سعد تركي
الحوار المتمدن-العدد: 3359 - 2011 / 5 / 8 - 11:21
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لأكثر من سنة ونحن نقرّع أنفسنا، ونعض على أصابعنا ندماً. لأكثر من سنة ندور حول سؤال لم نكن نجرؤ على البوح به إشفاقاً ورعباً من جواب قد يكون بالإيجاب. سؤال لم يُمتحن شعب قبلنا بمثله، فمن المحال أن تجد من يسأل نفسه به، او يتسافل آخرون يوجهونه نحو شعب ما. سؤال لا يمكن أن يصوبه احد إلا حين يكون على يقين من أن السلب ليس إجابة له أبداً، إنما الإيجاب.
لأكثر من سنة كنا نشكّ ـ إلى درجة كبيرة من اليقين ـ أننا أنتجنا ما نراه من فساد ينخر جسد الدولة ومفاصل الحكومة. فنحن ـ لا غيرنا ـ من أوصل كبار الفاسدين إلى سدة الحكم والسلطة. نحن من أعطاهم مفاتيح الثروة والسياط التي يجلدوننا بها. نحن من شرع الأبواب لكل مارق وأفّاق بسحر أصابعنا البنفسجية التي تمنينا كثيراً لو أننا بترناها قبل أن نتورط بكارثة غمسها. لأكثر من عام لم تكن مصيبتنا العظمى وبلاؤنا الكبير كواتم الموت ودوي المفخخات ودم أحبابنا المراق بغير انقطاع، إنما في إحساسنا المكتوم بالخزي والعار والشنار لأننا انتخبنا ـ بممارسة حرة وديمقراطية ـ من هم على شاكلتنا!
بالأمس، اكتشفنا بعض ما أعاد إلينا توازننا، وأعاد ثقتنا بأنفسنا وببعضنا بعضا. بالأمس عرفنا إن القيّم على أصواتنا، ومن بيده عدّها وحسابها هو من أنتج هذا الخليط المتنافر من ساسة لا يرون أبعد من أنوفهم، ولا يفعلون إلا ما فيه مصلحة لهم. بالأمس رأينا أن بعض من نجحت أصابعنا في إيصالهم هم من فضحوا المفوضية العليا المستقلة للانتخابات. بالأمس، خضع قادة المفوضية لاستجواب من اثني عشر سؤالا حاولوا التملص منها بشتى الحجج. اثنا عشر سؤالا ما أجابوا واحدا منها، باستثناء أن الأسئلة هذه لم توجه ـ فضلا عنهم ـ إلى رفاق آخرين لهم شاركوهم مسؤولية ما حصل.. بالأمس، ـ حين افتضحت المستقلة ـ عرفنا أننا لم نرتكب خطيئة.
لقد عذبتنا كثيراً فكرة أننا مسؤولون عمن انتخبناهم، لنكتشف أن من حسبناها مستقلة تماماً ينخر جسدها الفساد، وأن بعضاً من كبار المفوضين فيها تلاعبوا بالتعيينات والإيفادات وتصرفوا بالمال العام وأهدروه لمصالح شخصية، وأنهم حولوا أهم مؤسسة (مستقلة) وحيوية بيدها مصائر أصواتنا التي تحدد مستقبل البلاد والعباد إلى مؤسسة (مستغلة) للنهب والسلب والفساد والإفساد. الدنيء الذي يُمدّد إيفاداً ليستزيد من السحت الحرام، والمستغل لمنصبه في تعيين أبناء له لا يعرفون طريق المفوضية ولم يلجوا بابها يوماً ويتسلمون رواتبهم أولاً بأول بمقدوره أن يحذف أصواتاً هنا ويضيفها هناك!
من حقنا أخيراً أن نشكك بجميع نتائج الانتخابات، ونسأل كل الفاسدين الذي عبروا من دون أن ينتخبهم أحد: من أنتم؟
#سعد_تركي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟