|
من أجل بناء قطاع خاص في الصناعة النفطية - أولا
حمزة الجواهري
الحوار المتمدن-العدد: 3370 - 2011 / 5 / 19 - 18:55
المحور:
الادارة و الاقتصاد
استكمالا للجزء الأول من هذا الموضوع الذي يعالج واقع إدارة عقود التراخيص بعد أن دخلت العقود حيز التنفيذ، حيث كان عنوان الدراسة في جزئها الأول "من أجل إدارة أفضل لتنفيذ عقود النفط". لابد لنا من معالجة متكاملة تنظر لموضوع تطوير الحقول من جميع جوانبه، ومن أهم جوانب الموضوع هو العمل على بناء قطاع خدمي تخصصي يقدم خدمات لهذه الصناعة، لأن بدون هذا القطاع الخدمي لا يمكن القول إننا نتستطيع تطوير حقولنا بأي حال من الأحوال، وهذا ما سنلمسه من خلال السياق، وكان أن نشرت موضوع يتعلق بهذا القطاع على شكل دراسة أولية خلال عام2006 يجدها القارئ منشورة على موقعنا الخاص، بالعودة إليها وجدت إن التوسع قليلا بهذه الدراسة ورفع بعض الأجزاء منها ستفي بالغرض الذي رسمته لهذه الدراسة الموسعة عن واقع إدارة عقود النفط. سيكون العنوان الرئيسي لهذا الجزء من الدراسة ""من أجل بناء قطاع خاص في الصناعة النفطية""، وهذه الحلقة تعتبر أول حلقاته. دراستين متطابقتين في المعطيات والتحليل والاستنتاج: ينبغي الإشارة هنا إلى أن وزارة النفط كانت قد كلفت شركة استشارية أمريكية مرموقة لدراسة واقع الصناعة النفطية في العراق ووضع استراتيجية متكاملة لهذه الصناعة، لقد بدأت الشركة عملها خلال تموز2010 وصدرت دراستها الأولية نهاية شهر آذار2011، حيث مازال هناك عمل طويل ينبغي على الاستشاري القيام به لإكمال دراسته، وحسب ما جاء بالتقرير، أن التقرير النهائي لبوز أند كومباني سيصدر في شهر حزيران2012. هذا الأمر يعتبر خطوة جبارة من قبل الوزارة نشيد بها ونعتبرها خطوة واسعة على الطريق الصحيح حتى وإن كان الواقع يؤكد أن الوزارة قد تأخرت كثيرا بإتخاذ قرار بهذا الشأن. وما ينبغي الإشارة له إن التقرير الأولي لهذه الدراسة قد صدر بعد نشر دراستنا حول الصناعة الاستخراجية والبنى التحتية للصناعة النفطية بعنوان "من أجل إدارة أفضل لتنفيذ عقود النفط" والتي سننشر الجزء الثاني منها تباعا على ملحق المدى الاقتصادي وهذه هي الحلقة الأولى من الجزء الثاني، حيث سلم الجزء الأول من الدراسة للمدى قبل صدور دراسة الاستشاري العالمي بوقت قصير. إن هذا الأمر بالذات، أي دعوة استشاري عالمي لدراسة واقع الصناعة النفطية في العراق كنا قد طالبنا به من خلال دراستنا في أكثر من مكان، الهدف هو وضع استراتيجية واضحة وخطط قصيرة المدى وأخرى طويلة المدى لتطوير قطاع النفط، لكن الوزارة إرتأت أن تدمج معه قطاع الطاقة أيضا، وهذا ما سيعطي واقعية أفضل للدراسة والاستراتيجيات التي توضع على أساس منها وذلك للترابط الموضوعي بين القطاعين. الأمر الآخر المهم الذي أريد أن اشير له أيضا، بعد اطلاعي على تقرير الشركة الأمريكية الاستشارية ""بوز أن كومباني"" من أني لمست أن هناك تطابقا كبيرا بين الدراستين من حيث المعلومات الأولية والتحليل والاستنتاجات النهائية بما يخص الصناعة الاستخراجية والبنى التحتية لها، وهي المساحة التي عملنا عليها بتركيز وإن كانت دراستنا قد جنحت إلى مساحات أوسع وغطت بعض الجوانب الأخرى لشدة الترابط بينها والموضوع الذي نتناوله، وهذا يعني أن مصداقية الدراستين تعتبر عالية جدا، لأن ليس صدفة أن يكون هذا التطابق الشديد بالمضامين. في الواقع إن دراسة الشركة الاستشارية غطت جميع جوانب الصناعة النفطية، الصناعة الاستخراجية والبنى التحتية والمصافي والصناعة البتروكيماوية وقطاع التوزيع والتصدير، كما وغطت قطاع إنتاج الطاقة الكهربائية. المطلوب من الوزارة إطلاع التكنوقراط العراقي على مضمون التقرير كوني لا أملك نسخة منه وكنت قرأته قبل أسبوع في نسخة مطبوعة تتكون من أربعة كتب تصل صفحاتها إلى أكثر من400 صفحة. إن طرح هذه الدراسة للجمهور المختص بالنفط والطاقة يساهم بوضع خطوات أكثر ثباتا نحو إنجاح تجربة التطوير بهذه الطريقة كما ويساهم بحل أسرع وأمثل لمشاكل الطاقة المتفاقمة عندنا في العراق، لأن التكنوقراط العراقي لديه رؤية أوضح لواقع القطاعين من الجوانب الفنية والاجتماعية، أي الاقتصادية والسياسية. مرة أخرى، أشد على أيادي العاملين في الوزارة على تقديم المعلومات الدقيقة والصحيحة والدفع لإنجاز الدراسة التي أعدها الاستشاري الأمريكي والدراسة المتواضعة التي كتبناها ومازلنا بصدد تشر حلقاتها كاملة تباعا بواقع حلقة كل اسبوع، لأن معلوماتنا أساسا من مصادر موثوقة في وزارة النفط سواءا في مكاتب بغداد والحقول. نبذة تاريخية عن الصناعة الخدمية في النفط: المقصود هنا هو الصناعة الخدمية التخصصية كقطاع عام تابع للدولة أو القطاع الوطني الخاص أو المشترك مع العام أو المشترك مع الشركات العالمية، وسأسمي القطاع الخدمي التخصصي العام التابع للدولة بالقطاع العام، والمشترك بين الدولة والقطاع الخاص بالقطاع المشترك، وهو يتضمن الشراكة بين مؤسسات الدولة والقطاع الوطني أو الأجنبي، وحتى الشراكة بين الأجنبي والوطني أيضا، وذلك لصعوبة الفصل بينها ولتنوعها أيضا. خلال النصف الثاني من القرن الماضي من تاريخ العراق الحديث، كان النفط، كقطاع، معزول تماما عن النشاط الاجتماعي والاقتصادي في البلد، حيث خلال المرحلة الأولى بعد تأسيس العراق الحديث أوائل القرن الماضي حاولت شركات النفط أن تعتمد على عقود للخدمة خارجية وبعيدة عن أي نشاط اقتصادي في البلد، فقد كانت جميع الشركات الخدمية المرتبطة بعقود مع شركات النفط، كانت أجنبية ومعظمها يقدم خدماته من الخارج، وإذا استدعى الأمر التدخل المباشر، فإنه سيكون محدود ومعزول عن البيئة العراقية بالكامل. كانت شركة نفط العراق قد سمحت بالتعاقد مع شركات محلية لتقديم بعض الخدمات البسيطة كالنقل أو تجهيز المواد الغذائية وما إلى ذلك من خدمات بسيطة جدا ومحدودة، وهذا ما لمسته شخصيا من خلال عملي مع هذه الشركة، لكنها لم تساهم أبدا بتطوير منظومة شركات خدمية متكاملة تقدم كامل الخدمات التي تحتاجها هذه الصناعة كما فعلت في مناطق أخرى من العالم، فهذه الشركة، أي شركة نفط العراق وفروعها، تعتبر بنتا لمجموعة من الشركات الكبرى، والتي تسمى بالشركات الاحتكارية آن ذاك، وهي بي بي وشيل واكسون موبيل وتوتال ومعها بارتكس أي شركة كولبنكيان المسجلة في البرتغال. لكن أخوات الشركة العراقية في دول الخليج مثل أي دي بي سي في دولة الإمارات والكي أو سي في دولة الكويت، وغيرها من الشركات التي حصلت على امتيازات في هذه الدول، استطاعت أن تساهم بتأسيس قطاع خدمي تخصصي قوامه مئات، بل آلاف الشركات التي تقدم خدماتها للصناعة النفطية في جميع مراحلها، استكشافا وتطويرا وإنتاجا وتصنيعا للنفط والغاز وتسويقا وحتى تطور الحال إلى التوسع نحو الصناعات التحويلية التي تعتمد على مشتقات النفط والغاز، كما وأنتجت هذه الشركات الأم مجموعة من شركات أخرى عاملة لصالح الشركات الوطنية في تلك الدول، ومازالت تعمل على هذا الأساس في بلدان الخليج العربي، وهذه المنظومة الواسعة من الشركات متنوعة الاختصاصات استطاعت بناء صناعة نفطية راقية في بلدان الخليج العربي وأصبحت هذه المنظومة تقدم خدماتها للعالم بتطوير الحقول أو صناعة المصافي أو البتروكيماويات أو الصناعات التحويلية، فهناك شركة "مبادلة" أحدى هذه الشركات تعمل في آسيا اليوم وتقوم باستخراج النفط والغاز وتعمل في قطاع الطاقة أيضا، وهناك شركات أخرى تقدم خدماتها للعالم بما فيها بحر الشمال وأمريكا. السبب الأساسي في هذا الأمر هو أن الدولة العراقية، قديمها وحديثها، لم تجبر الشركات منح عقود خدمة للشركات المحلية، ولم تسن قانون ينطم العلاقات بداخل القطاع النفطي بشكل عام، والشركات من جانبها لم تكن ترغب أصلا بدمج المجتمع في عملها، بل وليس من مصلحتها أن تفعل ذلك مادام البلد الذي تعمل فيه يعتمد من حيث الأساس على الخدمات التخصصية التي تستقدم من بلدان هذه الشركات من حيث الأساس، لذا لم نسمع عن أي شركة عراقية تقدم خدمات نفطية تخصصية، مثل الحفر أو الخدمات المصاحبة لحفر الآبار كخدمات الطين أو الصيانة أو الفحوصات التخصصية لضمان النوعية وما إلى ذلك من خدمات تتعلق بهذه الصناعة، أي صناعة حفر الآبار، والتي تعتبر هي بحد ذاتها صناعة خدمية بالنسبة للنفط، لكن حين يكرس القانون من أجل هذا الموضوع، يكون لزاما على الشركات المنتجة إشراك شركات القطاع الخاص في الصناعة النفطية، وهذا ما يساعد على توسعها ونموها نموا متسارعا لكي تستطيع تلبية احتياجات الصناعة النفطية والصناعات البتروكيماوية وصناعة التكرير ومختلف احتياجات القطاعات الاقتصادية الأخرى في البلد، وهذا الأسلوب يعتبر أهم مظاهر اقتصاد السوق. هذه الشركات التخصصية تقدم خدمات تجهيز وصيانة وخدمات آبار متنوعة وخدمات استشارية في جميع المجالات الهندسية أو الإدارية أو الاقتصادية وشركات بناء وأخرى لتصنيع ما يمكن تصنيعه محليا بحيث يمكن إدخاله في عمليات التطوير المختلفة، وخدمات ضمان النوعية وأخرى لتطوير الكوادر النفطية وشركات تجهيز تعتمد على مصنعين لمنتجات عالية الجودة يسمح باستعمالها في الصناعة النفطية وشركات أخرى كثيرة ذات صلة مباشرة بالصناعة النفطية الواسعة جدا. هذا الأمر لا يقف عند قطاع النفط ولكن بالضرورة، يمتد إلى قطاعات صناعية أخرى، لأن المكتب الاستشاري الهندسي أو الحقوقي مثلا يستطيع تقديم خدمات استشارية إلى مختلف القطاعات في البلد كالصناعة والبناء والزراعة وما إلى ذلك من القطاعات الإنتاجية والخدمية أيضا، حيث تتداخل الحركة بشكل منسجم بين هذه القطاعات المختلفة بشكل عضوى بحيث لا تجد قطاع من القطاعات ليس له وشائج من العلاقات مع القطاعات الأخرى، فربما يحسب المرء أن ليس هناك علاقة يمكن أن تنشأ بين القطاع الزراعي مع القطاع النفطي، ولو عدنا إلى تفاصيل هذه القطاعات نجد مساحات من العمل المشترك كثيرة وواسعة جدا. مثل هذه العلاقات بقيت بعيدة عن ذهن العراقي تماما لرغبة مشتركة بين الشركات العالمية آنذاك من ناحية، والدولة من ناحية أخرى، ربما السبب واضح جدا لكلا الطرفين، حيث أن النفط لما يحققه من موارد مالية ضخمة يشجع قيادات الدولة أن تستأثر به لوحدها، شرط أن يبقى بعيدا عن أعين الفضوليين من أبناء الشعب الطامعين بالاستئثار بشيء من هذه الثروة، أما من ناحية الشركات فإنها على استعداد أن تقدم للشركات الأجنبية عشرة أضعاف ما تقدمه للشركة المحلية مقابل خدمة معينة لأنها في النهاية سوف لن تدفع الأتعاب من جيوبها، بل من النفط العراقي، ولا يهمهم إن كانت كلفة إنتاج البرميل الواحد عشرة دولارات أو دولارا واحدا، ولا يهمهم إن كانت كلف التطوير لحقل ما مليارين أو عشرين مليار دولار، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن ما تقدمه الشركة التي تمتلك حق التطوير إلى الشركات الخدمية التابعة للوطن الأم يعتبر ربحا إضافيا لأوطانها على حساب أصحاب الأرض الحقيقيين، هذا فضلا عن إبقاء أصحاب الأرض بعيدين عن الثقافة النفطية، وخصوصا الخدمية منها، وغياب كل ما تتمخض عنه هذه العلاقات الإنتاجية من إشكاليات. من هنا نستطيع القول ان إبعاد القطاع الوطني الخاص عن العمل كشريك لهم بكل العمليات سواء كانت تطويرية أو إنتاجية، سيكون من صالحها وصالح بلدانها حين يبقى أصاب الأرض لا يدركون ما يجري لثروتهم، أقصد الشعوب هنا، ماعدا تلك المجموعة من الناس المتخصصة في هذه الصناعة، وهذه الفئة القليلة، يمكن رشوتها أو ابتزازها وشل حركتها بسهولة، وبالتالي الاستحواذ على خيرات البلد بسهولة أكثر. كان هذا الأمر خلال المرحلة الأولى من تاريخ الدولة العراقية الحديثة، لكن خلال المراحل اللاحقة لم يكن الوضع أفضل من ذلك، بل أسوأ بكثير، حيث بقيت هذه الصناعة بالكامل محتكرة من قبل الدولة، وفي مناطق بعيدة عن المدن، هي وجميع الخدمات التي تحتاجها، لأن شركة النفط الوطنية بقيت تقدم خدماتها لنفسها، حيث أن الشركة قد طورت أقسام خدمات كجزء من هيكلها، أي إن القطاع الخاص لم يكن له علاقة بالعمليات التي تجري ضمن هذا القطاع إلا بذلك القدر الذي كانت تسمح الشركات الوطنية التي تملك النفط، لذا لم يتطور قطاع خاص وطني يعمل في مجال النفط، والشركات أيضا كانت تتعاقد مباشرة مع المجهزين والشركات التخصصية وما إلى ذلك أيضا بعيدا عن أعين الشعب، ويصدر النفط إلى الخارج دون أن تكترث الحكومة إلى تنمية قطاعات التصنيع المرتبطة بالصناعة النفطية، ما عدا التكرير الذي يسد حاجة الاستهلاك المحلي فقط، وهكذا سترت الحكومة هذه الصناعة وراء حجب كثيفة، لكي تستأثر بعائداتها وتبقى الأموال تصب في الخزائن التي لم تمول سوى وسائل الموت والدمار للشعب، وبذات الوقت تملئ خزائن المتحكمين بالسلطة المركزية. من الأمور التي لم تعد سرا على أحد، هو أن إشراك الشعب باستثمار ثروته الوطنية سوف يقوض من أرباح الشركات الأجنبية، ويوزع الثروة على الشعب بشكل أكثر عدالة، ويفتح أبواب جهنم على الأنظمة الشمولية فيما إذا كان النظام شمولي، فإننا لم نسمع يوما ما عن شركة عراقية أو أي شركة محلية في الأنظمة الشمولية المعروفة في المنطقة تقدم خدمات لهذا القطاع، حيث جميع الشركات تستقدم من الخارج ولا يسمح القانون أبدا بإشراك الشركات الوطنية لتقديم خدماتها لهذا القطاع المخيف بضخامة عوائده، لأن من البديهيات لهذه الأنظمة أن يكون النفط بعيدا عن أعين الشعب وعن تدخله مهما كلف الأمر من جهود وهدر للثروة الوطنية، ومن الأمثلة على هذه الحالة العراق وليبيا والجزائر واليمن، وإلى حد ما سوريا ومصر أيضا بما يتعلق الأمر بالخدمات عالية التخصص في الصناعة النفطية. أي بمعنى أن وجود القطاع الوطني الخاص يساهم بنوع من الشفافية في هذا القطاع الخطير بعوائده، وهذا ما تخشاه حد الموت الأنظمة الشمولية. في الواقع هناك أسباب موضوعية كثيرة أدت إلى عدم نشوء هذا القطاع تاريخيا وفي الوضع الحالي، من أهم هذه الأسباب هو أن رأس المال المطلوب لمثل هذه الصناعة في العادة كبير جدا مقارنة برأس المال في القطاعات الأخرى، فبأي مبلغ من المال معقول يستطيع صاحب رأس المال الدخول إلى قطاع البناء على سبيل المثال وليس الحصر، ولا يحتاج إلى مؤهلات كثيرة خصوصا وإن العراق مازال بعيدا عن تعقيدات صناعة البناء على المستوى العالمي، يكفي للرأسمالي توظيف أنصاف المتعلمين وحتى الأميين وقليلا من الرشوة للحصول على مشروع بناء، وقد لا أكون مغاليا لو قلت حتى الحلاقين أو البائعين المتجولين استطاعوا الحصول على عقود لإنجاز مشاريع بناء بملايين الدولارات، لكن من العسير جدا على هؤلاء الدخول في الصناعة النفطية لما لها من متطلبات بعيدة عن تصور حتى المتعلمين منهم. البيئة الثقافية والمعرفية لا تسمح بوجود هذا القطاع في العراق قديما وحديثا، إذ لا يوجد من مفرداتها وجود قطاع خدمي يساهم بتطوير الحقول، فلم يعرف العراقي شركة مقاولات تعمل في النفط وتقدم خدمات تخصصية للآبار مثلا، ربما عرفوا أن بعض الشركات تقوم بإنجاز مشاريع بناء بسيطة أو مقاولين لتجهيز مواد غذائية أو مواد أخرى يحتاجها العاملون في النفط، ولم نسمع عن شركة عراقية تقدم خدمات الجس البئري، ولا شركة لحفر آبار النفط ولا شركة لصيانة الأجهزة الدقيقة أو بناء منظومات السيطرة في محطات النفط والغاز ولا غيرها من التخصصات العالية المستوى. حتى العاملين في الصناعة النفطية مازالوا يفكرون بتوفير الخدمات من داخل شركاتهم ويقبلون بهذه الخدمات مهما كانت متدنية من حيث النوعية والنتائج سواء على موضوع الخدمة بحد ذاته أو الإساءة إلى البيئة أو السلامة العامة أو صحة العاملين والناس المحيطين بهم، والكثير منهم لا يستطيع أن يقبل بفكرة أن تقوم شركة خدمات نفطية بعمل ما في الحقول إلا تلك الشركات القادمة من خارج الحدود أو الأقسام الخدمية في الشركة. الخدمات بحاجة إلى تكنولوجيا متطورة متكاملة العناصر وقوى عاملة محترفة ورؤوس أموال كبيرة كما أسلفنا والأهم من هذا وذاك وجود قوانين تنظم عملها وتسهيلات تقدم لها من قبل الشركات المستفيدة والدولة من حيث الساس، وهذه الجوانب كلها غير متوفرة إلى وقت قريب من الآن، لكن في الوقت الحالي توجد رغبة ملحة من قبل القطاع الخاص للدخول إلى الصناعة النفطية وتقديم الخدمات المطلوبة، ويوجد رأس المال الكافي للقيام بهذا الأمر، أما الخبرات والقوى العاملة من مهندسن وفنيين وعمال وإداريين فهناك وسائل كثيرة متاحة أمام المستثمر العراقي للحصول عليها والدخول بقوة إلى هذه الصناعة التي بقيت عصية على القطاع العراقي الخاص حتى الساعة. لو أرادت شركة قطاع خاص العمل في الصناعة النفطية فإن التسجيل قد يأخذ شهورا، وربما سنوات، في حين تستطيع الشركة الأجنبية التسجيل رسميا، والتسجيل في الشركات النفطية كمقدم للخدمات، وتستطيع الحصول على أرض في حقول النفط بسرعة هائلة، ربما لا تزيد على الشهر بأسوأ الأحوال، وأخيرا تستطيع الحصول على عقد خدمي بمنتهى السهولة، وكما أسلفنا، هذا مستحيل على الشركة الوطنية العائدة للقطاع الخاص أن تفعله بهذه السرعة حتى لو قدمت الرشا المالية، لأن الرشا المالية أصبحت كواقع حال في العراق الجديد للأسف الشديد. هذا الوضع المعكوس تماما موروث من الأنظمة السابقة التي وضعت عراقيل كبيرة جدا أمام القطاع الخاص للدخول في الصناعة النفطية، ولا أدري لماذا لا تجد الحكومة الحالية سبيلا إلى حل الإشكالات لهذه الحالة الشاذة؟ مع أنها بسيطة جدا، وهذا ما سنعالجه أيضا في هذه الدراسة المتواضعة. يتبع في الحلقة القادمة......... مهندس مختص بإنتاج وتطوير الحقول النفطية.
#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من أجل إدارة أفضل للتنفيذ عقود النفط - ثامنا
-
من أجل إدارة أفضل للتنفيذ عقود النفط - سابعا
-
من أجل إدارة أفضل لتنفيذ عقود النفط - سادسا
-
من أجل إدارة أفضل لتنفيذ عقود النفط - خامسا
-
من أجل إدارة أفضل لتنفيذ عقود النفط - رابعا
-
من أجل إدارة أفضل لتنفيذ عقود النفط - ثالثا
-
من أجل إدارة أفضل لتنفيذ عقود النفط - ثانيا
-
من أجل إدارة أفضل للتنفيذ عقود النفط - أولا
-
تسعيرة الكهرباء تدفع لمزيد من الفساد
-
أبو دلامة وعرقوب الكهرباء
-
عقود النفط-أول الغيث قطر
-
المسيح يحيي الموتى
-
قصة العقود النفطية الجديدة-أولا
-
دروس من جولة التراخيص الأولى
-
ليس دفاعا عن الوزير-3
-
ليس دفاعا عن الوزير-2
-
ليس دفاعا عن الوزير-1
-
رجل الدين المتزمت يسيء للدستور والمجتمع
-
يجب إخراج مسودة قانون النفط من مطبخ التوافقات
-
ضرورة وجود قطاع خدمي تخصصي في الصناعة النفطية
المزيد.....
-
الكل هيتجوز دلوقتي “اسعار الذهب اليوم عيار 21 يتراجع من جديد
...
-
مبادرة نسوية لإنتاج الخبز في خيام النزوح
-
بن غفير يصف اتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله بـ-الخطأ التار
...
-
إيران تعلن التزامها باستمرار صادرات الغاز إلى العراق
-
توقيف 4 موظفين في شركة أجنبية لتعدين الذهب في مالي
-
فاكهة الشتاء الذهبية.. أكبر 10 دول تنتج وتصدر -الكاكا- بالعا
...
-
كالكاليست: حكومة نتنياهو تفشل في التخطيط لإعادة الإعمار
-
السعودية تقر موازنة 2025 بعجز متوقع بـ27 مليار دولار
-
ماذا قالت ميركل في مذكراتها -حرية- عن ترامب وبوتين وقضايا سي
...
-
دراسة: ألمانيا بحاجة إلى 288 ألف مهاجر سنويا لإنقاذ اقتصادها
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|