جهاد عقل
(Jhad Akel)
الحوار المتمدن-العدد: 1008 - 2004 / 11 / 5 - 11:22
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
التقرير السنوي للاجور الصادر عن مؤسسة التأمين الوطني لعام 2002 يؤكد :
• كل عامل عربي ثاني يحصل على أجر لا يزيد عن أجر الحد الادنى .
• المعدل العام يشير الى أن 32%من العمال يحصلون على أجر لا يزيد عن أجر الحد الادنى أي كل عامل ثالث بينما لدى العرب النسبة تصل الى 55,9% .
• 1600 شخص يحصل الواحد منهم على أجر يزيد عن المئة الف شيكل* في الشهر مقابل 64 الف شخص أجر الواحد منهم في الشهر لايزيد عن 500 شيكل .
• معدل الدخل الشهري للعائلة في العشر الاعلى 41,767 شيكل مقابل 1516 شيكل للعائلة في العشر الادنى .
• البلدات العربية تعاني من دخل متدني جدا للاجيرين فيها وعدم ضمان عمل دائم .
• وضع المرأة العاملة هو الاسوأ معدل اجرها الشهري يساوي 60% من اجر الرجل والمرأة العربية في وضع أسوأ بكثير .
• أعلى معدل دخل من أجر شهري في سفيون (18694 ) شيكل مقابل ادنى دخل في القرية العربية جسر الزرقاء (3849 ) شيكل.
• انجاز حكومة شارون كان ارتفاع عدد العاملين الذين يحصلون على اجر لا يزيد عن الحد الادنى للاجر ليصل الى نسبة 40,9% من مجموع الاجيرين في اسرائيل .وارتفاع عدد الفقراء خاصة ممن يعملون.
مأساة حقيقية
كشف التقرير الصادر عن مؤسسة التأمين الوطني هذا الاسبوع بخصوص معدل الاجور العام في البلاد لسنة 2002 ، أن وضع العمال الاجيرين في البلاد يتدهور باستمرار ، ومعدل دخلهم في هبوط مطرد . لدرجة أن كل اجير ثالث دخله الشهري أقل من اجر الحد الادنى ، والوضع يزداد سوءا عندما نتحدث عن الاجيرين الذين يحصلون على اجر لا يزيد عن اجر الحد الادنى حيث تصل نسبتهم الى 40,9% من مجمل الاجيرين في البلاد الذين يصل عددهم الى 2,57 مليون عامل مما يعني أن هناك اكثر من مليون شخص يحصلون على اجر لا يزيد عن الحد الادنى للجر .
عندما نتحدث عن الحد الادنى للاجر فقد كان أجر الحد الادنى عام 2002 بمبلغ 3267 شيكل في الشهر والمعدل العام للاجر كان 7619 شيكل في الشهر بينما تبلغ قيمة الاجر الحد الادنى للاجر في الشهر هذه الايام 3335.18 شيكل .
بدون شك أن المعطيات الوارده في هذا التقرير تشير الى عمق المأساة التي يعيشها العمال في اسرائيل . على الرغم من أنهم يعملون يوميا الا أنهم يعيشون في دائرة الفقر المدقع لهم ولعائلاتهم ، مقابل ذلك نجد أن القوى الرأسمالية ارتفعت ثرواتها ويزداد غناها يوميا من خلال التسهيلات التي تقدمها لهم الحكومة والاعانات والمنح وتخفيض الضرائب وغير ذلك ، لتزداد حدة الاستقطاب في المجتمع عامة .
500 شيكل فقط !!
معطيات التقرير تصدر بتأخير ما لسبب واحد ، الا وهو ان مؤسسة التأمين الوطني تعمل على استكمال الحصول على كافة المعطيات الرسمية للرواتب التي تدفع في أماكن العمل لاعتمادها رسميا وضمان تقديم صورة احصائية دقيقة جدا عن الاجور عامة لدى الاجيرين والمستقلين في البلاد اعتمادا على استمارات الرواتب واستمارة رقم 126 . بذلك يضمن خبراء المؤسسة تقديم صورة دقيقة من خلال عملية الضبط لهذه المعطيات عن كل اجير ومجموعة ومكان عمل وبلدات ومناطق والوية وفروع اقتصادية والجنس والجيل وغيرها .
نجد ضمن هذه المعطيات التي وردت في التقرير الذي يضم 221 صفحة من القطع الكبير ، أن هناك 64 الف عامل اجير يحصل الواحد منهم على اجر شهري بمبلغ لا يتعدى ال – 500 شيكل فقط . امر فظيع اليس كذلك ايها القارىء الكريم !!؟ مقابل هؤلاء البؤساء يوجد 1600 شخص يحصل الواحد منهم على اجر شهري يزيد عن المئة الف شيكل ...نعم اكثر من مئة الف شيكل لان التقرير لايشمل المبالغ التي تزيد عن هذه القيمة وهناك من يحصل على دخل – اجر يزيد بكثير عن هذا الرقم . الصورة تزداد قتامة وسوداوية عندما ننظر الى الجدول الذي يظهر في صفحة 216 من التقرير ، هذا الجدول يشمل المعطيات عن الدخل للعائلات وفقا للاعشار ، يصل معدل الدخل العام للعائلة في هذا الجدول 13105 شيكل في الشهر ، لكن معدل الدخل للعشر الاول أي ل 117545 عائلة من الاجر 1516 شيكل في الشهر . اما دخل العائلة في العشر العاشر (الاعلى ) فيبلغ 417767 شيكل في الشهر . هذه فوارق رهيبة جدا تكشف لنا عن معطيات خطيرة تكرس الاستقطاب في هذا المجتمع .
عندما نقوم بتحليل المعطيات وفصل الارقام عن المعدل العام بالنسبة للوسط العربي تتجلى امامنا صورة قاتمة جدا جدا ، مأساوية تشير الى عمق الفوارق الرهيبة بالمقارنة مع الوسط اليهودي ، ليس فقط في معدل الاجر ، بل ايضا في فترة العمل التي يعملها العامل العربي في مكان العمل ، في نوعية المهن التي يمارسها ، او التي يفسح له مجال العمل فيها . ليصبح عاملا مستغلا في الاجر والشروط ايضا بلا ثبوت ولا مستقبل مضمون .
سفيون مقابل جسر الزرقاء
" لاول مرة نجد أن معدل الاجر في المدن كان أقل مما هو في البلدان الصغيرة ... ونجد ايضا في القرى العربية ان معدل الاجر أقل بنسبة 31% من معدل الاجر في البلدات اليهودية ". هذا ما جاء في سياق مقدمة التقرير لتوضيح هذا الامر نقدم بعض الامثلة والمعطيات لمعدل الاجر الشهري في بعض المدن والقرى اليهودية والعربية ، ففي بلدة "سفيون " بلغ معدل الاجر الشهري للاجير 18694 شيكل وهو اعلى دخل في البلاد تليها بلدة "قيسارية " 15215 شيكل ومن ثم " رمات افعال " 14948 شيكل وأقل معدل دخل للاجر الشهري نجده في القرية العربية "جسر الزرقاء " المحاذية لقيسارية حيث بلغ 3849 شيكل . وفي مدينة تل ابيب معدل الاجر الشهري بلغ 7287 شيكل ، حيفا 6762 ش. " ريشون ليتسيون " 6976 ش. اشدود 5479 ش. وهذا الدخل هو اكثر من المعدل العام . بينما نجد أن معدل الدخل في المدن والقرى العربية هو اقل من ذلك بكثير ليصل في الناصرة 4276 ش شفاعمرو 4266 ش ام الفحم 3357 شيكل الطيبة 3913 ش طمرة 3540 ش سخنين 3635 ش ز راهط 3608 ش الفريديس 3410 ش طبعا هذا معدل الاجر الشهري على مدار السنة كاملة واذا اخذنا المعدل الشهري فقط تكون المبالغ اعلى مما جاء اعلاه كما هو الوضع في مثال جسر الزرقاء اعلاه فمعدل الدخل الشهري على مدار السنة يبلغ 2802 شيكل فقط . ومعدل الاجر للشهر على مدار العام في الوسط اليهودي يبلغ 6226 شيكل مقابل 3889 شيكل في الوسط العربي . هذا الفارق الكبير له اسباب عده لكن السبب الاول هو عدم توفر عمل دائم او تثبيت للعامل العربي في مكان عمله مما يجعله يعمل فترات متقطعة ويشير التقرير الى أن 62,6% من العمال الاجيرين في الوسط اليهودي يعملون السنة كاملة أي في مكان عمل ثابت ودائم مقابل 51% لدى العمال العرب . هذا بالاضافة الى توفر اماكن عمل وشركات تدفع اجر اعلى وتمنح شروط افضل للعامل من الوسط العربي ، على عكس وضعية العامل العربي واذا توفرت فرصة عمل جيدة لاحدهم فهم قلة .
وضع المرأة العاملة اسوأ
يشير التقرير الى أن معدل الاجر لدى المرأة العاملة يصل الى نسبة 60% من الاجر الذي يحصل عليه الرجل ، وذلك لان المرأة تعمل ساعات عمل اقل . ووفقا للجدول الوارد في التقرير صفحة 56 نجد ان معدل الاجر الشهري للرجل بلغ 9487 شيكل مقابل 5674 شيكل للمرأة العاملة . وينخفض هذا المبلغ عندما نأخذ المعدل السنوي للاجر لكل شهر حيث يصل لدى الرجل 7778 شيكل للشهر مقابل 4620 شيكل للشهر للمرأة العاملة . وبلغ عدد الاجيرين من الرجال سنة 2002( 1,307,850 ) مقابل (1,263,779) نساء عاملات .
عندما ننظر الى المعطيات بخصوص المرأة العاملة في الوسط العربي نجد هنا ايضا أن المعدل منخض عما هو عليه للمرأة العاملة في الوسط اليهودي ، فمعدل دخل المرأة العاملة في مدينة الناصرة بلغ 3401 شيكل في الشهر في السنة مقابل 4822 شيكل للرجل وفي ام الفحم 2109 شيكل للمرأة مقابل 3808 شيكل اجر الرجل في الشهر وفي مدينة الخضيرة المجاورة لام الفحم نجد أن معدل دخل المرأة العاملة للشهر ضعف دخل المرأة في ام الفحم ومبلغ 4061 شيكل ودخل الرجل للشهر عن اجره في المدينة نفسها يبلغ 6914 شيكل . هذا الدخل يرتفع في المدن والمستوطنات الغنية او الواقعة في مركز البلاد فمثلا مدينة حيفا معدل دخل الرجل للشهر في السنه 8796 شيكل والمراة 4883 شيكل وفي بلدة سفيون معدل دخل الرجل عن اجره الشهري في السنة مبلغ 22443 شيكل مقابل معدل دخل المرأة في البلدة نفسها 8661 شيكل وفي تل ابيب المعدل للدخل الشهري للرجل الاجير 9091 شيكل مقابل 5554 شيكل دخل المراة وفي مدينة شفاعمرو نجد ان معدل الاجر للرجل 5064 شيكل في الشهر مقابل 2819 شيكل اجر المرأة .
هكذا نلاحظ أن التمييز ضد المرأة العاملة في الاجور هو تمييز فظيع وفي معظم الحالات تحصل على معدل اجر اقل من اجر الحد الادنى . لكن التمييز البارز هنا نجده في بلدة سفيون حيث يحصل الرجل هناك على اجر شهري يصل حوالي اربعة اضعاف معدل دخل المرأة . هذا بالاضافة الى ما تتعرض له المرأة العاملة من تمييز في مكان العمل في الشروط وغير ذلك .
المدن والقرى العربية تتصدر قائمة اجر الحد الادنى
نسبة العمال الذين يتقاضون اجر حتى اجر الحد الادنى في البلاد عامة تصل الى 32% من مجمل العمال الاجيرين ، هذه النسبة ارتفعت بنسبة 3% عما كانت عليه عام 2001 ، عندما نفحص المعطيات في المدن والقرى العربية نجد أن نسبة العمال الاجيرين الحاصلين على اجر حتى اجر الحد الادنى تتعدى الخمسين بالمئة لتصل الى 55,9% . هذه النسبة تشير الى حقيقة الوضع المأساوي الذي يعيشه العمال العرب بسبب فقدان اماكن العمل وعدم تطوير مناطق صناعيه وغياب عمليات الاستثمار الحكومي في تطوير مهارات القوى البشرية كماهو متبع فب المجتمعات المتطوره ، الا أن المأساة الاكثر الما تتعلق في وجود خريجين مهنيين في مهن التقنيات العاليه واكاديميين مهرة لكن سوق العمل الاسرائيلي ما زال مغلقا امامهم وسعيد الحظ منهم من يتمكن من الفوز بفرصة عمل هنا او هناك ..الا انه يضطر القبول باجر قليل وبشروط عمل قاسيه من اجل ضمان بقاءه في عمله .
من أجل الاطلاع على حقيقة هذا الوضع فيما يلي قائمة جزئية لمدن وقرى عربية تظهر لنا نسبة العمال الذين يحصلون على اجر حتى اجر الحد الادنى :
البلدة نسبة الاجيرين الذين يحصلون
على اجر حتى اجر الحد الادنى
كفر مندا 64,9%
البعينة –النجيدات 64%
جسر الزرقاء 63,4%
ام الفحم 63%
عرابة 58,6%
عين ماهل 57,2%
جديدة المكر 57,1%
المشهد 57%
كابول 56,9%
سخنين 56,9%
طمرة 56,9%
عرعرة 55,5%
طرعان 54,8%
راهط 54,7%
طلعة عارة 54%
الشاغور 53,8%
الرينة 52,5%
كفر قرع 52,2%
الطيبة 51,5%
باقة – جت 51,5%
كفر ياسيف 51,4%
اكسال 51%
المغار 51%
الناصرة 50,5%
المستقلين ايضا
وفقا للتقرير يوجد حوالي 200 الف مستقل يظهر ايضا أن اوضاعهم ليست على ما يرام خاصة وان 41% منهم كان معدل دخل الواحد الشهري اقل من اجر الحد الادنى . بالمقابل فان المعدل العام للدخل الشهري لديهم بلغ 6434 شيكل ، وهذا المبلغ يشير الى هبوط بنسبة 15% في دخلهم بالقياس مع العام 2001 . بدون شك أن هذا الوضع يشير الى حالة الركود العميق الذي يعيشه الاقتصاد الاسرائيلي وفقدان بوادر النمو والنهضه خلال الفترة التي يتناولها التقرير خاصة وان عدد اماكن العمل قد انخفض في العام نفسه (2002) ب 750 مكان عمل منها 20 مكان عمل تشغل ما بين 500- 1000 عامل , أي أن سوء الوضع الاقتصادي ادى الى ضرب المستقلين ايضا ، ونحن هنا نتحدث عن المستقلين من اصحاب المصالح الصغيرة او اولئك الذين يضطرون الى فتح ملف مستقل لان الظروف تجبرهم على ذلك ، وليس لان وضعهم كمستقلين يبشر بازدهار اقتصادي او بارباح جيدة .
لكن مرة اخرى تبين لنا معطيات التقرير أن الوضع لدى المستقل في الوسط العربي هو اسوأ مما عليه في الوسط اليهودي .بحيث يبلغ معدل دخلهم الشهري أقل من معدل زملاءهم من الوسط اليهودي .
لتسقط حكومة المآسي
هذه المعطيات لم تأت محض صدفة ، بل هي نتاج سياسة حكومة اليمين بقيادة شارون ، التي أتت بالمآسي على كافة الاجيرين العرب واليهود بل وعلى شعبي البلاد عامة . كل ذلك جراء السياسة العدوانية التي تنتهجها ...سياسة الاحتلال وسفك الدماء ..والقمع والتدمير مما أدى ايضا الى ضرب الحركة الاقتصادية ..الى هروب الاستثمارات للخارج والى زيادة الصرف المالي على العسكر والسلاح على حساب رفاه المواطنين والعمال ....وواصلت هذه الحكومة ايضا سياستها الاقتصادية التي تسير على نهج الليبرالية الجديدة الداعمة لاصحاب رؤوس الاموال ..على حساب حقوق الاجيرين ابناء الطبقة العاملة والشرائح الضعيفة .لذلك لا بد من تكثيف النضال من اجل اسقاط حكومة المآسي هذه وانتخاب بديل لها على اساس برنامج مغاير يعتمد على احلال السلام العادل وانهاء الاحتلال والسير على طريق العداله الاجتماعية من أجل الجميع ....سياسة النهوض بالاقتصاد من الوحل الغارق فيه ليس من خلال دعم القوى الرأسمالية بل من خلال تحسين شروط العمل ورفع الاجور ووضع حد لمأساة الفقر هذه ، مأساة أن تعمل وتبقى في دائرة الفقر والضائقة ... لان التقارير القادمة ستكون أكثر فظاعة ...خاصة تقرير الفقر الذي سيصدر خلال الايام القريبة والذي يتحدث عن ارتفاع عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر ليصل حوالي مليون ونصف انسان منهم حوالي 600 الف طفل .
* ملاحظة: كل دولار امريكي يساوي 4,5 شيكل .
#جهاد_عقل (هاشتاغ)
Jhad_Akel#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟