أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سعد الله خليل - أبو زيد الهلالي بين التزويق والتلفيق والتجهيل














المزيد.....

أبو زيد الهلالي بين التزويق والتلفيق والتجهيل


سعد الله خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1001 - 2004 / 10 / 29 - 11:16
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


كل الأمم التي صممت أن ترتقي في مدارج الحضارة الإنسانية قامت بمراجعة نقدية لتاريخها، ووضعت يدها على عيوبها وفضائلها، وأسباب تأخرها وتقدمها، وغربلت عاداتها ومفاهيمها و(قيمها)، ونبذت ما يعيقها ويضرها، وأحاطت بالعناية والرعاية ما يفيدها وينفعها.
والأمة التي تدفن رأسها في التراب، ولا تعيد تقويم ماضيها وأسلوب حياتها وتفكيرها، وتتعامى عن عيوبها وعللها، ولا تصف الأشياء بأوصافها، فتسمي هزائمها انتصارات، ومفاسدها مكارم، لا يمكنها بناء ذاتها، وتنمية قدراتها، وستبقى أبدا خارج الحياة الخلاقة، وخارج الزمان والمكان، تعيش في سراديبها وأنفاقها، تجتر خرافاتها وأوهامها وتوهماتها، دون أن تقر أن لكل زمان أخلاقه وقيمه، ولكل عصر شروطه ومقاييسه، خاصة في عصر حقوق الإنسان، وإحساس المرء والمجتمعات بقيمتهم وحقهم في الحرية والحياة والمعتقدات والاختيار، وأن كثيرا من المعاني والمفاهيم والأخلاق والقيم قد تغيرت، فالذي كان بطولة وحقا، صار اعتداء وظلما، وما كان فخرا أصبح عيبا، وعدد من الأمم والمؤسسات أعادت النظر في أفعال صنفتها كحق وواجب، فالحروب الصليبية التي زعم أصحابها أنها في خدمة (الدين والرب) لاستعادة وتحرير حق مسلوب، اعتذر ممثلو (الدين وال...) عنها، وكذلك الدول التي سيرتها وقادتها ومولتها. وقنبلة هيروشيما التي شكلت نصرا حاسما في الحرب وأنهتها، أصبحت وصمة عار على أهلها، وفعلا شنيعا ترفضه الإنسانية جمعاء.
لكن مما يؤسف له أن بعض الأشخاص والجماعات ترفض أن ترى وتقر بأي نشاز في التاريخ ورجاله وأحداثه، وبالثقافة والعادات و(القيم)، فتتستر عليه، وتطليه بالمساحيق والألوان، وتصبغه وتزوقه وتبهرجه، وتضيف إليه، وتحذف منه، لتجمّل في أعين الآخرين، ما قبح فيه، وعاب منه، ليسهل بعد ذلك ترويجه وتسويقه.
إن من يريد التعريف بالتاريخ عليه أن يرويه كما هو، بعجره وبجره، بخصبه وجدبه، دون أي زيادة أو حذف أو تزويق أو طلاء، ويترك للناس مهمة تقويمه، ومعرفة حسناته وعيوبه، ومن ثم الحكم عليه، فتزوير التاريخ والتوهم والإيهام، من أشد الأمراض والأخطار فتكا بالأمم والمجتمعات، تعمي عيونها، وتحرف اتجاهها، وتفقدها عزيمتها ورغبتها في التقدم والتجديد، فتسبح في فضاء غريب مخادع يلقي بها خارج معادلة الحياة.
فمن هم بني هلال؟ ومن هو أبو زيد الهلالي؟ الذي لم يجد القائمون على المسلسل شيئا آخر في تاريخ العرب أجدر بالعرض منه!!
أبو زيد الهلالي واحد من مقاتلي بني هلال عُرف عنه – كما روت السيرة الشعبية – المكر والخداع والدهاء والشدة في الغزو والسبي والقتل. وبني هلال قبيلة من البدو الرحل الذين أطلق العرب عليهم وأمثالهم صفة الأعراب، لجهلهم ومكرهم، وقد وصفهم القرآن الكريم بأنهم أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله. ولهذا كان الأعرابي يفرح إن قيل له يا عربي، بينما العربي (الحضري) يأنف ويغضب إن قيل له أعرابي. وبنو هلال من الذين عبدوا الوثن ذا الخلصة، سكنوا نجد، قاتلوا الازد وحالفوا هوزان في حرب الفجار، وهاجموا مكة بعد ما فتحها النبي (ص)، ثم هاجروا إلى مصر غازين وأقاموا في الصعيد، وفي منتصف القرن الحادي عشر غزوا شمال أفريقيا، وتحديدا القيروان في تونس وأقاموا هناك.
وهم في غزوهم لصعيد مصر أو لتونس قتلوا وشردوا أهل المناطق التي أقاموا فيها وسبوا نساءهم، واستولوا على أراضيهم وأموالهم وأرزاقهم.
وعلى الرغم من أنهم كانوا أعرابا (في اللغة: الأعرابي هو الجاهل من العرب) فقد جعلهم القائمون على المسلسل يلعبون الشطرنج، وجعلوا من نسائهم تفاوض شيوخ القبائل في المعارك، وتشترط، وتتحدث نيابة عن الرجال، وتنطق باسمهم، في محاولة يائسة للإيهام بأن المرأة كانت تملك كامل حقوقها، وأن ثقافة العربان تساوي بين الجنسين، وأن الرجل والمرأة على قدم المساواة، وأنها يمكن أن تكون ناطقة باسم القبيلة، ونائبة ومفاوضة عنها، أي (ولية للأمر). وأن البدوي الأب يتقبل عشق ابنته لرجل ما، بكل صدر رحب وطيبة خاطر، فالأمر عادي وطبيعي!! وأن هذه القبيلة من العدل والأخلاق بحيث لا تأخذ ثأرها ألا من القاتل بالذات، وأحيانا تتكرم وتسامح، وكأنه ليس من عاداتهم أن يفجعوا قلب غريمهم بأغلى ما لديه.
ثم ما علاقة كليب وسيف كليب (بطل حرب البسوس) الذي عاش في نهاية القرن الخامس وبداية السادس، ببني هلال وأبي زيد الذين عاشوا في القرن العاشر والحادي عشر، وكيف واتت القائمين على المسلسل الجرأة أن يفبركوا قصة بل أسطورة سيف كليب ويلصقوها بأبي زيد وبني هلال!! أليس هذا تشويها للتاريخ وخداعا للناس وتجهيلا واستغباء لهم؟ وهل حقا غزا بنو هلال اليمن؟ واقتادوا ملكتها زوجة لأحدهم؟ هل كانت في عهد الإسلام ملكات في اليمن تأمر وتنهي؟ ما هي كتب التاريخ والمصادر التي اعتمدها معد المسلسل في هذا الاكتشاف الذي كان مجهولا؟
أن تزويق وتلميع وتجميل هذه المفاهيم، وهذا (البطل)، وهذه القبيلة التي عاشت على الغزو والقتل والسبي والسلب والنهب والاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، بهدف انتزاع إعجاب المشاهدين، وربما تحريضهم للاهتداء بها والاقتداء بأفعالها، يؤكد وجود شريحة من المتعلمين والفنانين عدا عن عامة الناس، ما زالت معجبة بهكذا أفعال، يحلمون - في عصر العمل الجماعي - بالمنقذ، ويخدرون ويخدعون الناس بانتظار البطل الذي سيمتشق حسامه نيابة عنهم، لينقذهم وينقذ الأمة من مصائبها وويلاتها.



#سعد_الله_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية 1
- مسيحيو العراق بين القتل والتهجير
- استثمروا في صناعة الإرهاب
- استطلاعات الرأي وأعراب الجزيرة
- النقاب والحجاب والعورة والإرهاب
- من ينقذ الإسلام والمسلمين؟
- فجّر واقتل واذبح... يكافئك الشيطان
- يخافون على الله من أعدائه
- نعم للأسرى، لا للفساد
- أيضا وأيضا مناهج التعليم
- هل المسيحية ديانة غربية؟ من صادرها؟ ومن اضطهدها ونفاها؟


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سعد الله خليل - أبو زيد الهلالي بين التزويق والتلفيق والتجهيل