|
المرأة السعودية والسيارة..جدلية السلاح الابيض والضرب بالعقال..
جمال الهنداوي
الحوار المتمدن-العدد: 3382 - 2011 / 5 / 31 - 00:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ليس جديدا ان تثار كل تلك الضجة والجدال حول مقال ما للكاتب السعودي "أحمد بن عبد العزيز بن باز"..وليس من المستغرب ان تنقسم حوله الآراء مابين مؤيد مهلل حد الاحتفاء وآخر معارض مناهض حد الحنق..فان المقال الذي نشرته جريدة الوطن السعودية بعنوان " قيادة المرأة للسيارة قضية حقوق لا قضية أولوية " لا يعد المداخلة الاولى للكاتب في داحس وغبراء ارض الحرمين التي تدور رحاها على عناوين الصحف وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي حول احقية المرأة السعودية في ضغط دواسة البنزين بنفسها ودون الحاجة الى محرم او سائق يشترط فيه الفطام.. ولم تكن جرأة ووضوح المقال الذي دعا فيه الكاتب الى السماح للمرأة بقيادة السيارة باعتباره قضية حقوقية لا تمنح ولا يمكن التصويت عليها هي السبب في اثارة كل هذا النقاش وانما الى خلفية الكاتب وانتمائه العائلي الذي ربما قد يكون ضروريا جدا للتحرش بفتوى صريحة صادرة من شخصية مفصلية مؤثرة في المنظومة الفقهية السعودية كالشيخ ابن باز.. حيث ان تلك الخلفية نفسها..قد يسرت للكاتب قبل فترة ان يتكلم عن فتوى تحريم قيادة المرأة للسيارة على اعتبار انها كانت صادرة"لاعتبارات لا أظنها موجودة الآن أو يمكن مناقشتها وإعادة النظر فيها"..وبتبريرات توحي بان فتوى والده قد تكون صدرت لدواع سياسية اكثر منها فقهية..وهو الامر الذي يحتاج الى اكثر من الشجاعة العلمية البحثية لما يمكن ان يثيره من تساؤلات حول مدى صدقية الطرح المعلن لاستقلالية المؤسسة الدينية وعدم خضوعها لاوامر ومتطلبات الحكم.. وصدور هذه الآراء عن طريق الصحافة الرسمية السعودية..وتواتر الاشارات عن اعتماد هذا الحراك النسائي في جزء كبير منه الى بعض التصريحات الرسمية التي تعد ذلك شأنا اجتماعيا بحتا وعدم وجود قانون قانون ينظم الموضوع من حيث الاباحة او المنع..قد يشير الى بعض الرضا الرسمي المستتر عن تصاعد المطالبات بحق المرأة في قيادة السيارة لما قد يشكله من تخفيف لحدة الضغوطات الدولية المنددة بتغييب المرأة والتي وصلت الى حد الاشارة اليها-وان كانت بمواربة- في خطاب الرئيس اوباما الاخير حول الشرق الاوسط.. ولكن اضطرار الحكم السعودي مرة اخرى الى التخابئ خلف اسم ابن باز لتبرير اي خطوة قد ينتج عنها اطلاق لبعض الحريات الاساسية للافراد قد يشي ايضا بان الطريق ما زال طويلا امام المرأة السعودية لكي تقوم بركن سيارتها الخاصة امام موقع عملها او دراستها..وان العلاقة التبعية الاسترضائية للحكم في السعودية تجاه "كبار" العلماء ما زالت لها الاولوية المطلقة وخصوصا في هذه المرحلة العاصفة التي يتماوت الحكم السعودي فيها على ابقاء الدعم الديني السلفي فيها ضمن مستوياته الآمنة حتى لو ادى ذلك الى استمرار سياسة تقديم الطرائد المستضعفة ارضاءً الى النزعة الافتراسية الشرسة التي تحكم ممارسات المؤسسة الدينية التقليدية ..تلك الطرائد التي لا تتعدى مكانة المرأة في المجتمع او حقوق الاقليات او الحريات الاساسية للشعب مقابل استمرار الفقهاء بالدعاء بطول العمر للسلطان وتلقين المجتمع احاديث حرمة الخروج على الحاكم.. فيبدو انه على الرغم من استهلاك المؤسسة الدينية لرصيدها الشعبي من خلال الاسراف في العدائية غير المبررة تجاه الحريات السياسية للافراد.. وتحولها الى عبءٍ فاقدٍ للجاذبية وصعب التسويق الاعلامي من قبل الكثير من الانظمة التي اصبحت تعمل جاهدة لاعادتها الى المساجد والتكايا والزوايا المنسية..الا ان قوة وشراسة الهجوم المضاد للمؤسسة الدينية في السعودية تجاه المطالبات الشرعية للمرأة السعودية بحقها الذي تختص المملكة من دون كل بقاع الدنيا في سلبها اياه..قد تدل على انه ما زال يحتل موقعا مؤثرا في الخارطة السياسية في المملكة ان لم يكن حجر الرحى في منع اي مبادرة قد تقترب من تفهم الحاجات الاساسية للشعب.. فعلى الرغم من كون هذه التقاطعات من الأمور العادية والطبيعية، ويمكن أن تقع في أي بلد، بما في ذلك الدول الاكثر تمسكا بالموروث الديني والثقافي. لكن ما هو غير الطبيعي، ولا يمكن أن يمر على ذهن أي متابع هو ذلك التناقض الاقرب الى العناد ما بين المرأة التي تهدد باستخدام السلاح الابيض في مواجهة من يمنعها من ممارسة ما تراه حقا مشروعا لها وما بين رد الفعل المبالغ به من قبل المعارضين الى درجة التهديد ب"سلاح" الضرب بالعقال او اصدار البيانات المنددة حد الدعاء عليهن بالموت قبل ان تدور عجلات سياراتهن على طرقات المملكة المحروسة برجال الهيئة الابطال.. وهذه المعطيات ..وغيرها..هي ما تجعلنا نستطيع ان نستنتج.. وبثقة تامة..ان الضوء المنتظر في نهاية نفق المطالبات الشعبية قد يكون اكثر عتمة مما يخطط له البعض او مما ينتظره البعض الآخر..وان العملية قد تحتاج الى اكثر من الزعيق في مواقع التواصل الاجتماعي..او محاولة استدرار المراحم والمكرمات والقرارات الفوقية من الحكم..او الانتظار اليائس لتغيير قناعات المؤسسة الدينية التي تتبنى –وبامتياز- نظرية تمام العورة بالنسبة للمرأة.. فالطريق طويل جدا امام تمتع المرأة السعودية بحقوقها المتساوية في المجتمع ..ذلك المجتمع المعاق الذي ينظر الى المستقبل بعين واحدة..ويتكئ على قدم واحدة..ويدعي القدرة على التصفيق بيد واحدة..لذا يمكننا ان ندعي ان الزمن قد يطول قبل ان تداعب انامل المرأة السعودية للمقود..حتى ولو كان رئيس الولايات المتحدة الامريكية شخصيا هو من يفتح لها باب السيارة..
#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا تهنوا ولا تحزنوا..فشرعية الثورة هي الاعلى..
-
صبر..وقات ممضوغ..وحرب اهلية..
-
الدين لله..والقانون فوق الجميع..
-
قمة الدول العربية الديمقراطية..في بغداد..
-
خطاب الرئيس اوباما..نهاية الرهان الرسمي على الغرب ..
-
المبادرة الخليجية..فشل جديد..
-
هواء كلينتون الضائع..في شبك الاسد..
-
دماء كراتشي..تسفك في اسلام آباد..
-
توافق عربي..ام تخوف من الانتخاب؟؟
-
العراق والكويت..مرة اخرى!!
-
سياسات مفتوحة النهايات..
-
الفتنة لم تعد نائمة..فلنفقأ عينيها..
-
سقوط ثقافة الحزام الناسف..في عصر الشعوب الحية..
-
يا ايها الطائفيون..لا نعبد ما تعبدون..
-
ثقافة التلقين..والخطاب الفكري المدجن..
-
نعم..ليس دفن البحر من الدين في شئ..
-
القضاء على بن لادن..خطوة في منتصف الطريق..
-
المبادرة الخليجية..حل الازمة أم أزمة الحل..
-
تضامن الشعوب الحرة ضد عولمة القمع..
-
فقه الثورة..وفقه الثريد..
المزيد.....
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
-
الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض
...
-
الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض
...
-
من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال
...
-
الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت
...
-
تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|