|
تصاعد التفجيرات الإجرامية وواجب المقاومة العراقية الجديد .
علاء اللامي
الحوار المتمدن-العدد: 1001 - 2004 / 10 / 29 - 11:14
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
"إلى أرواح الأطفال الشهداء الذين قتلوا في روضتهم في سامراء " إن واجب المقاومة الوطنية العراقية في التصدي للذين يقومون بالتفجيرات الإجرامية التي استهدفت عمليا الجماهير العزلاء والتي كان آخرها التفجير الذي استهدف دورية للمحتلين قرب روضة للأطفال في مدينة سامراء ، وأداء هذه المقاومة لدورها الكبير والحاسم في حماية المدنيين العراقيين ، ليس جديدا تماما إذ كان من المنطقي أن يكون على قائمة الأعمال منذ أن بدأ هذا النوع الدموي من العمليات العشوائية و التي تنسب زورا إلى المقاومة بالحدوث ولكنه أصبح اليوم ،ومع اتساع نطاق هذه الحرب القذرة وتكاثر أعداد ضحاياها وخسائرها المادية ، أكثر إلحاحا وضرورة وحساسية . تقول لغة الوقائع أن معدل العمليات المسلحة التي تستهدف المحتل ومن يقاتل معه استهدافا مباشرا في تصاعد مستمر في الشهر المنقضي حتى فاقت الثمانين عملية يوميا،وفي السياق ذاته حدثت عمليات انتحارية بواسطة السيارات المفخخة غالبا فسقط من القتلى والجرحى المئات رغم قلة عددها ( عملية واحدة يوميا أو كل بضعة أيام ) قياسا إلى العمليات من النوع الأول . هذه المعادلة الرهيبة تكشف عن جانب خطير من صورة المشهد العراقي المقاوم حيث بدأت تتصاعد حالة شديدة الوضوح والقوة من الرفض الجماهيري للمقاومة وتحميلها مسئولية ما تقوم به أطراف بعضها مريب وله ارتباطاته المخابراتية مع المحتل أو القوى الإقليمية وفي مقدمتها الكيان الصهيوني وبعضها الآخر ينسب نفسه إلى تيارات ومنظمات التشدد الديني ويتحدث بفخر وحماس عن هذه التفجيرات في بياناته وأشرطته الصوتية على الشبكة الدولية للإنترنيت خصوصا . من جانب آخر فإن ردود أفعال قوات الاحتلال تميزت بشدة دمويتها التي فاقت كل تصور فبحجة وجود مسلحين مجهولين في مدينة الصدر قصفت المدينة بالطيران الحربي عشرات المرات وسقط مئات الشهداء والجرحى وبحجة وجود جماعة الزرقاوي قصفت مدينة الفلوجة مرات عديدة وسقط المئات من الشهداء والجرحى أيضا جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ . رد الفعل المسعور هذا والذي يقارب في شدته حرب استئصال عرقية صريحة يزود الجهات المتعصبة والتي تنظر إلى العراقيين نظرة تقسيمية طائفية فتستبيح دماء البعض وتفسق البعض الآخر بحقد تكفيري مضاعف ويدفعها إلى المزيد من عمليات التفجير العشوائية التي لا تجيد نوعا من القتال الشريف عداها ويستمر نزيف الدماء العراقية البريئة بتصاعد مثير ومحزن . لا يمكننا بالطبع تبسيط الصورة واختزال صراع معقد وعميق وذي تجليات كثيرة بإلقاء اللوم على طرف واحد كما يفعل البعض فيتهم باستسهال يثير الهزء الاحتلال والاحتلال فقط مبرئا ساحة المقاومة بعناوينها ومشاربها وانحداراتها الشتى أو يسارع إلى تعليق الجريمة على شماعة الموساد الصهيوني لوحده كما يفعل أنصار نظرية المؤامرة أو الاكتفاء بتحميل المسئولية للقوى المتشددة المتسللة من دول تحكمها أنظمة شمولية شديدة التعصب الديني أو القومي كما يصدح بذلك إعلام الحكومة العراقية لمؤقتة والمعينة بقرار من سلطات الاحتلال غير أن الوضع اليوم بات لا يحتمل سجالات نظرية عقيمة ذات مضامين مسبقة الأحكام ومماحكات هادفة إلى شيطنة الخصم وإثبات احتكار الحكمة لنفسها على وسائل الإعلام بل صار يتطلب الدخول عمليا على الخط وتقرير المسئوليات بدقة ووضوح فليس الشعب والجماهير العزلاء هي المستهدفة فقط بسيارات الانتحاريين أو قنابل الطيران الأمريكي فقط بل أيضا وبذات الحدة فإن المقاومة نفسها وسمعتها وعلاقاتها بشعبها الذي هو لها بمثابة الماء للسمكة ومشروعها السياسي لاستعادة السيادة والاستقلال صار على المحك ويتعرض اليوم لامتحان شديدة الخطورة . لقد بادرت أطراف عدة منها المؤيد للمقاومة علنا إلى إدانة وشجب التفجيرات العشوائية في الأماكن المكتظة بالناس واستهداف دور العبادة و مؤسسات البنية التحية والجهاز الإداري وحتى جهاز الشرطة الذي يقدم خدماته للمواطنين ويحافظ على الأمن العام ولا يقاتل على جانب المحتلين . كان ذلك قبل عدة أشهر وفي بداية بروز هذه الظاهرة العدمية الدموية المرفوضة ، ثم ، وربما بتأثير التآلف والاعتياد على الظاهرة خفت أصوات المستنكرين ولم يعد أحد يعلق عليها بما يناسب خطورتها . إن استمراء هذا الطريق المدمر سيؤدي إلى نتائج وخيمة ستضر بكل يقين بالشعب عموما وبمستقبل البلد وبمشروع المقاومة ذاته ولهذا السبب تحديدا ينبغي وضع النقاط على الحروف واعتبار السكوت على هذه الجرائم لا يقل فداحة عن التشجيع على ارتكابها هذا أولا . وثانيا يجب على الجهات السياسية الوطنية من أحزاب وهيئات وشخصيات عامة وعلى المرجعيات الدينية وخصوصا المرجعية النجفية الحوزوية وهيئة العلماء المسلمين ورابطة علماء الإسلام وعلى المكونات المجتمعية ذات الحضور كمشايخ العشائر والقبائل المبادرة إلى سحب الغطاء السياسي والديني والمجتمعي من الأطراف التي ترتكب مجازر السيارات المفخخة وما شابهها كما ينبغي في الآن ذاته إدانة ورفض ردود الفعل الدموية التي تقوم بها سلطات الاحتلال عبر القصف الجوي بالقنابل شديدة التدمير على الأحياء المدنية في الفلوجة ومدينة الصدر وغيرهما . أما الواجب الأثقل والأهم على الإطلاق فيقع على عاتق كافة التشكيلات المنضوية تحت عنوان المقاومة العراقية والتي لا ينبغي بعد الآن الاكتفاء بإعلان براءتها -الأمر الذي يحدث نادرا على كل حال - بل عليها القيام بواجبها الذي لا يقل قداسة وشرفا من مقاومة المحتل ألا وهو المساهمة العملية بحماية الجماهير العزلاء وضرب أوكار الجريمة التي تخطط وتنفذ تلك المجازر مهما كان انتمائها السياسي أو العقيدي . وقد تطرح هنا موضوعة العلاقة بالسلطة المؤقتة المتعاملة مع الاحتلال وكيف ينبغي التعامل معها فقد يفسر البعض دعوة المقاومة الوطنية العراقية إلى مكافحة الإرهاب والتفجير بالسيارات المفخخة وخطف الأبرياء والقضاء على تلك المحاولات في مهدها وبجهود مستقلة تقوم بها الفصائل المقاومة الوطنية والإسلامية التي رفضت علنا هذا النوع من العمليات ، قد يفسر البعض هذه الدعوة تفسيرا مغرضا مفاده أنه ينطوي على تقديم المساعدة المجانية إلى قوات الاحتلال والحكومة المؤقتة هذا غير صحيح تماما فسلطات الاحتلال طرف مريب ومشبوه ومن مصلحته استمرار وقوع هذه التفجيرات ولا ننسى أن الأمريكان هم أصحاب اختراع ما يسمى بفرع العمليات القذرة التي تنفذها جهات مخابراتية أمريكية ضد مصالح وأفراد أمريكيين لتحقيق هدف كبير آخر ولهم سجلهم الأسود في هذا الخصوص وثانيا فإن شل وإفشال عمليات التفجير العشوائي التي يذهب ضحيتها المدنيين الأبرياء والقضاء على العناصر الإجرامية التي تقوم بها سيرفع كثيرا من رصيد المقاومة الوطنية والإسلامية الجماهيري والذي بات الآن في الحضيض وتلك حقيقة لا بد من الإقرار بها . وأخيرا فإن إنقاذ الأرواح البريئة هو عمل لا يقل قداسة وشرفا عن طرد المحتلين وتحرير البلاد تحريرا تاما ،أما الأصوات الغريبة التي ارتفعت قبل فترة والذي ذهبت إلى " تبرير " هذا الثمن الفادح من الخسائر البشرية بالهدف الكبير أي طرد الاحتلال فهي أصوات مرفوضة إنسانيا وسياسيا وأخلاقيا مثال ذلك ما قاله مسئول كبير في دولة مجاورة للعراق هي إيران مباهيا ( ثم ماذا إذا قتل الآلاف من العراقيين وإذا خسر العراق نصف سكانه مقابل التحرير وهزيمة الكفار ؟ ) إن كلاما من هذا النوع هو هذيان مرفوض وخطير يصدر عن عقلية تسترخص الدم البشري ولا تختلف عن عقلية من يخططون ويقودون السيارات المفخخة ويفجرونها بين العراقيين الأبرياء . ملاحظة أخيرة قد نعود لها في مناسبة لاحقة وهي أن الرفض المنتظر من الجهات العراقية التي ذكرناها لأعمال التفجير والخطف والاغتيال ينبغي أن يشمل رفض استهداف جنود الاحتلال أو جنود وشرطة الحكومة المؤقتة بالتفجيرات المدمرة خلال تواجدهم في مناطق مزدحمة بالسكان العراقيين فحين يتخذ العدو درعا بشريا من أهل الدار فليس من المعقول أن تفجر الدار وأهلها والعدو معا ؟ معركة الرئاسة الأمريكية تدخل مراحلها الأخيرة واستمرار عمليات التفجير وقتل المدنين تفيد كثيرا بوش الصغير لتبرير وإطالة وجوده في العراق أمام الرأي العام الأمريكي أما ما يسقطه في هذه الانتخابات فهو مقتل وأسر المزيد من الجنود الذين أرسلهم إلى العراق وليس مقتل الأطفال العراقيين وعلى المقاومة العراقية الشريفة أن تفهم هذا الدرس اليوم قبل الغد وإلا فهي ستخسر كل شيء بما في ذلك شرفها الوطني والإنساني .
#علاء_اللامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانتخابات العراقية بين استراتيجيتي بوش والسيستاني
-
مجزرة الخميس الدامي وسياقات اتفاق السيستاني الصدر .
-
أياد علاوي تلميذ نجيب في مدرسة الكذب الصدامية !
-
نعم ، نعم ، لآية الله الكبرى الطفل علي إسماعيل إماما وقدوة
-
المعركة هي بين الاحتلال والحركة الاستقلالية وليس بين مقتدى و
...
-
تضامن الجلبي مع الصدريين و عشم إبليس في الجنة !
-
حلبجة النجفية بدأتْ ..سلاماً للمقاومين الزينين ،واللعنة على
...
-
نص الرد الذي نشر في مجلة الآداب البيروتية على اتهامات جماعة
...
-
لمعركة الكبرى لم تبدأ بعد :بوش يريد الصعود إلى الرئاسة على ج
...
-
توصيات التقرير وخلط السم الأيديولوجي بالدسم العلمي ./قراءة ف
...
-
/قراءة في تقرير المعهد الدولي للعدالة الانتقالية 6لكي لا ننس
...
-
كيف ينظر العراقيون إلى مأساتهم وجلاديهم وقضائهم /قراءة في تق
...
-
القنبلة الطائفية والعنصرية جاء بها الاحتلال وسيفجرها العملاء
...
-
نظام القمع والحروب والاضطهاد الشامل وصمت الغرب .قراءة في تقر
...
-
/قراءة في تقرير معهد العدالة الانتقالية 2مشهدية الانتقال من
...
-
الاحتلال هو النقيض التام للعدالة ولا يمكن للنقيض تحقيق نقيضه
...
-
الموجبات التاريخية والمجتمعية لمشروع المجلس التأسيسي الوطني
...
-
تحالف الدوري والزرقاوي سيدمر المقاومة العراقية من الداخل !
-
حكومة المنفى كحكومة علاوي غير شرعية و كلتاهما مرفوضة !
-
الانمساخ من مداح للطاغية صدام إلى مروج لحكومة -الوايرات - !
المزيد.....
-
مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل
...
-
متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح
...
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م
...
-
السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
-
مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
-
فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي
...
-
الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار
...
-
لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك-
...
-
-الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
-
بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|