|
اللغات بالمغرب : مجال للهيمنة
حسن طويل
الحوار المتمدن-العدد: 3358 - 2011 / 5 / 7 - 23:01
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
" في البداهة نوع من الإستبداد " و إعتبار اللغة أداة تواصل فقط هو بداهة معيقة و مقزمة بإمتياز لكل مقاربة معرفية للغة . هي أداة ووعاء لإنتاج الأفكار و التصورات ، وليست آلة كلامية للتحدث و الإتصال مع الآخر . فكماهي إطار للتعبير عن الفكر والثقافة هي أيضا من الآليات و الميكانيزمات المهمة لإنتاجهما ، فهي إن صح التعبير ليست لسانا فقط بل دماغا أيضا . فاللغة الرياضية مثلا لها تميزها مهما تكن " اللغة " الموظفة في التعبير عنها ،( الرياضيات كحقل معرفي له مفاهيمها و نسقه أي لغتة خاصة به التي يعبر فيها من خلالها على نفسه ) و تتدخل هده الأخيرة كوعاء للغة هذا الحقل . كما أن البلاغة و الخطابة التي تميز الخطاب في اللغة العربية عبر جمل " إنشائية " لا تحمل نفس الكم من المعلومات أو المعارف هو تعبير عن حداثة الشكل و تقليدانية المضمون في البنية الثقافية للبلدان العربية و عدم مسايرتهم لعصر المعلومات ( ألا يطلق على العرب أنهم ظاهرة صوتية ، ألا يلاحظ أن اللغة المنتجة في المدرسة أو الإعلام يغلب عليها طابع التصنع الذي يجد أسبابه في مجتمع الزيف العربي ، عكس الدولة المتقدمة التي ينميز خطابها بالقلة و الدهاب مباشرة لصلب الموضوع و شبه غياب للتصنع ). ألا يعتبر إطلاق كلمة " الحرث " على المرأة في الخطاب الثراثي إنعكاس لواقعها في تلك اللحظة . كما أن إضطراب النسق و الترتيب وا لمنهجية الملاحظة في الأحاديث الشفوية ، ألا يعتبر مؤشر على طريقة التفكير في المجتمعات المتخلفة . إن اللغة هي جزء من البنية الثقافية و الإجتماعية المنتجة لها ، فهي تعرف تغيرات و تطورات و نكوصات مرتبطة بتطور هذه البنية . العلاقة بين اللغة و البنية الثقافية الإجتماعية هي علاقة جدلية تخترقها عمليتي التاثر و التاثير تكون فيها اللغة ليست مجرد مفعول به فقط و لكن أيضا فاعلة . ولدورها المهم هذا كانت دائما مجالا للصراع و الهيمنة بين مختلف الفاعلين في مجتمع ما . المغرب يعرف سيطرة إزدواجية لغوية مثمتلة في فرنسية و عربية كلاسيكية ، لكل منهما مجالات للهيمنة ، بمقابل اللغات " الشعبية " من دارجة و أمازيغية الدان يعانيان التهميش و الإحتقار . هذه السيطرة هي إنعكاس لهيمنة فئات إجتماعية تتمثل في برجوازيات رثة التي لم تكن نتاج سيرورة مجتمعية ولم تقطع مع العلاقات الماقبل الرأسمالية إقتصادا و ثقافة و سلوكا ، فرفعت شعارها البئيس و المزيف " الأصالة و المعاصرة " لتستعمله كأداة للهيمنة . فكانت العربية ( لاننسى تأثير الفكر القومجي العروبي الآتي من الشرق ) هي الحامل لقيم الإسلام و العروبة و المعتمدة في شرعنة المخزن بإعتباره يتأسس على إمارة المؤمنين و النسب الشريف ، كما أنها أستعملت إيديولوجيا و سياسيا من طرف الأصوليين و القومجيين و لمغازلتهم من طرف النظام . إلا أنها عمليا و وواقعيا ، هي ميكانيزم ناجع و فعال للإقصاء الإجتماعي ، فالمعربين يجدون عوائق شرسة أمامهم للصعود الإجتماعي القرب من صناعة القرار ( أغلب المعاهد العليا المنتجة للأطر العليا تكون صارمة في أن يكون مرشحيها يتقنون اللغات الأجنبية خاصة الفرنسية ، اللغة السائدة في مختلف دوائر الهيمنة هي الفرنسية )وصناع القرب من القرار و أكثر من هذا الإستفادة من تحسين حياتهم و تنمية و تطوير شخصياتهم ( غياب الترجمات ، ضعف المراجع الضرورية للحياة بالعربية : الطب العائلي ، علم النفس ، التربية الصحية ن التمتع بالبرامج الفنية من سينما عالمية و برامج ثثقيفية ، التربية الجنسية ...).بمعنى آخر ، هناك تقسيم لأدوار الهيمنة بين العربية و الفرنسية يثمتل في إستعمال الأولى شعارا و بشكل إيديولوجي فج للدفاع عن التقليدانية في البنية الإجتماعية و أداة للتمييز الطبقي إجتماعيا و ثقافيا ( منتجة لثقافة محافظة و غير عملية و مكبلة لصعود أغلب الفئات إجتماعيا ) و إستعمال الثانية للنجاح الإجتماعي و إعادة إنتاج الطبقات المسيطرة و الإستفادة من آليات الحداثة و تحسين الحياة . إن المطالبة بتحسين وضعية اللغتين الشعبيتين ، من عربية و أمازيغية ، ليست شطحات فكرية أو تخمة في الحقوق بل هو يدخل ضمن المشروع المجتمعي الديمقراطي و بناء دولة المواطنة وهو قبل هذا إلية مهمة لمحاربة الميز الطبقي و القهر الإجتماعي . إن الإ ستفادة من الإمكانيات الموجودة في الدارجة كلغة أم و ماتحمله من بساطة و مباشرة و من قرب و تأثير نفساني إيجابي على المواطنين و رد الإعتبار للغة الأمازيغية بإعتبارها وعاء لحضارة ( من ثرات متحرر من الأصولية ، وضعية المرأة ، الموسيقى الجميلة ، العلاقات الإجتماعية التي كانت سائدة من قبل الدخول العربي ...) ووجود ها في أغلب المناطق كفيلان بالمساهمة في الرقي بالمغربي ليصبح مواطن فاعلا و متصالحا مع عصره . إن مايمكن ملاحظته حول المطالب الخاصة بالأمازيغية هي إعتمادها على مقاربة إيديولوجية و تقزيمية هذا ما يظهر من خلال التركيز على دسترها كلغة رسمية . إن النهوض بالأمازيغية هو إشكال معقد يلزم مقاربة متعددة الابعاد ، تنطلق من أن اللغة هي وعاء لأنتاج الفكر و تعبير عن حضارة و كائن حي مرتبط بصراع بين قوئ مسيطرة و أغلبية مقهورة . إن إعادة التاريخ المغربي و كشف زوره ( التعتيم حول تاريخ المغرب خاصة قبل الدخول الإسلامي له ) و التملك المعرفي للثرات الأمازيغي ( وليس التشبت الشوفيني به ) و الإستفادة من العناصرة المولدة للتقدم في الحضارة الامازيغية هي الكفيلة بالنهوض بالأمازيغية ( أطن أن السبب وراء ضعف الخطاب العلماني لدى النخب الأمازيغية هم الشطط في الفصل بين اللغة الأمازيغية ، كأداة تواصل و بين أنها حضارة ).
#حسن_طويل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفجير أركانة : المطالبة بالديمقراطية أكثر أحسن رد
-
كلمات خارجة عن القانون
-
حركة 20 فبراير و عيد العمال الأممي
-
حركة 20 فبراير : السلفية الجهادية لغم ظلامي
-
مجتمع الزيف الأنيق
-
تقرير المجلس الأعلى للحسابات : وقاحة الفساد في المغرب
-
الأصولية و الإستبداد : قصة حب جميلة
-
حركة 20 فبراير : حان الوقت لإعلان مبادئ التغيير
-
رسالة إلى الأنظمة الإستبدادية : عدو الشعوب الرئيسي هي أنتم
-
حركة 20 فبراير : لتبدع أشكال نضالية جديدة
-
حركة 20 فبراير: حذاري من إبتلاع السياسي الإقتصادي
-
كازا نيكرا : صفعة الخماري في السينما المغربية
-
جواب المخزن و حركة 20 فبراير
-
شذرات مغربية
-
الفقسة المغربية
-
ما بعد يوم 20 فبراير:لعبة المخزن و إفلاس النخب
-
ليكن 20 فبراير إعلان لشرارة ثورة 68 المغربية
-
جولة صغيرة في البنية الإيديولوجية العامة للمجتمع المغربي
-
20 فبراير يوم الغضب المغربي
-
حكاية الشيخ ع ياسين و أردوغان
المزيد.....
-
توقيع اتفاقية تعاون عسكري بين مصر والكويت
-
مشاهد من تحرير الجيش الروسي نوفوفاسيليفكا في جمهورية دونيتسك
...
-
حريق مفاجئ في مطار رفيق الحريري من دون تسجيل إصابات
-
الشرع يناقش مع ولي العهد السعودي تعزيز العلاقات ومستقبل سوري
...
-
بوندسليغا.. ليفركوزن يفوز بعشرة لاعبين ويواصل مطاردة بايرن ا
...
-
روبوت سداسي الأرجل صيني يؤدي مهمات في القطب الجنوبي
-
بوتين: نخب أوروبا ستخضع لأوامر ترمب
-
إيران تزيح الستار عن صاروخ -اعتماد- الباليستي بمدى 1700 كيلو
...
-
-تلفزيون سوريا-: ظهور شقيق للرئيس أحمد الشرع علنا في السعودي
...
-
الرئيس البنمي يعلن إنهاء مشاركة بلاده في مبادرة الحزام والطر
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|