أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - واثق غازي عبدالنبي - كُلنا نتبرك بروث البقر














المزيد.....

كُلنا نتبرك بروث البقر


واثق غازي عبدالنبي

الحوار المتمدن-العدد: 3365 - 2011 / 5 / 14 - 09:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قال صاحبي: كم هو غبي هذا البروفسور الهندوسي الذي يتبرك بروث البقر، ألم تعلمه الجامعة شيء؟ ألم تُعينه مناهج البحث العلمي، التي يستخدمها في بحوثه ودراساته العلمية، من اكتشاف الخطأ الكبير الذي يوقع نفسه فيه عندما يعتقد أن البقرة مقدسة، وأن كل ما يخرج منها مقدساً حتى روثها؟.

قلتُ له: إن له معتقداته التي ورثها عن أبويه وعن مجتمعه والتي تدعوه إلى فعل ما تراه غباءً. إنه لم يفعل سوى ما أملاه عليه محيطه الاجتماعي الذي نشأ فيه، فالعقيدة لا تخضع إلى العقل في كثير من الأحيان. أنها ليست سوى ما نتعلمه من الآخرين. بدا لي أنه لم يقتنع بكلامي، لذلك أضاف متسائلاً: ولكنه يقدس روث البقر! فقلت له بوضوح: جميعنا نقدس روث البقر.

لم تزده إجابتي إلا غموضاً، فقال: ماذا تقصد؟ عندها أصبحت مضطراً لإعطائه مثالاً توضيحياً من عقيدتنا، كنت على يقين أنه سوف يثير حفيظته، ولكن لابد مما ليس منه بد، علماً أن الأمثلة تضرب ولا تقاس، وأنه مثال واحد من مئات أو آلاف الأمثلة التي تزخر بها جميع العقائد الدينية وغير الدينية دون استثناء، لذلك قلت له: اسمع مني هذا المثال ولكن حاول أن تبقى هادئاً. أنا وأنت نضع رؤوسنا ساجدين على قطعة طين مجففة، ندعوها التربة، ونرى فيها من البركة التي لا يراها الآخرون فيها، ونفعل ذلك كل يوم أربعة وثلاثون مرة، في سبعة عشر ركعة، في خمس صلوات. إلا تعتقد أن من يرانا نفعل ذلك سوف يصفنا بأننا أغبياء، ولربما كان من بينهم ذلك البروفيسور الهندوسي الذي وصفته أنت بالغباء؟ أنا وأنت اتبعنا آباءنا واطعنا مجتمعنا الذي يرى أن قطعة الطين المجفف هذه مباركة، لذلك أخذنا نسجد عليها ونمسح بها وجوهنا بعد كل صلاة، بل أحياناً نعطي جزءً منها للمريض ليأكلها معتقدين أنها تساعده على الشفاء. أنا وأنت درسنا في الجامعة وحصلنا على الشهادات العليا، وتعلمنا أساليب البحث العلمي، كتبنا العديد من البحوث العلمية، وتعمقنا في دراسة العلوم، ولكننا ما زلنا نسجد على قطعة من الطين، إلا ترى أن هذا غباء؟.

أحمر وجه صاحبي غيضاً، ولم تنفع معه الابتسامة المرتعشة التي رسمتها على وجهي، فقد اشتعلت عينا صاحبي حتى ضننت انه سيلكمني على وجهي فيكسر لي أسناني أو يفقع عيني. وحتى أجنب وجهي التشويه الذي قد يتعرض له، أردفت قائلاً: لم يكن قصدي الإساءة، ولكني فقط أردت أن أنقل لك تصورات الآخرين عنا، وهي تصورات ليست بالضرورة صائبة. عندئذ خف غضب صاحبي واطمأننت على وجهي.

قال صاحبي: أنت تعلم أننا لا نتبرك بالتربة عن جهل، نحن قرأنا ما كتبه علمائنا عن فضل التربة ومكانتها وكرامتها، فاقتنعنا بكل ذلك فسجدنا عليها، ولكن ليس كل الناس يفهمون ما نفهم، لذلك يتجنون علينا ويصفوننا بالغباء. ولم أجد في صاحبي رغبةً في تفهم ما أقصد، لذلك اكتفيت بهز رأسي أسفاً وهو يعتقد أني أهزه إيجاباً وقبولاً.

بقي ذلك الصوت في داخلي يقول: أننا جميعاً، مهما اختلفت أدياننا وأعرافنا وتقاليدنا، نتبرك بروث البقر على طريقة البروفيسور الهندوسي، ولكن بصور وأساليب مختلفة، ولو راجع كل واحد منا عقيدته بموضوعية، وهو أمر لا يتيسر للجميع، لوجد فيها الكثير من الروث الذي يتبرك أو يتمسح به أو حتى يقدسه. فكل واحد منا، مهما علت مكانته العلمية أو المعرفية، مازال بطريقة ما، يتبرك بروث البقر.



#واثق_غازي_عبدالنبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديني أم دين آبائي؟
- احذروا من تدين الأبناء
- المبدعون مصيرهم جهنم
- عقدة الزواج الطائفي
- مأساة الثقة العمياء
- جرائم جيش الله المسيحي
- جرائم عقيدة المخلص
- توليستوي والمسيحية
- حزام الكتاب المقدس .. ثلاث حكايات عن أحتكار الحقيقة في أمريك ...
- نقد فكرة المقدس
- عقائدنا من صنع المحيطين بنا
- العقيدة الدينية ومنهج الشك
- في معنى الدين والتدين
- مجرمون ولكن لا يشعرون
- أزمة الطاقة الكهربائية في العراق .. لا تنمية ولا استقرار بدو ...


المزيد.....




- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - واثق غازي عبدالنبي - كُلنا نتبرك بروث البقر