الثقافة العربية والتحديات الحضارية

رباح حسن الزيدان

الحوار المتمدن-العدد: 3361 - 2011 / 5 / 10 - 00:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

تحدد الثقافة في الاطار العام للممارسة التاريخية للجماعة , وترسم حدود الكون المادية والروحية . فالنظرة الدينية للوجود تحدد أيظا الكون العام : العالم الحسي والعالم الروحي , عالم العقل وعالم الروح والحدس, أي أيظا علاقة الانسان بالطبيعة بالزمان بالموت ... الخ .
وقصة خلق العالم هي في الوقت نفسه نظرية لرسم حدود الكون المعاش : أولوية العالم الروحاني على العالم المادي , أو أفضل من ذلك أولوية الانضباط والتكيف مع المثل على الاستسلام للذة تحقيق الرغبات المادية .
ولا معنى هنا لطرح مشكلة وجود أو عدم وجود العالم الروحاني الغيبي , فهو يشكل على جميع الاحوال احد ابعاد العالم الذي تخلقه الثقافة الدينية , والذي يوجه بالتالي نشاطات وسلوك الافراد المؤمنين بوجوده ويؤثر فيها .
تحدد الثقافة مكانة العلم والمعرفة العلمية اي افضل الطرائق للحصول على المعارف وانتاجها , وبالتالي تقود الى ترتيب للمفاهيم يعكس أولوية العالم الروحي مثلاً في الثقافة القديمة , فداخل نطاق العقل , المعرفة الحسية محتقرة لأنها لا تتجاوز مراقبة الطبيعة , ولا يضيف الانسان فيها من المعرفة الالهية شيئاً , وهذا ما دفع (جيب) الى ان يعتبر ان تحصيل المعارف لا يتضمن في الفكر التقليدي الاسلامي التحليل والاستقراء والتجربة , وانما يقوم فقط على لملمة ما هو موجود سابقاً , أو في أفضل الحالات على الاستنتاج بالانطلاق من فرضيلت مقبولة مسبقاً .
وتحدد الثقافة مكانة الخير ومكانة الشر , ولا يمكن تحديد الخير دون تحديد الشر , كما لا يمكن تحديد العلم دون تحديد الجهل .
وتحدد الثقافة ايظاً الساحة الفنية : الجميل والقبيح , وجملة من المعايير المختلفة التي تساهم في احداث الفرح والمسرة والحبور لدى الفرد والمجتمع , وجملة المعايير التي تسئ أو تحزن أو تزعج وتثير الكأبة .
وهذه الساحة ليست موروثة , ولكنها مقصودة ومكتسبة , تهدف الى تجسيم نظام المعايير الاخلاقية والعقلية بالصورة والرمز والاشارة والحركة .
وتهدف بالتالي الى تعميق وتدعيم وحدة الجماعة ووحدة العقل الجماعي والفردي . فالجميل هو غالباً ما يضع موضع القيمة , اي يرفع من قيمة الخير ويحط من قيمة الشر , ويشجع اتباع المرغوب والمباح , ويثبط الميل الى المكروه والممنوع .
والمطلوب والمباح هو ما يساعد على استمرار توازن المجتمع والنظام ككل , ويمنع التدهور وعدم التوازن .

#رباح_حسن_الزيدان (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات