لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)
الحوار المتمدن-العدد: 3362 - 2011 / 5 / 11 - 21:19
المحور:
حقوق الانسان
اشتكى سكان قبيلة أيت موسى وحدو من منطقة إملشيل يوم الأربعاء 04 مايو 2011، في ثلاث مراسلات وجهت لمن يعنيهم الأمر، من الترامي على الأرض السلالية بالمجال الوظيفي المشترك لقبيلتي قصر تحيانت وأنفركال، بشرق دائرة إملشيل الإدارية، عريضتان وشكاية واحدة.
العريضتان متطابقتان من حيث الموضوع [ملتمس] وشكل التوقيع، ومختلفتان من حيث هوية المصدقين عليهما، الموقعين بالصمات. فبينما تحمل العريضة الأولى توقيع خمسة أشخاص ينسبون أنفسهم لقبيلة القصر أنفركال دائرة إملشيل، تحمل العريضة الثانية توقيع ثلاثة أشخاص ينحدرون من تحيانت. ولقد فضل الموقعون على العريضتين أن يوقعوا بأسمائهم الشخصية وألقابهم مذيلة بأرقام بطائق تعريفهم، دون ذكر صفاتهم في المؤسسة العرفية الجماعة السلالية أو الجماعة النيابية. ويبدو أنهم منتظمون في فريقين، أحدهما يمثل الجماعة السلالية لقصر أنفركال، والثاني يمثل قصر تحيانت. وقرينتنا على ذلك أن المعتاد في الأوساط القبلية المغلقة تقديم سلطة القبيلة على سلطة الفرد، وبالتالي فالعريضتان تحملان من الصدق في شكليهما ما يجعلهما مقبولتين إداريا.
وأما الشكاية، ثالثة المراسلات، فتحمل في رأسها هوية إحدى جمعيات التنمية البشرية والمحافظة على البيئة، بقصر أنفركال قيادة أموكر دائرة إملشيل، مصدقة بخاتم الجمعية بدون توقيع لأي شخص مسؤول بمكتب الجمعية. ولأنها خالية من أي تشطيب، فمن الممكن اعتمادها مرجعا للاستئناس.
ويمكن تصنيف مضمون المراسلات الثلاث صنفين.
الصنف الأول، عبارة عن ملتمس موحد في متنه ، مضمن في العريضتين، الأولى منسوبة لسكان أنفركال والثانية لسكان تحيانت. قام ملتمس كلا التجمعين السكنيين انفركال وتحيانت على واقعة إقدام أحد الأشخاص بقصر تبوفروت بجماعة أيت يحيى ، يبدو أنه مدعم من جهة ذات نفوذ مالي أو سلطوي، على الترامي (على أرض الجموع التابعة لقصر تحيانت وقصر أنفركال، بدون أي موجب شرعي). وبناء على شكاوى المتضررين أجريت (معاينة بعين المكان من طرف لجنة مكونة من السادة رئيس قسم أراضي الجموع بعمالة الإقليم [كذا])، يبدو أنه السيد رئيس قسم الشؤون القروية بعمالة إقليم ميدلت، ورئيس جماعة أموكر، ومقدم قصر تحيانت ومقدم قصر أنفركال، وشيخ مشيخة أيت يعقوب، وشيخ مشيخة أنفركال، وبعض أفراد القوات المساعدة، وأعضاء الجماعة السلالية لقصري تحيانت وأنفركال. وفي عين المكان (أدت الجماعة السلالية لقصري تحيانت وأنفركال القسم)، بناء على طلب المسؤولين لإشهادها، عن الحدود التي يحق رسمها (بين أراضي الجموع التابعة لقصري تحيانت وأنفركال وبين ملك ثلاثة أشخاص)، فكانت حسب تصريح كل من أقسم أنها كما يلي :
(- شرقا الشعبة
- غربا الجبل
- يمينا الجبل
- شمالا إيغرم نبوضرا).
وورد في متن المراسلتين المعين موضوعهما بالملتمس، أن الشخص المترامي (لا يملك شيئا في تلك الأرض إنما ترامى عليها) ظلما وعدوانا. وختمت كلتا المراسلتين بصياغة الملتمس الموجه إلى الجهات التي يفترض فيها التدخل.
الصنف الثاني شكاية تضمنت ما يفيد أن الشخص المترامي (الساكن بقصر تبوفروت قيادة أموكر، إملشيل، ترامى على بقعة أرضية في ملك الأشخاص الطبيعيين، وبعد ذلك توسع في أراضي الجموع التابعة لقصر أنفركال وتحيانت). وحوت الشكاية، أن الجماعة السلالية لقصر تحيانت ونائب أراضي الجموع، والجماعة السلالية لقصر أنفركال أخبروا القائد ورئيس الدائرة وأعوان السلطة بالواقعة، وطالبوهم بترسيم (الحدود بين أراضي الجموع والبقعة المذكورة). وأثبت صاحب الشكاية، أن مالكي البقعة المترامى عليها اعترفوا بالحدود، وفوق ذلك (أدت الجماعتين ونائب أراضي الجموع القسم) لتشهدا بما يفيد في( ترسيم الحدود، بأمر من السيد الكاتب العام للإقليم) وختم شكايته بتصريح يفيد أن الجمعية لم تتوصل بأي خبر عن الملف. وفي الأيام الأخيرة نظم سكان القصرين مسيرة سلمية مطالبين السلطة (بتنفيذ قرار الهجوم)، يقصد إجبار المشتكى به على التخلي عن البقعة المترامى عليها، لكن السيد الكاتب العام صرح (أن ملف الأرض المترامى عليها أحيل على الرباط)، أي على مجلس الوصاية، وأن على المحتجين الانتظار (إلى أجل غير مسمى)، ليبث المجلس في القضية. والتمست الجمعية التدخل للنظر في هذا الملف.
وتكاد الرواية الشفاهية تطابق مادون في الورق، حيث روى أحد الأشخاص عن أسباب المسيرة الاحتجاجية التي نظمها سكان القصرين تحيانت وأنفركال، ابتداء من صباح يوم الخميس 21 أبريل 2011، تخللها اعتصام مفتوح دام يومين أمام مقر قيادة أموكر، وبعده استمر السير بعض الوقت، فاقتنع المشاركون، وعددهم حوالي 80 شخصا، من رفع الاحتجاج والعودة إلى مساكنهم صباح يوم السبت 23 أبريل 2011. أن-موضع النزاع كان حول الحدود بين مجالين وظيفيين متجاورين، مجال تحيانت شرقا ومجال أنفركال غربا. يمتد الموضع جنوب جبل العياشي 3337 مترا. وأما موضوع النزاع فهو الترامي على الأراضي السلالية بالموضع المذكور. وانطلق النزاع بعد أن أقدم أحد الأشخاص على الترامي على قطعة أرض منسوبة لذوي الحقوق من عشيرتي أيت عمرو وحدو، وأيت سعيد أوحدو اللتين تقطنان قصري إكلي وأنفركال، وتحول الفعل إلى قضية لدعوى قضائية. وبعد ذلك طفق الشخص المذكور يوسع المجال المترامي عليه إلى أن امتد شمالا نحو أرضين ضمن المجال الجماعي لقبيلتي أيت موسى وحدو، التي يقطن أفرادها بقصري تحيانت وأنفركال، فحاز في العملية الثانية على حوالي 6,4 هكتار. ولأن الترامي في بداية الأمر طال أرضين للخواص من عشيرتي أيت سعيد وحدو وأيت عمرو وحدو، فإن الصراع لم يتخذ طابعا قبليا. لكن الشخص المذكور، طوعت له نفسه تطويع أرضين بالمجال السلالي، وتحويلها إلى شريط زراعي قابل للبستنة، فكان ذلك إعلانا لبداية الصراع بين قبيلة أيت موسى وحدو والشخص المذكور، الذي اعترف، حسب تصريح الشخصين، بأنه لا يملك أي شبر في الأرض المذكورة. وثبت من خلال التصريح ذاته أن وفدا مكونا من السيد رئيس دائرة إملشيل، وقائد ملحقة أموكر، ومسؤول بعمالة إقليم ميدلت [يبدو أنه السيد رئيس قسم الشؤون القروية] بعمالة إقليم ميدلت، وكلتا الجماعتين السلاليتين لقصري أنفركال وتحيانت، زار موضع النزاع في وقت صعب تحديده، لمعاينة الوضع هناك، فكان اهتمام السيد رئيس دائرة إملشيل منصبا على معرفة الحد الفاصل بين البقعة المترامى عليها وأرضين من المجال السلالي لأيت موسى وحدو، المنحدرين من قصري تحيانت وأنفركال. ويعنينا أن السكان المتضررين أدلوه على المجرى المائي الجاف (الشعبة)، الذين يحسبونه حدا فاصلا بين أرضهم السلالية وأرض الخواص التي يتسغلها المترامي. طالبوهم بأداء القسم وفق العرف فأقسموا جهد أيمانهم بأن المجرى المائي المذكور حد معترف به بين البقعة المترامى عليها وأرضين لسلالة أيت موسى وحدو سكان قصري تحيانت وأنفركال، وأن الشخص المترامي ظالم تجاوز مداه، وأنه لا يملك أي دليل لوجوده، من نوع عقد البيع أو الرهن، أو الإراثة، أو الكراء. وأما حجة المصرحين فمضمنة في نسخة حكم قديمة عمرها 60 سنة، محررة باللغة الفرنسية بتاريخ 12 أبريل 1950، مضمنة لمقابلة أجرتها هيئة قضائية تابعة للمحكمة العرفية لـ (أيت شراط إغسان) بجهة مكناس. تحمل الوثيقة الرقم 207 بتاريخ 12 أبريل ،1950 وأنجزت بناء على رغبة طالبيها (أمغار) شيخ قصر (دوار) أنفركال وجماعته السلالية، إثر توسع سكان تحيانت القصر على حساب المجال الوظيفي لـ (أنفركال). وفي الحقيقة، فالوثيقة صيغتها محضر عرفي أنجز لتسوية الخلاف بالتوافق لما تبين أن طالبي المقابلة، لا يملكون أي عقد يبين الحدود بين أنفركال وتحيانت. ذلك أن ادعاء سكان أنفركال بأن (تيكرت ن سليوو Tiguertsliou حدا فاصلا بين التجمعين السكنيين قائم على الشفاهية، ولم يرق ليقنع الهيئة، علما أن سكان تحيانت كذبوا هذا الادعاء واعتبروه إرجافا، وزعموا أن (أقان علي أولحسن aqqa n’ali ou lahcen) حد فاصل بينهم وبين الطرف المدعي. وفي غياب الوثيقة يأتي إصلاح ذات البين بين الطرفين، وفق العرف، كسبيل لتسوية الخلاف بين الطرفين. ويعنينا، أن التسوية كانت كالتالي : (الحد الفاصل بين سكان أنفركال وسكان تحيانت تيكرت سليوو، المسلك القديم إلى إيديوا ن تبروكت، أقان علي أولحسن). كان ذلك مجمل ما تضمنته الوثيقة العرفية من خلاصات المقابلة رقم 50 بتاريخ 28/03/،1950 التي لم تتضح هوية الموقع عليها، لصعوبة قراءة رسم التوقيع الذي كاد أن يمحى بفعل تقادم الوثيقة المحفوظة ضمن أرشيف المركز القضائي بأموكر بدائرة إملشيل الإدارية. وتبين كذلك أن السلطة رفعت القضية لمجلس الوصاية الذي يرأسه السيد وزير الداخلية، لكن البث فيها لا يزال منتظرا. ولم يقتنع سكان القصرين أنفركال وتحيانت بقرار السلطة ما لم تقم هذه الأخيرة بإصدار أمر توقيف المترامي، وهو مطلب متعذر لسببين :
أولهما، أن جزءا من تلك الأرض عرض على المحكمة، وبالتالي بات من الصعب على السلطة التدخل في كل قضية عرضت على القضاء، ويتعلق الأمر، هنا، بالقضية الأولى المذكورة أعلاه والمتعلقة بالملكية الخاصة لأشخاص لا ينتمون لقبيلة أيت موسى وحدو.
ثانيهما، مادامت القضية معروضة على مجلس الوصاية فإن السلطة المحلية مدعوة لاحترام القرار الذي سيتخذه المجلس المذكور في الأيام المنظورة، ولا يمكن لها أن تتصرف خارج ما ستحدده سلطة الوصاية للمجلس المذكور، في هذا الشأن.
ونظرا لتعقيد القضية وتشابكها، يبدو لزاما استحضار ما يلي:
- هناك حدود مشتركة بين قصري أنفركال وتحيانت، كانت بالأمس موضوع نزاع انتهى بالتوافق سنة 1950، التوافق المضمن في محضر عرفي يمكن اعتماده وثيقة لإقرار الطابع الجماعي للأرض الفاصل بين التجمعين السكنيين المذكورين، اللذين يؤويان أفرادا أسرا من قبيلة أيت موسى وحدو. فالأرض جماعية لأن القبيلة تقر أنها مرعى صيفي (ألمو) بالأمازيغية.
- ضرورة الفصل ضمن بؤرة الصراع بين قضيتين اثنتين :
* ملكية الخواص المضمنة في ملف قضائي جنحي لقضية معروضة على القضاء، وهي ملكية مختلفة في طبيعتها عن الأرضين السلالية المشتركة بين أفراد القبيلة الواحدة. ولقد اتضح من تصريح السكان أن أيت موسى وحدو ترغب عن أن تكون طرفا فيها، وتؤاخذ السلطة المحلية في رغبتها – أو نيتها – في اعتبار ملكية الخواص بما هي قضية نزاع تهم، أيضا، قبيلة أيت موسى وحدو. ذلك أن الأشخاص الذين يملكون هذه الأرض ينحدرون من قبيلتي أيت عمرو وحدو وأيت سعيدو وحدو. وبالتالي لا يملكون لباسا إثنوغرافيا يخول لهم التمتيع بالحق.
- الأرض السلالية المعروضة الممتدة في ما وراء المجرى المائي الجاف الذي يخاله أيت موسى وحدو فاصلا طبيعيا، وحدا بين ملكية الخواص المذكورة ومجالهم السلالي. فهذه الأرض قضية ، وإن اجتهدت القبيلة لعرضها على القضاء الإداري فإن المقتضيات القانونية المستمدة من ظهير 27 أبريل 1919 تشكل مرجعا لمعالجتها.
- الشخص المترامي لا ينتمي لقبيلة أيت موسى وحدو، ولا تعترف له الجماعتان السلاليتان لقصري تحيانت وأنفركال بصفة الانتماء للقبيلة. وقبل ذلك لم يدع أنه منتسب لهذه القبيلة. وبالتالي لا تنطبق عليه مقتضيات المنشور عدد 2977 في 13 نونبر 1957.
- حماية الأملاك الجماعية من أي اعتداء يروم حيازتها مضمنة في ظهير 27 أبريل 1919، وبالتالي فهي واجبة ولازمة كل المسؤولين، فوق أنه يجوز تكييف هذه القضية وجنحة التصرف في أموال غير قابلة للتفويت، طبقا لمقتضيات الفصل 512 من القانون الجنائي، والقياس هنا يقوم على أن الأرض الجماعية ضمن أموال غير قابلة للتفويت طبقا للمادة 4 من ظهير 27/4/1919.
- الأرض المتنازع عليها رعوية (ألمو)، لذا فأصلها أرض جماعية. والحال أن الجماعات (لا يمكنها أن تتصرف على وجه التملك في الأرض المعدة للفلاحة أو الرعي والتي هي مشتركة بين أفرادها حسب الأعراف المألوفة في الاستغلال والتصرف تحت ولاية الدولة) حسب ما نص عليه الفصل الأول من ظهير 27/04/1919. وبعبارة أخرى فالجماعة السلالية تملك، وفق الظهير المذكور، حق الانتفاع بالأرض دون حق الملكية. ويجب الأخذ هنا بعين الالتفات أن قبيلة أيت موسى وحدو، لم تطلب في الواقع غير الحماية، أي الاحتفاظ بحقها في الانتفاع المشترك. وإذا كانت الغاية المضمنة في الظهير حماية الأرض السلالية من كل محاولة تروم جعلها صوافي أملاك خاص، فإنه من اللازم، على ما يبدو، الحرص على حماية الحقوق الجماعية المرتبطة بهذه الأرض.
#لحسن_ايت_الفقيه (هاشتاغ)
Ait_-elfakih_Lahcen#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟