|
بـلوجـسـتان عـلى مائـدة الـنـاهـبـيـن
أبوحنبل البلوشي
الحوار المتمدن-العدد: 1004 - 2004 / 11 / 1 - 05:37
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
في زمن الأطماع والمصالح السياسية والاقتصادية وتميّز شعب البلوش بالعنفوانية والأنفة الشديدة وشدّة البأس والثبات والإقدام في ساحات الوغى أدى ذلك إلى تآلف الأطماع والقوى السياسية التي لم تجتمع إلا للنيل من الحقوق، فرتّبت الأمور فيما بينها وعملوا على تحقيق أهدافهم المنشودة من سياساتهم الطامعة.
الاستعمار البريطاني على رغم تمكّنها من قتل الملك مهراب بن محمود في سنة 1803 م مع سبعة ملايين شهيد بلوشي، لم تتمكّن من الاستيلاء على أراضي بلوجستان وفرض فرضياتها الاستعمارية فيها لتمسّك الشعب البلوشي بعقيدتهم الثابتة في داخلهم فخرجوا كبارا وصغارا لصد الفرنجة وإخراجهم من أراضيهم وهناك العديد من القادة الذين سطّروا في التاريخ أروع صور البطولات في الدفاع عن الدين والوطن.
وكذلك السياسات الكاجاريّة الفارسية بمملكتها لم تتمكّن من الاستيلاء على أراضي بلوجستان إلا بعد تآمرها مع القوّات البريطانية الغازية فقاتلوا الملك دوست محمّد باركزئي في موقعة قلعة فهرة المشهورة التي أدت إلى إلقاء القبض على الملك البلوشي وترحيله إلى طهران لأن الملك البلوشي لم يتعاون مع المحتلين في ضم بلوجستان إلى أراض الفرس وتمسّكه الشديد بذلك، ورفضه للأمر أدى إلى إعدامه سنة 1929م ليدخل ضمن قوافل الشهداء البلوش في التاريخ البلوشي العريق.
على رغم سقوط الحكم البلوشي بالقضاء على مملكة بلوجستان الغربية التي كان يحكمها الملك دوست محمّد لم تتجرأ القوات الإحتلالية من الدخول في أراضي البلوش لفرض سيطرتها الفارسية ولصق الأراضي البلوشية للأراضي الكاجارية، لأن القبائل البلوشية تميّزت بشدّة المراس في المعارك وعدم التنازل عن أراضيها، فلجأت السياسات الكاجاريّة الفارسية إلى سياسة الحكم الذاتي وخلق نظام السر دارية لتمثيل القبائل البلوشية ومناطقها في البرلمان الفارسي كنوع من كسب ود الشعب البلوشي لئلا ينهضوا أو يحسـّـوا بأن أراضيهم البلوشية تديرها سياسات أجنبية فكانت فكرة الحكم الذاتي التي في كل الأحوال لم تطمئن الحكومة الفارسية بتاتا لأن ولاء البلوشي لعقيدته ووطنه وقبيلته أعظم من أن يناله أجنبي وأيضا لمعرفة البلوش للأحقاد الفارسية تجاه البلوش منذ الإمبراطوريات الفارسية قبل الإسلام، ورغبة السلطات الفارسية في السيطرة على جزء جدا حساس ألا وهي قوس الخليج المشدود " بلوجستان " لأن البلوش بتاريخهم الإسلامي القديم هم من حملوا رايات التوحيد مع إخوانهم المسلمين ونشروها في تلك البقاع من الأرض وكان للبلوش مواقف تاريخية كبيرة للدفاع وصون حمى العرب على رغم تفاوت قوة البلوش من فترة لأخرى ولكن أثبتت فصول التاريخ بأن في عز السلطة البلوشية لم يتوانى البلوش في مساعدة العرب للتخلص من الاحتلال كما حصل في عمان والإمارات المتصالحة والبحرين. ففرضت الكاجر (الفرس) سياسات لتهميش الهويّة البلوشية بالقضاء على اللغة البلوشية ومنع اللباس والزى البلوشي وأيضا تسهيل دخول المخدرات والآفات القادمة من بلاد الأفغان لأراضي البلوش ليًـذهب بالعقل البلوشي ويضعف البلوش بالبطالة، فحاول الفرس مرارا وتكرارا إلى فرض الثقافة الفارسية بأنها نوع من التمدّن والتحضّر وترك القيم البلوشية وعاداتها العقائدية بصفتها قديمة وتخص المجتمع البدوي المحافظ فأدّى ذلك إلى محاولة الكاجر (الفرس) عن طريق نظام السر دارية تسهيل مرور الدوريات الكاجارية في بقاع البلوش، فعلى رغم ذلك لم يتقبل عموم البلوش ذلك فحصلت مواقف كثيرة أشارت إلى رفض أهالي بلوشستان لمثل هذه الأمور في أراضي البلوش.
بينما الأمور تسير إلى تزييف الوطن البلوشي ولصقه جورا وظلما لـلبلاد الكاجارية الفارسية، كانت هناك سلطة وحكم بلوشي لأسرة الملوك -أحمد زهي- في بلوشستان الشرقية وكان الاستعمار الأجنبي قد أعطى للحكم البلوشي كل المزايا الإدارية لإدارة شؤونهم الخاصة، بعد تأجج المشاعر لدى الهنود التي أوقدها مهاتير غاندي، فأراد الاستعمار البريطاني أن يكسر شوكة المسلمين في المنطقة ونفوذهم القوي وأن يجعل فيها فئة تحارب المسلمين وتكسر من شوكتهم، ومن هذا المنطلق سعت قوات الاحتلال لتقسيم الهند لدولة هندوسية ودولة أخرى مسلمة تعرف اليوم بـ باكستان وقد تم مسألة الانقسام بعدما ساد المسلون الهند وحكموها لمئات السنين فأظهروا من رحم الدولة الهندية المسلمة ابناً باسم الإسلام وفي حقيقة الأمر لا يتصل بالإسلام بصلة، فغدت بلاد الهند هندوسية على رغم الملايين من المسلمين الذين يذوقون أصناف الاضطهاد الطائفي بفعلة خسيسة ألا وهي تزاوج هندي مسلم من مستعمر نصراني كافر ليوجدوا باكستان ابنا بارا للنصرانية باسم الإسلام، فسعت القوات الاستعمارية لنيل الأراضي المحيطة لحمى ابنها ( باكستان ) لكي تضمن قوتها ونفوذها فأخذت الكثير من بلاد الأفغان وحاولت مع الملك البلوشي أحمد يار ولكن الملك رفض مرارا وتكرارا حتى أصدرت قوات الاستعمار وثيقة رسمية تعبر عن استقلال مملكة تعرف بمملكة بلوشستان لها علمها الخاص وبرلمانها الخاص وخزينتها المالية الخاصة، ولكن هذا الأمر لم يعجب باكستان نفسها والفرس لأن نهوض هذه الدولة سوف يؤثر بأي حال من الأحوال أبناء جلدتهم التي قد تمكنت منهم السياسات الإحتلالية الفارسية المدروسة، فتمّ تزويد باكستان بأحدث الأسلحة البريطانية للدفاع عن نفسها ولكن في حقيقة الأمر مسألة التسليح لم تكن إلا للاعتداء على أراضي بلوشستان المستقلة، وبمباركة فارسية بحته تم الاعتداء على الملك أحمد يار أحمد زهي بعد مفاوضات عقيمة لضم بلوشستان أدت إلى إلقاء القبض عليه وسجنه وإرغامه للتنازل، بالتالي احتلت القوات الباكستانية بلوجستان الشرقية سنة 1948 م بعد 6 شهور من إعلان وثيقة استقلال بلوشستان والتي لا تزال محفوظة في متحف المستعمرات البريطانية في المملكة المتحدة.
بالتالي إقتسم الناهبون أراضي البلوش لتكون وجبة دسمة للأطماع الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية بل ولأهم عامل ألا وهي العقائدية، لأن الشعب البلوشي تزامن نكستهم مع نكسة كل العرب بالتشتت والتقسيم وعدم الوحدة وهم أهل الرسالة الإسلامية الخالدة، ولكن هذا الأمر لم يمنع الشعب البلوشي المجاهد من مواصلة بطولاته وفرض شيمه ومبادئه العظيمة فكثرت الثورات البلوشية والثورات الانفصالية للتحرر من أصحاب العقيدة الرافضية ومن ابن الحرام التي تعرف بـ باكستان للنيل من الإسلام والمسلمين وأيضا استرداد البقاع التي وهبتها الاستعمار وتغط في مكبّة بلاد البشتون بعد معاهدة دورا ند لاين التي كانت في سنة 1894م، أقامتها بريطانيا لإيهاب البشتون أراضي البلوش هبة للأفغان خاصة بعد سقوط الملك مهراب بن محمود.
تعود جذور الوطن البلوشي إلى الأمد البعيد من مراحل التاريخ، فالبلوش سادوا أنفسهم ولم يسدهم غيرهم إلا اليوم في زمن الكيل بمكيالين وزمن هيئة أكلة الأمم النصرانية التي ترسم وتحدد المشاريع لعودة الهيمنة النصرانية في العالم أجمع. البلوش على رغم سقوط قياداتهم وحكوماتهم هذا لم يمنع من سرعة ظهور قائد آخر يحمل لواء الوطن البلوشي وإن كان من قبيلة لا تمت للقائد الأول بصله لأن الحياة القبلية وسماتها في العرف البلوشي تتركّز على أن كل بلوشي قائد وصاحب حميّة وغيرة وشرف فإن تقاعس البعض فلا بد من ظهور قائد بلوشي يعيد تلك الأمجاد وسيرة الأجداد في الفتوحات، وفكرة الوطن البلوشي لم تخمد بتاتا في فكر البلوش على رغم السياسات الخبيثة الرامية لشق الصف البلوشي وتقسيمه لتكوينات سياسية كل منها داعية لأمر حسب توجهها الفكري والتطلعي ولكن هذا لن يغفل كل بلوشي مهاجر أو مشرّد في كل بقاع الأرض أن حبّه لوطنه من الإيمان فعلينا العمل كالنحل نرتحل لأبعد المسافات أملا في أن نرجع يوما ما بأطيب الأفعال وأخلصها لخدمة وبناء وطن يأمله كل مسلم شريف وبلوشي أصيل.
#أبوحنبل_البلوشي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|