|
قيود حرية الصحافة في الوطن العربي ( الجزء السادس )
محمود الوندي
(Mahmmud Khorshid)
الحوار المتمدن-العدد: 3367 - 2011 / 5 / 16 - 16:32
المحور:
الصحافة والاعلام
وفي معظم البلدان العربية ، يقمعون او يمنعون حرية التعبير والآراء في داخل وسائل الاعلام المختلفة وفي مقدمتها الصحافة مع أستمرار المماراسات الغير الإنسانية وغير القانونية بحقهم ، واكثر الصحفيين والاعلاميين يواجهون موجات العنف والملاحقة المستمرة من قبل الأنظمة السلطوية الحاكمة أثناء تأديتهم لعملهم بصورة شفافة ومنعهم من تغطية الأحداث وتسليط الضوء عليها أو الحصول على المعلومة الخبرية من مصادرها وبشكل خاص في دوائر ومؤسسات الدولة ، ومنعهم أيضاً من تشخيص الظواهر السلبية في مجتمعاتهم ، كما وان قوانين سرية المعلومات والرقابة الشديدة عليهم تعمل على اغتيال حقهم في الوصول إلى المعلومات والحصول عليها ..
وتمارِس هذه البلدان الاستبداد والطغيان ضد من يعارضهم وتستخدم سياسية الترهيب وتكميم أفواهم من خلال متابعة تحركات الصحفيين واالإعلاميين ، كما تتعرض الصحفيون والإعلاميون الى الاعتقال والتهديد والمضاياقات وحتى عمليات الخطف والتصفية الجسدية بحقهم .
بسبب انعدام الحرية في البلدان العربية. وضعف بنى اجتماعية وسياسية وثقافية في الدولة ، وغياب الحوار الحر والديمقراطية ، يحظر توجيه النقد إلى الممسكين بمقاليد السلطة الحكومية . حيث تمارس هذه الأنظمة في ممارسة الضغط والكبت والقمع على الصحافة والاعلام ليمنع نشر الفكر حول حرية وديمقراطية البلاد والإرادة والتغيير وبأخص عدم نشر الموضوع حول التعددية الفكرية وديمقراطية الحكم ، لأنهم يشعرون بأن الحرية والديمقراطية والتعددية قد ينال من مصالحهم كما يتصورونها ، وإلى فقد لسلطتهم . ..
عندما تسمح بعض الأنظمة العربية حيزا معينا لممارسة حرية الإعراب عن الفكر لمصالحهم دون خوف من نتائج ذلك الإعراب . لان لديها ثمة مثقفون مأجورون ومفتقرون إلى قدر كبير من النزاهة والحياد والموضوعية ، لقد خضعوا أو أخضعوا فطوعوا أنفسهم وسخروا أقلامهم ومعرفتهم وفكرهم للارتزاق ولخدمة ذوي السلطة في نظام اقتصادي أو طبقي أو إقطاعي بدون مراعاة للمثل العليا وللمصالح العامة ، وهؤلاء يمارسون ممارسات سياسية معينة لا تتفق مع رؤى وتطلعات شعوبهم . ويحاولون أحتكار الصحافة والإعلام لأغراض مصالحهم ومصالح ذوي النفوس ، وقد يتحول هذا الاحتكار إلى أداة رئيسية لخنق حرية الصحافة والإعلام ، وبالتالي فإنه يقضي على التعددية والاختلاف وعلى حق المواطن في متابعة مجريات الشأن العام عبر وسائل إعلام وصحافة خاضعة للتوجيهات من طرف هذه الأقلام المأجورة والنفوس الضعيفة التي تفتقر الى الحيادية والنزاهة ..
ومن نافلة القول إنه يوجد في البلدان العربية صحفيون واعلاميون يتوفر لديهم قدر أكبر من النزاهة والصراحة والجدية والصدق في التعبير عن أفكارهم وأحاسيسهم وتتسم بياناتهم بالشجاعة والإخلاص للشعب والوطن ، تسخير أقلامهم ونفوسهم خدمة لقضايا عادلة وعدم السكوت عن القمع والاضطهاد بمختلف تجلياتهما . لكن تصدر أوامر من قبل الانظمة الدكاتورية للمشرفين والمحررين والمخرجين والمقدمين في وسائل الإعلام من رجالهم بالتعتيم على هؤلاء الصحفيين او اعلامين وعلى كتاباتهم .
وقد تبذل متولون لسلطات حكومية محاولات لتصرف هؤلاء الصحفيين او الإعلامين عن تبليغ رسالتهم وعن إشاعة موقفهم ، وتحاول بقدر الإمكان لتحولهم صوتا في جوقتها التي تعزف على إيقاع أصحاب تلك السلطات ، ويقوم رئيس التحرير التابعة للنظام ومساعدوه بالرقابة على المثقفين الذين يدافعون عن الشعب والوطن بصورة صادقة ومخلصة ( للأسف نجد ان بعض رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الإدارات للصحف يخلطون بين العمل الكتابي وعمل الرقابة ) ، بالإضافة الى قيامهم بالرقابة على المحررين وبتوجيههم الوجهة التي ترضي أصحاب السلطة الحكومية يقومون بتقديم التقارير عن آرائهم ومواقفهم " الفكري والثقافي والسياسي " الى أجهزة الأمن .
وعلى هذا النحو تصبح تلك الصحف والمجلات خادمة للرؤى والمصالح والأغراض السياسية والإقتصادية ، وتكون أيضا منابر لخدمة وفرض موقف الحكومة التي لا يكون عملها بالضرورة بتوجيه ووحي المصالح الوطنية والمعيشية لشعوبها ( وتشير دراسات اجتماعية وسلوكية وسياسية وحقائق تاريخية ومعاصرة الى إيلاء كثير من أصحاب السلطات الحكومية لاهتمامهم الأول لمصالحهم وأهدافهم حينما ينشأ تضارب بين أهداف ومصالح أصحاب السلطة ومصالح وأهداف الشعب ) .
السلطات العربية تسيطر على القوانين والقرارات التي لا تخدم الشعوب العربية في تحقيق مآربها الى جانب حريتها ، كما أنها ماسكاً بيد من حديد الصحافة والإذاعة المسموعة والمرئية ولا تسمح لأي صحفي أو اعلامي ممارسة حريته في التعبير والفكر إلا ما تمليه عليه من قبلها ، وتعاقب بحجة انتهاك التشريعات الأساسية داخل المجتمع العربي ، لذلك من الصعب ان يتمكن الصحفي أو الاعلامي من التعبير عن رأيه بحرية تامة بسبب ملاحقته من قبل الأجهزة الأمنية العربية ، تراجع حرية الصحافة في كثير من الدول العربية التي تعادي حرية التعبير وتصادر الرأي وتفرض عليه قيوداً غير مبررة لا يتناسب مع التطورات التاريخية التي يشهدها العالم في عصر عولمة وسائل الإعلام وفي ظل ثورة تكنولوجيا المعلومات .
وان من تلك الاسباب هوعدم تطورالمجتمع العربي عن بناء نفسه بناءاً مدنياً متحضراً ، بفضل تلك القوانين المجحفة التي تحارب حرية الفكر والرأي ، وعجز معظم الدول العربية عن مواكبة التكنولوجيا العصر الحديث ، والبقاء ضمن دائرة التخلف وعدم الإسهام الجدي والمبدع في الاستفادة من نعيم الحضارة الإنسانية المعاصرة ، فضلا عن معاناة الإنسان العربي من أثار ومظاهر التخلف وضغوط الأزمات المتعددة .
أن احتكار الدولة لأجهزة الإعلام والصحافة جعلها تفرض على الجمهور أخبار الحزب الحاكم ودعايته مع مصادرة حق أحزاب او اشخاص المعارضة في المساواة ، أنها تتحكم في إنتاج وتوزيع وعرض نوعية معينة من الثقافة والدراما وتهبط بأذواق المواطنين في التسلية والترفيه . وتمنع الصحافة والإعلام من تسليط الضوء على الأحداث والتشخيص الظواهر السلبية في المجتمع العربي وداخل مؤسسات الدولة ، وتستخدم سياسية الترهيب بحق الصحفيين والاعلامين وتكميم الأفواهم ومتابعة تحركاتهم ، وتحاول خلق أزمة ثقة بين المواطن ووسائل الإعلام ، بحجة الخوف من الغزو الثقافي الغربي أو خطر ذوبان الهوية الوطنية في ظل العولمة حجج واهية ، برغم أن عولمة الثقافة لا تلغي الهوية الوطنية لأن الهوية هي وعاء الثقافة وعلى طول التاريخ امتلأ الوعاء الثقافي بأفكار مستوردة ما لبثت أن أصبحت ضمن الثقافة الوطنية ، فالعولمة الثقافية ترتكز على أرض ثقافتنا الوطنية .
تتفق التشريعات الأنظمة العربية كافة فى القيود الشديدة التى تفرضها على إصدار الصحف وملكيتها من ناحية وتحكم قبضتها عليها بعد صدورها من ناحية ثانية . فهناك بعض الدول العربية لا تجيز إصدار الصحف إلا بناء على ترخيص أو تصريح مسبق ، وتشترط تشريعات بعضها تأمينا ماليا كبيرا كشرط لمنح الترخيص بإصدار الصحيفة ، بالإضافة إلى هذه الجوانب ، فهناك أشكال أخرى من التضييق على الحرية مثل احتكار الصحافة والإعلام من طرف مجموعات ( مالية وقوى اقتصادية ) لها ارتباطات بالسلطة السياسية .وقد يتحول هذا الاحتكار إلى أداة رئيسية لخنق حرية الصحافة والإعلام ، وبالتالي فإنه يقضي على التعددية والاختلاف وعلى حق المواطن في متابعة مجريات الشأن العام عبر وسائل إعلام وصحافة غير خاضعة للتوجيهات المفروضة من طرف هده المجموعات الضاغطة ..
هذه الأوضاع أن تجعل الصحافي أو الإعلامي تحت رحمة مالك المؤسسة ، بسبب تتغول فيها عناصر السياسة وعناصر المال من أجل أن تحد من حرية الصحفي والإعلامي ، لذلك لا يمكنه ان يمارس مهنته بتحكيم ضميره ، طبقا للقواعد والمعايير التي تنص عليها مـواثيق التحرير وأخلاقيات المهنة . حيث يتحكم المدير أو رئيس التحرير أو مدير الأخبار في الخط التحريري وفي التوجيه اليومي ، بشكل غير ديمقراطي ، وتخضع هيأة التحرير لتوجهاته بدون أي منطق مهني أو تفسير معقول أو تشاور جماعي .
فوسائل الإعلام المسموعة منها والمرئية على حد سواء ، تبقي مجرد وسيط يلعب دوراً مهماً بين المجتمع ومؤسساته ، ولكنها لا تستطيع أن تشارك بصورة مباشرة في عملية اتخاذ القرار السياسي في ظل غياب بديل عقلاني وسطي للنخب العربية الحاكمة في المرحلة الحالية ، على حد قول " البروفيسور كاي حافظ " ، المختص في دراسة وتحليل وسائل الإعلام في جامعة إيرفورت والمطلع على تطورات الصحافة والإعلام في العالم العربي .
إن حرية الصحافة والإعلام تتيح الفرص للمبدعين للإبداع وتتيح للمفكرين التواصل مع المتلقين ، ولذلك نجد إقبالا متزايدا على القنوات الفضائية الخاصة والتي تتمتع بحرية البث ، وتجتذب كوادر إعلامية ناجحة ، وتحقق نسبة مشاهدة عالية ، وكذلك الصحافة الحرة التي تتمتع بحرية الكلام ، ولها نسبة قراءة كثيرة ، وتجني أرباحا طائلة لهما .
أن حرية واستقلال الصحافة او الاعلام لايتحقق إلا على اساس مبادئ التحرر الوطني الانساني واجواء نظام ديمقراطي ملتزم . وهنا يجب التشديد على أهمية أن تكون الصحافة والإعلام حراً ، ومهنياً ، وتعددياً ، لأن تفعيلهم كـ"سلطة رابعة" تعمل كأداة لنشر الشفافية ضروري من أجل تحقيق نجاح في محاربة الفساد الذي يبدد موارد الشعوب من خلال سوء استخدام السلطة ، وبالاضافة الى ذلك تلعب الصحافة والإعلام دوراً حاسماً في العملية السياسية الديمقراطية كوسيط بين المجتمع ومؤسسات الدولة ، تقوم على دعم الديمقراطية كونها المنظومة الأفضل لإنعاش وتنمية المجتمعات العربية التي يُفتقد فيها غالبا احترام حقوق المواطنة الأساسية . والجدير بذكره في هذا السياق هو أنه تم تكريس احترام استقلال وسائل الإعلام المختلفة ، والاعتراف بالحق الأساسي في ممارسة حرية الصحافة في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
#محمود_الوندي (هاشتاغ)
Mahmmud_Khorshid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مفهوم حرية الصحافة في العالم الغربي (الجزء الخامس)
-
واجبات الصحفي والتزاماته ( الجزء الرابع )
-
ضمانات حرية الصحافة والاعلام (الجزء الثالث)
-
معنى حرية الصحافة
-
حرية الصحافة ( الجزء الاول )
-
سحب التغيير قادمة للعرب
-
لمحة عن الفساد الاداري
-
الخروج من أتون الخردل
-
مرارة المالكي من الديمقراطية
-
استحالة انعقاد قمة الدول العربية في بغداد
-
هل سيتغير وجه التأريخ بانتفاضة العراقيين ؟؟!!
-
مواجهة الدكتاتورية بفرشاة مرشد الوندي
-
الكورد الفيلية بين الامال المعلقة والحقوق المغتصبة
-
ديمقراطية العراق على الاسس خاطئة
-
موقف دول الجوار من ثورة 14 تموز
-
الفنان الذي أهمله الاعلام الكوردي واحتضنه الاعلام الالماني
-
زيارتي الى الوطن بعد سنوات طويلة من الغربة (الجزء الاخير)
-
زيارتي الى الوطن بعد سنوات طويلة من الغربة (الجزء الثاني)
-
الاختيار الافضل في الانتخابات د رمزي نموذجا
-
هل الناخب العراقي يشعر باهمية الانتخابات ؟؟؟؟
المزيد.....
-
-أرض العجائب الشتوية-.. قرية ساحرة مصنوعة من كعكة الزنجبيل س
...
-
فيديو يظهر ضباط شرطة يجثون فوق فتاة ويضربونها في الشارع بأمر
...
-
الخارجية اليمنية: نعتزم إعادة فتح سفارتنا في دمشق
-
تصفية سائق هارب اقتحم مركزا تجاريا في تكساس (فيديو)
-
مقتل 4 أشخاص بحادث تحطم مروحية تابعة لوزارة الصحة التركية جن
...
-
-فيلت أم زونتاغ-: الاتحاد الأوروبي يخطط لتبنّي حزمة العقوبات
...
-
مقتل عنصر أمن فلسطيني وإصابة اثنين آخرين بإطلاق للنار في جني
...
-
بعد وصفه ضرباتها بـ-الوحشية-... إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب
...
-
أكاديمي إسرائيلي: بلدنا متغطرس لا تضاهيه إلا أثينا القديمة
-
كيف احتمى نازحون بجبل مرة في دارفور؟
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|