أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - محمد علي أبوالليل - حول إضراب العاملين في وكالة الغوث















المزيد.....

حول إضراب العاملين في وكالة الغوث


محمد علي أبوالليل

الحوار المتمدن-العدد: 1004 - 2004 / 11 / 1 - 05:54
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


سوف يكمل إضراب العاملين في وكالة الغوث الدولية أسبوعه الثالث بعد يومين أو ثلاثة. ولم تحرك وكالة الغوث ساكناً لاحتواء الأزمة. والحقيقة أن الإدارة الأجنبية في أعلى مستوياتها ممثلة ببيتر هانسن وأندرز فنجه قد رمت بالكرة في ملعب الموظف والعامل الفلسطينيين وحملتهما مسؤولية ما يجري لشعبهما من متاعب تزيد في معاناة الفلسطيني، خصوصاً اللاجئ في هذه المرحلة الدقيقة التي قام فيها شارون في غزة بإعادة دراما تدمير مخيم جنين. ربما لمن فاته متعة المشاهدة للدراما السابقة.
ملخص موقف إدارة الوكالة هو: لا تزيدوا معاناة أبناء شعبكم، ولا تهجموا على الوكالة في الوقت الذي تتعرض فيه لهجوم من إسرائيل، ثم إن رواتبكم أكثر من رواتب السلطة بحوالي 130% أي أن موظف السلطة عندما يتقاضى 100دينار فإن موظف الوكالة يتقاضى مائة وثلاثين. فلماذا تريدون الزيادة خصوصا وأن الوكالة تعاني من ضائقة مالية مخضرمة، وربما أنها تجثم على صدر الوكالة منذ ولادتها في الزمن الغابر بعد نكبة الفلسطينيين بقليل.
لا بد أن علينا أن نفحص حجج الوكالة بموضوعية وعدل مهما بدت للمواطن واللاجئ الفلسطينيين غريبة وضعيفة وغير مقنعة. وبداية نقول إن السلطة الوطنية الفلسطينية في حدود علمنا لا تزعم أن رواتب موظفيها مجزية، وهي على العكس تطلب من أهل الإحسان المساهمة في دعم الموازنة لعلها تقوم بتحسين حياة المواطن الفلسطيني على كل الصعد. فمثلاً السلطة لا تدعي أن مشافيها من رام الله وأريحا وحتى غزة هي في المستوى العصري اللائق، وتعترف أن الوضع يدنو من الكارثة. وعلى صعيد المدارس فإنها لا تنكر الاكتظاظ وسوء المباني أو الاضطرار لنظام الفترتين وعواقبه المختلفة. وهي لا تقول إن هذه الظروف هي الأفضل ولا تطالب الناس في فرنسا أو الكويت بتقليد الوضع الفلسطيني لأنه وضع ناتج عن ظروف أزمة ليس هنا موضع مناقشتها. ولا نظن أن أحداً يستطيع مطالبة مصلحة المياه أو الإغاثة الزراعية أو بلدية البيرة أو.ِ.الخ بمقارنة رواتب موظفيها بالسلطة لأن وضع السلطة هو الأشد فقرا وهو وضع ترغب السلطة في تجاوزه ولا تريد له أن يخلد أو أن يتحول إلى نموذج يحتذى. ولذلك فإن علينا أن نسأل وكالة الغوث إذا كانت تعتقد معنا أن ظروف العاملين في السلطة هي البؤس بعينه فهل تريد تحقيق عدالة تقوم على تقاسم الجوع؟ وهل يضر المجتمع الفلسطيني واقتصاده عموماً أن يرتفع دخل شريحة من أبنائه؟ نحن بالفعل نواجه تفكيراً غريبا في هذا الصدد. وهو يجافي أبسط مقتضيات التفكير في الإنسان بوصفه غاية في ذاتها، وهو أقل درس من دروس حقوق الإنسان التي نظن الوكالة بعثرت الكثير من الأموال في السنوات الأخيرة في إعداد مناهجها أو تدريسها.
لكن حتى لو تجاوزنا غرابة الطرح وفكرنا في تماسكه فإننا سنجد أنه يتهافت عند أول مقارنة. فالواقع أن السلطة تعترف بحق الموظف في المواصلات، أما الوكالة فلا تتحمل مسؤولية تنقل الموظف حتى بعد أن أصبحت المواصلات الفلسطينية تلف كلها حول رأس الرجاء الصالح. وهنا نستطيع أن نضرب أمثلة ذات دلالة على سخف مقارنة راتب الوكالة براتب السلطة. إن موظفا من رام الله ويعمل في مخيم عين السلطان أو عقبة جبر في أريحا يمكن أن يدفع من راتبه حوالي مائة وخمسين دينارا. وحتى موظفو قرى رام الله مثل بدو وبيت عنان كانوا يدفعون أيام الاجتياح حوالي مائة وأربعين دينارا. وفي بقية الأيام السعيدة حوالي مائة دينار وهذا يعني أن رواتب الوكالة هنا بلغت حوالي مائة وخمسين دينارا أي أنها كانت في مستوى60-70% من رواتب السلطة التي نختلف مع الوكالة في اعتبارها إطاراً مرجعياً للمقارنة العادية. إنما هي مرجع لظروف البؤس التي تفوقت فيها الوكالة على السلطة ذاتها. هل كان الموظفون يعيشون مخاطر فعلية وهم يجتازون الطرق الترابية..والحواجز؟ هل اعتقلوا وضربوا؟ بل هل جرحوا وأصيبوا واستشهدوا؟ الإجابة معروفة، لكن موظفي الوكالة الأجانب هم الذين يتقاضون علاوة بدل مخاطرة تبلغ مقداراً أكثر من راتب الموظف الفلسطيني العالي الدرجة فهم يتقاضون 1000دولار بينما الطبيب الفلسطيني أو محاضر كلية العلوم التربة يتقاضيان أقل من ذلك.
لكن علينا أن نلاحق العيار حتى باب الدار كما يقول المثل الشائع، فهل صحيح أن وكالة الغوث تقارن دخل موظفها الفلسطيني بنظيره في حكومة البلد المضيف؟ أي هل تقوم مثلاً بدفع راتب عاملها في الأردن كالذي يتقاضاه موظف الحكومة في أي حقل من الحقول، التربية أو الصحة؟ الجواب بالنفي. والحكومة الأردنية هي أول من يعترض على المقارنة لسببين: أولهما أنها لا تدعي أن رواتبها مرجعية ملائمة لحياة الناس الكريمة. ويمكن كما تقول اعتماد البنوك أو الشركات الخاصة أو المنظمات الأهلية كإطار مرجعي أنسب. ثانياً إن ظروف اللاجئ الفلسطيني ليست هي ظروف المواطن الأردني، وذلك أمر لا يحتاج إلى بيان أو استدلال.
يجب علينا أن نتذكر تآكل دخل الموظف بفعل غلاء المعيشة المميز في بلادنا والذي يتفوق حتى على جارتنا اللدودة إسرائيل خصوصاً في موضوع السكن الذي قد يستهلك بالتعاون مع بند المواصلات تسعين في المائة من الراتب وفي الأقل خمسين في المائة. ولكم أن تتبحبحوا فيما تبقى من المال الوفير الذي تقبضونه. أما أكبر جانب في هذه القصة فهو انهيار الدينار الأردني عام 1989. فبعد أن كان الدولار بثلاثة وثلاثين قرشاً أصبح بسبعين قرشاً أي أن الدينار انخفض إلى النصف. وبما أن موظف الوكالة يتقاضى راتبه بالدينار فهذا يعني أنه انخفض إلى النصف، لكن الوكالة مارست صمتا مطبقا واختفى الوفر الحاصل بقيمة تصل إلى أربعين في المائة من الميزانية. وقد ذهب بعض المراقبين إلى حد اتهام الإدارة الأجنبية بالفساد والسطو على تلك المبالغ الهائلة والتي تقدر على امتداد السنوات الخمس عشرة الماضية بمئات الملايين من الدولارات.
لكننا لن نكتفي بتفنيد الفكرة الأولى والأساس في احتجاج إدارة الوكالة بل سنقوم باستعراض أشمل لصورة الأوضاع التي يرزح تحتها العاملون في الوكالة. ونبدأ بموضوع التأمين الصحي. من المحزن هنا القول أن وكالة الغوث لا تتعاطى مع هذا الموضوع أبداً. تخيلوا منظمة دولية تعمل منذ أكثر من خمسين سنة دون الاعتراف بحق الناس في تلقي العلاج. بإمكان المريض الموظف طبعاً أن يتلقى العلاج في عيادة المخيم حيث يصطف مئات المرضى بانتظار اثنين من الأطباء. أرجو أن يقول أحد له علاقة بالطب أكثر مني إن كانت عيادة المخيم مكاناً للعلاج أم لنشر الأوبئة وسط الاكتظاظ وسوء المكان. وكم يمكن أن تصل نسبة الأخطاء الطبية لطبيب يتلقى في الساعة الواحدة أكثر من أربعين مريضاً. إنه على الأرجح فحص جماعي بالجملة لعشرات المرضى. وإذا لم تعجبكم خدماتنا الصحية فلماذا لا تذهبوا وتتلقوا العلاج حيث تشتهون؟
يجدر بنا أن نفحص المؤسسات التعليمية العليا لوكالة الغوث: أي المعاهد وكلية العلوم. وهنا لا بد من ملاحظة القسوة البالغة والاستهانة بالفلسطيني بشكل واضح. فقد قامت الوكالة بتأسيس كلية جامعية دون ميزانية، وقد اقتطعت لها جزءا من المصروفات من مراكز التدريب وهذا يعني ببساطة أن الجهتين قد تضررتا من حيث مستوى الخدمات ورواتب العاملين وظروف العمل. ويكفي في هذا السياق أن نتحدث عن كلية العلوم التربوية التي يبلغ نصاب المحاضر فيها 18 ساعة بزيادة 6 ساعات عن زميله في أي كلية جامعية فلسطينية بما في ذلك جامعات ومعاهد غزة العليا. وهو مؤشر واضح على الاستهانة بعملية التعليم. ويضاف إلى ذلك أن رواتب العاملين أقل من رواتب نظرائهم بنسبة تصل إلى ثلاثين في المائة وهو ما يسمح بهرب الكفاءات حالما تجد فرصة بديلة في أية جامعة. وقد أدى ذلك بالطبع إلى نتائج سلبية على مستوى الكادر العامل في كلية العلوم التربوية. وفي ظل غياب ميزانية ملائمة يستطيع المرء تخيل المختبر والمكتبة التي تقدم خدماتها للطالب. كما أن الشكل العام للمكان والتجهيزات تجعل مجموعة من المحاضرين تتشارك في مكتب صغير وتحشر في ظروف غير محترمة وغير ملائمة للعمل في البحث أو في استقبال الطلبة أثناء الساعة المكتبية، علما أن مساحات وأموال تهدر في اتجاهات أخرى مثل رشوة كبار الموظفين لكي يبقوا على ولاء أعمى، ويتخلوا عن مصالح أبناء جلدتهم من اللاجئين. إن أبسط مؤشر على سوء الأوضاع في كلية العلوم التربوية هو أن بعض الطلبة ومن الجنسين ينسحب من الدراسة ويلتحق بجامعة أخرى على الرغم من تميز الكلية بأنها تمنح تعليماً مجانياً وسهلاً وهشاً كما يقول الطلبة. لكن بالضبط بسبب سوء سمعة الكلية الأكاديمية فإن بعض الطلبة يفضل الانسحاب. وقد بلغت الأمور حداً أن الكلية في أكثر من سنة لم تنجح في الحصول على العدد الذي تستوعبه من خريجي الثانوية العامة حتى أنها اضطرت إلى المناداة في المخيمات بمكبرات الصوت وهي ظاهرة غير مسبوقة بالفعل.
لكن لماذا نستغرب ذلك فالوكالة عموماً لم تعد تقوم بأكثر من "تدفيش " الأمور إلى أن يقضي الله أمراً. وما " مزحات " أنظمة a,x,z...الخ التي تحتاج إلى عراف ليفك ألغازها إلا مؤشر على سلوك التدفيش بأي ثمن حتى لو كان إفراغ عمل الوكالة من أي محتوى. والحقيقة أن الوكالة تشكو من نقص المال، ولذلك فهي مضطرة لتشغيل الناس مقاولات: أي ممرض مقاول أو معلم مقاول، وهو اكتشاف جديد في عالم أرباب العمل. كذلك تكتشف الوكالة أن مدرس المرحلة الذي يحمل درجة مثل زميله يجب أن يوظف بدرجة أقل بمرحلتين. ولا بد أن المرء يجب أن يكون صوفياً كي يدرك كنه هذه الإشكاليات. لكن وهنا يصل بنا الحزن منتهاه سوف نكتشف أن عدد موظفي الوكالة من الأوروبيين هو 140 بالتمام والكمال. لكنهم يأخذون ما نسبته ثلاثين في المائة من ميزانيتها، وهم أقل من 1% من إجمالي الموظفين. ترى هل يوجد في الدنيا نظام طبقي أكثر جوراً من هذا؟ بعد ذلك يخبرنا بيتر هانسن أنه منهمك في البحث عن حلول لمواجهة الويلات التي حلت بمخيمات غزة. بينما أندرز فنجه يدعو الموظفين الفلسطينيين إلى الشعور مع إخوانهم اللاجئين. ترى ألا يحق للفلسطينيين من كافة الاتجاهات والمشارب والمناطق أن يفكروا بدموع التماسيح؟



#محمد_علي_أبوالليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وزارة المالية العراقية تحدد موعد صرف رواتب الموظفين لشهر ديس ...
- حصيلة بقتلى العاملين في المجال الإنساني خلال 2024
- 4th World Working Youth Congress
- وزارة المالية العراقية تُعلن.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر ...
- بيسكوف: روسيا بحاجة للعمالة الأجنبية وترحب بالمهاجرين
- النسخة الألكترونية من العدد 1824 من جريدة الشعب ليوم الخميس ...
- تاريخ صرف رواتب المتقاعدين في العراق لشهر ديسمبر 2024 .. ما ...
- وزارة المالية العراقية.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر نوفمبر ...
- يوم دراسي لفريق الاتحاد المغربي للشغل حول: تجارة القرب الإكر ...
- وزارة المالية العراقية.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر نوفمبر ...


المزيد.....

- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - محمد علي أبوالليل - حول إضراب العاملين في وكالة الغوث