|
هل آن الأوان لأفتح لكم قلبي أيها العراقيين؟؟لكم وطنكم و لنا وطننا!!ـ
فينوس فائق
الحوار المتمدن-العدد: 1006 - 2004 / 11 / 3 - 10:55
المحور:
القضية الكردية
كنت أبلغ من العمر تسع سنوات ربما أقل ، ربما أكثر ، عندما كنت أسمع لأبي وبدأت أن أعي ما يقول و هو يتجاذب أطراف الحديث بصوت خافت كعادته مع أصدقاءه أو مع أمي أحياناً في السياسة ، فقد كانت السياسة في تلك الأيام من الأمور التي ندمن عليها في السر و الكلمة الأكبر التي كنت أركض وراءها لأمسك بها ، كنت على عجلة من عمري لأكبر وأفهم المعضلات السياسية و أخوض السياسة و أمارس السياسة أو ربما لأكون سياسية مشهورة و أجلس و أحلل و أتحدث عن السياسة ، كانت السياسة تختصر معاني المقاومة و النضال السري ، و السجون و المعتقلات ، و أصوات طلقات الرصاص في الأحياء و الأزقة في الليل ، و عندما نصحو في الصباح نجد العزاء مقام في أحد البيوت لكن بشكل سري ، كلما كنت أرى الأمهات يبكين في السر و ممنوع عليهن إطلاق أصوات النحيب كنت أعرف أن لعنة السياسة قد أصابت منزلاً ما ، كانت السياسة في تلك السنوات لا تحمل أية ألوان و لم نكن نفرق بين هذا التيار أو ذاك ، كان جميع المناضلين و البيشمركة يلبسون ملابس من طراز واحد و ينتعلون نوعاً واحداً من الأحذية اللاستيكية التي لا تقي برد الشتاء و تحرق أصابع القدم في الصيف . في العراق في عهد الدكتاتورية كان يكفي أن تكون كردياً لكي تكون سياسياً بالفطرة ، أو لكي توجه لك تهمة "مخرب" ، كثير من الأكراد الذين كانوا يعتقلون بتهم سياسية كانوا يحاكمون بتهم كالقتل و التهم المخلة بالشرف وذلك كوسيلة لتشويه سمعة السياسيين الكورد ومناضلي الحركة الكوردية، فيتم تصفيتهم أو يختفون وراء الشمس إلى الأبد ، و أحياناً ترسل جثثهم إلى أهاليهم بعد أن يتقاضون من الأهالي ثمن الرصاصات التي أعدمو بها ، فكان هناك من كانت روحه قوية فيموت بعد أن تطلق عليه عشرات الرصاصات ، و كان هناك من روحه رقيقة فيسلم الروح برصاصة واحدة... كنت في التاسعة من عمري عندما سمعت أبي يتحدث عن أرضٍ قُسمت إلى أربعة أجزاء و إستحوذت عليها أربعة دول ، هي العراق و إيران و تركيا و سوريا ، حتى ذلك الوقت لم أكن أفرق بين أن أكون عراقية أو أن أكون كوردية بجنسية عراقية أو بين أن أكون كوردية بجنسية كوردية هذه محنة الهوية و البحث عنها ، لم أفهم تلك المعضلة إلى أن كبرت قليلاً فكنت بعد أن أخرج من المدرسة أعرج على منزل خالي الذي حرم حياته كلها من ملذات الدنيا بما فيها الزوجة و الأطفال و وهب شبابه و حياته للسياسة و قراءة الكتب و كتابة الشعارات و توزيعها ، فكان يزودني بالكتب ، الكتاب الواحد منها كان كفيلاً بأن يعدموا طفلة مثلي مثلما ما فعلو مع العديد من الشباب الذين ألقي القبض عليهم أئناء مظاهرة طلابية و زوروا سجلات الأحوال المدنية من أجل أن تشملهم عقوبة الإعدام ، على أي قرأت مرات عدة خلسة تأريخ الإمارات الكوردية التي قامت عبر التأريخ و تأريخ الثورات و الحروب التي خاضها الكرود ضد "محتليهم" ، و قرأت تأريخ جمهورية مهاباد و القاضي محمد , إمارة بابان و ثورة الشيخ سعيد بيران و الشيخ محمود الحفيد و.. وغيرهم كثيرون . و قرأت فيما بعد عن المعاهدات و الإتفاقيات الدولية التي زايدت على القضية الكوردية منها معاهدة سيفر التي منحت بعض الأمل للكورد و لوزان التي بددت كل تلك الآمال و نفختها في السماء كدخان أركيلة ، و بعد ذلك عايشت في سن مبكرة ملابسات إتفاقية الجزائر المشؤومة التي فتحت عيني على حقائق في السياسة لم أكن لأعرفها لو لم يمر الكورد بتلك التجربة المرة و النكسة المؤلمة ، لكن التجربة كانت كبيرة و قاسية علي ، كنت في بداية تفتح إدراكي و حواسي عندما رأيت منظر البيشمركة و هم مجبرون على تسليم أسلحتهم للعدو و إعلان النكسة و الهزيمة ، كل ذلك لقاء عدة جزر منحها النظام العراقي إلى شاه إيران مقابل تخليه عن دعم الحركة الكوردية و طردهم من معاقله في الجبال الإرانية ، كم كان الثمن رخيصاً آنذاك ، و كم كانت الصدمة كبيرة و أنا في ذلك السن الصغير ، فقد بدأت أكبر قبل الأوان لم أكن أرى حولي سوى الصدمة و الهزيمة و الحزن في عيني أبي ، فقد أكل الغدر معضم أيام الطفولة كما أحرقت المعارك و الحروب باقي أيام العمر بعد ذلك ، كبرت بين طيات الحزن و داخل تضاريس طلقات البنادق ، عشت كل تفاصيل الخوف و الرعب ، كبرت دون أن أدري بأني أكبر، وقعت في فخ السياسة دون أدر بنفسي. في ذلك السن المبكرة لم أكن قد وضعت تعريفاً ثابتاً للسياسة عندما تلقيت أول ضربة بالكرباج من يدي إنضباط عسكري ، كنت لازلت في الربيع الرابع عشر عندما تلقيت الركل من بوستال جندي عربي في الشارع الخلفي من المدرسة الثانوية أثناء مظاهرة طلابية عفوية بينما كنا نخرج من إمتحانات نهاية العام الدراسي ، عندها تدافع عدد من شبان المدرسة الثانوية الخاصة بالذكور ليمنعو الضرب عن البنات فأخذوهم عنوةً و هم يضربوهم ، في تلك الفترة الأحداث كانت تجري من حولي كالحريق في القش ، لم أكن بعد قد تعرفت على الجوانب السلبية و الإيجابية من السياسة ، في هذا الوقت كان وجود صورة صغيرة للزعيم الكوردي المللا مصطفى البرزاني في أي بيت يكفي لأن يحكم على أهل ذلك البيت بالإعدام. هذه كانت مفردات الحياة السياسية في كوردستان ، كان كل كوردي ينظر إلى العربي العراقي بعين ملؤها الخوف و الحزن و الكره في بعض الأحيان ، كان العربي يمثل لكل كوردي ذلك الجندي الذي يداهم بيته في منتصف الليل و يخطف الإبن من حضن أمه و الزوج من الزوجة ، أو ذلك الإنضباطي الذي يقف على باب السجن و يدفع بالنسوة بطريقة لا إنسانية و هي تقف في الإنتظارلرؤية إبنها المسجون ، أو أفراد القوات المرتزقة الذين كانو يسيقون الأكراد من قراهم إلى مثواهم الأخير بإسم آية الأنفال و دفنهم في قبور جماعية ، أو ذلك الطيار الذي ضغط على زر في طائرته ليقصف مدينة بأكملها القنابل السامة و الكيمياوية و قتلهم في وضح النهار و من بعدها عشرات المدن و القرى و القصبات الكوردية الأخرى التي إما أحرقت عن بكرة أبيها أو دمرت بيوتها على أصحابها أو رحلت أهاليها إلى مناطق أخرى نائية ، و يقال أن اليهود هم الذين إخترعو فكرة تدمير البيوت على أصحابها و تشريد أهالي القرى و القصبات في فلسطين ، كان وجود قوات الإنضباط و الفرق العسكرية الممتلئة بهم الشوارع كفيلة بزرع الحقد و الضغينة بين شعبين يجمعهما تأريخ مشترك ، كانت معاني التعايش المشترك ممتزجة بمعاني الكره و التعايش القسري .. إلى أن كبرنا و كبرت معنا تلك المعاني لكن مفهوم السياسة ظل يتنامى مع الزمن بداخلي غير أنني تخليت عن فكرة ممارسة السياسة و أن أصبح سياسية مشهورة ، كرهت السياسة و كرهت الكتب التي قرأتها ، ففي بعض الأحيان الغباوة نعمة و الإدراك نقمة ، ليس لسبب و إنما لأنني كنت أنظر إلى المحيط الذي أنا فيه ، و كنت أرى نفسي أمارس السياسة بكل حذافيرها و أعيش تداعياتها بأدق تفاصيلها ، ففي العراق كونك كوردي و ولدت من بطن كوردية أو من ظهر كوردي يكفي لأن تكون سياسياً بالفطرة و يستحق عقوبة الإعدام.. كبرت و كبرت معي أسئلة كثيرة ، منها هل أن كل العرب في العراق هم أعدائنا ؟ هل أنا عراقية أم كوردية ؟ و ما الفرق بين أن أكون عراقية و بين أن أكون فقط كوردية ، و هل لي الحق بأن أتحدث عن مملكة أو جمهورية أو حكومة أو أي نظام كوردي مستقل ؟ أم أنني من قومية مسلوبة الحق في تقرير مصيرها و لا يحق لي أن أتكلم عن حقوقي و ماذا يعني أن تكون مسلوب الإرادة في بلدك إن كان العراق حقاً بلدي ؟ كل هذه الأسئلة كانت كبيرة على عقلي ، كانت تقلقني و تؤرق منامي ، كانت دروس "الكوردايتي" (الكوردايتي في اللغة و المفهوم السياسيي الكوردي تقابلها مفردة العروبة في اللغة و المفهوم السياسي العربي) كفيلة بأن تجيب عن الكثير من الأسئلة ، غير أنها هذه المرة حتى مفهوم الكوردايتي عجز عن أن يضع تفسير لما يحدث اليوم في كوردستان. كلنا نتفق على أن أجمل أيام العمر هي التي يقضيها الإنسان في مرحلة الجامعة ، و أنا درست في بغداد ، لذا فلا أخفي عليكم أن أجمل الأيام هي تلك التي كنت أدرس فيها ببغداد ، و أجمل الأصدقاء العراقيين صادفتهم هناك و ربطتني بهم صداقات قوية كانوا من العراقيين العرب . ومن المواقف الصعبة التي وقعت فيها كان موقفاً لا أنساه ما حييت ، و هوأنه و أثناء الحرب العراقية الإرانية كانت صديقة لي في الجامعة قد إستشهد شقيق لها و ما أن سمعت بالنبأ سارعت إلى دارهم في حي الثورة و عندما دخلت ، نادت علي زوجة أبيها و قالت أن إبنهم قتل على أيدي "العصاة" (كما كان يحلو للكثير من العراقيين أن يسموا قوات البيشمركة) فإعتراني مشاعر من الخوف و الرعب ، كيف أدخل داراً أعزي أهلها بمقتل إبنهم و هو مقتول ربما على يد أخي، فدخلت غرفة المعيشة حيث يجلس المعزون ، لكن كانت مفاجأتي عظيمة و لا توصف عندما رأيت صورة كبيرة للمرحوم معلقة على الحائط و هو يرتدي ملابس الزي الكوردي ، فسألت صديقتي بإستغراب شديد : ماهذه الصورة ؟ فقالت حرفياً: أنا أفتخر أن أخي قتل على أيدي قوات البيشمركة لأنه ذهب ليقاتلهم و ها قد لاقى مصيره المحتوم ، ثم في كل الأحوال لو كان إلتحق بالقوات المرتزقة في جبهة القتال ضد إيران كان أيضاً سيقتل لأن الطاغية يبعث بأهالي مدينة الثورة مع االمقاتلين الكورد إلى الخطوط الأمامية من جبهات القتال مع الإيرانيين حتى لا يخسر أعوانه المخلصين ، و اليوم أشرف له أن يقتل على يد كوردي من أن يموت على يد إيراني ، و على الأقل حصلنا على جثته ، فمن يدري لو كان أعدم لما كنا سنرى حتى جثته. حياة الإنسان مليئة بالمفارقات العجيبة و الغريبة و منها تلك التي صادفتها لدى دوامي في الجامعة أول يوم ، فتعرفت على فتاة بعيون خضراء جميلة من أهل كربلاء ، صارحتي بعد فترة طويلة من صداقتنا و قالت أن جدتها كانت تصور لها الكورد على أنهم وحوش يعيشون في الكهوف و هم عندما يجوعون يأكلون بعضهم البعض إذا لم يجدوا ما يسد جوهم من الأعشاب و النباتات البرية ، فمن لا يسمع كلامها ستأتي له بكوردي ليأكله ، ثم أضافت : لكني اليوم تعرفت عليكِ لتكوني بذلك أول كوردي أصادفه في حياتي و من بعدك تعرفت على الكثيرين و أجدكم مخلوقات على شكل إنسان و أجمل منا و تمتلكون المشاعر مثلنا و تتمتعون بمزيا إنسانية باتت نادرة و غير موجودة هذه الأيام ، لكن لماذا كانت جدتي تقول مثل هذا الكلام ، هل هذا درس من دروس الطاغية ليفرق بين شعبين؟ و الآن و بعدما وصلت إلى المهجر تعمق لدي إحساس غريب و هو رفضي التام لأن أكون عراقية ، عجزت عن أن أسترجع قناعتي بأن أرضى بجواز سفر عراقي أو هوية أحوال مدنية عراقية ، إنه إحساس متعب و شاق لكنه الواقع ، في المهجر و بالذات يوم تسلمت جنسيتي الأوروبية أحسست كم أنا كوردية و كان لا بد أن أحمل في حقيبتي بدلاً من جواز السفر الأوروبي و وثيقة المواطنة الأوروبية وثيقة تثبت أنني كوردية ، لأن الأمر يتطلب مني الكثير من الجهد و التعب إلى أن أفهم أوروبياً بأن الكورد ليسو بأتراك و لا عراقيين و لا إيرانيين و لا سوريين ، بل هم أمة مستقلة بذاتها لها لغتها الخاصة و ديانة و كل مقومات الأمة المستقلة لكن السياسة هي التي جعلت منها أمة مقسمة مشوهة المعالم و ملامح و فاقدة لمقومات الأمة المستقلة. في المهجر أحسست أكثر من أي وقت مضى كم أنا بحاجة لجواز سفر كوردي و لهوية أحوال مدنية كوردية أسوة بالعرب و الترك و الفرس و حتى اليهود و باقي أمم الكون . مع كل هذا و في الوقت الذي كان خيرة شباب الكورد معتقلون و يواجهون مصير الموت كنا نحن نشرب من الأدب العربي و نثقف نفسنا به ، كنت أقرأ للمتنبي و الجاحظ و المعري ، كنت أعشق السياب و الجواهري و محمود درويش ، لم أكف يوماً عن البحث في المكتبات العربية عن كل جديد في الثقافي العربية التي أنهل منها و أروي بها عطشي الثقافي ، حتى أيام كنا نقضي ساعات طويلة من النهار في السراديب هرباً من الغارات الجوية و المعارك بين الثوار الكورد و القوات التابعة للنظام في الشوارع ليلاً كنت أحمل كتاب جبران خليل جبران أو رجاء النقاش ، و أقرأ لجميل صدقي الزهاوي والماغوط و غيرهم ..إلى أن وصلت إلى المهجر و لم يغير شيء من علاقتي بالثقافة و الوسط الثقافي العربي و أصبحت أحترمه أكثر ، لأن الثقافة علم و السياسة عالم آخر و لأن السياسة فن الممكنات و الثقافة فن أنسنة مفاهيم مثل مفهوم السياسة.. أثناء إنشغالي بإقامة ندوة موسعة حول التحولات سياسية و التغييرات التي طرأت على الساحة السياسية العراقية بعد سقوط الطاغية و تحديداً في كوردستان ، إتصلت بعدد من الشخصيات لحضور الندوة و البعض الآخر لإلقاء محاضرة في الندوة ، كان المحاضرون هم (تيني كوكس) رئيس كتلة الحزب الإشتراكي في البرلمان الهولندي الذي تحدث عن التجربة الديموقراطية الكوردية و إمكانية أن يتعلم العراقيون منها ، (إلدرت مولدر) الصحفي الهولندي المشهور و المهتم بشؤون العراق و بالأخص كوردستان الذي تحدث عن تقييم تجربة العراقيين مع التحرر بعد سنة و نصف من عهد ما بعد الدكتاتورية ، و(سردار دوسكي) السياسي الكوردي المستقل و العضو في الحزب الإشتراكي الهولندي و الذي تحدث عن كوردستان الجديدة في عهد العراق الجديد ، و كان لابد لي أن أبحث عن أحد العراقيين "العرب" لكي يلقي محاضرة في نفس الإطار مركزا على الجانب العراقي في القضية ، فكان أن بادر السيد (صائب خليل) الصحفي و الكاتب مشكوراً طبعاً و عرض علي أن يلقي محاضرة بعنوان: العرب و الكورد ، هل نجروء أن نكون منفتحين أمام بعضنا البعض ؟ و سعدت جداً لمبادرته و رحبت بها ، و تصورت أن يكون موضوع صائب من أكثر المواضيع حيويةً من بين المواضيع الأخرى المطروحة للنقاش. غير أن ما حدث كان بمثابة الهزة الأرضية عندما بدأ بالحديث لكن عن "علاقة الكورد بإسرائيل" !! و كأن ما من علاقة تربط الكورد بالعرب و أن الكورد تربطهم العلاقة فقط مع إسرائيل ، و ليكن !! و هل هذا هو عنوان المحاضرة ؟ ثم و كأن إسرائيل لا تربطها علاقة مع أية مللة أخرى في الكون سوى الكورد ، و ليكن!! و لكن هل نسينا أم نتغابى عند الحديث عن الحقائق من أن إسرائيل هي الحليف الأقوى لكافة الإدارات العربية على الإطلاق !! ما أدهشني و أدهش الحضور هو أن صائباً كان يدافع عن موضوعه و كأننا نسلبه حقه في الحديث ، هو لم يتحدث و لم يشأ أساساً أن يتحدث عن علاقة الكورد مع العرب ، لم يكن اساساً يريد الحديث عن تلك العلاقة التأريخية التي ما من سبب في الكون يلغيه أو لم يكن مستعدا إن صح التعبير أن يتحدث عن تلك العلاقة ، لكن تحدث عن علاقة الكورد بإسرائيل..ببساطة شديدة ، صائب ليس المقصود بهذا السرد و إنما كل عربي عراقي يتحدث بحذر عن علاقة الكورد بالعرب بشكله الصحيح ، كل مثقف عربي يتخوف من الخوض في إشكالية تلك العلاقة و تجنب وضع ملامح واضحة لها ، و كل عراقي لا يمكنه تصور أن يكون الكورد جاره على خارطة العالم كدولة مستقلة ، و حساسيته تجاه مطلب الكورد و حقه الشرعي في إقامة دولة مستقلة. هذه إحدى المفارقات أو المعضلات أو الإشكاليات في العلاقة الثقافية الكوردية ، إذا تحدث المثقف الكوردي عن حق الكورد في إقامة دولة كوردية إتهم بالعنصرية و المبالغة في مطالبة ذلك الحق تحت ذريعة أن السياسة الدولية تقف حائلاً من تحقسق ذلك الحلم و محاولة لم شمل الكورد تحت راية أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ، متناسين أننا كورد و يجب أن نلم شملنا تحت راية أمة كوردية واحدة. فهل آن الأوان لأن أفتح قلبي لكم أيها العراقيون ، و أن تعرفوأ كم أحلم بقدماي و هما تطئان أرض كوردستان المحررة ، كوردستان بخارطة مستقلة و علم كوردي خاص بالدولة الكوردية ، لا أخفيكم أنني بت أكره زيارة كوردستان اليوم أكثر من أي وقت مضى ، فالكورد اليوم عاد مسلوب الإرادة أكثر من أي وقت مضى لكن هذه المرة أعترف و أقول أنه مسلوب الحق و الإرادة بإرادته هو ، هو الذي إختار أن يعود إلى العراق ، الإدارة الكوردية المنقسمة على بعضها هي التي تناولت الممحاة و مسحت كل الحدود الجغرافية و التأريخية للحلم الكوردي و أطفأت بذلك أخر بصيص للأمل إلى أجل غير مسمى و وضعت الحلم الكوردي في إقامة دولة كوردية على الرف. و كم كانت دهشتي و صدمتي كبيرة عندما صرح غازي عجيل الياور أول رئيس في عهد ما بعد زمن الدكتاتورية و أول رئيس عراقي فر بداية عهد العراق مع مفردة الديمقراطية عندما صرح بأن أي دعوة أو مطلب من جانب الكورد بدولة مستقلة هي خيانة ، في الوقت الذي يتزوج للمرة الثالثة و من كوردية ، و إذا هي خيانة بتصوره ، خيانة من؟ المرء يخون بلده لكن الدعوة إلى الإستقلال ليست خيانة و إنما هي مطالبة بحق مشروع.. لكن العتب ليس على الياور و إنما العتب على من رضي بالعودة و التي تزوجت منه. لكنني اليوم أكثر جرأة من الأمس و بإمكاني أن أرفض كل هذا و أعلن العصيان و التمرد لكن ليس على العراق و إنما على كوردستان التي عادت جزءاً من العراق ، و قد آن الأوان لأعترف أنني أحب العراقيين كثيراً لكن ليس داخل وطن واحد و ليس على خاطة موحدة تجمع الكورد و العرب في عراق موحد و إنما لكم وطنكم و لنا وطننا ، لم أحلم مثلما أحلم اليوم بكوردستان حرة يرفرف على أبنيتها العلم الكوردي و ليس أي علم آخر و كم أتمنى أن أعود طفلة عبارة عن صفحة بيضاء فأتعلم من جديد ألفياء اللغة الكوردية و أتعلم أبجدية السياسة لكن على الطريقة الكوردية ، و أسافر بجواز كوردي إلى بغداد الحبيبة و ألتقي بأصدقائي و أحبتي هناك و أتجاذب معه أطراف الحديث عن السياسة دون خوف أو رعب ، و أن أتباهى أمامهم بوطني و حكومتي المستقلة مثلهم أو على الأقل مثل الجارة كويت التي تصغر كوردستان عشرات المرات !! و أن أتعلم اللغة العربية الجميلة لكن بإرادتي و ليس بخطة مدروسة من خطط سياسة التعريب الخبيثة ، و أن أختار الحزب الذي أنتمي إليه بالرغم من أنني لا أحبذ الإنتماءات الحزبية و أن أتبادل الآراء الحزبية مع أصدقائي العرب في بغداد و أتعلم منهم و أطلعهم على تجربة الكورد مع الديمقراطية . كم أتمنى و أتمنى و أتمنى ، و لا أدري إلى متى سأظل أمني النفس بالأماني؟
#فينوس_فائق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاحتراق
-
الكتابة عن المرأة
-
أتمنى لو....
-
الفقاعات على أشكالها تقع
-
فانووس لروحي
-
لبيك يا حبيبي لبيك
-
متى يتم القبض على فكر البعث الشوفيني و شنقه حتى الموت؟
-
حديث الروح (2) هل صحيح أن الكورد أمام فرصة تأريخية؟؟ هذه هي
...
-
حديث الروح رقم -1
-
تعالوا نسأل الله
المزيد.....
-
شتاء الخيام فصل يفاقم مأساة النازحين في غزة
-
رئيس هيئة الوقاية من التعذيب في تونس ينتقد تدهور الوضع في ال
...
-
هكذا تتعمد قوات الاحتلال إعدام الأطفال.. بلدة يعبد نموذجا!
-
المكتب الحكومي يطلق نداء استغاثة لإنقاذ النازحين في غزة
-
خامنئي: أمر الاعتقال بحق نتنياهو لا يكفي ويجب الحكم بالإعدام
...
-
سجون إسرائيل.. أمراض جلدية تصيب الأسرى
-
قصف وموت ودمار في غزة وشتاء على الأبواب.. ماذا سيحل بالنازحي
...
-
هيومن رايتس ووتش: ضربة إسرائيلية على لبنان بأسلحة أمريكية تم
...
-
الأمم المتحدة: من بين كل ثلاث نسوة.. سيدة واحدة تتعرض للعنف
...
-
وزير الخارجية الإيطالي: مذكرة اعتقال نتنياهو لا تقرب السلام
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|