|
النكبة، والنكبة ..!!
سعيد رمضان على
الحوار المتمدن-العدد: 3362 - 2011 / 5 / 11 - 21:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في هذا الشهر تكون مرت ثلاثة وستون عاما ، على نكبة فلسطين 1948 التي اغتصبت فيها إسرائيل ، بلدا كان السلام يرفرف فوق بيوت ناسه . وقد حفلت العقود الماضية بحروب، وجهود لإنهاء الاغتصاب، أسفرت عن استمرار الاغتصاب، وهرولة بعض الدول العربية للتطبيع، وأولهم مصر، التي قامت – كسلطة وليس شعب - بعد التطبيع - وتحديدا خلال نظام حسنى مبارك – بدور قيادي في عملية التدجين والاستسلام ، وضرب القوى الوطنية،الرافضة للكيان الصهيوني . كما قامت سلطات بعض الدول العربية بربط سياستها الخارجية وأوضاع بلادها بالسياسة الأمريكية، التي دعمت ديكتاتوريات المنطقة، مقابل الطاعة، كما كان يفعل القياصرة الرومان، في زمن النهب المنظم قبل سقوط روما . وهكذا حصلت فلسطين على نكبتين ، نكبة الاغتصاب ، ونكبة الاستسلام . وإذا كانت نكبة الاغتصاب فادحة، فنكبة الاستسلام أشد وأدهى، فالاغتصاب جاء من عدو، بينما الاستسلام جاء من صديق .. وهو بيع علني للوطن وللتاريخ . صحيح كانت توجد ضغوط، لكن هدفها التخفيف على الضمير، وإخماد أنفاس المقاومة، وليس إستراتيجية للتحرير . فإستراتيجية التحرير، تنهض على أساس قيام بلد حر ، بتحرير بلد محتل، ولم يكن على مساحة الوطن العربي- الفخور بأتساعه وتاريخه- بلد حر واحد، يمكنه أن ينهض للتحرير . أما لبنان البلد الحر فعلا ، فقد اغتصب وتعرض لفتنه وحرب أهلية، لأجل تركيعه لينضم لطابور البلاد العربية المحتلة بواسطة قادتها . لذا ليس مستغربا، ان تقوم اتفاقيات سلام ، وهرولة تطبيع ، وتسويات سياسية تستهدف كلها الاعتراف بالكيان المنزرع كدولة مستقلة ذات سيادة . وتناسى هؤلاء – أو ربما كانوا يعرفون – ان الاعتراف بالكيان المنزرع هو اعتراف بالصهيونية كحركة.. وهو اعتراف يتضمن في جوهرة، القبول بالاغتصاب، والقبول بالإبادة، والتعذيب.. ولا يمكن لهذا القبول ان يتم، لمجرد الانتهاء من وجع الرأس، والتفرغ للملاهي وتتخيم البطون..! بل هو قبول تم لوجود ميل لأفكار التعذيب والاغتصاب بداخل أبطال الهرولة والتطبيع وأصحاب الاعتراف بالكيان . أما الاستشهاد بالآية الكريمة :" وان جنحوا للسلم فأجنح لها " فهو ابتعاد عن الحق .. ويستهدف الاستسلام أكثر من السلام ، لأن الجنوح للسلم يتطلب إعادة الحق لأصحابه، أي خروج الصهيونية كلها من فلسطين .. وبهذا يكون جنحوا للسلم حقا فنجنح له . ويوصلنا ذلك إلى نتيجة : أن القادة الديكتاتوريين في الوطن العربي ، لا يمكنهم القيام بعمليات تحرير .. لأنهم أصلا مغتصبين البلاد التي يحكمونها .. فلا فرق هنا بينهم وبين الصهاينة. وقد ساهم كل هذا – الاستسلام والاعتراف والهرولة، إلى محاولة تفريغ المقاومة الفلسطينية من شرعيتها ، وتحولت في حكم أنظمة عربية ديكتاتورية إلى " إرهاب " !! كأن حكم شعوبهم بالحديد والنار ليس إرهابا ..! وقد ساهم، بعض القادة الفلسطينيين في العملية، فتحرير كامل التراب الوطني، لم يعد ضمن الأهداف.. بل انحصر في محاولة أقامة دولة فلسطينية في غزة والضفة، مع استقطاع أجزاء منها بحجة الأمن الإسرائيلي.. وهذه الأجزاء قابلة للأتساع بالتفاوض من أجل حدود آمنة !! وهكذا تخلى النضال المسلح عن نضاله ضد العدو، ليتحول إلى صراع ضد الأخ والصديق ،ودخل في متاهة التدجين السياسي .. أما الالتزامات من جانب إسرائيل، التي أعلن عنها على مسرح الهزل الدولي ، فلم تلتزم ولم تنفذ.. وانتهت بانتهاء المسرحية، بعد حصول الناس على جرعة من المخدر المنوم .. وعندما استيقظوا وجدوا، الاستيطان يتزايد مع تزايد الحواجز وبناء جدران عازلة .. واحد من بناه الصهاينة وواحد – وللسخرية – بنته مصر دولة المواجهة !! وهذا يقودنا إلى نتيجة - وعلى عكس المنطق الذي يقول أن الكارثة رقم واحد، تؤدى للكارثة رقم أثنين – فإن النكبة رقم أثنين في المنطقة العربية ، هي التي أدت إلى النكبة رقم واحد .. وليس العكس ، فأن التشرذم العربي قبل 48 والاحتلال الإنجليزي والفرنسي والإيطالي .. هو نفسه الواقع اليوم .. مع دخول أمريكا طرف من أطراف الاحتلال.. فما الذي تغير ؟ اعتقد أن التغير الحادث، أنه لم يعد لدينا أبطالا حقيقيين لقيادة المقاومة، أبطال ترفعهم نزاهتهم عن المصالح الشخصية.. ولديهم تلك البصيرة، التي تقودهم كأبطال الأساطير للموت من أجل الحق . لكن يوجد أملا في الثورات الحادثة، الرافضة للقهر والنهج الاستسلامي المفروض عليها، لكن هذه الثورات، رغم عظمتها، وقيامها بتغيرات كإسقاط النظم الديكتاتورية في مصر وتونس .. وهز عروش أنظمة أخرى .. ألا إنها ثورات – ومصر مثال - لم تفرز قيادة حقيقية تقودها.. وهنا مكمن الضعف فيها .. وأخشى أن يكون مكمن الخطر أيضا...!!!
#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصفعة والسلام..!!
-
المحرقة.. المحرقة
-
الحمار أكل الأسد ..!!
-
الصراصير
-
مخرجين صهاينة وممثلين عرب
-
باكستان .. ومقتل بن لادن وموقف محير ؟
-
بن لادن .. ظاهرة أم نتيجة ؟
-
أنا أحارب، إذن أنا موجود
-
نتنياهو .. الوجه الحقيقي لإسرائيل
-
سيناء والأسئلة الغامضة
-
الثروة والثورة
-
الثورة والارتدادات
-
نتنياهو بين الدم والدموع
-
عمال مصر بين الصمت والانفجار
-
كارثة انفصال السودان
-
الحرب على عرش مصر
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|