|
هوية الثورة (1)
فتحي المسكيني
الحوار المتمدن-العدد: 3366 - 2011 / 5 / 15 - 15:28
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
هوية الثورة (1)
د. فتحي المسكيني، جامعة تونس
1- في جنس الثورة ؟ أو الثورة ليست عملا شخصيا تؤخذ "الهوية" في معان عدة. لكنّ التعريف المفيد واليسير هو كونها جملة من الخصائص التي من خلالها يتمّ التعرّف على شيء أو شخص ما بوصفه هو وليس غيره. ومن ثمّ فالهوية ليست شخصية بالضرورة. بل إنّ الهوية لم تُستعمل بهذا المعنى الشخصي إلاّ منذ مدة قصيرة، ربما بفضل الكتابات النسوية الأمريكية التي أفضت إلى النظرة "الجندرية" للهوية: الهوية كعلامة على جنس عضوي بعينه، أو على نمط ثقافي أو اجتماعي مختلف، حيث يتكسّر الفاصل الحاد بين "المذكّر" و"المؤنّث"، وتنفجر جملة كبيرة من الأجناس الهووية المغايرة، من قبيل المثليين والمتغايرين والغرباء والسود والعابرين للأجناس،الخ... "هوية الثورة" عبارة تدفعنا رغماً عنّا إلى جندرة عفوية أو ماكرة للثورة: ما جنسها ؟ إنّها مؤنثة بالنحو ومذكرة بالشهداء، أو هكذا يبدو. الثورة مؤنثة دون أن تكون أنثى بالضرورة. الشمس مثلا لفظ مؤنث فأيّ معنى أنثوي للشمس إن لم تكن انفعالاتنا عليها ؟ وقد ظهر في تونس مثلا لعب ساخر كثير على جندرية الثورة: "أنثى الثور"، "الركوب على الثورة" بما يوحيه من مركزية قضيبية، وهو ما وجد طريقه إلى التعبير من خلال التقابل الجنسي المفضوح بين "القصبة" (حيث مقر الحكومة التونسية وحيث تقع اعتصامات "الثوّار"، في القصبة 1 والقصبة 2، الخ..) و"القبّة" (حيث تجمّع "الثوريّون" الليبراليون المدافعون عن "الأمن" و"الاعتدال" و"حالة الاقتصاد" و"وضع السياحة"...إذا ما استمرّت الاعتصامات والانتفاضات في شوارع "ما بعد" الثورة...) هوية الثورة ليست إذن مزحة فلسفية، بل مشكلا يدعو إلى التفكير. حين نسأل عن "هوية" شخص ما فذلك يعني أنّنا لا نعرفه. ورغم أنّنا نمتلك صيغة مناسبة وكونية للسؤال عنه، أي السؤال "من ؟"، وليس السؤال "ما هو؟"، أو "أيّ شيء هو ؟"، فنحن مع ذلك لا نتوفّر على أيّة إجابة مسبقة، ونظل نقف خارج إمكانية التعرّف عليه من الداخل. ولذلك غالبا ما نخوض لقاء عاريا معه أو نكتفي بتبادل عدم معرفة كل طرف للآخر، من دون خسائر شخصية كبيرة. غير أنّه حين يتعلق الأمر بشعب كامل وليس بشخص مفرد، نحن نشعر أنّ السؤال من ؟ قد فقد مهارته في وضع حدّ لجهلنا بالآخر، وألقى بنا في حدث كبير يصرّ كل من شهده أنّه حدث غير مسبوق أو مفاجئ. 2- الثورة ليست حدثا مفاجئا هل كانت الثورات الأخيرة،في تونس ومصر، أحداثا مفاجئة حقا ؟ بحيث لا نملك وسائل كافية أو مناسبة للتعرف عليها أو للاعتراف بها ؟ - نحن نقيس درجة المباغتة بقدر درجة المجهول الذي يداهمنا من حدث ما. طبعا الحدث بما هو كذلك هو مباغت دائما، أي يحدث في المستقبل. ليس هناك حدث مفاجئ في الماضي. لكنّ الثورة، التي تبدو لأوّل وهلة كشخص لا نعرفه من قبل، هي ليست حدثا مباغتا إلاّ لمن ينظر إليها بوصفها مجرد حدث، أي وقوع ما لم يقع من قبل. والحال أنّ الثورة ليست حدثا، بل عملية انتقال مثيرة إلى الفعل الكبير للشعوب. الشعوب عادة ما لا تفعل، بل يُفعل بها. وهي تكتفي غالبا بحياة كسولة وانفعالية وهو معنى "الاستقرار" و"الأمن" أو "الحياة العادية". كسل الروح مريح للشعوب عادة. لكنّ الثورة تأتي لإحداث عملية تغيير واسعة النطاق وكاسرة في وتيرة الحياة اليومية للشعوب كضمائر منتشرة في أجسام حية بلا برنامج أخلاقي مغلق لتصوّرها لنفسها، ورغم ذلك تزعم كل دولة أنّها أغلقت باب الانتماء لدى الشعب الذي تحكمه وحوّلته إلى هوية جاهزة وقابلة للاستهلاك اليومي الطويل الأمد. كل دولة تحوّل الحكم إلى بنية هوية وتحاسب الأفراد على هذا الأساس، أي إلى مستهلكين رسميين لمضمون هووي جاهز ومفروض بوسائل العنف الشرعي. لذلك ليست الثورة حدثا مفاجئا إلاّ للدول الهووية. أمّا بالنسبة إلى الشعوب فهي مناسبة عليا لاستعادة حق المصير الذي تكون كل دولة قد صادرته كأحد اختصاصاتها التي ينبغي أن تحتكرها إلى أمد غير معلوم لأحد. الثورة تغيير في أفق أنفسنا وقع لأنّ الشعب قد نجح في فك الارتباط الهووي مع جهاز الحكم. هذا التغيير لا يمكن أن يكون مفاجئا لنا، بل فقط بلا رجعة. حين يصبح مجرى الأحداث بلا رجعة أو غير قابل لأي نوع من الاحتواء الأمني أو الأخلاقي تحدث ثورة ما. لكنّ مشاعر السخط لا تولد فجأة. إنّها تعبير متنام وبطيء عن الشعور بأنّ الأمور قد دخلت طور ما هو بلا رجعة، على نحو لا يفاجئ إلاّ ذهنية استهلاكية للمستقبل. 3- الغرب والثورة: مفاجأة مؤجّلة الغرب مثلا لم يؤمن بنا أبدا. وهذا النوع من عدم الإيمان التاريخي بنا هو الذي منعه إلى حدّ الآن من متابعة حركات التغيير العميقة في بلداننا بعين مرتاحة أو ذكية أو ملتزمة أو بناءة. ينظر الغرب إلى ثوراتنا بعين قلقة ومرتابة وخائفة: عين قلقة، لأنّه لا يعتبر ما يقع ثورة بالمعنى التقني "الحديث" (أي الصيغة المعلمنة من الثورات الأوروبية)، بل "أحداثا" بلا أفق أخلاقي محدّد؛ وعين مرتابة لأنّه يشك في قدرة شعوبنا على الحرية، حيث لا يرى في الرغبة في التحرر لدينا رغبة في الديمقراطية بالمعنى الليبرالي بل حرية مرعبة وبلا برنامج ديمقراطي مناسب؛ وأخيرا، بعين خائفة من فكّ الارتباط الأخلاقي والقانوني مع الغرب متى أمسك الإسلاميون بالسلطة. لكنّ موقف الغرب مخيّب أيضا لآمال النخب التي تكوّنت في أفقه الروحي وعقدت تحالفا معياريا ووجوديا مع مكاسبه الأخلاقية والسياسية التي حقّقها باسم الإنسانية الحالية. غير أنّ الغرب ليس غربيّا إلى هذا الحدّ أو بالضرورة، نعني أنّ قياداته لا تؤمن ضرورة بمثله العليا الإنسانوية أو الكونية. ومن ثمّ أنّ على المفكّر المنصف أن يميّز بين الغرب كجهاز هيمنة تاريخية على الشعوب غير الغربية وبين ما تحقّق على يد الغربيين من مكاسب معيارية وميتافيزيقية وقانونية رائعة في أفق "الأزمنة الجديدة" (وليس "الحديثة" حتى لا نقتصر على الجذور المسيحية المعلمنة للأفكار المقوّمة للحداثة). ينظر "الغرب" إلينا كحالة حرية "غير غربية" ومن ثمّ بلا تقاليد تاريخية في التحرر المعلمَن والكوني. قد يكون ذلك من حيث التشخيص صحيحا في شطر منه. لكنّ النظر إلى ثورات الشعوب ليس عملا مخبريا ولا معرفيا بالضرورة. ومن ثمّ ما يقلقنا هو أنّ الغرب لا يزال موقفه نابعا من نظرة "آخرية" غير قادرة على أيّ نوع من التسامح التاريخي الكوني بين الشعوب أو بين أعضاء نفس الإنسانية. ومن ثمّ هو لا يرى أو لا يريد أن يرى أو لا يمكنه أن يرى الجانب المشرق من ثوراتنا أي من مرور شعوبنا إلى الفعل الكبير، أي فعل المصير، وخروجها من فترة السكوت الطويل على الاستبداد ولو كان بعضه مستنيرا. تبدو ثوراتنا في عين الغرب إلى حد الآن ثورات "آخرية"، أي قامت بها شعوب "أخرى"، نعني تركّز قوتها التاريخية على تصوّر هووي نسقي ومركزي لذاتها. وفي الحقيقة هذا غير صحيح، لأنّه لا وجود لشعب لا هوية له، أي من دون سياسة انتماء معيّنة. ومن ثمّ أنّ مكمن المشكل هو في درجة استعمال الهاجس الهووي في تحديدنا لذواتنا، وليس في ظاهرة الانتماء بحدّ ذاتها. 4- الدولة-الأمة وجهاز الهوية لا أحد ينكر أنّ سياسات الدولة القومية التي ظهرت لدينا بعد انتهاء فترة الاستعمار الرسمي قد كانت بالأساس مستقاة من نموذج الدولة/الأمة الأوروبية ومن ثمّ كانت في جوهرها سياسات هووية. وتتساوى في ذلك كل أنواع الدولة التي حكمتنا، أكانت ملكية أو قومية أو ليبرالية أو اشتراكية. كان همّها بناء هوية لدولة لها ملامح قادرة على تحويل الشعوب المحكومة إلى "أمة" أو "وطن" أو "شعب"، أي إلى كيان رمزي يعكس شخصية "الزعيم" (وهذا مصطلح أوروبي وقعت تبيئته واستخدامه بشكل مشط من قبل النخب الحاكمة)، الزعيم الذي ترجم نفسه في جهاز زعامي مركزي ومستبدّ بالمصير وواحدي، وذلك بشكل شرس وإداري وعمومي ومنهجي وأمني أساسا. والمضحك أنّه حتى "زعماء" حروب التحرير لم يسلموا من هذه العدوى. لقد تمّ تحويل الشعوب التي قامت بحروب التحرير من "الآخر" إلى كتل سكّانية قابلة للاستهلاك اليومي الفارغ أو المفرغ من وقع التاريخ، بواسطة سلطة حيوية بلا رحمة تحت مسمّيات شتى، ومنها "الثورة" تحديدا، وإن كانت الأسماء الهووية الأخرى ليست أقلّ شأنا، من قبيل "الوطنية" و"التحرر" و"الوحدة" و"التقدم" و"مجتمع المعرفة" و"جمهورية الغد"...الخ، كل ذلك باسم القائد الواحد والحزب الواحد، ولكن أيضا الإله الواحد والشعب الواحد، الخ. في ظل هذا الجوّ الزعامي المفرط في هيمنته الرمزية يتحوّل الشعب إلى شتات أخلاقي وذرات شخصية غير مؤهلة لأيّ توقيع كبير. إنّ "مواطن" الدولة /الأمة قد انقلب في الأثناء الزعامية إلى ذرة هووية تسجّلها السلطات الأمنية في أرشيفها المركزي وتحوّلها إلى رقم وبصمة ووجه، هي لعنة على حاملها إلى يوم قيامته. تطارده في كل مرة يحاول فيها أن يصبح "مواطنا" أي شريكا في ذلك "الوطن" الذي تم الإعلان عنه كإقليم مغلق، باسم "السيادة" التي تحوّلت عندنا من مفخرة قانونية للشعوب الحديثة إلى كارثة أمنية على شعوبنا التي لا تستطيع أن تمانع لا من الداخل، فتقع تحت طائلة الخيانة العظمى، ولا أن تقاوم من الخارج، لأنّها ستحمل وزر الاستقواء بالأجنبي. هذه هي لعنة الهوية التي استعملها الحاكم العربي استعمالا نسقيا ضدّ شعبه، ربما نحن لا نتذكّر منها عادة (وعلينا أن نسأل لماذا ؟) إلاّ دلالتها "القومية" أو منذ مدة قصيرة دلالتها "الدينية" أو "الحضارية"، والحال أنّ الدلالة الكارثية للهوية لا هي قومية ولا هي دينية أو حضارية، بل "أمنية": لقد تمّ الزجّ بالأفراد في أكياس هووية تشرف عليها أجهزة قمعية شديدة التنظيم والمركزية والقدرة على المراقبة والتجسس والأرشَفة طويلة الأمد، بكل الوسائل المادية الورقية والرقمية والبصرية والسمعية،الخ. إنّ الكارثة هي الاستعمال الأمني للهوية كتهمة طويلة الأمد لكل النشطاء والأحرار والأبرياء والغافلين في حياتهم اليومية المفرغة أصلا من القدرة على المصير. ومن يستطيع أن يدّعي أنّه في مأمن من هذا الاستعمال الأمني للهوية الشخصية بوصفها وثيقة "وطنية" على الانتماء كحكم نهائي ومؤبّد على السكوت العمومي أو الطاعة الأمنية للحكام الهوويين ؟ 5- متى يثور شعب ما ؟ أو السخط الإيجابي بعد فترة سكوت عمومي طويلة بهذا القدر أو ذاك، وذلك حسب نجاح النخب الحاكمة في بلورة وعود تاريخية أو سياسية قابلة للتصديق من طرف الجموع المتعطشة إلى تأمين شروط الحياة الكريمة، وليس الحرة بالضرورة، - تفقد الشعوب براءتها الظاهرة وإيمانها بجدوى الأمن والاستقرار وتأخذ في السخط العام. ليست الثورة غير عملية انخراط ميكروتاريخي في شعور معمّم بالسخط الكبير الذي يتخطى عتبة الغضب، الذي يظلّ دوما انفعالا حزينا، ويبلغ إلى حدّ من الاستياء الإيجابي الذي لا مرد له وعندئذ يصبح النزول إلى الشوارع ليس فقط أمرا ممكنا بل ومشروعا أيضا. وإنّ أهمّ سمة للثورة الجديدة هو بثّ السخط الكبير في الفضاءات المشتركة حيث تعمل "نحن" بلا ضمير خاص، كانت أفضل أشكال التعبير عنها هي عبارة "الشعب يريد..."التي ترددت أصداؤها من تونس إلى اليمن. ويبدو لنا أنّ لفظة "الشعب" هنا ليست قومية أو عرقية، بل تعبيرية أو تشكيلية: في غياب اسم أو ضمير واحد أو متفق عليه لأنفسنا الجديدة، أي الثائرة والحرة، تم اللجوء إلى أبسط أسمائنا وأقلّ ضمائرنا غموضا أو طائفية: "الشعب" هو ضمير "لاأحد" الذي نجح في إنتاج "فلانية" حرة ونشطة وفاعلة وحرة ومتحركة من دون تحفظات قومية أو دينية أو طائفية. السخط الكبير الذي يؤدي إلى الثورات ليس حدثا مفاجئا لأحد. بل واقعة شعورية واسعة النطاق وحيوية ومنبثّة، تستمد زخمها من تشكل رابطة غضبية مشتركة ولكن غير مسبوقة بين السكان بوصفهم جموعا حرة ومندفعة بحكم قوة الكثرة التي تحوّلت بسرعة إلى كتلة جاهزة للضغط العمومي الذي نجح لأول مرة في خلق توازن رعب إيجابي مع الرعب الأمني للدولة اليومية (نعني التي فقدت قدرتها على الوعود التاريخية الكبيرة). وكل دولة، حتى تلك التي ستتكوّن في المستقبل، هي دولة أمنية بالضرورة. وهي لا تستطيع أن تحيّد طابعها أو انفعالها الأمني إلاّ استجابة قاهرة إلى التزام أو استحقاق ديمقراطي أملاه شعب ثائر أو قادر على الثورة. ومن ثمّ فإنّ باب الثورات لن يُغلق قريبا. وعلينا أن نسجّل بكل عناية أنّ الثورات لا مرد لها. فهي ليست شيئا كان يمكن للحاكم الهووي تفاديه. لقد قامت دولنا "الحديثة" على منظومة زعامية صمّاء إلاّ لجوقاتها الهووية، ومن ثمّ هي غير مؤهلة أصلا لأيّ تحالف أخلاقي مع شعوبها، وبالتالي هي ليست قادرة أبدا، بموجب الهوس الزعامي الطويل الأمد والمرضي، على فن الإنصات إلى صوت شعوبها حينما كانت تتكلم لغة السكوت العمومي المشحون بالغضب الحزين، والذي يعمل عادة في حدود القيم الرمزية للحياة اليومية، كالفن أو الثقافة أو الدين أو الفكر أو المعارضة الخجولة أو الصامتة أو الانتظارية،..الخ. 6- الثورة عمل شكلي مريع إنّ الثورة هي بالأساس نهاية حادة لفترة انتظار طويلة، وليست بداية جذرية لأيّ شيء. الثورة عمل شكلي مريع، وليس لها أيّ مضمون جاهز. هي انتفاضة لتغيير شكل العلاقة مع الدولة، دون أي رغبة في تدميرها. وهي تتم غالبا ضد حاكم هووي، وليس ضد السلطة الشرعية بما هي كذلك. وذلك أنّ الدول تفقد شرعيتها ما إن تتحول إلى جهاز هووي لاستعمال الشعوب من خارج مصيرها ومعاملتها كأنّها كيان قاصر ومجرد وسيلة انتخابية وليس غاية في ذاتها. ولذلك فالثورة هي انقلاب شكلي بلا أيّ نوع من الآخرة، أكانت دينية أو علمانية. إنّ ما نشعر أنّه يهدّد ثورتنا في تونس مثلا هو الانتظار المفعم بعدم القدرة على "المابعد"، ما بعد الثورة. لماذا لا نملك إلى حد الآن برنامجا مناسبا للمرور إلى ما بعد الثورة ؟ - إنّ "الما بعد" صعب وغير واضح، لأنّ "الثوار" قد سلّموا ثورتهم إلى "ثوريين" حكوميين لا هم شاركوا في الثورة ولا هم يؤمنون بها من الداخل. لأوّل مرة تقع نادرة تاريخية بهذا الحجم: يثور شعب ثم يضع مستقبل ثورته بين أيدي نخبة سياسية هي جزء من "العهد البائد" قلبا وقالبا، ولا تتميّز عنه إلاّ بامتلاكها شرط "الشرعية" الدستورية. ولأول مرة يثور شعب، ويبطل العمل بدستوره، لكنه يطمئن إلى شرعية لا معنى ولا قوام لها من دون علاقتها بذلك الدستور. هل ندم الشعب التونسي على ثورته ؟ أم أنّها كانت ثورة شكلية لا غير ؟ والشكلي مريع بصمته عن المضامين ؟ لماذا دخلنا في فترة انتظار عمومية أخرى ؟ علينا أن نقرّ في الأثناء أنّ الثورة على حاكم هووي هي استرجاع واسع النطاق لحق الأهلية التاريخية للفعل الكبير وللتشريع الروحي للأجيال دون وصاية أمنية على شعوره بالحرية. فهل فعل الحاكم الهووي غير مصادرة قدرة الشعوب على حرية المصير ؟ (يتبع)
#فتحي_المسكيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثورة والهوية أو الحيوي قبل الهووي
-
الثورة والهوية
-
قصائد إلى الياسمين المحرَّم
-
قصيدة الأرض
-
قصيد القيامة أو نشيد الإله الأخير
-
شفة تحمرّ من خزف ونار
-
سارتر -كان معلّمي-
-
الغيرية والاعتذار أو الفلسفة ومسألة -تحريم الصور-
-
نثر في حديقة نفسي ، بعد ألف سنة مما تعدون
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|