محمد رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 3372 - 2011 / 5 / 21 - 16:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تصدرت كلمة" آزادي " الحرية واجهة الاعلام الناطق بالعربية بعيد ظهر يوم الجمعة 20 / 5 / 2011 بانطلاقة التظاهرات والاحتجاجات التي عمت المدن والبلدات السورية في يوم جمعة" آزادي " بتعاضد وتآلف وتحالف أحرار سورية على إطلاق اسم" آزادي " على الاسبوع التاسع لانطلاقة الثورة السورية في تعبير على ان الكرد والعرب والمكونات السورية الأخرى يجمعهم وطن واحد وان اختلفت الخصائص القومية والمذهبية , فكانت ان عمت التظاهرات جميع المدن والبلدات الكردية وأماكن تجمع الأكراد كما لم يخرجوا من قبل سابقا ومن دون استثناء , وذلك تعبيرا ووفاء وتضامنا ومشاركة بان دماء الشهداء التي تراق في المدن السورية هي دماء أبناء الشعب السوري عموما , وبان آلة القتل التي تبطش وتفتك بالأحرار لا تفرق في اهراقة الدم عربيا كان أو كرديا أو أشوريا أو من أي طائفة أخرى , انه لون الحرية الأحمر القاني التي ليست لها لونا آخر سوى لون زهرة شقائق النعمان .
- 2 -
لعشرات السنين والحكومات المتعاقبة على دست الحكم في سوريا تتجاهل كلمة الكورد ووجودهم في سورية , والاعلام السوري الرسمي والعربي بشكل عام تتجاهل حتى النطق بكلمة الكورد , ومن انه شعب يعيش منذ آلاف السنين في منطقة تؤرخ بأنها مهد الحضارة الإنسانية ( الحضارة الحلفية قبل أكثر من 5000 عام قبل الميلاد – نسبة الى تل حلف الواقعة الى الشرق من مدينة القامشلي 70 كم) , والتهم الجائرة الجاهزة كانت تتقاذف بحق الكورد السوريين من الأعداء والخصوم والاخوة والأشقاء على حد سواء , فمن الأشقاء من كان يتهمهم بأنهم أتوا من الشمال ويتوجب عليهم العودة الى الشمال وشمال الشمال , ومنهم من كان ينصح بان لايذكر حتى كلمة الكورد في سوريا كون ذلك يضر بمصالحهم وبثورتهم بحسب زعمهم او ما كان يفرض عليهم إثناء تواجدهم في دمشق إذ كانوا لاجئين لدى النظام ويعتاشون من موائده , او بالأحرى كان النظام قد أمن لهم ملاذا آمنا من بطش صدام وفرض عليهم الوصاية , او من كان يلوح بان الاسد الأب هو الصديق الصدوق لهم , وحتى هذه اللحظة ظلوا أوفياء للوريث الحاكم بحكم العادات والتقاليد الكردية العريقة جدا , و بان الاسد الأب قدم لهم الخبز والملح وبان الكرد ليسوا ناكري الجميل كالترك ( يقول المثل الكردي بان خبز التركي على ركبتيه ) , لا بل وصل الأمر ومنذ اليوم الأول من انطلاقة الثورة السورية أبى احد اولاءك الأشقاء وبحكم مركزه المرموق إلا ان يضع إكليلا من الزهور على قبر الاسد الأب عرفانا منهم بالجميل وتحديا لمشاعر الشعب السوري , وووو.
اما الآخرين من أعداء وخصوم وإخوة فكانت التهم بحق الكرد السوريين لم تخلوا من العنصرية والعداوة مرددين , لايوجد فرق بين كردي وعربي فكلنا عرب , اسرائيل الثانية , انفصاليين , متسللين , عملاء , مأجورين , حتى وصل الأمر بأحد المناضلين الاممين جدا الى حد التخمة قائلا , لا أريد ان اسمع أي شئ ماوراء الفرات , ومن خلال الإجابة على احد المداخلات والأسئلة التي وجهت إليه من قبل احد الناشطين الكرد إثناء عقد ندوة في احد الدول الأوربية أجاب , بان ما تقوله يدخل في الاذن اليسرى وتخرج من الاذن اليمنى وووووو.
- 3 -
عشرات السنين والحركة السياسية الكردية عجزت في ان تصل المأساة والمظالم التي يتعرض لها الكرد الى اخوتهم في الوطن الواحد , وبطبيعة الحال تتحمل الحركة السياسية العربية الجزء الأكبر من هذا التجاهل , لربما احد الأسباب هو التلقين وغسل الأدمغة الذي كان حزب البعث العروبي يزرعه ويصقل به أدمغة الأطفال والشباب السوري بأساليب منهجية , منطلقا من منظومة عنصرية شوفينية , بان هذه البلاد ارض عربية وبان من يسكن ارض العرب فهو عربي .
جمعة " آزادي " الحرية هذه والتي يتصدرها الشباب ولا احد آخر سوى الشباب ( فليختبأ تحت عباءة حزبه القاتمة وليذرف العرق مدرارا من جبينه ومن تحت ابطيه– هذا اذا بقى لهم حياء بتصاريحهم الخوارية بانهم يتصدرون التظاهرات - من يحاول ان يسرق نضال الشباب ) خلقت وضعا استثنائيا وتحولا في مجرى تاريخ سوريا لا بل لدى شعوب المنطقة عموما , بان الكورد والعرب والقوميات الاخرى شركاء في هذا الوطن يجمعهم وخيارهم هو وحدة المصير والعيش المشترك في سورية الحرة , الجميع متساوون ولهم كامل الحقوق في ظل سورية الديموقراطية الحرة الخالية من الظلم والاستبداد والاستعباد والالغاء والتهميش والاقصاء .
- 4 –
بدخول الثورة السورية شهرها الثالث وفي ظل الأجواء القاتمة من فتك قوات الأمن المساندة من الكتائب الخاصة في الجيش وشبيحة النظام بالمتظاهرين واستفراد النظام بالمدن السورية الواحدة تلو الاخرى ,من قتل وفتك وترويع وبطش وملاحقات وزج السجناء في المعتقلات وإرهاب , نعم الإرهاب بكل معانيها ودلالاتها , وأساليب فاشية نعم فاشية , أليست الفاشية هي تصفية الخصم السياسي والمخالف في الرأي , فان بوادر تصعيد التظاهرات و تصدر الشباب الاحتجاجات والتظاهرات توحي بأنهم القوة الفاعلة والأكثر ثورية بعكس أقوال معلمي البروليتاريا مع جل التقدير لأرثهم الثوري ,واذا كانت القاعدة الثورية تؤرخ بأنه لا يمكن استنساخ الثورات فانه من البديهي الاستفادة من مورثها الثوري , وما الإرث الذي خلفه البعض من الثورات في العصر الحديث إلا دلالة على ان الثورة ليست لها وطن او تاريخ او زمان مكان , فالثورة المخملية التي قامت في تشيكوسلوفاكيا عام 1989( اذ ان كاتب هذه السطور كان شاهدا عليها ) كان وقودها الطلبة وطليعتها الصدامية , وذلك إثناء الاحتفاء بعيد الطلبة العالمي , اذ توجه الطلبة الى مقبرة الشهداء لوضع أكاليل من الزهور على أضرحة الطلائع الطلابية التي واجهت وقاومت النازية , ومن حلال المسيرة الى المقبرة تفرعت المسيرة الى مجموعتين , مجموعة توجهت الى المقبرة ومجموعة ثانية توجهت الى ساحة القديس فاتسلافاك في مركز المدينة براغ وإشعال الشموع والاعتصام , فما كان من العناصر الأمنية وقوات مكافحة الشغب وحفظ النظام وشبيحي السلطة بتفريق الجموع من دون أي سبب , وتوسعت الثورة بانضمام أطفال المدارس الابتدائية والمتوسطة اليها في اليوم الثاني وانضمام اسر وأهالي الطلبة الى التظاهرات في اليوم الثالث وانضمام باقي شرائح الشعب الى الثورة في اليوم الرابع , وتوسعت في اليوم الخامس لتعم باقي المدن والبلدات التشيكوسلوفاكية , وما المثال الأقرب الا دلالة ساطعة بدأ من شرارة البوعزيزي في تونس وثورة الشعب المصري والثورة الليبية واليمنية , والثورة السورية المستمرة التي أطلق شرارتها أطفال درعا , نعم أطفال درعا الذي يتناساهم العالم المتحضر المتمدن بترشيح البوعزيزي وخالد سعيد لجائزة نوبل للسلام , واطفال درعا هم الأحق استحقاقا بنيلها , مع عدم نسيان اطفال قامشلو في نهاية الثمانينات من القرن المنصرم الذين ادخلوا السجون ليس الا سوى انهم رفعوا العلم الكردي في احد المدارس , وشباب انتفاضة الثاني عشر من آذار الذي كسروا حاجز الرعب والخوف من ان النظام وآلته وأجهزته وأدواته ليسوا الا نمور من ورق .
السؤال هنا برسم المستقبل , هل سيتصدر الطلبة زمام الثورة قبل ان تغلق المدارس والجامعات ام ان الثورة السورية لها خصوصيتها الثورية ؟.
- 5 -
تهنئة الى الأخ المناضل مصطفى جمعه ورفقاءه بمناسبة إطلاق سراحهم من أقبية السجون والزنازين , وكل الشكر والتقدير والإجلال لشباب الثورة السورية عامة ولشباب الكرد الذين سطروا الكلمة الكردية الاولى "آزادي" في ذاكرة وقلوب أبناء الشعب السوري , وكانت خير كلمة تعلمها أبناء شعوب المنطقة تحديا لمنع التكلم باللغة الكردية , وتحية تقدير الى مجلس الأمة الكويتي الذي أبى إلا ان يكون مجلس امة العرب والذي ندد بالمجازر الذي يرتكبها النظام بحق إخوته في سوريا الأحرار , فهل سنسمع بمجالس عربية أخرى لدول عربية, إنني اشك في ذلك ولتكن هذه الاشارات مستفسرة برسم ذمم تلكم المجالس الــ 21 مجلسا عربيا الباقية ؟؟؟؟
• مع شديد الاعتذار للمفكر المصري طارق الحجي , لاقتباسي كلمة دانات من كتاباته والتي تعني قذائف مدفعية بحسب فهمي المتواضع .
• مسئول منظمة الخارج لحزب الاتحاد الشعبي الكردي في سورية .
#محمد_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟