أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - مفارقات الزمن الأغبر















المزيد.....

مفارقات الزمن الأغبر


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 1004 - 2004 / 11 / 1 - 09:32
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


لا نختلف حتى مع أخوتنا العرب العاربة أو المستعربة من أن نظام صدام حسين كان نظاماً قاسياً ودموياً وديكتاتورياً ومتسلطاً وقمعياً، ولا نختلف مع أي عراقي مهما اختلفت قوميته من أن السلطة كانت لا تتوانى عن أبادة ليس فقط المعارض العراقي وإنما يتعدى العقاب القاسي إلى أهله وأقاربه لحد الدرجة الخامسة، حتى بات العراقي ينكر قرابته للغير تخلصاً من انسحاب مبدأ العقوبة التي طالما تعهدنا أمام هيئات السلطة بأن لا أحد من أقاربنا من الملتحقين (( بالعصاة )) في كردستان ولا يعمل في الأحزاب (( العميلة في نظر السلطة ))، وكما ليس بين أقاربنا من حكم عليه بالإعدام لخيانته للثورة والحزب (( القائد ))، كما ليس بين أقاربنا من هرب من الجيش أو تخلف عن الخدمة العسكرية.
نوقع على هذه التعهدات ونتقدم بها إلى المؤسسات الأمنية والحزبية والمخابراتية لقبول أبنائنا في الكليات التي أغلقها الحزب القائد على جلاوزته ، أو لطلب وظيفة بائسة تسد رمق العيش وتؤمن مستقبل فقير بعد خدمة طويلة قليل من وصلها.
لم يتململ أحد منا ولم يتذمر، فالتذمر حالة تستوجب العقوبة التي تصل لحد الإعدام، والرفض والثرثرة تهمة كبرى تستوجب أحالة مرتكبها على أعلى المحاكم الكارتونية التي ركبها وأكمل تلصيقها القائد الضرورة.
ونسأل أين كان هذا السلاح الذي توزع بين بيوت العراقيين ؟ وكيف يتمكن الرجال أخفاء السلاح في سياراتهم وتحت طي ثيابهم ؟ وكيف ظهرت جرأة حمل وحيازة السلاح العسكري بعد أن كانت العقوبة الإعدام في الزمن الصدامي ؟ ولماذا كانت الناس تؤجل العمليات والتفجيرات في الزمن الصدامي البائد ؟ وكيف لم يفكر العراقيين بالوقوف صفا واحداً بوجه الطاغية ؟ ولماذا لم يأتينا العرب البهائم ليفجروا أنفسهم برجال الأمن والمخابرات وأذناب الجلاد ؟ أين كان هذا الرصاص والسيارات المفخخة التي تنفجر بالريمونت كنترول ؟ وأين كانت الألغام والعبوات الناسفة والمفخخة ؟ بل وكيف تم نقلها وتحميلها وإخفائها ؟
أين كانت هذه المدن من وقفة تشيع السرور بالنفس ضد الطاغية وسلطته ورجال أمنه ومخابراته وحكمه الشمولي البشع ؟
أين كانت الأصوات الإعلامية التي تشتم الحكومة والوزراء وتنتقد الأداء وتتهم الشخصيات السياسية الوطنية بالعمالة دفعة واحدة ؟
أين كانت هذه الوجوه التي ازداد سعيرها وصراخها في الفضائيات العربية تحلل المستقبل الأسود للعراق، فيصير المتقاعد لأسباب نفسية محللا سياسياً، والمتسرح من الخدمة سياسياً ضليعاً بمصائر الشعوب ونهاية المخططات، ومن حصل على شهادة الدراسة المتوسطة مؤرخاً وكاتباً في الاقتصاد والسياسة وتاريخ الشعوب ، وصار المرعوب والخانس في الزمن الصدامي يوزع الاتهامات ويشتم في كل المجالات فلا وطني في العراق غيره ومن يحيط به على شاكلته .
وبلغت الخسة بمن تعلم القراءة والكتابة أن يقول أن الأمة الكردية مجرد بدو وفدوا من إيران لا علاقة لهم بأرض العراق, وهم طارئين عليه احتلوا أرضه في العصر الحديث، و أن التركمان حضروا كهدايا للسلطان استغلهم لحراسة بيته وخدمته وسلطته، والأرمن والآشوريين والكلدان حراس لشركات النفط الأجنبية التي وفدت إلى العراق اقتضت الضرورة أن يكونوا بيننا.
ولاوجود لكردستان ولا للمدن الكردية ولاأثر للغة الكرد ولالتاريخ الكرد.
ولاحقيقة للتركمان ولا للآشوريين ولا للكلدان أو بقية القوميات.
فالوجود عربي منذ الخليقة والسكان الأصليين عرب واللغة الأصلية عربية قبل أن تصير آرامية أو عبرانية .
فثمة قبائل عربية تخطت حدود الحيرة والمناذرة وبلغت حدودها مرتفعات أشور وأربيلو، والأكراد الفيلية عرب تكردوا ولا وجود لعشائر اللو واللر ولاهم يحزنون.
ومن يدري فربما كانت تلك الأقوام الكردية والتركمانية والآشورية والكلدانية تتحدث العربية قبل أن يبدلوها بلغة أخرى .
ومن مفارقات الزمن الأغبر أن يبكي بعض ويلطم على الطغاة، وأن يسمي الخاسئين والمجرمين شهداء ويقيم لهم مآتم العزاء ويبكيهم بخطابات مبتلة بدموع كاذبة، ولم تزل جثث أولادنا التي تعلقت برقابهم غير موجودة ولم نعثر على جميع مقابرهم.
ومن مفارقات الزمن الأغبر أن يصير من يشتم أمريكا ويلعن الاحتلال متبرقعاً بغطاء يتستر به على أفعاله وحقيقة ما يريد ، كرافعي المصاحف في الزمن الأموي .
ومن مفارقات الزمن الأغبر أن تتم المزايدة بمفردات تتراوح بين ( المقاومة والاحتلال وحكومة العملاء )، دون أن نتعرف على مواقف من يطلق الكلام على سجاياه حين كان الطاغية يتسلط على العراق ويفوز بنسبة المائة بالمائة وربما أكثر.
ومن مفارقات الزمن الأغبر أن يقود عملية النضال ضد التغيير الجديد في العراق من كان ينسق مع سلطة الطاغية، وينزل تواضعاً وخشية لتقبيل أكتاف القائد علي الكيمياوي أو التبرك بأشراقة وجه عزت إبراهيم الدوري، ومن مفارقات الزمن الأغبر أن يتوجه من كان تابعاً ذليلاً لسلطة البطش والإرهاب بالاتهام لكل أحزاب العراق ولكل تجمعات العراق ولكل شخصيات العراق ولكل أحرار العراق بالعمالة والخيانة مثلما كان الطاغية يوزعها على اقطاب الحركة الوطنية في العراق .
و الزمن الأغبر وحده من خول بعض السياسيين أن يقدموا على النسب المئوية التي تعتمد على قدرتهم وأفكارهم ، ومن مفارقات الزمن الأغبر أن تتشكل أحزاب من أعداد لا تتعدى أصابع اليدين تزعم إن لها قاعدة (عريضة) ، وأن مجمل الأحزاب (العتيقة) في العراق لاتشكل سوى 10 بالمائة في حين أنها تكتسح الشارع العراقي.
والزمن الأغبر من جعل الفضائيات العربية تتسابق للتنكيل بالشعب العراقي بحجة الاحتلال الأمريكي ، وتدعو بحرقة لحرق هذا الشعب الخائن ، ويتحول الطاغية إلى أسير والطائفية إلى مبدأ قومي والعشائرية إلى ضرورة عربية تحتمها المرحلة .
ومن مفارقات الزمن الأغبر أن تقوم ابنة الرئيس البائد وزوجة المقبور حسين كامل بقيادة فلول السلطة الساقطة لاستعادة مجد أبيها الذي انتهى، وتعقد الاجتماعات وتتحدث في الصحف والمجلات دون خجل من شعبها وضحاياه، ودون إن تستحي من جثث القتلى في المقابر الجماعية، ودون أن يرف لها جفن حين تشاهد مشاهد مأساة حلبجة والأنفال، وحين تستعرض الضحايا الذي قتلتهم عائلتها وأبيها.
ومن مفارقات الزمن الإغبر أن تقوم سلطات وشخصيات برعاية مجموعة البعث وهو الذي عرفته الدنيا كونه يمثل العث والتردي البائس في الأداء السياسي والمتلبس بأغطية العنف والقسوة والإرهاب واضطهاد الرأي الآخر وعدم احترام حقوق الإنسان وفشله الذريع في أن يكون له مكاناً محترماً بين صفوف هذه الأمة التي حمل شعار الوحدة فزاد فرقتها، وحمل شعار الاشتراكية فزادها تراجعاً وإفقارا وجوعاً وعوزاً ، وحمل شعار الحرية وأصبح مضرب المثل في التسلط والدكتاتورية ومعاداة حقوق الأنسان والرأي الآخر .
ومن مفارقات الزمن الأغبر أن يكون الأكراد الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة عملاء للموساد، ويصير القاتل الطاغية قائداً للضرورة العربية ، ويصير شتم الأمة الكردية التي ضحت من اجل العراق ضرورة وطنية لغرض توحيد الأمة والوطن .
ومن مفارقات الزمن الأغبر أن يكون المرتشين الواردة أسماؤهم في كوبونات النفط المسروقة من دماء العراقيين حملة شعارات الوطنية ومعاداة الاحتلال ومناصري الإرهاب والداعين لقتل المزيد من العراقيين ، وأن تكون لهم مؤتمرات ولقاءات دون ان يستحي واحدهم من التصريحات والظهور على شاشة التلفاز وهو متهم بشتى الأتهامات .
ومن مفارقات الزمن الأغبر أن يصير قتل العراقيين وأستباحة دمائهم عملاً بطولياً يصفق له المختلين نفسياً ويطلبون المزيد من الدماء بأسم الجهاد وحماية الوطن من الكفار والعملاء وهم يحتمون بديمقراطية البلدان الأستعمارية الكافرة ، ويأكلون من مالها ويكتنزون من حلالها .
ومن مفارقات الزمن الأغبر أن لايستمع أحد لصوت الشعب العراقي فقد بات قاصراً لاأهلية له ، وماعاد يفهم أين مصلحتة وكيف يرسم مستقبله .
ومن مفارقات الزمن الاغبر أن موجة من الأرهاب الديني المتطرف والمتلبس بأنحرافات الشخصية تجد لها مرتعاً ومسمعاً من الأعراب فقط دون غيرهم .
ومن مفارقات الزمن الأغبر أن يصير الانسان بهيمة مفخخة ينتحر ويقتل غيره بطلب من أنسان آخر وتحت ضغط اوامره .
وحقاً من مفارقات الزمن الأغبر حين يصير الجلاد والطاغية رمزاً للوطن الأسير وأن تتبارى صفحات وصحف في وصفه ببطل العروبة وقائد الأمة وماشاء لها من الأوصاف التي شبعت منها الامة التي لم تزل ترفل في نومها وسباتها تستنكر وتشجب مايحدث لها من قتل وأرهاب بالكلام فقط .
أنه زمن أغبر مليء بالمفارقات المضحكة والمبكية في نفس الوقت .



#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غلق التحقيق لمجهولية الفاعل
- حرامية العراق
- خراب الروح وتزوير التاريخ
- أنهم يستهدفون الأنسان في العراق
- الحقوق - تعقيب على مقالة الصديق محمد عنوز
- حقائق مخفية عن علاقة البعث - القسم الثالث
- سلمان شمسة وداعا
- حقائق مخفية عن علاقة البعث
- حقائق مخفية عن علاقة البعث - الجزء الثاني
- كردستان واسرائيل
- أين صار قانون السلامة الوطنية العراقي ؟
- الدماء الأيزيدية البريئة
- انهم يعودون مرة اخرى !!
- كردية اسمها شادمان
- حرب الأرهاب على فقراء العراق
- مستقبل العلاقات العراقية الكويتية
- حالة انعدام الجنسية
- هل ينتحر صدام ؟؟
- الدكتور كمال مظهر احمد
- هزائمنا وخيباتنا التي نحتفل بها


المزيد.....




- ماذا قالت المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل عن بوتن و ...
- البرهان يعلق على أنباء التسوية مع الدعم السريع
- ترامب يتوعد 3 دول برسوم جمركية كبيرة
- كندا والصين تردان على تهديدات ترامب بالرسوم الجمركية
- ماذا قالت أمريكا عن قصف أوكرانيا لروسيا بصواريخ أتاكمز؟
- فانس: ترامب إذا خسر الانتخابات فربما كان سيقضي بقية حياته في ...
- ترامب يتوعد الصين والمكسيك وكندا برسوم جمركية كبيرة
- شكوك جديدة بشأن مخزون النظام السوري من الأسلحة الكيميائية
- ترامب يتوعد المكسيك وكندا برسوم جمركية كبيرة
- عندما تحول التلفزيون إلى مذياع.. 4 مشاهد للإعلام في أفغانستا ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - مفارقات الزمن الأغبر