|
النكبة
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 3365 - 2011 / 5 / 14 - 23:54
المحور:
القضية الفلسطينية
النكبة
ارتبط النضال الوطني والتحرري العربي ، بالقضية الفلسطينية ، باعتبار أنها نشئت نتاج احتلال استعماري ، في الحرب الكونية الأولى ، وإحلال كيان استيطاني في المنطقة ، ورغم جلاء القوات الاستعمارية عن مختلف البلدان العربية بعد إن تم تقسيمها الى بلدان وتنصيب أنطمة لها ، فأن هذه البلدان اعتبرت يوم الجلاء ، يوما للاستقلال ، وكذلك فعلت اسرائيل ، والتي تحتفل هذه الأيام بذلك ، وباعتبار ان فلسطين ذلك الجزء العربي الذي تم احتلاله من قبل بريطانيا بسبب تلك الحرب ، بقي مستعمراً ، وانه استبدل شكل الاستعمار فيه الى استيطان لشعب أخر تم تجميعه من إنحاء أوروبا وغيرها ، وظل الشعب الفلسطيني المقتلع ، والذي تم إحلال بدائل عنه ، يعيش حالة غير مسبوقة من التشرد والظلم والعدوان ، دون أي سبب الا كونه مقيم في موقع جغرافي أراده الاستعمار وطنا لآخرين ، واعتبر الفلسطينيون بحق ذلك اليوم على خلاف من كافة إنحاء البلدان الأخرى وهو يوم ( نكبتهم ) وانهم ابرز ضحايا الحرب العالمية الأولى التي لا زالت نتائجها ماثلة وتنحرهم يومياً ولقد أدرك الفلسطينيون ان للزمن حقائق على الأرض يفرضها ، وانه أصبح هناك شعب تكون على أرضه أكثر من 70% منهم لا يعرف غير هذه البلاد وطن لهم ، فانطلق يطرح حلولا ديمقراطية وواقعية لهذا الأمر من دولة علمانية ديمقراطية واحدة ، الى دولتين لشعبين ، ولكن هذا الإدراك الواعي ، لم يقابله الا مزيداً من العدوانية بالتحالف مع دول الاستعمار البائد ووريثتهم الإمبراطورية الأمريكية ، مما يؤكد ان عملية التقسيم للبلدان العربية لم تكن عملية اقتسام بين منتصرين ، بل انها خطة واعية ومدروسة تهدف الى عزل فلسطين بالاستيطان ليتم فضل العالم العربي الى قسمين اساسين ، ثم تكوين انقسامات أخرى . لقد هدف الغزاة عبر التاريخ لاستخدام نهج التشتت لمناطق احتلالهم ،ليسهل عليهم نهبها واستغلال شعوبها ، والمنطقة العربية بعد اكتشاف النفط فيها ، عززت هذا الإدراك، بل لقد بدء التفكير بإعادة رسم شرق أوسط جديد ، ليتلاءم مع خطط النهب الجديد ، وعنوانه الشركات الفوق قومية ، تلك الشركات التي أصبحت تمثل الوجه الاستعماري الاحتكاري الجديد ، بدل الحكومات والجيوش المباشرة ، وتحولت الأمم المتحدة لأخد دور المكتب السياسي لتلك الحكومات وشكل الهيمنة الجديدة على العالم بمظاهر متلائمة . مثل البنك الدولي ، ومنظمة التجارة ، وأخيرا جيوش حلف الأطلسي خاصة بعد خروج الاتحاد الاتحاد السوفيتي من المواجهة . في هذا المتكون الجديد إقليميا وعالمياً ، يجاهد الشعب الفلسطيني من اجل حقه في الاستقلال وإقامة الدولة ، يسانده في ذلك كافة قوى التحرر والديمقراطية في العالم ، فإسرائيل تعتبر ما يعادل النكبة لدى الفلسطينيين هو ما تسميه ( النهضة ) بالنسبة لهم ، وفي هذا ما يؤشر الى ثقافة عدوانية اقتلاعية ، فالفلسطينيون لم يحتلوا فلسطين حتى تجيء نهضة يهود العالم متحالفة مع قوى الاستعمار لنكبتهم في وطنهم ومالهم وأهلهم وتشردهم في الآفاق . وليس صحيحاً ان استمرار قمع الشعب الفلسطيني يكون ضمان لامن إسرائيل ، ولن يستطيع شعب إسرائيل ان يعيش تحت حد السيف ، تتوسع دائرة عداءاته لكامل الشرق الأوسط والعالم ، فلم يعد مثقف واحد يتضامن مع إسرائيل ، فقد أصبحت تحتل في وعي الشعوب ، مكان جنوب أفريقيا إبان حكم البيض ، فليس مجتمعا ديمقراطياً ذلك المحكوم بالجيوش والعساكر ويتباهى بمخابراته ومعداته فتلك حقيقة الخائف المدرك بوعيه انه مذنب ، وكما قال ماركس يوما : ان شعب يضطهد شعباً اخر ليس حراً . أن عبودية إسرائيل للقوة ، حالة مرضية مزمنة لن تستطيع ان تضمن قبول مجتمعها بتلك الصيغة ، وتاكيداً على ذبك فان هجرة العقول في إسرائيل أصبحت حالة تتدارسها حكومتها بقلق ، والذي يسهل أمر تلك الهجرات أن معظم سكان أسرائيل مزدوجي الجنسية ، بالإضافة الى تلك الهجرة المضادة الى روسيا بعد ان أصبحت بلداً مستقراً ويمتلك افاقاً اقتصادية جيدة . كل هذا وغيره كثير يؤشر الى ان الحل الوحيد المنطقي لازمة اسرائيل هو ( بحل الدولتين ) وان الأركان الى سياسية القوة تزيد عزلتها وتأزم مجتمعها وتهددها اقتصادياً ، فلقد مضى ذلك الزمن الذي كانت تعربد به اسرائيل دون ان تلام على الأقل ، وألان هي تدان وتعزل في العالم ، فكان الاجدر ان تحتفل هذا العام بعودة العقل وبناء السلام لشعبها وتحقق أمنها واستقرارها وليس التمادي في تعميق نكبة الشعب الفلسطيني وكراهية العالم لها . ان امن إسرائيل لن يتحقق بالاعتراف بيهوديتها ، بل ان تعترف هي بحق الشعب الفلسطيني في وطنه ، والهروب الى الإمام باستمرار على طريقة نتنياهو مضيعة للوقت النافذ إمام إسرائيل ، فالربيع العربي عند استقراره سيجد إمامه مهمة إستراتيجية تتحقق في بناء حالة عربية موحدة بالاقتصاد والموقف السياسي يعيقه فيها الموقف الإسرائيلي المهدد لأمنه القومي واستقلاله وحقه في التقدم والازدهار ، وستجد اسرائيل نفسها مضطرة لفك عزلتها وأزمتها ووقف هجرة شبابها الى ان تتخذ موقفا ليسه اقله كما فعل ( ديك ليرك ) في جنوب افريقيا ، وستجد ان سياسة العسكرة والترسانة النووية والتحالف الأميركي أمورا لم تعد تصلح لزمن تغير وفرض واقعا أخر .
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المصالحة الفلسطينية
-
في ذكرى ايار
-
سقط النقاب عن وجه الانظمة العربية
-
لتتواصل ثورة الكادحين العرب ولتتعمق
-
عن الربيع العربي والمخاطر
-
الثورة والوضع الراهن
-
العام والخاص في ثورة التحرر العربي
-
الثورة حركة تغير في التاريخ
-
كل السلطة للشعب
-
زمن الثورة وزمن هزيمة الردة
-
عاشت ثورة الشعب التونسي البطل
-
تحية للشعب التونسي
-
لمصلحة من يذبح المسيحين
-
تحية لعمال سيدي بو زيد
-
عيد الميلاد وفهم الاخر
-
هجرة المسيحين او الغربة الوطنية
-
الثورة هي الحل
-
الفضائية حالة نضالية متقدمة
-
مراجعات نقدية
-
الانغلاق الفكري الديني
المزيد.....
-
السيسي وولي عهد الأردن: ضرورة البدء الفوري بإعمار غزة دون ته
...
-
نداء عاجل لإنهاء الإخفاء القسري للشاعر عبد الرحمن يوسف والإف
...
-
-الضمانات الأمنية أولاً-..زيلينسكي يرفض اتفاق المعادن النادر
...
-
السلطات النمساوية: هجوم الطعن في فيلاخ دوافعه -إسلاموية-
-
نتنياهو: انهيار نظام الأسد جاء بعد إضعاف إسرائيل لمحور إيران
...
-
نتنياهو: ستفتح -أبواب الجحيم- في غزة وفق خطة مشتركة مع ترامب
...
-
كيلوغ المسكين.. نذير الفشل
-
تونس تستضيف الدورة 42 لمجلس وزراء الداخلية العرب (صور)
-
-مصيركم لن يكون مختلفا-.. رسالة نارية من الإماراتي خلف الحبت
...
-
مصر تعلن بدء إرسال 2000 طبيب إلى غزة
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|