أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - ثائر كريم - تكوين الدولة والهوية الوطنية العراقية ومسؤولية الفعاليات السياسية















المزيد.....

تكوين الدولة والهوية الوطنية العراقية ومسؤولية الفعاليات السياسية


ثائر كريم

الحوار المتمدن-العدد: 1006 - 2004 / 11 / 3 - 10:54
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


انطلق في فهمي لحاضر العراق ومستقبله من فهم معين لتاريخه المعاصر. اقول- وأختصر- ان مشكلة العراق السياسية الاولى هي مشكلة اخفاق مسيرة اندماج مكوناته الاجتماعية المتنوعة اندماجا سلميا.
هناك ثلاثة اسباب رئيسية لهذا الاخفاق.
السبب الاول، على مستوى الدولة، قلة رجالات الدولة من الوزراء والادرايين والمسؤولين الذين يسهرون على تأسيس مؤسسات الدولة الوطنية اللاشخصانية. رجالات دولة يعملون لصالح انفسهم ولكنهم يتجاوزونها ايضا. هم يعرفون ان وجودهم من وجود الدولة. وهم جزء من كيان موضوعي يقوم ويحيا خارجهم. ويستمر بعدهم. كانت اعداد رجالات الدولة ابان العهد الملكي (1921-1958) قليلة لكنها اكبر مما اضحت عليه في العهد الجمهوري. فقد استلب العسكر بواسطة انقلاب 14 تموز 1958 مسيرة تكوين مؤسسات الدولة واحلّوا، بدلا عنها، ماكنة السلطة الحكومية. وشتان ما بين سلطة الحكومة وسلطة الدولة. اما بعد انقلاب 1968 البعثي فقد اُختتطفت عملية الاندماج كليا من قبل العشيرة. وانبثقت شمولية الدولة الطائفية.
السبب الثاني، على مستوى الفعاليات السياسية، هو تغلب اليات الصراع العنفي على موارد البلاد على حساب العمل السياسي، سلميا. تبادل العنف والسياسة السلمية اماكنهما ابان العهد الملكي بين فترة واخرى. وانتصر العنف مع انقلاب 14 تموز. وصار بعد انقلاب 1968 اسلوبا ثابتا لادارة السلطة والحياة، ايضا.
السبب الثالث، على مستوى الحكومات المتعاقبة منذ سنة 1921، هو احتكار القوى المسيطرة على الدولة لموارد البلاد السياسية والاقتصادية. كانت مظاهر الاحتكار قائمة اثناء العهد الملكي. وصارت شرسة بعد انقلاب 14 تموز. واصبحت واقعا شاملا بعد الانقلاب البعثي 1968.
حصاد مسيرة الاندماج وتكوين الدولة
تبين تجربة اندماج المكونات الاجتماعية في دولة جديدة اسمها العراق انه لا يمكن إقامة الدولة في ظل قلة اعداد رجلات الدولة واهتمامهم بمصالحهم الانانية فقط على حساب المجتمع والدولة. ولايمكن اقامتها في ظل الاحتكار والعنف. واذ يسعى الكل لمصالحه الجزئية على حساب الاخر فانه لن تتحقق فكرة الوطن للجميع، لكل الناس. ولن تنشأ هوية وطنية جديدة.
ان تنوع مكونات المجتمع العراقي بطوائفه وقومياته ومذاهبه يشكل عنصر غنى ثقافيا وروحيا واجتماعيا. ولكن فقط اذا استثمرت هذه المكونات بعقلانية وعدالة وفي اطار سلام وطني بينها. بخلاف ذلك يمكن لهذه المكونات ان تحمل في طياتها قنابل قابلة للانفجار والتدمير. يحدث ذلك حينما يتسلط عنصر من عناصرها على الكل المتنوع محتكرا موارد الكيان المادية والسياسية والقيمية ليعيد تشكيلها وتوزيعها على هواه.
اساس تكوين الدولة: الولاء الوطني
عند النظر لواقع الحالة السياسية في العراق ومستقبل تطوره على طريق وطني ديمقراطي فمن الضروري التمييز بين بعدين اساسيين مختلفين، تحليليا، وربما تكتيكيا ايضا ولكن مترابطين استراتيجيا. البعد الاول يتعلق بضرورة خلق اليات الحكم السياسي من حكومة ووزارات ومؤسسات ادارية وسياسية وغير ذلك مما يتطلبه أي نظام حكم. وبعد أخر يتعلق بخلق اساس مرجعية وشرعية الدولة. أي خلق اسس التواجد المصيري المشترك لجماعات اجتماعية مختلفة يمكن ان تتفق او لا تتفق على العيش المشترك.
فقبل ان يتفق اهل العراق على طريقة حكم الجماعة، عليهم ان يتفقوا اولا فيما اذا كانوا يشكلون حقا جماعة مشتركة.
وقبل ان يتفقوا على خلق اليات صنع القرارالسياسي المفروض على الجميع عليهم ان يتفقوا على مبدأ الانتماء المشترك.
من هنا، فان اي ترتيب مقبل لنظام الحكم السياسي للكيان يجب، بالضرورة، ان يتمفصل على تنظيم اسس تكوين وقيام ومستقبل هذا الكيان.
ان تكوين دولة قانون في العراق- أي دولة قائمة ليس على الاقرار الفعلي بالتعددية الاجتماعية والفكرية السياسية فحسب وعلى مساواة سياسية تامة تصونها مؤسسات مستقلة- هو المرحلة الاولى والاساسية على طريق التطور السياسي لعصر ما بعد صدام حسين.
الاندماج السياسي القائم على مشروع الدولة الوطنية يفترض انخراط الناس والمكان والدولة في كلٍ واحد على اساس فكرة الولاء الواحد لمؤسسات سياسية لا شخصانية. علاوة على ذلك، فان آليات تكوين الوحدة والولاء السياسي الوطني في ظل تعددد وتشظي اجتماعي لا تنجح، بالضرورة، الا إذا تمكنت المكونات المختلفة من تعريف نفسها ومصالحها الاقتصادية والسياسية والثقافية، طوعيا، ضمن المشروع الوطني
مسؤوليات الفعاليات السياسية
ما من هوية جماعية تتشكل وتنمو إلا مع نمو ولاء الناس لها ونشوء منظومة قيم ومعايير ورموز مشتركة تربطهم معا. وفي العراق ترسخت العديد من القيم الاخلاقية والرموز الحضارية والمصالح الاقتصادية المشتركة منذ زمن طويل بين مختلف مكوناته الاجتماعية.
وفضلا على وجود قواسم مشتركة فان ثمة معطى معاصر فادح المعنى يمكن ان يشكل، اذا استثمر بصدق وحماسة انسانية، عنصرا حاسما من عناصر منظومة القيم والرموز الموحدة لكل مكونات العراق. انه المعاناة الدامية التي مرت باهل البلاد، على أختلاف ولاءاتهم واصولهم، على يد ألاستبداد الشمولي الطائفي. فضحايا العنف والقهر هم في كل مكان في العراق. . ان اقامة محاكمات عادلة لمجرمي النظام السابق والعناية الخاصة بالمقابر الجماعية والسجون السابقة يمكن ان يقيم رموز مهمة على طريق خلق المعاني الوطنية المشتركة. ليس ثمة اسمى وامتن من اخوة المقهورين وضحايا الطغيان.
ان أي بديل سياسي، قائم، مثلا، على وازع اخلاقي ديني مثالي (الحركات الاسلامية) او مثال ثوري تغييري راديكالي (الاحزاب الماركسية واليسارية اللبرالية) او دافع قومي عربي (الاحزاب القومية) او وازع قومي استقلالي (الاحزاب الكردية) لابد ان يتغير، داخليا، ليستند على وينطلق من الولاء لدولة القانون الوطنية
يفترض أي نمو لسياق سياسي، وطني ديمقراطي ان تنشأ احزاب عريضة تضع هدف التغيير الاجتماعي والتحويل الوطني الديمقراطي للعراق موضع الاولوية الحاسمة. ومن الضرورة القاطعة، بالطبع، ان يتوجه ولاء كل التنظيمات السياسية في العراق اولا وقبل وكل شيء الى دولة القانون ومؤسساتها السياسية. مثل هكذا ولاء سيتطابق مع ماهية الهوية الوطنية المشتركة لمكونات العراق المختلفة. من هنا لابد للتنظيمات السياسية في العراق ان تكيف مراميها السياسية الهادفة- ضمنيا او بصراحة- الى تكريس نماذجها الخاصة للبديل السياسي والمرجعية السياسية ليتلاءم في الجوهر والاساس مع هذا الولاء.
العمل بدستور منبثق من اجماع اجتماعي ووطني عام. وانتخابات نزيهة والتزام قانوني ثابت بحريات الناس السياسية والمدنية، انتخابات يحترم نتائجها الجميع. هذا هو الطريق الوحيد المتاح لتأسيس شرعية الدولة الوطنية. والاساس الوحيد لتنمية الاندماج الوطني، سلميا وطوعيا.



#ثائر_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو اعادة تقييم انقلاب 14 تموز 1958 في افق الديمقراطية والاص ...
- القوى السياسية في العراق ومستقبل الهوية الوطنية العراقية 2-2
- القوى السياسية في العراق ومستقبل الهوية الوطنية العراقية 1-2
- نحو اعادة تقييم المجالس التمثيلية في العهد الملكي
- هل سيتحقق مشروع الدولة الوطنية في العراق يوما ما؟
- كيف يتعامل الماركسيون العرب مع انهيار النموذج الاشتراكي الاو ...
- كيف يتعامل الماركسيون العرب مع انهيار النموذج الاشتراكي الاو ...
- كيف يتعامل الماركسيون العرب مع انهيار النموذج الاشتراكي الاو ...
- ما تأثير الراسمالية والطبقة الوسطى في انجاح الانتقال للديمقر ...
- اجتثاث البعث بين التسرع المرتجل والنقد الغاشم
- لا معنى لمحاكمات نظام صدام حسين بدون ترسيخ الولاء لدولة القا ...
- من يقود الارهاب في العراق: بعثيو صدام حسين ام الاصولية الاسل ...
- هل هناك افق للتغيير الديمقراطي في العراق؟


المزيد.....




- في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً ...
- مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن ...
- مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة ...
- ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا ...
- كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة.. ...
- لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
- صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا ...
- العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط ...
- الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - ثائر كريم - تكوين الدولة والهوية الوطنية العراقية ومسؤولية الفعاليات السياسية