حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 1006 - 2004 / 11 / 3 - 07:43
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
يكاد ينتصف القرن الحادي والعشرين, وفي سوريا يتزايد السكان(مفردها ساكن), وعدد محدود جدا من الأفراد,وفي تناقص مستمر يتناثر ون حول القطبين:الرسمي أو الهامشي.
الساكن هو عنصر في جماعة(ثقافية,دينية,عرقية,...) تحدد هويته ووجوده بغض النظر عن جنسه وملكيته وتحصيله العلمي أو المعرفي, يميّزه عبادته للصحّ والصواب والحق, مع غياب القرار والمبادرة الشخصية. السكان أسلاف الأفراد وحاضنتهم المستمرّة.
الفرد تحقق إبداعي وهو المرحلة الأعلى في تطور الساكن, قد يكون في مركز القطب الرسمي(غورباتشوف,عبد الرحمن سوار الذهب, جورج حبش) أو في مركز القطب الهامشي(بودلير, نيتشة, زياد رحباني). الساكن منتج للقيم التقليدية وحارسها الأبدي, على العكس تماما من الفرد.
الأفراد ينتجون المعارف والأدوات الجديدة,والسكان يحوّلونها إلى سجون ومحاكم تفتيش.
*
غياب القارئ السوري أو ضمور دوره الفعلي سبب ضحالة الثقافة, وغياب الفرد السوري سبب التخلف الشامل في الدولة والمجتمع.
باستثناء"قلها ومت" لا توجد عبارة أكثر سخفا من ال(قلها وامضي). جميعنا يريد أن يقولها ويمضي, وكأن هناك من سيعنى لاحقا بتحليل عباراته وآثاره(تلك الكنوز)!!!
يعرف معظم كتاب وأدباء سوريا أن كتابتهم لا تساوي ثمن الورق الذي كتبت عليه. لست مختلفا بشيء,سوى بهذه المعرفة بالنقص الذاتي المعرفي والأخلاقي والتي يشاركني فيها قلائل بشكل فعلي.
الخطاب الثقافي السوري_الأدبي والفكري_ يكرر أسطورة واحدة"أخلاق التضحية", صنعها الفقهاء والحكام وأنصاف المتعلمين والإعلام,وعلى التضاد منها تستمر دورة الحياة اليومية الحقيقية, مليئة بالخوف والخداع والصغائر, كلنا يعرف ذلك ويبذل ما بوسعه لنسيانه أو إخفائه والتغاضي عنه. حياتنا كما حدثت وتستمر, مغلّفة ومحجوبة بالأماني والرغبات المجهضة, فيما يكبر الحرمان والجهل ويتعمق الخوف.
*
عندما تشعر أنك غريب, ولا أحد يمكنه أن يفهمك أو يريد ذلك, وتحتمل سنة, سنتان, عشرة, ستصل أخيرا إلى الانهيار. في تلك المرحلة ترى الأخلاق كتلة صغيرة هلامية قبيحة وكريهة, وتستغرب كيف كنت أعمى إلى هذه الدرجة. لا يمكن لأحد أن يعيش بلا أخلاق,ليست تلك العبادات والطقوس والعادات المنافقة, بل الموقف العميق تجاه الحياة, مع النفس والآخر والوجود برمته. عندها ترى كم تلك الأهازيج والحكايات والخطابات أو ما يسمونه الفكر والأدب, ضحل ويفتقر إلى الحد الأدنى للا قناع. سترى خلفك الفلاسفة والحكام والمفكرين, ستنظر إليهم من فوق وبعد لكنك تشعر بالضياع, بانعدام الوزن, وتدرك قيمة الصمت لأول مرة.
الصفات نقص والمبادئ عقد. فقط الأفراد فائقي الذكاء والحساسية يفهمون ذلك, ويكرهون الشرح, فهم يدركون نوا قصهم وما يجهلون, يعرفون محدودية المعرفة, نسبيتها, ومساحات الأوهام التي تتخللها, لأجل ذلك كان الحوار,
لأنه أولا حاجة وحياة.
اللاذقية_حسين عجيب
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟