نهار حسب الله
الحوار المتمدن-العدد: 3364 - 2011 / 5 / 13 - 15:51
المحور:
الادب والفن
أقصيت نفسي عن عالم الأصدقاء والأحباء، لا بل عن العالم أجمع.
قررت الانزواء في بيتي المتواضع وحديقتي التي باتت صحراء قاحلة إلا من وردة وحيدة يائسة وبعض الاشواك الطبيعية.
جاءت عزلتي هذه بعد ان استشرت وتفاقمت آلامي وصار من المستحيل استئصالها حتى باتت معدية لمن يطلع عليها.
أعتدت وتأقلمت بسرعة على الاجواء الجديدة، وصارت تحركاتي محدودة جداً، مابين الغرفة والحديقة، وبقايا الذاكرة المندثرة.
وفي اصبوحة باردة، كنت جالساً في حديقتي منهمكاً في قراءة احد الكتب القديمة التي أكل أوراقها تراب الزمن وسرقت كلماتها وحروفها الرفوف العتيقة.
تنبهت لوردتي الوحيدة.. وإذا بقطرات الندى تنضح منها بصورة عشوائية غير طبيعية.
لم أعر لها اهتماماً لأني لازلت افتش في كتابي عن جُمل غابت عنه.. جُمل مترابطة كانت تصف ذلك الكون الانساني اللطيف.
وبعد بحث طويل متعب.. لم أجد ما كنت أبحث عنه.. مما أرغمني على ترك الكتاب والدخول لأخذ قسط من الراحة.
وفي المساء عاودت الرجوع إلى حديقتي، غير اني فوجئت بتغيير لون الوردة من ابيض إلى أسود قاتم، وغرق الحديقة بقطرات الندى التي كانت تتساقط منها.
تقدمت بخطوات مترددة.. غرست قدماي بالطين رغماً عني، وتساءلت بصورة فضولية: هل من الممكن ان تصل قطرات الندى إلى هذا الحد، ولماذا ارتدت وردتي السواد.. وكيف؟!
تزاحمت الأسئلة في داخلي، ثم ركزت النظر بدهشة إلى كتابي الذي تحولت صفحاته إلى فضاءات بيضاء تفتقر إلى الكلمات.
عشت لحظات دهشة وترقب لم اشهدها في الماضي... وإذا بالوردة تهتز يميناً وشمالاً وبقوة عارمة، وتعمدت على اسقاط عدد من أوراقها القاتمة.. لتقول بصوت أجش:
- أنظر لكل ما حولك.. لقد حولت لوني للوقوف تضامناً مع أحزانك، وأغرقت الأرض دموعاً حتى أزيل أشواكها وأغيرها إلى خضرة دائمة.. وأرغمت الكتاب على محو كل حروفه.. لتخلد آلامك كذكريات مرة تذكرها دائماً.. لتعيش حياتك مع من تبقى من الاوفياء في عالمك.
#نهار_حسب_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟