|
كراديس جيش المهدي..!!!
كريم كطافة
الحوار المتمدن-العدد: 3375 - 2011 / 5 / 24 - 14:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
وصلتني رسالة من صديق شاب ميزته أنه لا ينتمي إلى جيله إلا عمراً. وأقول ميزة لأن قلائل من جيل الثمانينات العراقية من تمرد على ما أبتلى به جيله من بنية أخلاقية على شيء من الشذوذ. هذا الجيل لم يعاصر في بلده سوى الحروب ومآسي الحروب وما تتركه من خراب في النفوس ودمار على كل ما هو حي في البيئة من بشر وحيوان ونبات.. فتحوا أعينهم على حريق مهول يشبه تنور يشعل نفسه بنفسه لا يدرون شيئاً عن مسبباته ولا عن كيفية إخماده.. مثلما فتحوا أعينهم على آباء وأمهات أكلهم الرعب وتركهم رفات أحياء خائفة حتى من ثقوب الجدران أن تكون عيوناً لأمن القائد وحزبه، وكان القائد في ذلك الزمن قد وصل إلى ذروة انتصاره على شعبه، حين نجح بتفريغ البلد من أية نأمة معارضة سلمية كانت أم مسلحة، لم يترك أمام معارضيه غير الثنائي غير المرح (عزارئيل وإسرائيل)، وعلى المعارض أن يختار بينهما أما مقتولاً أو لاجئاً موصوماً بالخيانة والعمالة لأعداء الأمة، تماماً كما يفعل اليوم وعلى الهواء الشقيق البعثي السوري مع شعبه... وكما هو واضح في مثل تلك الأجواء الملبدة بالدخان وروائح القتل والتخويين، لم يبق أمام الشعب الأعزل المجرد من سلاح المعارضة على الأرض سوى السماء ورب السماء، متوجهين إلى الله بالدعاء والإكثار من الصلوات عسى أن ينعم عليهم بالسكينة و السلام وينقذهم من جبروت القائد الجاثم على صدورهم.. لكن.. هل تركهم القائد وشأنهم؟ لا.. هذا لم يحصل. لقد تبعهم بحملة جديدة تفتقت عليها قريحته بعد فشل (غزوة الكويت) وانهيار تنظيمات حزبه في أربعة عشر محافظة، لقد تبعهم إلى السماء مدشناً حملته الجديدة بمسمى (الحملة الإيمانية). وكانت تلك الحملة هي الوحيدة من بين حملات القائد قد تناغمت بشكل عجيب مع ما توصل إليه شعبه. لقد فوض الطرفان أمرهما إلى (الله) وهل هناك من هو أعدل من (الله)..؟ استورد القائد لحملته الجديدة ما تيسر له من أئمة السلفية الوهابية من دول الجوار وهيأ كوادره الأمنية للدخول في دورات من نوع جديد أسماها (دورات الهداية)، ليتحولوا بين عشية وضحاها من رجال أمن إلى أئمة مساجد ومريدين لهذا الشيخ أو ذاك، هذا على المتراس السني من دين غالبية الشعب العراقي، أما على المتراس الشيعي فاستنجد برجل دين برز نجمه في تلك الأجواء ودار حوله اللغط بين المريدين هو (آية الله محمد صادق الصدر) الذي قتله فيما بعد. وكانت المفاوضات بين الرجلين قصيرة وسهلة: لك ما تريد من إحياء صلوات الجمعة وزيارات قبور الأئمة والخطابة في المريدين على أن تقف ضد احتلال الكفار للبلد..!! وكانت الصفقة معقولة لهذا الشيخ كذلك، ماذا يريد أي رجل دين أكثر من أن تُفتح له المساجد ويجيّش له المؤمنين الباحثين عن رحمة وعدالة جبروت (الله).. ومن هناك بدأت المسيرات المليونية المنادية بالقضاء على الثلاثي المخرب لعقول المؤمنين (الخمر والغناء والنساء) وكأن بلاوي البلد كلها من وراء هذا الثلاثي الشيطاني.. اغلقت محلات الخمور ومنع الغناء وحُجبت النساء بزنازين ثابتة ومتحركة.. وبين الفينة والأخرى تخرج مسيرات شعارها (كلا كلا أمريكا.. كلا كلا شيطان) وأمريكا لم تزل في عقر دارها. لكنها كانت تنتظر وتعد ما يوفره لها القائد من ذرائع وأسباب تجعل احتلالها للبلد مطلباً عراقياً بحتاً. والآن من نافلة القول التذكير بما حدث بعد الاحتلال، وما الذي فعله جنود الحملة الإيمانية وبشقيها الشيعي والسني من تقتيل ودمار لبعضهم حتى أتوا على ما تبقى من بنية تحتية لم يلحق القائد على دمارها وحرقها قبل شنقه في صبحية العيد.. ناهيك عن أرواح البشر التي غدت في حساباتهم الآخروية أرخص من سعر التراب.. لنقرأ الآن رسالة صديقي الشاب... راجياً الصبر على لغتها إذ كتبها وهو ملوع بالألم لما رآه ولما يتوقعه لبلده.. ((... انقل لك بعض مارأيته خلال يومين وهي حادثة حصلت معي لكي تكون على علم واطلاع لما يجري في عراقك وعراقي كما يقال....لي صديق مقرب زارني للبيت وطلب مفاتحتي بموضوع مهم فقلت له اسمعك "قال ان مايسمى بجيش المهدي او الممهدون او المناصرون او او او الى آخر الأوات سيقيم استعراضا سلميا بمناسبة خروج المحتل من العراق وسيقيمون عليه تدريبات خاصة على هيئة كراديس تسير في استعراض مهيب في بغداد وهذا الامر معمم على كل محافظات العراق فقلت له وما المطلوب مني قال اذهب معي لتكون على بينة,فأستغلتها فرصة لكي أرى مايجري من حولي، فقامت جميع الجوامع في مدينتنا (الثورة) أو (مدينة الصدر) بأذاعة بيان الى الجماهير العريضة لكي تشارك في هذا الاستعراض نصرة للعراق كما يقول البيان وفتحوا مراكز التسجيل في جوامع ومكاتب الصدر المنتشرة في عموم المدينة وذهبت معه لأرى، فسجل صديقي اسمه وقالوا له يوم الثلاثاء تأتي لتشارك في التدريبات، وذهبت معه لأرى العجب العجاب.. رأيت مدارسنا الحبيبة التي هي منارات للعلم والمعرفة ولتربية أجيال تحفظ للعراق هيبته تتحول الى ثكنات عسكرية وآمر وحدة وآمر سرية وآمر ط... وجنود لا يلبس عليهم ثوب وأطفال وشباب وكبار في السن يشاركون في التدريب.. وكان من شروط هذه الدورة ان يكون المنتسب من مقلدي السيد الشهيد الصدر حصرا كما يقولون (علماً أن المذهب الشيعي لا يقر بتقليد الميت) وان لايرتدي الزي الاسود لما له من ذكرى عن جرائم اقترفوها بحق المواطنين جراء لبسهم لباس النار "حسب رأي العرافين" وغيرها الكثير فدخلنا سوية وشاركنا دون ان أسجل اسمي ويدربونهم على الاستاعد والاستاريح وكأن العراق مقبل على حرب تأريخية كالقادسية وايران والكويت وغيرها ويحشدون كل قواهم لهذا اليوم الذي يحسبون له الف حساب فأنظر الى هذه السخرية والضحك على الذقون الم يكفي هؤلاء من قتل وخراب بالعراق والعراقيين ليتحولوا ويحولوا النعاج من الشعب العراقي والطبقة الفقيرة المحرومة الى لقمة سائغة يتلاقفوها...)) إلى هنا أنهي رسالة صديقي.. وأوضِّح فقط أن الأسطورة الإسلامية المهدوية حول خروج المهدي وبشقيها السني والشيعي تؤكد أن هذا الرجل لن يخرج إلا بعد أن يسود الأرض الخراب ليملأها هو عدلاً وقسطاً بسيفه البتار.. وهؤلاء الآن جموع غفيرة مؤمنين تماماً بأن اليوم الموعود قد اقترب وما عليهم سوى التمهيد لذلك الظهور الميمون.. التمهيد بماذا..؟ بالطبع بمزيد من الخراب دون أن يكلف أحدهم نفسه بسؤال نفسه: ما الحكمة من الظهور بعد خراب البصرة..؟ لكن الأخطر من هذا وذاك أن الرئيس الإيراني (احمدي نجاد) هو الآخر (مهدوي) ومن (الممهدين) وهو على رأس دولة مدججة بالسلاح.. حقيقة ماذا ينتظر العراقيين بعد خروج الاحتلال.. وماذا ستكون ردة فعل الطرف الاخر من المتراس المذهبي وهو يرى إلى كراديس هؤلاء الصبية العسكرية تملأ شوارع بغداد كأنهم كراديس حزب الله اللبناني في استعراضاتهم العسكرية السنوية تتقدمهم الأكفان... وكيف ستتعامل الحكومة مع هذه الكراديس العسكرية التي ستملأ شوارع البلد.. هل سيعاملونها كما عاملوا مظاهرات المعارضين في ساحة التحرير تلك المنادية بالحريات والإصلاح وضد الفساد.. أم أن قانون مجلس محافظة بغداد لا يشمل هؤلاء باعتبارهم (من ربعنا)...!!؟؟؟؟ هذه أسئلة برسم الحكومة العراقية إن كانت عندنا ما زات ثمة حكومة مسؤولة عن أرواح البشر..
#كريم_كطافة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أطفال البعث.. يا لهم من أطفال..!!
-
المواطن يسأل .. ورجل الدين يجيب..!!
-
سقوط شماعة الباطون السلفي..!!
-
هل من يبحث عن عوائل مه راني
-
أنا شخص لا يحلم.. لكني حلمت..!!
-
روايتي بين المطير والنمري..!!
-
دين الشيطان أخيراً...!!
-
بورصة الشرف والانتخابات..!!
-
شهادة رجل خرج من الموت تواً..!!
-
مركز وأطراف
-
وسائل الاحتجاج والنصر المؤزر..!!
-
ولايات وبدائل وبلاوي
-
باسم الله الرحمن الرحيم.. لماذا!!؟
-
إلى السيد فؤاد النمري.. مع التحية
-
شيخ ياباني.. شيخ تايواني..!!!
-
فئران الدين إلى أين..!!؟
-
دراجة السيد رامسفيلد..!! (*)
-
إعادة تحوير أمخاخ النساء
-
قبر لكل صحفي..!!!
-
الحاجوز
المزيد.....
-
أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال
...
-
كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة
...
-
قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ
...
-
قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان
...
-
قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر
...
-
قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب
...
-
قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود
...
-
قائد الثورة الإسلامية: الثورة الاسلامية جاءت لتعيد الثقة الى
...
-
قائد الثورة الاسلامية: العدو لم ولن ينتصر في غزة ولبنان وما
...
-
قائد الثورة الاسلامية: لا يكفي صدور احكام اعتقال قيادات الكي
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|