقتصادي وخلق فرص عمل للشباب، والبدء بعملية التنقيب عن النفط والعمل على تعزيز الثروة الوطنية.

- اصلاح الوضع التربوي على أساس هذا التخطيط ووضع مناهج تعليمية لرفد هذا المخطط بالكوادر العلمية في مختلف المجالات، وإقامة المصانع التي تستوعب هذه الكوادر.

- تعزيز القطاع الزراعي، وتقديم مساعدات للمزارعين بهدف زيادة الانتاج وإعادة النظر بالاتفاقيات الزراعية، التي وقّعتها الحكومات على حساب المزارع اللبناني، بحيث كانت من الأسباب التي اضعفت الزراعة في لبنان.

- إن نظاماً علمانياً متحركاً يقوم على هذه الاسس، من شأنه أن يفتح آفاق التطور أمان كافة ابناء الوطن سواء في المدينة ام في الريف، كما يساهم في وضع تشريعات خاصة بالريف تطال مختلف الشرائح الاجتماعية، ويفتح المجال أمام الشباب للمساهمة في بناء وطن عصري، يؤمن العيش الكريم والسلام الدائم لكافة المواطنين.



#سليم_فارس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليم فارس - العلمانية تطور مستمر وآفاق جديدة