سعد تركي
الحوار المتمدن-العدد: 3369 - 2011 / 5 / 18 - 10:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يكن احد من العراقيين، عامتهم وخاصتهم، يعتقد أن القمة العربية يمكن عقدها في بغداد. ليس لعلّة فيها أو لأن الأمن في بلادنا منفلت. وبرغم ذلك فان حكومتنا أنفقت نصف مليون دولار في التحضيرات للقمة، وأراقت ماء وجهها بتوسل هذا ورشوة ذاك من اجل نيل موافقة ورضا زعيم عربي "يشرّف" بغداد بحضور قمتها، وباستثناء زعيم مصر المخلوع وملك الأردن، لم يعد احد حتى بحضور وزير أو سفير أو موظف دبلوماسي صغير يمكّن الحكومة أن تعلن اختراقها للحاجز العربي المنيع.
لم يكن احد من العراقيين يظن، مجرد الظن، أن زعماء الخليج يمكن نيل موافقتهم على انضمام العراق إلى مجلس تعاونهم الذي لم يتعاون يوما إلا في منع استقرار وتقدم شقيقهم الخليجي.. لم يضعوا يدهم في يده يوما إلا حين كان رأس النظام المباد يدفع الآلاف من شبابه للموت، وثروته للهدر والتبديد. وبرغم ذلك فان جولات قادتنا المكوكية لم تنقطع عن طرق أبواب عواصم لم تسمح لهم بالخروج من مطاراتها، وإن خرجوا فان موظفا صغيرا في أدنى سلم التمثيل الدبلوماسي قد (يكرّم) أحدهم بالمصافحة!!
علة سياسيينا ومرضهم المستعصي على العلاج، ظنهم أن الدبلوماسية تعني التخاذل والتوسل واستجداء المساندة من منظومة عربية مقفلة أثبتت الوقائع التاريخية أن (خسارتها) ربح أكيد للعراق، وأنها لن تقف يوماً معه، ولن تمد له يداً بيضاء، وأنهم كأخوة يوسف لا تمتد أياديهم إلا لدفعه في غيابة الجب.. يتجاهل ساستنا أن بغداد جملة تامة لا تحتاج إلى ما يفسرها، وإن العواصم الشقيقة لم تضف إليها ـ عبر التاريخ ـ سوى (الشخابيط).
يعلن (ناطقنا) الحكومي مباركته للكويت لمناسبة تنفيذ مشروع ميناء مبارك الكبير. ويؤكد حق الكويت أن تنشئ هذا الميناء إذا رأت وجود جدوى اقتصادية منه و(هذا من شأنها ونحن نبارك لها).. ينسى، أو يتجاهل، أن الكويت مدفوعة من شقيقاتها المتعاونات لخنق منفذنا البحري الوحيد ورئتنا التي نحاول التنفس منها.. ينسى، أو يتجاهل، أن المواقف الرخوة والهشة لن تفضي إلى رضا مجلس لا يرضيه إلا أن يرى بغداد ولم يبق فيها حجر على حجر.... ينسى أن الملوك والأمراء والمشايخ لا يضعون أياديهم إلا بأيدي نظرائهم وأندادهم، وأن عمّان والرباط هما أقرب إلى أفئدة المجلس من عاصمة الدنيا وقلب العالم.. ينسى أن عواصمهم تعبس حين تحاول بغداد أن تبتسم.
#سعد_تركي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟