جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3379 - 2011 / 5 / 28 - 20:50
المحور:
سيرة ذاتية
رجعتُ اليوم إلى منزلي خائفا وقد أقفلتُ الباب ورائي وأنا أنظر خلفي مرعوبا مرتجفا وأعاني من نوبات خوف ورهاب, ومن ثم توجهتُ إلى كولار الماء وسكبتُ منه ما يقرب من خمسة أكواب من الماء البارد في جوفي وكنتُ أشربُ بنهم وما زال فمي جافا وأنا خائف جدا وألهث لهاثا قويا, فقالت أمي (اسم ألله عليك شو مالك؟) بس ترتاح من التعب روح على صالون الحلاقة وأحلق لأبنك صار شعر رأسه طويل: فقلت لها أعذروني هذا الشهر أنا لا أستطيع الخروج من منزلي بتاتا إذا أي إنسان يريدني عليه أن يحضر هو إلى شقتي,أنا لن أذهب إلى أحد,نعم, هذا الشهر بالتحديد لن أذهب به إلى أي مكان خوفا من المؤلفين الذين يؤلفون تقارير أمنية كلها كذب تستهدفُ إسقاطي اجتماعيا ليتم اسقاطي سياسيا, وليس من المستبعد أن يشهروا على لساني أي كلام, فأنا ملاحق وأشعر بأنني منذ أسبوع ملاحق أمنيا بشكل مكثف وهنالك بعض العناكب التي تنسج حولي خيوطا وشباكا لأقع فيها كما أوقعوني سنة 1997م في جامعة اليرموك حتى أن الأسماء اليوم تتشابه مع أسماء الماضي والدورة الطبيعة هي الدورة حيث عادت من جديد وبنفس الاسم, وثمة كلاب تنبح الطُرقات دوني, وثمة أفاعي تزحفُ نحوي, وثمة أشخاص يلاحقونني ويريدون قتلي إنهم كانوا يمشون خلفي وكلما أسرعتُ في مشيتي يسرعون مثلي وإذا توقفتُ عن المشي يتوقفون مثلي وإن دخلتُ سوقا لأشتري يدخلون خلفي ليشتروا مثلي وأحيانا يلحقون بي إلى المراحيض العامة, وإن أردت الوقوف لأشتري زجاجة عصير لأرطب بها ريقي يشترون مثلي زجاجة عصير وإن دخلت أي محل تجاري يدخلون فورا ورائي, واحد منهم شعر رأسه طويل جدا والثاني يلبس نظارة مثل نظارتي ويستطيع تحديد موقعي بسهولة نظرا لأنه يملك أربعة عيون ,والثالث يلبس بدلة رياضية ويشتمُ أثري أينما ذهبت ودائما ما يعض على لسانه وآخر لا أعرف ما الذي يلبسه لأنه في كل مرة يستبدل ملابسه, فقالت أمي بأنني شخص موهوم وهذا الكلام كله هبل وجنان وتخبيص وليس من المعقول أن يلحقوا بي إلى كل الأماكن التي ذكرتها, فقلت لها:
-(أنتوا ليش مش امصدقيني؟), كلهم ضدي كل العالم ضدي أنا, أنا شخصية مستهدفة هذا الشهر والشهر القادم, فقالت لي :
-طيب شو بشتغلوا هذول الأشخاص؟ فقلت:
- بأن أعمالهم كبيرة ولديهم كراسي ومناصب كبيرة, الأول الذي يلبس بدلة سوداء قضى من حياته سنتين في السجن بتهمة الرشوة أو الاستثمار الوظيفي ومسئول عن مصادر الأكسجين في البلد, والثاني عبارة عن محطة إخبارية سيئة السمعة, وهو الذي يبث ثاني أكسيد الكربون في الجو ومسئول بشكل مباشر عن الاحتباس الحراري والثالث وزير متهم في قضايا كثيرة إجرامية لذلك تم تعيين هؤلاء المجرمين في دوائر الدولة الحساسة بسبب نذالتهم وخستهم الاجتماعية, والرابع يعمل رئيسا لنقابة الصحفيين, والخامس لا أستطيع أن أقول من هو لأن مهنته أخطر من كل تلك المهن, فابتسمت أمي وقالت:أولا مش معقول هؤلاء يشتغلوا في وظائف حكومية ومحكومين بجنح أخلاقية وجنائية, فقلت لها: كل الحثالات يبحثون عنهم ويستثمرون أخلاقهم وطباعهم السيئة, أم أنك تعتقدين بأنهم يستدعون شعراء ومثقفين؟ أنت مخطئة جدا إنهم لا يستثمرون إلا الحثالات, فقالت:
- هيك أنا مطمئنه عليك كنت بالأول أعتقد إنه فعلا في ناس يلاحقونك ولكن من خلال تسميتك لهؤلاء الأشخاص يبدو لي بأنك فعلا مجنون رسمي, فقلت لها: ليش مش امصدقيني؟, مش بس أنا الذي يشعر بذلك روحوا وشوفوا كل الناس بتلاقوهم دائما يلاحقونهم وأنا بالذات أينما أذهب يلحقون بي حتى أنهم يدخلون ورش البناء التي أعمل فيها ويقومون بتحريض أصحاب المباني على عملي لكي يطردوني ولكي لا أستطيع أن أكسب لقمة خبزي, وهم أيضا من أرسلوا بكتاب رسمي إلى مسابقة أمير الشعراء واتفقوا على استبعادي من المسابقة, صدقوني أنني ملاحق, وأثناء حديثي مع أمي دخلت جارتنا وسمعت كل ما دار بيننا فقالت لها أمي (ألله يعوضني..عليه العوض ومنه العوض) فقلت:
-انتوا ليش مش امصدقيني؟ صدقوني أنهم يلحقون بي دائما أينما أذهب, فقالت أمي بعد أن حاولت شق الثوب حسرة وندماً:
- شو هو أنت كاين مكانك من الإعراب حتى يلحقوك؟ شو بدهم فيك؟,مين أنت أصلا حتى يهتموا فيك كل هذا الاهتمام, أنت مريض نفسيا والأفضل لك أن تأخذ حبة منوم كما يفعل كل الناس... لا أنت وزير ولا أنت مليونير ولا أنت مشهور جدا غير بعض الناس اللي يعرفوك وهؤلاء أصلا مثلك كلهم خالصين وكفار ومجانين مثلك, شو أنت كاين حتى يلاحقوك, فقلت:
- صح كل كلامك صحيح لأنني لست وزيرا ولا مليونيرا يلاحقونني ذلك أنني مواطن مسكين ولا حول لي ولا قوة ولوكنت مليونيرا أو وزيرا مختلسا وفاسدا لَما لاحقوني بل بالعكس سيشكلون حولي نظاما أمنيا قويا من أجل حمايتي ولكن بما أني مواطن ليس له أي احترام فإنه من السهل أن ينسبوا ضدي أي تهمة تحرشية جنسية أو أي تهمة أخلاقية وسيجدون أكثر من 100 كاتب تقارير في حارتنا يكذبون في أقوالهم علما أنني هذه الأيام لا أستطيع الخروج من منزلي لأي منزل أو لأي مكان خوفا من الذين يلاحقوني.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟