أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثائر كريم - حتى لا يخرب الدفاع الاعمى عن سياسات بوش روح اللبرالية: ردا على مقالة د. شاكر النابلسي















المزيد.....

حتى لا يخرب الدفاع الاعمى عن سياسات بوش روح اللبرالية: ردا على مقالة د. شاكر النابلسي


ثائر كريم

الحوار المتمدن-العدد: 1009 - 2004 / 11 / 6 - 09:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يلوث روح اللبرالية ويخربها كل من يدعي تبنيها ويدافع بنفس الوقت عن سياسات جورج بوش الابن ورؤيته للمنطقة والعالم. اجد هذا التلويث بارزا في مقالة د. شاكر النابلسي الاخيرة في "الحوار المتمدن" العدد 108.

فكيف تتواءم اللبرالية (العلمانية في صلبها) مع منطق سياسي يستند في جوهره وتطبيقاته ( كما يعلن جورج بوش الابن ويبين بلا مورابة) على تصورات اصولية دينية بحتة؟ تصورات مسيحية مطعمة بافكار يهودية سلفية. هنا تكمن واحدة من المثالب الكبرى لهذه الادارة الامريكية: تطرح رؤيتها للعالم والمنطقة وسياساتها لمواجهة الاصولية الاسلامية والارهاب والعنف انطلاقا من اصولية دينية اخرى. اصولية تتبنى العنف وسيلة حاسمة للتغيير.

بعد 11 ايلول (سبتمبر) بدأ بوش مسيرته "الاخلاقية" بالافصاح عن شعار استعلائي ومعادي لروح الديمقراطية مفاده "من ليس معنا فهو ضدنا". وراحت هذه الادراة الامريكية تطالب الجميع بالمساعدة غير المشروطة في حربها ضد الارهاب. وعلى الكل ان يصطف مع الادارة ومنهجها لكيفية محاربة الارهاب. وهو منهج عادة ما يبدأ بالوعيد والتهديد وينتهي بالحرب. هي رؤية لا ترى، غالبا، إلا الحرب اسلوبا للقضاء على الارهاب. الحرب والعنف هما الوسيلة. وخصوصا ضد العرب والمسلمين. جريا على زعم همجي مغلوط بجوهره ان العرب والمسلمين لا يعرفون إلا لغة العنف.

أي مجموعة بشرية تقبل في صلب اخلاقها ان يتعامل الاخرين معها بهكذا منطق؟ وهل يمكن للعنف حقا ان ينهي ارهابا تمتد جذوره عميقا في اللاعدل والفقر والتهميش والحاجة؟

وهل تتواءم اللبرالية مع المراقبة الدقيقة التي تقوم بها المؤسسات الامنية الامريكية لانواع الكتب "غير المستحسنة" التي يقرأها الناس؟ ومايستعيرون من كتب من المكتبات؟ وهل تتواءم مع اقامة معسكرات اعتقال ضخمة لا يعرف من ينقل اليها كيف ومتى وباي طريقة سيحاكم؟

في الوقت الذي تهدق فيه الادارة الامريكية مئات الملايين بل مئات المليارات من الدولارات على هذه الحروب يبقى الانسان فقيرا. الانسان العربي والمسلم وحتى الامريكي نفسه. ففي زمن بوش زاد الاغنياء من غناهم وانحدر الفقراء في هاوية اعمق من الفقر والحاجة. ويعيش ملايين الامريكيين بعيدا عن متطلبات الحياة الكريمة. وصارت الولايات المتحدة الان ابعد عن ان تكون مثلا عاليا يتطلع اليه الناس الحالمون ببناء مجتمعات انسانية والعاملون على تحقيق ذلك. لعل البلدان الاسكندنافية كالنرويج هي اقرب ما يكون من هذا المثال مرات كثيرة مما تفعل الولايات المتحدة.

لم يألوا خيرة الكتاب والمقثفون والفنانون الامريكان جهدا في تبيان ان زمن النقد البناء والحوار الاجتماعي والسياسي المفصل حتى الملل، المعروف في الولايات المتحدة بات الان مهددا بكل معنى الكلمة. فالنقد ضد الادارة وسياساتها سرعان ما يفسره المنافحون عنها الى اصطفاف مع الارهاب.

هذا النفاح هو الارهاب الفكري بذاته. وهو يذّكر بالدفاع الاعمى عن الاتحاد السوفياتي "الاصطفاف مع السوفيات هو معيار الوطنية" و "من لايقف في معسكر الاتحاد السوفياتي فهو امبريالي وليس وطنيا". ألا يذكر هذا الارهاب، ايضا، بالسيف الاسرائيلي القبيح "من ينتقد دولة اسرائيل وسياساتها العنصرية ومن يعارض احتلالاتها الاستيطانية فهو معادي للسامية والدين اليهودي".

تتناقض سياسات بوش في جوهرها مع حق ابداء الرأي وتوسيع الحوار. الحق الذي لا تقوم للديمقراطية قيامة بدونه.

اريد من كل قلبي ان ارى ان امريكا تريد الديمقراطية للعراق ولكل المنطقة. لكنني اعرف بكل جوارحي ان هذه الديمقراطية لايخلقها إلا ابناء البلد بانفسهم. وليكن بمساعدة الاخرين ومن بينهم الامريكان. واهلا وسهلا بالجميع للمساعدة في هذا المضمار. ولكن وفقا لقواعد واصول. وكيلا بمكيال واحد. وانطلاقا من مبادىء واضحة صريحة تشمل الجميع.

اتمنى ان تساهم الادارة الامريكية ببناء الديمقراطية في العراق. لكنني ارى، في الواقع، شيئا آخر. ارى ان الامريكان لا يزالون يتخبطون. خلصّوا البلاد من ابشع استبداد عرفته في جل تاريخها لكنهم ادخلوها في فوضى طاحنة. عرفوا كيف يزيلون طاغية. لكنهم في عجلتهم لم يفكروا بعواقب فترة ما بعد الاستبداد. ولم يكل ممثلوها في القول انهم اعرف من الاخرين بطريقة ترتيب البيت وكيفية العيش.

تريد هذه الادارة الامريكية الديمقراطية للعراق لكنها زادت من معادة الايرانيين والسوريين والكثير من الخليجيين لنا. في وقت نحن بامس الحاجة فيه للاستقرار السياسي. تريد الادارة الامريكية الديمقراطية للعراق مدخلا لتغيير خارطة المنطقة لمصلحة المساواة السياسية والعدل. ولكنها ذاتها لا تعدل في القضية الفلسطينية. لننتقد بكل قسوة كل القادة الفلسطينيين. ولنزيد من نقدنا مرة واخرى. اليوم وغدا. ولنطالب بالاصلاح والتغيير. لكن القضية الفلسطينية تبقى قضية عادلة. قضية شعب يعاني الملايين منه من قسوة ما بعدها قسوة. ومن معاناة انسانية تدمي القلب، صور معاناة ليست على البال والخاطر. فكيف تريد هذه الادراة بناء مجتمع عادل في العراق وهي لا تعدل في قضية عادلة؟

لا نريد طابورا خامسا في بلادنا حتى وان سمى نفسه لبراليا. نريد، على العكس تماما، لبراليين يوجهون بشجاعة نور الحرية في زوايا منطقتنا المظلمة. لبراليون يحبون امريكا حين تكون سياساتها عادلة وغاياتها خيرة. امريكا المحبة للعلم والبحث والتقدم. امريكا المساهمة في تعزيز الامم المتحدة والانخراط بها سلميا وسواسية مع الاخرين. امريكا الساعية بكل جد مع المخلصين في الامم المتحدة الى اعتبار حقوق الانسان هدفا سياسا ثابتا يجب على كل الدول احترامه. امريكا العاملة، سلميا، على الوصول الى عالم خال من اسلحة الدمار الشامل. ثمة الملايين من يمثل هذه الامريكا الجميلة.
لا اعتقد ان بوش واغلب طاقمه ورؤياه وسياساته هم من يمثلون هذا الوجه الانساني لامريكا.

لا تفعل تبريكات الدكتور شاكر النابلسي في اعادة انتخاب بوش ودفاعه الشديد عن سياسات بوش المعادية للديمقراطية إلا في تشويه روح اللبرالية العلمانية. هو دفاع لا ارى أي معنى له، ابدا. دفاع يأتي في وقت نحن بامس الحاجة فيه الى توسيع الهجوم اللبرالي على اعداء الحرية وحقوق الانسان.

فيما يتعلق بي شخصيا، كنت واحدا من من اوائل الكتاب الذي يدعون لمعرفة عوامل تخلفنا الداخلية قبل ان نلقي اللوم على الاخرين ومن بينهم الامريكان. وكنت (ولاازال) واحدا من اشد المدافعين عن اقامة علاقة سليمة وراقية مع الولايات المتحدة. ولكنني، ايضا، اريد هذه العلاقة مبنية على احترام متبادل واستقلال انساني. علاقة تعترف بي انسانا مستقلا كامل الحق في طرح افكاري على قدم المساوة مع الاخرين. كامل الحق في اصدار القرارات المتعلقة بحياتي الخاصة. كامل الحق في معرفة مستقبلي، ما يهمني وما يضرني. وليست علاقة مبنية على الاستعلاء والاكراه، على قاعدة اني- اعرف- بمصلحة- نفسك- من نفسك.

ايها الدكتور شاكر النابلسي. نريدك معنا لبراليا علمانيا يكافح بروح العدل والمساواة ضد اعداء الحرية وحقوق الانسان اينما كانوا. وليس بوقا لاحد.
فهل انت معنا في هذا الكفاح؟



#ثائر_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تكوين الدولة والهوية الوطنية العراقية ومسؤولية الفعاليات الس ...
- نحو اعادة تقييم انقلاب 14 تموز 1958 في افق الديمقراطية والاص ...
- القوى السياسية في العراق ومستقبل الهوية الوطنية العراقية 2-2
- القوى السياسية في العراق ومستقبل الهوية الوطنية العراقية 1-2
- نحو اعادة تقييم المجالس التمثيلية في العهد الملكي
- هل سيتحقق مشروع الدولة الوطنية في العراق يوما ما؟
- كيف يتعامل الماركسيون العرب مع انهيار النموذج الاشتراكي الاو ...
- كيف يتعامل الماركسيون العرب مع انهيار النموذج الاشتراكي الاو ...
- كيف يتعامل الماركسيون العرب مع انهيار النموذج الاشتراكي الاو ...
- ما تأثير الراسمالية والطبقة الوسطى في انجاح الانتقال للديمقر ...
- اجتثاث البعث بين التسرع المرتجل والنقد الغاشم
- لا معنى لمحاكمات نظام صدام حسين بدون ترسيخ الولاء لدولة القا ...
- من يقود الارهاب في العراق: بعثيو صدام حسين ام الاصولية الاسل ...
- هل هناك افق للتغيير الديمقراطي في العراق؟


المزيد.....




- في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً ...
- مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن ...
- مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة ...
- ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا ...
- كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة.. ...
- لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
- صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا ...
- العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط ...
- الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثائر كريم - حتى لا يخرب الدفاع الاعمى عن سياسات بوش روح اللبرالية: ردا على مقالة د. شاكر النابلسي