|
سوريا الى اين ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3371 - 2011 / 5 / 20 - 15:31
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
هناك من الاسئلة العديدة التي تتبادر الى الاذهان في هذه اللحظات حول مصير سوريا وما يوقفها على مستقرها و ما تنتعش فيه، و الوضع الراهن و ما تتطلبه ارادة الشعب و تعامل الحكومة و سباتها احيانا و انقضاضها على المحتجين بابشع الطرق و الوسائل المقرفة في اكثر الاحيان لم يدع اي احد ان يتفائل كثيرا. لازالت الفرصة سانحة لعدم اراقة الدماء اكثر مما حصل و ايصال القارب الى شاطيء الامان و الانتقال بالمرحلة الى ما ينشد اليه الجميع . لو تاملت السلطة السورية و القادة العليا فيها بالاخص بعقلانية و بتاني، منطلقة من الفكر الانساني و متطلباته و ما يفرضه العصرعلى الارض في كافة بقاع الارض و الشرق الاوسط منها، و من ثم تفكر على انه مازال هناك مجال كاف لاعادة النظر في السلوك المتبع خلال العقود المنصرمة و ما اقدمت عليه خلال الاحتجاجات الانية، و ان اصرت السلطة بنفسها على تقييم ماهو عليه الجيل الجديد و ظروفه و تطلعاته و الارضية المناسبة المطلوبة لمعيشته و مسيرة حياته من كافة الجوانب ، فان تمعنت السلطة و النظام الحزب الاوحد و فكرت بعقلانية و وضعت مصالح الشعب فوق كل اعتبار و حللت ماهو عليه الوضع الراهن و المنطقة و عصر التغييرات و الموجة القوية التي لا رادع لها مهما كانت وان لم تفكرفي ما تمتلك من قوة و الجيش الجرار، وان امنت بانها الموجة التي و ان طال عليها الزمن هي التي تزيح امامها السدود و العوائق العتيقة المهترئة و التي اكلها الدهر و شرب ، وان تيقنت السلطة السورية ايضا بانها لم تستجد من شانها في اي جانب رغم وعودها المتكررة ،و عليها ان تلوم نفسها على ذلك و تحاسب ماحولها ممن فرض عليها هذه الطريق و منعها من السير فيما نوت و ادعت بانها تقدم عليه من التغييرات و لم تقم بها، و انها استمرت في نهجها القديم و اتباعها لنفس الاسلوب كما هو عليه الان، وعلمت يقينا بانها نفذت مدة صلاحياتها منذ يوم استنادها على مرتكزات النظام الجملكي . الا انها في الوقت الحاضر يمكن ان نقول بانها لو اقدمت الى التجديد و العصرنة فانها تنقذ نفسها و تجنب الشعب التضحيات و الدماء الاكثر، اما اذا تعنتت و استمرت في غيها كما هي عليه و المعهود منها وان لم تلتفت الى ما حدث على الاقل خلال الاشهر القليلة الماضية في المنطقة، فانها ستضع نفسها في طريق لا مخرج منها الا الفناء ، و هذا ما لا تتمناه بنفسها . على السلطة السورية ان تنظر الى الوقائع كما تقع في جوهرها و مضمونها و بشكل اشمل و عليها ان لا تنطلق من زاوية المشاكل الداخلية و ما حدثت من الاعتراضات و الاحتجاجات و الانتفاضات الداخلية خلال العقود الماضية في سوريا و تمكن النظام المتسلط من اخمادها عسكريا و باستخدام القوة و جبروت المؤسسات الاستخبارية المعتادة على انتاهج اساليب و سلوك و توجهات لازالت نابعة من افكار و اعتقادات العقود المنصرمة، فهي لم تعد النظر في تكوينها و ارشاداتها و تعاملاتها مع القضايا، انه اي النظام يكون خاطئا من انه يفكر او يتوقع بانه سيتمكن من انهاء ما يجري على الارض بالقوة كما فعل من قبل و هو واهم في توقعاته. فالمعادلة بسيطة و مفهومة للجميع لو اراد فهمها، و على النظام ان يبعد ما و من يضلل القادة من اجل المصالح الضيقة ، و يدعي و يعمل على ما يؤدي به الى الهاوية اخيرا دون اي اهتمام بالتضحيات الكبرى. اليوم ليس بامس، كل شيء في تغيير دائم و تفهم الفرد لما هو عليه ليس كما كان و المستجدات بشكل اخر و تتطلب التفاهمات و التغييرات الى النظرة و العقلية و الالية الاخرى للتعامل معها بشكل صحيح. التغييرات و ما تتضمن بدءا بالمبادرات الواقعية و العملية و تحسسها من قبل الشعب على الارض و الثقة بها وصولا الى النظام الديموقراطي الحقيقي و مبادئها الضرورية و الحرية المنشودة و مساحتها، و الاهم تداول السلطة و عدم حكرها من قبل فئة او مجموعة و الانتقال الى عملية مشاركة الشعب في كل ما يهم البلد، لان اي بلد يعتمد على المأسسة و الديموقراطية يحوي في تركيبة شعبه على نسبة مناسبة من العقول للاعتماد عليها في ادارة البلد و تكون مقبولة من الاكثرية و مدعومة منها، و بها يمكن اعادة المسار الى سكته الصحيحة بحيث يمكن حينئذ التقدم دون معوقات تذكر . اما الجانب الاخر من المعادلة عكس ما ذكرناه سابقا و به يمكن دخول البلد الى النفق المظلم بحيث يصعب الخروج منه ، و حتى و بعد ان يُقضى على النظام ايضا الا بصعوبة ملحوظة، بحيث يؤثر على الحياة و طبيعة المجتمع و لا مبرر لاختيار هذه الطريق الا للتشبث بالحكم و الانانية في التعامل مع ما يهم الشعب و الدولة و اثبات الصفة القديمة لدى القيادة المحسوبة على الشباب و هي تعتمد على حلقة ضيقة مهما حدث لجموع الشعب . ان التحججات التي تنطلق من قبل السلطة السورية لحد اليوم لتبرر عدم تقدمها بالحلول المقبولة لا تخلف بشيء عما ذكرتها من قبلها السلطة التونسية و المصرية و ما تدعيه ليبيا و ما يتفوه به النظام اليمني المحتضر، و لكن الوقت يمر و ان كان متاخرا الا ان الفرصة لازالت باقية بعض الشيء في عدم تكرار ما حدث في البلدان الاخرى، في سوريا، المطلوب هو الاصلاح الحقيقي و ليس الخطابات المضللة، وضمان مستقبل الاجيال و السلم و الامان و ليس الاستقرار المزيف المؤقت الذي يمكن ان ينفجر في اية لحظة، الحرية و الديموقراطية الحقيقية و ليس احتواء الشعب بالمباديء السطحية و استخدام هذه المفاهيم لاغراض في غير محلها، و من ثم تكرار السيناريوهات و السيطرة على الانتخابات بكافة الوسائل و التزييف و اظهار ما يحدث على انه الديموقراطية . لذا ، على السلطة السورية ان تخرج من خلوتها باستثمار واقعي وفكر و عقلية و توجه جديد و يمكن ان ننتظر منها ما يؤكد على انها حسبت المعادلات بدقة متناهية و مستبعدة عنها ما يعيق العملية، و هناك من المصالح العديدة المعيقة للتوجه و الخطط الصحيحة، و عندئذ تكون هذه السلطة مثالا يمكن ان يتحتذى بها و ان كانت هناك تدخلات تريد غير ذلك و تهمها التعقيد فقط، و عليها ان تعض بسرعة مطلوبة من التجارب و تعتبر من ما شهدته المنطقة في هذا العصر وما يحمله التاريخ لنا. لذا،يمكن ان نقول بان سوريا على مفترق الطرق بين اتجاهين و الخيار صعب و لكنه يحتاج للتعامل الصحيح و التضحيات، فهل السلطة السورية اهل لها ؟
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حقا كلما ضاقت فُرجت
-
لا تستغربوا من مواقف الموالين للنظام السوري مهما كانت نسبة ث
...
-
ما بين المثقف السياسي و السياسي المثقف
-
لماذا لم يتعض بشار ممن سبقوه
-
ما التيار الغالب بعد موجة الثورات في المنطقة؟
-
لماذا يتشبثون بالحكم مهما حصل ؟
-
سكت بشار دهرا فنطق كفرا
-
الحفاظ على استقلالية التظاهرات على عاتق المثقفين
-
تجسيد نظام سياسي جديد هو الحل
-
مؤتمر وطني لحل ما يحدث في اقليم كوردستان
-
الدروس المستخلصة من تظاهرات الشعب العراقي
-
استخدام القوة المفرطة سينعكس على اصحابها حتما
-
العولمة و الصراع السياسي في كوردستان
-
فسقط الصنم الثالث و اما بعد........!!
-
عزيمة الشباب لن تدع التاريخ ان يعيد نفسه
-
ثورة الشباب بين الاندفاع الجامح و الخوف الكابح
-
سمات المرحلة الجديدة في الشرق الاوسط
-
هل وجود سوريا في المحور الايراني ينقذها من الانتفاضة
-
اسباب استمرار العنف في العراق لحد الان
-
هل ينتفض الشعب السوري ايضا ?
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|