|
بحث سياسي في موضوع - وكلاء التأثير - والطابور الخامس في البلدان النامية
عبد الزهرة العيفاري
الحوار المتمدن-العدد: 3374 - 2011 / 5 / 23 - 02:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يضن الكثـير من الناس ومنهم سياسيون وطنيون قدماء ان افراد الرتل الخامس في بلد ما لايزالون يقدمون خدماتهم الجاسوسية لاسيادهم بالوسا ئل القديمة الذين عرفوا بها . وهي العمل سريا ً في تسريب الخرائط والاحداثيات ( مثلا ً ) لاسيادهم على شكل تقاريرمكتوبة . وذلك لتبيان المواقع العسكرية للعــدو وبخاصة مستودعات اسلحته وثكناته السرية . وفي اغلب الاحيان كانوا يبذلون جهدا ً تجسـسياً ً لتبيان انواع الاسلحة لدى الجهة المقابلة وربما اعدادها كذلك . الا ان الوقت قد تبدل الان . فاليوم نحن نعيش عصرا ً آخر بفضل التقدم العلمي ــ التقني وثورة الاتصالات التي ملأت الفضــاء قبل الارض . فمن صفات العصرالذي تعيشه ان عمل الجواسيس والاتباع اصبح ذا مهمات وطابع مختلف عما كان . فالتسلح ً لدى اية دولة او جيش بات معروفا ً بحجمه وانواعه وامكنة الاحتفاظ به ومكامنه السرية وكل ما يتعلق بذلك . وحتى ان هذه المعلومات متوفرة لدى اسياد الطابور بدرجة ادق من اي تقرير يكتبه عميل كان مكلفا ً بذلك . الا ان العمـل الذي يقع حاليا ً على عاتق افراد الطابور الخامس اصبح اخطر بكثير مما كان عليه سابقا ً. فقبل كل شيء جرى تحديث للمهمة التي اوكلت لهذا الجهاز الخطير واعطيت لأفراده تسمية : وكلاء التأثير ( مع رفع تسمية كلمة جواسيس ) . اي ان المهمة الاساسية للوكيل هي التأثير الفعلي على سير الاحداث والسياسات الجارية على الساحة لصالح الجهة المستفيدة والتي صنعت اساسا ً جهاز " وكلاء التأثير " . علما ً ان التجارب العالمية اثبتت ان الجهة المستفيدة ، المقصودة هنا ، قد تكون دولة اجنبية تسعى لحرف سياسة دولة اخرى ( دولة نامية على الاغلب ) عن الجادة التقدمية او لتخريب سعيها وجهودها في مجال البناء الذي قد يؤدي الى التنمية الاقصادية ( مثلا ً ) مما يسهل عليها ( اي على تلك الدولة المتآمر عليها ) القفز من الارتباط بالدولة المسيطرة والتحرر من التبعـية الاجنبية . اوربما يعمل الوكلاء هؤلاء على تخريب حزب او عـدد من الاحــزاب الـمـتـصـارعـة في البلاد وذلك لغرض الايقاع ( بالفرقاء السياسيين في البلاد ) لتبقى الساحة رهن في ايدي حزب السلطة . كما ان العكس يحصل ايضا ً . اذ ربما يقوم حزب سياسي كبير او تيار سياسي تابع لاحدى الميليشيات الدينية او الارهابية او غير ذلك بنشر انصاره او ( عملاء مؤقتين له كمرتزقة ـــ بصفة وكلاء تأثير ) في تشكيلة الجهاز الحكومي او في البرلمان ومجالس المحافظات ذات التوجه الليبرالي ( او الديمقراطي ــ كما يسمى ) مع بقاء الغرض الـرئيسي لتلك الجهة المستفيدة ضمان اجراء عملية التخريب التي تريـدها في البلاد عموما ً عن طريق تأخيربناء مشاريع كبرى في البلاد من تلك التي ترتبط مباشرة بحياة الجماهير وذلك لتأخير التنمية و لتأليب الشعب على السلطة كسبيل لاسقاطها ، في اعين الجماهير اولا ً ثم اسقاطها كليا ً، ( هي والعملية السياسية التي اعتمدها ) . وهكذا.... ... ان نشاط ( وكلاء التأثير ) ــ يبنى بشكل من شأنه ان يصب في صا لح مجمل اهداف واجندة ومخططات تلك الجهة المستفيدة !!! . وقد تسعى جهات سياسية معينة الى ارسال ( وكلائها ) للدخول بالاحزاب الوطنية والنقابات العمالية والمهنية المهمة ، خاصة ، واتحادات الطلبة والشبيبة والمــرأة ومنظمات المجتمع المدني الاخرى ,وخاصة في الاحزاب الشيوعية والماركسية وذلك لتنفيذ مؤامرة فكرية تقضي بحرف قيا داتها باتجاه خاطيء اي توجيهها نحو السياسات الاستفزازية المتطرفة ضد ارادة وتوقعات الجماهير. او لتتبنى شعارات تفوق امكانيا ت الشارع والحركة الوطنية عموما ًوذلك بقصد تكبيد المنظمات الوطنية تلك المزيد من الخسائر والتضحيات بدون اية فائدة . وربما تسبب لها خسائر سياسية ومعنوية في اوساط جماهيرها وقواها البشرية ، وهذه هي الطامة الاكبر . ثم ان التجارب الاقليمية والعـا لمية تشير صراحة ان ( وكلاء التأثير ) هؤلاء يكلفون احيانا ً بعد ارسالهم الى داخل الاحزاب والمنظمات الوطنية بجر تلك المنظمات لسياسات استسلامية والقبول بالدخول تحت خيمة سلطات او احزاب فاشية بعد خداع قيادات تلك المنظمات وتخــديــرها بـآمال وهمية في مجالات التقدم والتنمية للبلاد وحتى اقناعها باحتمال جر السلطة اليمينية او حتى الفاشية الى المواقع الاشتراكية ثم تدفع قيادات تلك الاحزاب والمنظمات الدعاية للسلطة ( المتآمرة ) في حين الهدف من كل ذلك هو بلوغ الهدف النهائي الرامي الى استخـدام الجهات التقدمية في " تزكية " السلطة الرجعية وتسويق شعاراتها في العالم وبالتالي في تنفيذ اجندتها المعادية للوطن . وليس هذا فحسب . بل ان ( وكلاء التأثير ) هؤلاء يسعون ( وقت الحاجة ) اً لى توجيه دوائر الدولة الوطنية ( وهم داخلها ومن " خبرائها " ) توجيها ً خاطئا ً في ميادين الاقتصاد والاصلاحات الاجتماعية تحت يافطات " علمية " ونظرية يصفونها بانها ملائمة لحالة البلاد !!! . او انهم يعطلون المشاريع الانتاجية والبنى التحتية المهمة بمعاذير هم يخلقونها ويبررونها " بقواعد رسمية " وذلك لتحقيق امرارها " بسلام " !! على ان الوكلاء هؤلاء يعتبرون الفساد المالي والاداري في الدولة من " الادوات " والوسائل التخريبية للحالة الاقتصادية والاجتماعية التي يرمون اليها . ولذا فهم يسهلون الطريق للفساد بوسائل ادارية هم يعرفونها افضل من الدوائر العليا في الدولة . وقد يتوصلون الى تثبيت المفاهيم "التخطيطية " الخاطئة لدى قادة تلك الدولة سيما ، اذا كان هؤلاء القادة ممن يجهلون جوهر التخطيط الاقتصادي وخاصة اذا كانوا عديمي الحزم في ادارة الدولة . ومن مميزات هذا التبدل في اهداف الطابور الخامس نجد ان الجهات المستفيدة اتخذت مجموعة من التغيرات ايضا ًتتعلق بآليات استخداماتها للوكلاء . ومنها انها اخذت تـخــتـار وكــلاءهــا ( كقاعدة عامة ) من اوساط المثقفين وذوي المكانة الاجتماعية والسياسية التي تؤهلهم لان يكونوا مقبولين لدى قيادات الاحزاب والمنظمات او الدوائر الحكومية المسؤولة عن اتخاذ القرارات او من ذوي اليد الطولى في علوم التخطيط والهندسة او القانون لكي تكون اراؤهم مقنعة للدوائر الحكومية العليا وربما حتى لمجلس الوزراء ...وهكذا . اضافة الى ذلك لاحظنا انه من الصفات المميزة لــوكــلاء الـتــأثـيـرهؤلاء ان يكــونوا ناجحين في ( التمثيل على مسرح عملهم المحدد لهم ) وذلك في اظهار الحرص الفائق ( ولكنه الكاذب ) على " مباديء " الحزب ( مثلا ً ) اوالدفاع عن مصالح الدولة و" احترام " القوانين ... الخ . وليس نادرا ً ان نسمع من هؤلاء الوكلاء عبارات طنانة عن مصلحة الشعب !!! و " رعاية " الطبقات الفقيرة ...وما شابه ذلك من كلمات الحماس (ولكنها الفارغة ) ومن الطريف ( ولكن المحزن ) ان نذكر هنا مثلا ً من العراق المعذب خلال ايامنا هذه . وهو مايخص الشهداء وعوائل الشهداء . فكافة المسؤولين يــصــرخــون في كــل زاوية من زوايا الـدوائر الرسمية طالبين ( بالكلام ) تعويض الشهداء و "رعاية "ابنائهم وتمشية معاملاتهم !!! الا ان اكثر المظلومين اليوم من الناحية الواقعية في بلادنا هم ذوو الشهداء . الامر وما فيه ان النظام الرسمي الذي وضع لكي ينظم تمشية المعاملات انما وضع بشكل بحيث يجعل الكثير من ذوي الشهداء ييأسون من الحصول على حقوقهم . بينما اغلبهم يعانون عــيشة الـظـيـم والـحـرمــان ولكنهم في الوقت ذاته لا يـسمعــون سوى الصراخ " برعاية !!! " الشهداء !!! . وهذا المثل يخلق انطباعا ًلدى الباحث ان هناك في الدوائر العليا من يتفرج على هذه المهزلة . وهم ممن شاركوا بخلق مأساة الشهداء !!! ولكنهم من اكثر الناس يصرخون و" يـنـأ لـمـون !!! " على الشهداء المساكين !!! لاخفاء انفسهم والابتعاد عن المسؤولية امام الناس !!! . واذا ما اردنا الاستمرار في مشاهدة بعض خصائص الساحة العراقية فسوف نرى العجب العجاب ــ كما يقولون ! فان النظام البائد قد خلق منظومة من قواعد لعبة وكلاء التأثير وقد استـعـملها بكل ما يملك من شيطنة وخبث . ولكنه تركها لايتامه بحيث يمكن ملاحظتها اليوم في كل مرفق من مرافق الدولة والحياة الحزبية ومنظمات المجتمع المدني . والسؤال الكبير الذي نطرحه امام الحكومة العراقية هو : هل انها تنوي في المستقبل القريب معالجة الموضوع ؟؟ هل ان المسؤولين عن ادارة الحكومة سوف يضمنون استفادة الدولة من المهند سين والاختصاصيين الذين يصرحون دائما ً بآرائهم السديدة لاصلاح نهج الحكومة دون ان يسمع احد من المسؤولين . مع العلم ان الفضائيات تنشراراء ثمينة جدا ً وهي تخص تنفيذ الـمـشاريع المتعثرة واسباب تعثرها . ويظهر من الدراسة ان المعالجة ينبغي ان تشمل اعادة النظر بـعدد المستشارين في الدوائر العليا ودراسة المستوى المعرفي للهيئات الاستشارية عموما ً . ثم الاستفادة من الاختصاصيين العراقيين المتروكين في دول الشتات مع توفيرلهم الظروف الملائمة للعمل المنتج . واهم شيء هنا هو قطع دابر وكلاء التأثير المنتشرين في دوائرنا الرسمية ومنظماتنا الوطنية . هذا ونتمنى ان تجد هذه الملاحظات صدى لدى الذين يعتبرون انفسهم من الذين يؤلفون طاقم المسؤولين عن مستقبل العراق !!! . الدكتور عبد الزهرة العيفاري موسكو 23/5/2011 http://abdalzahraifary.blogspot.com
#عبد_الزهرة_العيفاري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول مقتل ابن لادن ... واشكالية الطابور الخامس
-
في بلداننا توجد صورتان للموت
-
ايران العمائم والبعث الفاشي قوتان متحالفتان لاضعاف دولنا وسح
...
-
وهكذا .. ظهر ا لقذا في على حقيقته الارهابية
-
- بطولات فارغة - داخل - مجلس الثعب - في سوريا
-
لنحذ ر من الا نزلا ق الطا ئفي
-
الى اين يجب ان يسير النظام في العراق ؟ /
-
الاصلاحات في العراق سوف تتحقق خلال 100يوما ً ! هل هذامعقول؟؟
-
متى سيتحرر العراق من سطوة الرجعيين ؟ 4
-
تجربة العراق في مكافحة الارهاب ومأساة ليبيا
-
متى يتحرر العراق من سطوة الرجعيين القسم الاخير
-
القسم الثاني متى يتحرر العراق من سطوة الرجعيين ؟
-
متى يتحرر العراق من سطوة الرجعيين ؟
-
تأييد الشعب لحكومته مشروط بسماع الحكومة للشعب يا ايها الساد
...
-
هل نحن الان امام دروس التاريخ ؟
-
مواطن تونسي اشعل النار في جسده لتشتعل نيران الثورة في بلاده
-
حول من يريد اعادتنا الى القرون الوسطى
-
حول المستقبل الاقتصادي للعراق
-
الى متى هذا التقاعس يا حكومة العراق
-
القسم الثاني المسألة القومية
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|