أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - حميد طولست - حفل خيري من اجل الأطفال التوحديين.














المزيد.....

حفل خيري من اجل الأطفال التوحديين.


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 3375 - 2011 / 5 / 24 - 15:36
المحور: حقوق الانسان
    




كم كنت أظن أن ألم الناس ليس مادة، ولا مناسبة للاحتفال والسهر، لكني تأكدت أنه يمكن أن يكون كذلك، فيجتمع الناس، ويحتفلون، يغنون، ويرقصون، ينكتون ويحمضون، حينما يتعلق الأمر بالتعبير عن واقع مر، ومعاناة فئة حرمتها ظروف المرض من الأحلام، وتسببت لها وللمحيطين بها في الحزن و الألم المرير.
فهنا، وهنا فقط، يحق لكل ذي كبد رطبة أن يحتفل، بل يجب عليه في مثلها، الاحتفال والسهر، والطرب والرقص والجذبة أيضا، ما دام يُعلّق عليها الآمال الكبيرة في التبصير بواقع بائس، ووضع شاق، وتغيير ظروف قاسية، يعيشها أطفال يعانون في صمت، ويكابد دويهم في حرج آلام قلة الحيلة، وندرة إمكانيات التخفيف عن فلذات الأكباد.
لم يكن الاحتفال الذي دعيت إليه كصحفي، هدفاً في حد ذاته، بقدر ما كان تعبيرا عن أحلام منظيمه جمعية "مرآة للأطفال التوحديين" وأحزانهم اليومية، في شكل ابتسامات ومفارقات، ولم يكن سهرة تهريج، ولا تنكيت ساذج على مظاهر الأشياء، لكنه كان نوعا خاصاً من التحليل العميق للأوضاع الشائنة الغائبة/الحاضرة في حياة الإنسان الذي لا يرغب في العيش حزينا طوال الوقت، فيبحث دائما عنما ينسيه تناقضات مجتمعه، وممارساته السلبية، وأحداثه السياسية، ومشاكله الاجتماعية، وهمومه النفسية والمادية، لتصير ألطف وأرق مما هي عليه في الحقيقة.
فعلا لقد كان الحفل جملة مواقف من مجتمعنا اللامبالي، وإلتقاطات فاضحة لأبرز مفارقاته، وهجاء لنقائصه، في جبة رقص وغناء ونكات تدمي الأرواح الحساسة في اللحظة ذاتها التي تضحك فيها الكائنات اللامسؤولة على ضعفها وتخاذلها وخساستها وابتذالها. فحاجة من يبكيه الألم، شديدة إلى الكفاح والنضال والمقاومة، كما هي حاجته أشد إلى الضحك والرقص واللعب كمانع لصواعق الانهيار النفسي، وكوسيلة لتوازن الضعيف خاصة مع مثل هذه المناخات البائسة المعتمة، وصمام أمان يمنع الضغط الذي يحمله آباء هؤلاء الأطفال فوق أكتافهم من الانفجار، ويحول الألم إلى ضوء، والعجز إلى أفكار وإبداعات توصل الأفكار، وتقرب الصور غير الواضحة للمشاهد بحرفية تامة، وتصيب الهدف، بنقل الأحداث من عقر ميدانها كما هو الحال مع الفلم المتميز والإبداع الرائع " عندما يتحدث التوحد" الذي توج به الدكتور الدقاق الحفل والذي كان لا بد لإنتاجه –إلى جانب المجهود الكبير- من امتلاك منتجه دراية بعالم السينما والإخراج ولجعبة حمالة للكثير من وجوه الإحساس المرهف بالأشياء والقدرة الخارقة على التمرد، والتجدد، والاندهاش الدائمين، والثقافة الكبيرة، والمتنوعة الواعية بالمفارقات الاجتماعية ليتمكن إبداعه من نقدها بأسلوب سنمائي آسر، كالذي اعتمد فيه الدكتور الفنان اصطياد المفارقة في المشهد والخبر بلغة علمية قريبة من المرض، وتواصل مباشر مع العليل ليفضح بها معانات الفرد التوحدي بكل عموميتها وتفاصيلها الدقيقة والفاضحة.
فالفلم" عندما يتكلم التوحد" لم يكن امتداحا "للعام الزين" كما هو حال الكثير من الإنتاجات الهجينة . بل كان بصدق تعرية للقبح بكل صوره، وأسلوبا رائعا في توريط الحاضرين ومن خلالهم كل غائب أو مغيب، لإيصال صوت ووجهة نظر جمعية "مرآة" وتمردها على اللغة والقوالب النمطية، والمفاهيم والقيم السائدة، للآخرين، أفرادا كانوا أو جماعات، وإلى كل القوى السائدة المتحكمة في مقدرات المجتمع وقراراته المصيرية.
شكرا للجمعية التي عرفت من خلال سهرتها أن الاحتفال هو أعرق الأسلحة وألطفها لتخفيف الكرب، لأنه يعبر عن الواقع المرير بالضحكة وأحيانا بالضحكة المرة، الناتجة عن المعاناة والإحباط.



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديموكتاتورية؟
- انفلوانزا الكراسي.
- لقد تشابهت الجمهوريات علينا
- ديكتاتورية الشعوب.
- ديكتاتورية رؤساء...
- ذكريات عيد العمال.
- ثورات الناس على دين متفيقهينا
- تزوير التاريخ سخرية سياسية أم استخفاف بالعقول؟
- استقالتي من حزب الاستقلال.
- مطاعم القلب، الصدقة الجارية..
- جسور باريس دليل سياحي بإمتياز
- الصراع السياسي.
- ديكتاتورية النساء.
- الصحافة من مدينة صفرو إلى مدينة فاس.
- تحرر الإعلام الوطني من قبضة النخب.
- التحريف والمداهنة
- المراة العربية والثورة.
- الكذب السياسي.
- شباب التحرير.
- وافق مجلس جالسه...كما وافق شن طبقه


المزيد.....




- في يومهم العالمي.. أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ألهموا الع ...
- سويسرا تفكر في فرض قيود على وضع -أس- الذي يتمتع به اللاجئون ...
- كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
- اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...
- شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
- هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - حميد طولست - حفل خيري من اجل الأطفال التوحديين.