|
أستخدام اليورانيوم -المنضب- في نظر القوانين والمعاهدات الدولية
عزام مكي
الحوار المتمدن-العدد: 1000 - 2004 / 10 / 28 - 09:48
المحور:
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
http://www.duiraq.org/ ترجمة : عزام مكي كتب الجنرال السير (هيو بييج) في تقريره المعنون ( المخاطر العسكريه لليورانيوم "المنضب") والصادر عن - مركز الخدمات المعلوماتية العالمي (آي أس آي أس): " ان اليورانيوم كما هي الحالة في بقية المعادن الثقيلة( الزئبق أو الرصاص) يصبح مادة سامة عندما يكون مُذاب. وهذا يعني انه عندما يكون مذاب في الدم وبكمية مناسبة سيكون قادر على الحاق الضرر بانسجة الجسم، وخاصة الكلية، مؤديا الى مشاكل صحية. ان 90% من اليورانيوم المذاب في سوائل الجسم يتم التخلص منه في البول خلال 48 ساعة. ولكن ما يتبقى من اليورانيوم في الجسم (10%) قد يؤدي الى مشاكل صحية مستديمه، مثل الاصابات الكلوية المزمنه والتي هي اكثر شيوعا." بعد الشرح التفصيلي ل "المنافع العسكرية لليورانيوم المنضب" وانواع اسلحة اليورانيوم المنضب المستخدمة حاليا، يناقش الجنرال (بيج) في تقريره المذكور " المخاطر الاشعاعية الناجمة من امتلاك الجيش لليورانيوم المنضب" وكذلك "المخاطر الناجمة من استخدام الاسلحة الحاوية على اليورانيوم المنضب"، يقول في تقريره: "... ان كمية كبيرة من الغبار المشع والناجمه عن اصطدام قذيفة اليورانيوم المنضب بالهدف، تصعد الى الاعلى من خلال عامود الهواء الحار المتصاعد نتيجة حرارة الانفجار .... أن التجارب التي تمت في انكلترة بينت بعدم امكانية اكتشاف وجود المواد المشعة ابعد من حوالي 100 متر من الهدف، حتى باستخدام افضل اجهزة الكشف الحديثة. مع ذلك يجب الاقرار بعدم توفر اية معطيات من اي دراسة تجريبية تدعم هذا الاستنتاج." وحول " المخاطر السمية الناجمة من استخدام اليورانيوم المنضب"، يوضح الجنرال (بيج) بشكل خاص: "أن المسالة المثيرة للاهتمام ........ تكمن في سحب غبار اليورانيوم الناتجة من اصطدام قذائف اليورانيوم المنضب بالاجسام الصلبة مثل الدبابات ...... أن اليورانيوم في حالته كايونات (اليورنيل) ممكن ان يتفاعل مع جزيئات عضوية مثل ( بيكربونات، سيترات، فوسفات، بروتينات، وغيرها ) الشئ الذي ينتج عنه اضرار( للجسم)." ان ما تشير اليه هذه النصوص تتفق تماما مع المعلومات والتحاليل التي نوقشت في الفصل السادس : تأثيرات اليورانيوم المنضب على الصحة. وعلى ضؤ ذلك نجد من المحير جدا ورود النص التالي في نفس هذا التقرير: "أن الحكومة البريطانية قد ترى بشكل مطلق بانه من وجهة نظرها لايعتبر استخدام ذخائر اليورانيوم "المنضب" محرما حسب بروتوكولات جنيف، ولا حسب اي اتفاقيات دولية وافقت عليها المملكة المتحدة". والان لنتسائل عن ماهية هذه الاتفاقيات ، وبشكل اكثر عن ماهية هذه البروتوكالات؟ فبالنسبة لمعاهدة جنيف (1949) فقد تم في" المؤتمر الدبلوماسي الخاص بتتطبيقات القانون الانساني في الصراعات المسلحة" (1977)، اضافة بروتوكولين لهذه المعاهدة. لقد نصت هذه البروتوكولات على تقييد حرية الفرق المتحاربة في اختيار تلك الاسلحة والاساليب " المسببة بطبيعتها لقدركبير وغير ضروري من المعانات والخسائر" او تلك الاسلحة المتوقع من استخدامها "اضرار طويلة الامد وواسعة الانتشار على البيئة و الطبيعية". ومن المثير للاهتمام انه في الوقت الذي لم تتم المصادقة على هذه البرتوكولات من قبل الولايات المتحدة الامريكية لحد الآن، قامت بريطانيا بالمصادقة عليهم. ومع ذلك نجد ان الحكومة البريطانية لا تعتبر استخدام اليورانيوم المنضب خرق لهذه البرتوكولات. في 1996، قامت اللجنة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة ( وهي لجنة فرعيه تعمل تحت اشراف المفوضية السامية لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة )، باجازة قرار (96/16) يدين استخدام جميع " اسلحة الدمار الشامل أو تلك الاسلحة ذات القدرة الغير تمييزية، وبشكل خاص الاسلحة النووية، الاسلحة الكيمياوية، قنابل التفريغ الهوائي، النابالم، القنابل العنقودية، الاسلحة البيولوجية والاسلحة التي تحتوي على اليورانيوم المنضب". وهنا يجب الانتباه الى ان كلمة ( أو ) في هذه الجملة قد استخدمت لتظهر وجهة نظر اللجنةالفرعية بان اسلحة اليورانيوم المنضب لايمكن ان تعتبر بالضرورة، ضمن فئة’ اسلحة الدمار الشامل ’ ( الفئة التي يجب ان تتضمن فقط ، حسب بعض التعريفات، الاسلحة النووية). على كل حال فأن اسلحة اليورانيوم المنضب قد تم تضمينها بشكل صريح ضمن تلك الاسلحة التي تمت ادانتها بسبب" قدرة تأثيرها العشوائية". وحسب الجنرال (بيج)، فان اسلحة اليورانيوم المنضب ممكن ان تصنف حتى ضمن اسلحة "الاشعاع النووي". ومع ذلك فانه يضيف " بعدم وجود اي سند دولي يحرم استخدام او امتلاك اسلحة الاشعاع النووي". أن هذا يُظهر بان المشروع المُقدم من قبل كل من الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي في عام 1979، لتحريم الاسلحة ، المصممة خصيصا لاستخدام المواد المشعة من خلال نشرها لتسبب التهدم والاضرارمن خلال التحلل الاشعاعي لتلك المواد’، لم يكن مقبولا على المستوى الدولي. هل يمكن تصنيفه على الاقل من ضمن " الاسلحة الكيميائية"، على اعتباران اليورانيوم المنضب مادة سامه؟ يجيب الجنرال (بيج) بكلا. اما معاهدة الاسلحة الكيمياوية (التي تمت المصادقة عليها في عام 1993 من قبل كل من روسيا والولايات المتحدة الامريكية وكل اعضاء حلف الناتو، ودخلت حيز التنفيذ في 1998) ، فهي تعرّف "الاسلحة الكيميائبة" بانها جميع تلك الاسلحة أو المعدات الاخرى " المصممة خصيصا لتسبب الاضراراو الموت نتيجة الخصائص السمية لها". أو الا يمكن على الاقل، ان يصنف ضمن ( الاسلحة الحارقة)، أخذا باعتبار ان اليورانيوم سيحترق كنتيجة اصطدام القذيفة الحاملة له بجسم صلب كأن يكون دبابة او التحصينات الاسمنتية المحيطة بالمخابئ؟ ومرة اخرى يجيب الجنرال (بيج) بالنفي. فبينما تحرم اتفاقية (تحريم وتحديد استخدام بعض الاسلحة الاعتيادية 1980 والمصادق عليها من قبل كل من الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا العظمى) تعرض المدنيين والغابات لهجمات باسلحة حارقة؛ فأنها بنفس الوقت لاتحمي المشاركين في القتال ضد هذه الاسلحة. والاكثر سؤا هو ان هذه الاتفاقية لا تميز بشكل الواضح بين الاسلحة المصممة خصيصا لاشعال الحرائق والاسلحة الاخرى التي قد ينجم عن استخدامها الحرائق. ويخلص الجنرال (بيج) اخيرا " ان حقيقة كون اليورانيوم المنضب يسبب كل هذه المخاطر الثلاث( الاشعاعية، السمية ومخاطر الحريق) تعني ضرورة اعطاء اهمية استثنائية له" وهذا كل ما يستطيع الجنرال ان يذهب اليه. ان هذه التمييزات القانونية الواهية، والمذكورة في الاتفاقيات الدولية بشكل مشوش( واذا لم تكن مشوشة بما فيه الكفاية لايتم التوقيع عليها) استخدمت من قبل محكمة الدولية للجرائم الخاصة بيوغسلافيا السابقة (ICTY)، لتبرئة الناتو من اي عواقب جراء استخدامه اسلحة اليورانيوم المنضب في البوسنيا وكوسوفو. وفي الحقيقة فان اللجنة المعينة من قبل المحكمة (ICTY) لتقييم عمليات الناتو الحربية ضد جمهورية يغسلافيا الاتحادية السابقه قررت في تقريرها النهائي: " على ضؤ الاسس القانونية الغير مؤكدة والتي تحكم هذا المجال، يجب التأكيد بان استخدام اليورانيوم المنضب او اي من المواد التي تشكل مخاطر، من قبل اي من المتخاصمين في الصراع ضمن يوغسلافيا السابقة منذ 1991 لا يشكل الاسس لاي تهمة تصدر من المدعي العام ....... . وعلى هذا فأن وجهة نظر اللجنة، والمستندة على المعلومات المتوفرة في الوقت الحاضر، تنص بان لا يقوم مكتب المدعي العام باجراء اي تحقيق في مسألة استخدام قذائف اليورانيوم المنضب من قبل الناتو". (ICTY2000). اما الخبيرة القانونية (كارين باركر)، فان لها وجهة نظر تختلف كليا. لقد قدمت استنتاجاتها الى المفوضية العليا لحقوق الانسان في مناسبات عدة. ويمكن تلخيص هذه الاستنتاجات بما يلي: توجد اربعة قواعد(معايير) يمكن استخلاصها من القانون الانساني العام حول الحرب والاسلحة: تستخدم الاسلحة فقط في المنطقة المسمات قانونا بارض المعركة، وهي تعرف من وجهة نظر القانون بكونها اهداف العدو في الحرب. لايجب ان يكون للاسلحة تاثيرات معاكسة خارجة عن الارض القانونية للحرب.("المعيارالاقليمي") تستخدم الاسلحة للفترة الخاصة بالصراع المسلح. وان الاسلحة التي تستخدم او التي يبقى تأثيرها لما بعد انتهاء الحرب تعتبر خرق لهذا المعيار. ("المعيار الزمني") يجب ان لاتكون الاسلحة غير انسانية بافراط. ( "المعيار الانساني") يجب ان لايكون للاسلحة تأثير سلبي مفرط على الظروف الطبيعية المحيطة.(" المعيار البيئي") من وجهة نظر كارن باركر فان اليورانيوم المنضب يفشل في في كل المعايير الاربعة. حيث ان تأثير اليورانيوم المنضب لايمكن ان يتحدد استخدامه في ارض المعركة فقط، حيث يمكن ان يتسع تأثيره الى مناطق اكبر بكثير من منطقة القتال( ولهذا يفشل في معيار الاقليمي). ان تاثير اليورانيوم المنضب يبقى لفترة اطول بكثير من فترة الحرب نفسها( يفشل في المعيار الزمني). التاثيرالخطير لليورانيوم المنضب على البشر، وخاصة المدنيين بعد ان تكون الحرب قد انتهت ( يفشل في المعيار الانساني). واخيرا لا يمكن استخدام اليورانيوم المنضب بدون التخريب المفرط للبيئة والمحيط (يفشل في المعيار البيئي). ان المعارضين ل(كارن باركر) يستندون في معارضتهم على عدم وجود اتفاقية دولية تحرم بشكل لالبس فيه استخدام سلاح اليورانيوم المنضب. لقد تم استعراض براهين الجنرال (بيج) من قبل. على كل حال، وكما توضح (كارن باركر) في مؤلفاتها ومقالاتها المقدم للامم المتحدة، فان "القوانين والاعراف الخاصة بالحرب" لاتحتوي فقط على الاتفاقيات الدولية والمواثيق والاتفاقيات المصادق عليها من بعض الدول. فان مثل هذه الاتفاقيات تلزم فقط تلك الدول التي صادقت عليها. ولكن عند حدوث عمل عسكري ( ويستخدم فيه، بشكل خاص سلاح معين ) تـُخرق فيه " قوانين واعراف الحرب" فان هذا العمل العسكري (استخدام هذا النوع من السلاح) يعتبر غير قانوني بالنسبة لجميع الدول بغض النظر عن مصادقتهم او عدمها على اتفاقيا ت معينه (Parker 2000). ان المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات بين الدول كانت دائما محددة من خلال التسويات، المصالح الفردية للدول والاستراتيجيات السياسية للدول الموقعة عليها. فغالبا ماتوقع هذه الدول على هذه الاتفاقيات، عندما تكون في مرحلة الصياغة وذلك لاسباب تكتيكية، ولكن لاتصادق عليها لاحقا. وفي حالات اخرى لايتم احترام هذه القوانين حتى في حالة المصادقة عليها. ونسجل هنا الكثير من الاعمال الغير قانونيه بشكل صريح مورست من قبل اكبر القوى في العالم، مع حصانه تامه، فعلىسبيل المثال : قيام الولايات المتحدة الامريكية بتعريض مجموعات سكانية مدنية لتجارب اشعاعية بدون علم السكان (ACHRE 1997)؛ نشر ملايين الكيلوغرامات من ديوكسين الحاوي على ديفوليانت (العامل البرتقالي) خلال حرب فيتنام (Jaeggi 2000)؛ واعمال التخريب وتسليح ‘الكونتراس‘ في نيكاراغوا. كل هذه الامثلة قد تؤدي الى اتخاذ موقف شكاك من اهميةالنهج القانوني وان اتخاذ مواقف اخرى اكثر جدوى. على كل حال، من المؤكد وجود مكان لوجهات النظر القانونية، خاصة في عالم تدعي فيه القوى العظمى بانها ضامنه للديمقراطية و الحرية واحترام حقوق الانسان. ان المساعدة في تعرية القوى العظمى سيكشفهم بالتأكيد لنقد واسع ويقنع اكبر قدر من الناس بالحقيقة. المراجع
http://www.coronetbooks.com/books/depl6850.htm http://www.isisuk.demon.co.uk/index.html ICTY: Final report to the prosecutor by the committee established to review the NATO bombing campaign against the Federal Republic of Yugoslavia. Internaltional Criminal Tribunal for former Republic of Yugoslavia, June 2, 2000. ( http://www.un.org/icty/pressreal/nato061300.htm) ACHRE: Final report, Advisory Comittee on Human Radiation Experiments. (http://tis.eh.doe.gov/ohre/roadmap/achre/report.html) Jaeggi, P. (ed): Quand mon enfant est ne , j ai ressenti une grande tristesse. Basle: (www.janes.com/defence). Parker, K.: Statement, International conference; Campaign Against Depleted Uranium (CADU), Manchester, 4 November 2000.
#عزام_مكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بريتني سبيرز تقول إنها أمضت أفضل عيد ميلاد في حياتها لهذا ال
...
-
الجيش الإسرائيلي يكشف تفاصيل عن الأهداف التي قصفها للحوثيين
...
-
لماذا تجند فرنسا جماعات متطرفة بالجزائر؟
-
خطوة إسرائيلية -مفاجئة- بعد توغل عسكري كبير في ريف محافظة در
...
-
علويون يدعون للتهدئة بعد حرق مقام الخصيبي
-
عبد المنعم أبو الفتوح.. التحقيق في قضية جديدة للمرشح الرئاسي
...
-
خليجي 26.. السعودية تفوز على اليمن بثلاثة أهداف مقابل هدفين
...
-
عودة 18 ألف سوري إلى بلادهم عبر الحدود الأردنية، ولبنان يتطل
...
-
أقل من نصف السوريين بألمانيا لديهم عمل: فما فرص بقاء الآخرين
...
-
بيربوك تقترح تعليق عملية انضمام جورجيا إلى الاتحاد الأوروبي
...
المزيد.....
-
-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر
...
/ هيثم الفقى
-
la cigogne blanche de la ville des marguerites
/ جدو جبريل
-
قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك
...
/ مصعب قاسم عزاوي
-
نحن والطاقة النووية - 1
/ محمد منير مجاهد
-
ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء
/ حسن العمراوي
-
التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر
/ خالد السيد حسن
-
انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان
...
/ عبد السلام أديب
-
الجغرافية العامة لمصر
/ محمد عادل زكى
-
تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية
/ حمزة الجواهري
-
الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على
...
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|