اتحاد الملوك ضد الشعوب

زكرياء الفاضل

الحوار المتمدن-العدد: 3365 - 2011 / 5 / 14 - 22:41
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    

اتحاد الملوك ضد الشعوب
دعا مجلس التعاون الخليجي المغرب للانضمام إليه، كما رحب هذا المجلس بطلب الأردن ترحيبا. وقد يبدو الأمر عاديا عند البعض وقد يرحب به آخرون آملين الدعم الاقتصادي للبلدين الذي سيساعد، حسب رأيهم، على حل عدة مشاكل اجتماعية واقتصادية. لكن الحقيقة أن الأمر به سرّ مكشوف لأولي الألباب حيث يلاحظ أن العضوين الجديدين نظامهما ملكي ودول الخليج العضوة بالاتحاد أيضا ذات أنظمة وراثية مما يحتم علينا التفكير في اتجاه تحالف الملكيات العربية ضد شعوبها وذلك للأسباب التالية:
1. لم تكن تقبل الدول العضوة الست بعضوية دول أخرى باتحادها من قبل
2. قبول عضوين جديدين، أحدهما لا يمت بصلة للمنطقة جغرافيا، جاء في ظروف الانتفاضات العربية التي عمت البلاد
3. العضوان المقبلان ملكيتان
4. الدعوة لم توجه لمصر أو تونس أو أي بلد عربي آخر ذو نظام جمهوري
5. اليمن طالبت مرارا الالتحاق بمجلس التعاون الخليجي، لكن طلبها قوبل بالرفض وهي دولة في شبه الجزيرة العربية ولها حدود مع عدة دول أعضاء بالمجلس
قد يقول قائل: نعم ربما المملكات العربية تحاول الحفاظ على نفسها لكنها تحاول ذلك بالدعم الاقتصادي لبعضها البعض وهذا شيء جميل. الجواب على مثل هذه الرؤية الساذجة بسيط ويتمثل في الاتحاد العسكري لدول المجلس والذي أظهر أنيابه في أحداث البحرين. فمن يستطيع إعطاء ضمانات على أن توسيع عضوية الاتحاد هدفهات الدعم الاقتصادي فقط؟ لا أحد.
لو كانت الدول الست بالمجلس تستهدف الحد من الثورات العربية بحل القضايا الاقتصادية لدعمت اليمن أولا وهي جارتها وأي اضطراب بها سيكون له تأثير على باقي جيرانها وملف الحوثيين حافل بالأمثلة حيث اخترقت الحدود الجنوبية للسعودية وحصلت اشتباكات مع الجيش النظامي السعودي أسفرت عن خسائر بشرية في صفوفه. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لماذا لم يدع المجلس فلسطين فيحقق دعما لها اقتصاديا وسياسيا؟ لماذا لم يدع المجلس العراق وهو في أمس الحاجة لمساعدة الدول الغنية؟ لماذا لم تشمل دعوة المجلس مصر أو تونس أو السودان..؟ إذا الدافع ليس عامل الأخوة والإنسانية بل غريزة حب البقاء وهي قوية لدى الحكام العرب ملوكا ورؤساء.
مما يرجّح هذا الطرح هو معارضة الطلبة السعوديين بأمريكا لانضمام المملكتين إلى المجلس إذ يرون في ذلك خطرا يهدد مستقبلهم بعد عودتهم إلى أرض الوطن حيث الحدود شفافة بين الدول الأعضاء بالمجلس مما سيساعد على هجرة العاطلين إلى هذه الدول، ونفس الموقف المعارض يتبناه برلمانيون كويتيون الذين أعترفوا، بشكل ضمني، أنّ توسيع صفوف الاتحاد بهذا الشكل من ورائه استراتيجية عسكرية حيثوا صرحوا أنّ شعوب المنطقة قادرة على حماية أمنها. فماذا يعني هذا التصريح سوى أنّ دول مجلس التعاون تسعى لتحالف عسكري مع نظامين معروفين بقوة مخابراتيهما وخبرة جيشيهما في ردع انتفاضات الجماهير؟
بالطبع هناك طرح آخر مفاده أنّ المجلس يسعى من ضم كل من المغرب والأردن له تشكيل اتحاد عسكري ضد الخطر الشيعي النابع من إيران. إلاّ أنّ الحقيقة، التي لا تنفي هذا الرأي، تبقى في كون الأنظمة الملكية في العالم العربي تحاول التوحد ضد شعوبها من أجل الحفاظ على سلطتها وامتيازاتها. فهي لم تستشير شعوب الخليج في هذا الأمر الهام التي بدأت بعض فئاتها تعبّر عن رفضها لهذا القرار الفردي، يدعمها في موقفها هذا بعض البرلمانيون الراغبين في طرح الإمر على شعوب المنطقة في استفتاء شعبي. إذا هو اتحاد أنظمة ملكية وليس اتحاد شعوب.
قد لا نعرف مدى خطورة هذا الانضمام على الهوية الأردنية، لكنّ أثره السلبي على الهوية المغربية واضح إذ سيوسّع الهوة بين من يعتبرون نفسهم عربا بالمغرب والأمازيغ، كما أنّ هذا الانضمام قد يعني تراجع النظام عن الاعتراف بالعمق الأمازيغي للهوية المغربية إلى جانب فتح الباب على مصرعيه لازدهار تجارة البشر بين المغرب ودول الخليج حيث قد يلغى نظام التأشير للمواطنين المغاربة فيستغله تجار الأعراض لتطوير وتوسيع تجارتهم الدنيئة وكذلك الأمر بالنسبة لتجارة المخدرات.
كثيرون هم من سيعرض هذا الرأي مستدلين بالاستثمارات الخليجية التي ستغزوا المغرب مما سيساعد على إيجاد مناصب شغل وحل المشاكل الاقتصادية للمواطن المغربي. للأسف هذا رأي ساذج لأنّ الاستثمارات الخليجية موجودة بالمغرب من قبل الدعوة ولم تساعد في حل مشاكلنا الاقتصادية. كما أن العاملين بهذه المؤسسات الاستثمارية يتقاضون ثمن قوتهم لا حق إنتاجهم أي أنّ أجورهم هي نفسها في القطاعات الوطنية. فكل مستثمر يحاول تقليل مصاريفه وزيادة أرباحه لذلك هو يتوجه، دوما، نحو البلدان التي بها يد عاملة رخيصة. ولهذا لا يجب انتظار تساقط الذهب من السماء مع حلول المستثمر الخليجي بالمغرب.

#زكرياء_الفاضل (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات