|
تجارة الجنس العالمية
محمد حدوي
الحوار المتمدن-العدد: 3377 - 2011 / 5 / 26 - 22:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أغرب ما قرأت في إحدى الصحف الوطنية ذات مرة، أن مسؤول إفريقي في إحدى مؤتمرات الفقر سرب في أروقة المؤتمر خبرا يُناقش سرا في الكواليس مفاده، أن هناك نقاشات تجري على قدم وساق لبحث سبل نقل أسواق الدعارة الدولية من جنوب شرق آسياالتي تنشط فيها تجارة الجنس العالمية إلى شمال إفريقياوذلك بعد حالة شبه الركودوالكسادالنسبي الذي تشهده تلك الأسواق بعد كارثة تسونامي.وهنا-وفي إطار زد في علمك أيها القارىء الكريم- ترتبط تجارة الجنس الآسيوية تلك التي تشمل النساء وحتى الأطفال المنحدر أغلبهم من الوسط القروي باستثمارات الأعمال الدولية والشركات القومية، والقواعد العسكريةالأمريكية..وأكثر من ذلك، ترى بعض المؤسسات المالية العالمية وبعض الدول-ويا سلام على ذلك الحل- تطوير تلك الصناعة كحل لأزمات الديون لهذه الدول ومثيلاتها من الدول الفقيرة في العالم رغم تلك الأعداد الهائلة من اللقطاء وأبناء الزنا الأبرياءالذين تلفضهما بحيرات "تايلاند" كل يوم ولا أحد يحرك ساكنا. وعلى سبيل ذكر شمال إفريقياالمزمع تحويله إلى موضع مؤخرة العالم وفردوس جديد لنشاط الإمبريالية المتلهفة لإنتهاك الحرمات، لابأس هنا أيضاأن نستحضر ما نشرته إحدى الأسبوعيات الوطنية التي اعتبرت إستنادا إلى بعض التقارير، أن المغرب يُصنف في المرتبة الثانية من حيث الدعارة بعد "البرازيل".هكذا لتنتزع "مراكش" و"أكادير" بعد "ريودي جانيرو" الزعامة من "بانكوك" عاصمة الإجرام واللواط والشذوذ الجنسي والبغاء واستهلاك المخدرات.. ومما يثير السخرية فيما يخص تجارة الجنس العالمية، أن حكومات بعض الدول الثالثية الفقيرة تلعب دورا رئيسيا في تطوير تلك التجارة تحت قناع مايسمى حرية المرأة، هجرة المرأة وخروجها إلى العمل، إحداث جوائزمسابقات ملكات جمال الوجه وليس جمال الأخلاق وغيرها..وذلك لإستفزاز الذكورية والذكور وحثهم على العمل وكسب المال وصرفه على ذوات الجمال..ولهذا أصبح كثير من الدول النامية حاليا مثل "بنجلاديش" و"الفلبين" و"سيريلانكا" معتمدة على الأجور التي تحولها عاملات مهاجرات من بلادهن، يهاجرن تحت غطاء ومسميات شتى وعلى رأسها، عاملات المنازل.. فنانات هاجرن من أجل الفن.. كل ماقلناه سلفا فيما يخص تجارة الجنس الدولية أو ما يعرف أيضا بتجارة الرقيق الأبيض ليس سوى قمة لجبل جليدي تختفي قاعدته في أعماق المحيط.وبعد كل ما سلف، بدأنا نشك في كل تلك الخطابات والدعوات التي تروج لحرية المرأة وخروج المرأة إلى العمل، والمرأة، والمرأة..والمرأة..وما أدرك ماالمرأة!؟، فإذا كانت تلك الدعوات تروم إدماج المرأة في دوامةمثل تلك المخططات الجهنمية التي تروم إفراغ الإنحطاط الحضاري فيها ويسمون تلك الأفعال الشنيعةبالحداثة والتقدم ، فطوبى لمن كان ينادي بالدعوات الرجعية ضدالمرأة وليفتخربعد اليوم برجعيته.وقد لا نبالغ في القول حين نقول،بأنه من المفجع اليوم أن يولد الإنسان أنثى في هذا العالم وفي مثل تلك المجتمعات التي تتعرض فيها المرأةللإفتراس إستنادا إلى نظريات ومبررات واهية وفي عالم سبق للأديب الفرنسي"بودلير" أن قال عنه:"كل شيء ينضح فيه بالجريمة: الجريدة والحائط ووجه الإنسان".فالمرأة التي هي مثل قطعة حلوى، في الماضىحين كانت محصنة داخل الأسوار كانت محصنة الكرامة أيضا.واليوم، بعد خروجها إلى ظاهرالأسوار بدون سلاح أدبي ولاأخلاقي و في عصر الجريمة المنظمة، أكلها الريح والشمس والمطر والنمل، وحتى الرجل.. لقد أخبرناالتاريخ القديم، كذلك، كيف أن الرجل بقوته وشجاعته اخترع الصيد وأسلحة مقاومة الحيوانات والوحوش.والمرأة بضعفهااخترعت الزراعةوإذا لم تقو على الزراعة احترفت الدعارة، لأن أقرب طريق إلى قلب الأنثى دائما هوطريق السوق.والمرأة رغم كل هذا،هي التي أقامت البيت..وفي البيت ولدت واحتضنت..ولوكانت المرأة -حسب مؤرخي التاريخ القديم- تضع أطفالها وهي تجري لما اهتدت إلى هذه المهن..أو تتخلص من صغارها وتتركهم في البيت أو تحت الشجرة أو على الشاطىء لأنقضت عليها الذئاب والوحوش، ولأنقرض الإنسان..واليوم، يعتبر الزواج وإنجاب طفل في إطار ما تنص عليه الشرائع السماوية هي أعظم أعمال المرأة.حتى إذا لم تعتقد المرأة أن الولادة شيء مهم، فالإلتزام مع رجل وبناء العائلةهي أروع ما صنع الله في المرأة، وبدون هذا في نظرنا المتواضع، ستمسي المرأة التي تتفحش مجرد سلعة تباع وتشترى في أسواق النخاسة الدولية التي ترعاها الإمبريالية المتوحشة..تلك الأسواق التي تلاشت فيهاالقيم الأخلاقية، ولم يعد فيهاالإنسان يفكر في(قيمه)وإنما (بسعر الأشياء) ..إنها الغابةالتي يطلق عليها بإستحياءو-بتعبير"روجي غارودي"- في كتابه "كيف صنعنا القرن العشرين":حرية السوق،ومواجهة المتطلعين إلى السلطة،والنمو،وسعادة الأفراد والجماعات والدول،حيث الحرية هي إمكانية أن يلتهم الأقوياء الضعفاء..وبصيغة أوضح،إنهاأخلاقيات السوق الحرة الليبراليةحيث ينتشرالشياطين الصغاروالكبار ويوسعون كل يوم من رقعة الفتنة وقبح الله مسعى من أيقظها وهي نائمة..
#محمد_حدوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثورات العربية و آليات الثورة المضادة
-
حكاية-بامنصور-المغبون ومعالي الوزير
-
العرب في حاجة إلى ج.ج. روسو
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|