أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سلام ابراهيم عطوف كبة - كردستان العراق والمجتمع المدني الحديث















المزيد.....



كردستان العراق والمجتمع المدني الحديث


سلام ابراهيم عطوف كبة

الحوار المتمدن-العدد: 1000 - 2004 / 10 / 28 - 09:37
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تعتبر دراسة المجتمع المدني الكردستاني والمجتمع المدني في كردستان العراق من المواضيع المعقدة ، ومرد ذلك يعود الى تواضع المصادر المدونة عن تاريخ الكرد وادبهم الشعبي ولغتهم وكل ما يتعلق بالمعلومات الآركيولوجية والجوانب الاقتصادية _ الاجتماعية من حياة الشعب الكردي . يضاف الى ذلك كون المجتمع المدني فكرا وثقافة وتاريخا ومؤسسات هو رديف لموضوعة الديمقراطية وممارساتها . وقد خاض الشعب الكردي المعارك المتتالية للخروج من دائرة الاستعمار والتبعية والتخلف والظلم الاجتماعي ومواجهة الاستبداد والدكتاتوريات والحكم الفردي والعشائرية والعسكريتارية منذ اكثر من قرن .

 الشعب الكردي والمؤسسات المدنية


الكرد من الشعوب الآسيوية العريقة ، ذكرهم المؤلف اليوناني زينفون في كتاب (اناباسيس) (401 ق.م.) وتطرق لهم مؤرخون يونانيون وجورجيون وارمن وعرب . واعتبروهم أصحاب حضارة متقدمة ، قطعوا خلال تطورهم مراحل تاريخية عدة . ويقول ويليام لين ويسترمان : " ان الأكراد عرفوا البداوة والرعي منذ عام 2400 ق.م." بينما أكد باحثون آخرون ان سكان جبال كردستان كانوا رواد الزراعة منذ (1200) سنة ق.م.وانهم دجنوا الماعز والخراف والخنازير ، وزرعوا الحبوب ، وشهدوا أول استخدام للأدوات النحاسيـة والبرونزيـة في التاريخ . وقد كشفت التنقيبات الأثرية عن أدوات حجرية تعود الى العصر الحجري القديم ، كما تم العثور على آثار هياكل بشرية سبقت الإنسان الحديث في كهوف بشمال العراق منها كهف (هزار مرد) في السليمانية . اما قرية (جه رمو) فهي اقدم قرية عرفها الإنسان يومذاك . ويؤكد المؤرخون وجود الكرد منذ زمن يقارب وجود الأمة اليونانية في اليونان !
تميزت كردستان بالمدن القلاع ، او القلاع . وهي مواقع ذات أهمية سوقية كبيرة . وجاء ذكر ( اربائيلو) في الكتابات المسمارية (2095 – 2048 ) ق.م.، ويعتقد أنها بنيت اكثر من 4000 سنة ق.م. . وفي التاريخ يمكن تلمس نشأة المدن الكردستانية وتطورها لموقعها التاريخي وكونها مدن حدود وتخوم ، فتحات جبلية ، سهولا جبلية . ومن اشهر الحكومات الكردية قبل الميلاد دولة (كوتي) – 3100 ق.م. ، دولة (لولو) – 2500 ق.م. ، الدولة الميتانية – 1580 ق.م.، الدولة الكردوخية – 400 ق.م. .
لم يخضع الكرد لسلطة منظمة منذ عهد بعيد ، وانقسموا الى قبائل وطوائف او عشائر ، وشكل عدد منهم الإمارات ليحكمها زعماؤهم بالوراثة . وفي العهد الإسلامي وحده توزعت الإمارات الكردية الى (14) دولة و(35) إمارة في الجبال والجزيرة وديار بكر والشام ولبنان . وكان الأكراد ثالث القوى السياسية في الجزيرة الفراتية بعد الاتابكة والأراتقة في القرن السادس الهجري في الجبال وحول الموصل . واخضع (عماد الدين زنكي) صاحب الموصل الإمارات الكردية تباعا وظل الأكراد يخضعون للاتابكة حينا ويستقلون حينا آخر ، حتى خضع الجميع لسلطان صلاح الدين الأيوبي (1173- 1193) م. كما اختلفت المدن في الجزيرة الفراتية من حيث توفر أسباب المعيشة التي كانت تقتضيها الحياة ولوازمها . ومعروف ان المدن الصغيرة والمتوسطة كانت تخضع للنظم الاتابكية العسكرية والاقتصادية والإدارية والاجتماعية وقد ورثها الاتابكة عن السلاجقة . الا أن المدن الكبيرة اختصت ببضائع الترف وأحواله .فالموصل واربيل وأمد ( العمادية ) كانت مراكز إدارية لإمارات الجزيرة ومدن تجارية ومراكز تسويق للريف المحيط .. .
ومنذ تفتت سلطان الإمبراطورية العباسية ساد كردستان العراق المجتمع البدوي وشبه البدوي بفعل حروب الدويلات المستمرة وخراب الزراعة . وفقدت المدن هيمنتها على الزراعة لصالح الإقطاع العسكري وادارة العشائر المسلحة من الرحل وأشباه الرحل للقرى وبأنماط تراوحت بين المشاعة المتفسخة والقنانة لعجز السلطات المركزية في الوصول الى الجبال الوعرة ذات الطبيعة القاسية ( يقول هادي العلوي : " لم يتبلور الإقطاع كنظام سائد في كردستان العراق ، وحافظت الروح القبلية على مكانتها ، وانتقلت هذه المناطق الكردستانية من الاقتصاد شبه المغلق والنظام القبلي المتجانس الى الاقتصاد السائب لعجز البورجوازية الكردية عن مضاهاة القاعدة الصناعية للرأسمالية المعاصرة " ) .
وقد طبع أمراء وخانات واغوات كردستان النظام الإقطاعي فيها بخصوصية طابعهم مع الاحتفاظ بجوهر العلاقات الزراعية . وهي علاقات توزعت بين تقليدية الإقطاع العشائري وخصوصية الإقطاع العسكري ونظام التبعية (الموالاة). وعموما ، تعتبر الشرائع العشائرية غير المكتوبة جاهلية الجوهر وحشية ، وهي سارية المفعول في جبال كردستان حيث يختلط الكرم الأصيل والمبادئ العشائرية الأصيلة والشرائع والتقاليد البالية القاسية والعنيفة . فرجال الكرد أشبه بالأطفال في سذاجتهم البربرية . والعقل العشيري تعصبي فئوي يغلب رابطة الدم على غيرها من الروابط وبقوة … وليس بينه وبين العقل المدني جامع ذو شأن . فالعصبية العشائرية تفتك بالكيان الجماعي للامة وتقسمها وتقف حجر عثرة في خلق كيان او مؤسسات دولانية او مدنية . ألا ان الإدارة الإنكليزية ، وبعد تأمين مصالحها الحيوية عبر نظام الحكم بالعراق بداية القرن العشرين عن طريق حكم مدني ذي صفة قانونية ونظام برلماني ودستور تم الاتفاق عليه ، منحت شيوخ القبائل قدرات اقتصادية جديدة بتمليكهم المزيد من الأراضي والمقدرات السياسية بجعلهم نوابا في المجالس التشريعية . واستخدم الإنكليز العشائر لحفظ التوازن في العراق حسب هواهم من اجل لجم تطلعات وطموحات الملك ! وتسييد العشائرية لا على الريف فقط بل على المجتمع المديني المتنامي أيضا . واستخدمت لاجل ذلك ملكية اللزمة . فصار نمط الملكية الزراعية في العراق ، وبضمنه كردستان ، من بين الأشد تركزا على الصعيد العالمي . وقد كفل قانون 1918 إحياء سلطة شيوخ العشائر والتحكم التام بمصير العشيرة حياة او موتا .. وساعد إعلان (اصلاح الأراضي) عام 1919 على تحويل العراق الى بلد ( الألف شيخ) ، فقد وزعت على (1000) شيخ اكثر من 90% من ملكية الأراضي ، فأرسي بذلك حجر أساس نهوض الأرستقراطية العشائرية واللاتيفوند وكبار التجار في المدن .
كانت كردستان تعيش في شبه عزلة اجتماعية في العهد العثماني ، إلا أن الحرب العالمية الأولى أحدثت تحولا كبيرا في الوعي الاجتماعي والسياسي والقومي لشعب كردستان فكان مجيء الحضارة الحديثة بغتة وبزخم شديد مع الاحتلال الإنكليزي للعراق .
تواجد الرق بين الأكراد ، ولم يشغل حيزا ملموسا في المجتمع الكردي او يتحول الى أساس للإنتاج ، فساعد على ظهور الاستغلال الإقطاعي . قبل ذلك قال الكرد عن أنفسهم حسبما جاء في تاريخهم الشفاهي ( الشرفنامة ) " نحن كنا أسرة واحدة - ئه مه به ره يه ك بووين _ ولم يتميز آباؤنا وإخواننا بعضهم عن الآخر " ( راجع : شرفخان البدليسي ، الشرفنامه، العقد الأخير من القرن السادس عشر الميلادي ، ترجمة : محمد علي عوني ، مراجعة : يحيى الخشاب ) . وقد امتلكت العشيرة الكردية الأرض كأرض القرية والمراعي الصيفية على منحدرات الجبال والمراعي الشتوية الدافئة في الوديان والمراتع في أعماق الوديان . وقد بدأ تطور المدن الكردية بداية القرن الثامن عشر بالاندماج التدريجي بالسوق الرأسمالية العالمية ونشاط الرأسمال التجاري _ الربوي . إلا إن نشوء المدن الكردية يعود الى عمق اقدم كما أسلفنا . فأسطورة مدينة (بانيكا) على نهر دجلة أوائل عصور ما بعد الميلاد ما زالت في الأذهان . وهي أسطورة كردية غير مدونة .
أدى تبلور واستقطاب الالتزامات الإقطاعية وتطور التبادل السلعي _ النقدي الى الانتفاضات الفلاحية الكردية . بينما أدت انتفاضات الشعب الكردي في سبيل تحرره الوطني منذ أوائل القرن التاسع عشر الى تعزيز موقع زعماء العشائر الأميين المعادين للنخب المثقفة المتعلمة المدينية . وبقيت الانتفاضات محصورة في أطر ضيقة بحكم الوشائج الوثيقة التي ربطت الرؤساء بالمرؤوسين إذ لم يكن الخروج عليها أمرا هينا … وقد امتلك زعماء العشائر المقاتلين ، بينما افتقرت النخب المدينة الى القوى اللازمة لذلك . ويسيطر زعماء العشائر على الذخيرة والأسلحة وبحوزتهم المال ويستحوذون على المكانة والدور الجيدة والتي تغدو بغمضة عين أنقاضا وركاما في الاحتراب العشائري وبالقنابل المتساقطة .
كان رد فعل العشائر الكردية والزعامات الروحية ومثقفي المدن عام 1914 م ، في الحرب العالمية الأولى ، مستوحى من المصالح المحلية والشخصية والمطامح الفردية ، والتنافس على الزعامات والغارات العشائرية والتآمر السياسي والنزاع الديني … ولم يكن يعني نهوضا قوميا كرديا منظما إلا عند القلة . ورغم دخول العشائر الكردية معترك المفاهيم السياسية الجديدة مثل الدولة الكردية والحكم الذاتي والاستقلال الذاتي والجمهورية الكردية ، إلا انه لم يحل في خاطرهم طراز حكم غير النظام القبلي والعرف العشائري واستخدمت الدعوة القومية كعباءة لتغطية طموحات العشائر ليخفي تحتها ضيق العشائر الطبيعي من أي نوع من أنواع الإدارة المنظمة ، بينما كانت لدى سكان المنطقة عقيدة راسخة ذات جذور تاريخية . وظهرت مفاهيم الاتحاد الكونفدرالي والفيدرالية في وقت مبكر نسبيا بعد الحرب العالمية الأولى تعبيرا عن مبدأ إقامة كيان كردي حلا للقضية الكردية .
عرفت الدبلوماسية العثمانية ، كيف تستخدم الكرد وتضعفهم وتخدعهم . ومثلما خاب أملهم في الإصلاحات العثمانية ، لاسيما تنظيمات 1839، وأحبطتهم حركة التجديد التي سمت نفسها بتركيا الفتاة عندما توجهت منذ عام 1908 نحو القومانية التركية ومعاداة الدين ، فقد وقع الأكراد ضحية السياسات الاستعمارية واتخذت الأطراف المتنازعة دون تمييز الإجراءات بحقهم وجرى فهمهم بشكل خاطئ . وحقيقة لم يكن بمستطاع الكرد في حينها معارضة الإنكليز في تجزئة كردستان لضعفهم : ضعف برجوازية المدن ورؤساء العشائر على حد سواء .
كانت ثورة العشرين في العراق مؤشرا بارزا على ولادة المجتمع المدني وبداية تحول للشعارات البرجوازية الوطنية إلى أهداف سياسية تلتف حولها قطاعات الشعب العراقي . وقد تحولت المدن إلى أحد أهم مركزين للنضال والقيادة ومهدت لمقدمات جر الريف والقرية وراءها سياسيا بعد قمع الثورة بفترة وجيزة . وساعدت ثورة العشرين على رفع الوعي لدى العرب والكرد لتدشن بداية جديدة للنضال العربي _ الكردي المشترك . كما كانت محكا لإخلاص العشائر الكردية للشعب أو الإنكليز !. " في ثورة العشرين امتد النفوذ الإنكليزي لعشائر السنجاوي والكلهور وطالباني وزنكنه وكوران وده زئي وكردي .وكانت السورجية متذبذبة مرة هنا ومرة هناك ".
بعد معاهدة لوزان عام 1923 اتبعت الحكومات المتعاقبة على إدارة كردستان المجزأة سياسات تباينت بين نشر التخلف الثقافي والنهج الشوفيني الضار . إلا إن ذلك لم يمنع القيادات الكردية من الإخلال بمنهج التعامل والحوار الديمقراطي فيما بينها وحتى ضمن الإطارات الجيوسياسية القائمة فقط واحترام مبدأ تعددية الآراء والمصالح داخل المجتمعات الكردية . لان الديمقراطية والمؤسسات المدنية للكرد قضية مصيرية تاريخية على أساسها تبنى الوحدة الوطنية الكردستانية .
خرجت الحركة القومية الكردية عن الأطر الإقطاعية الضيقة وقطعت علاقاتها بالتدريج مع الأيديولوجية الإقطاعية _ القبلية . لكن البنى العشائرية التقليدية ظلت تمارس تأثيراتها السلبية في تطور كردستان العراق ، وأسس المجتمع المدني الحديث . وظلت التكوينات الاجتماعية الطبقية بدائية متداخلة بينما كانت البنى المدينية الحديثة جنينية . وهكذا كانت السلطات المحلية محكومة أساسا بالعصبية والجهوية . ولعبت النويات المؤسساتية المدنية في كردستان العراق . وعموم كردستان من جمعيات وأحزاب وصحافة ومدارس ومكتبات دور إضعاف البنى العشائرية الكردية والتوسع في نشر التعليم والثقافة وتطبيق القوانين وتحديث المنظومة السياسية وتطبيق نهج العقلانية والعلمانية . ومع ذلك ، بذلت الكيانات التقليدية الجهد للحفاظ على قدرات الانبعاث وتفريخ العشائرية وتكريسها في مختلف الفترات وخاصة بداية الانتداب البريطاني ، وحروب دكتاتورية صدام حسين والاحتراب الكردي- الكردي ... حيث تنهض صنوف الوعي العصبوي ويرتد الكرد إلى موروثاتهم العتيقة من باب الاستقواء على الخصم وتوفير ألامان النسبي .
تميزت كردستان العراق بهشاشة التفاوت الطبقي وجنينية الطبقة العاملة وضعف البروليتاريا الصناعية وبقاء الفلاحين في تبعية شبه إقطاعية ، وبالتشوه الاجتماعي العام والبناء التحتي السائب للمجتمع . ولعبت ولا تزال البرجوازية الصغيرة دور القوة المحركة للمرحلة الوطنية_ الديمقراطية باتجاه التطور الرأسمالي وما ينطوي على ذلك من محاذير الخصخصة وتنامي نشاط التيار الأصولي وقمع دكتاتورية المركز . وقد ترتب على تجزئة كردستان واغتراب الكرد في موطنهم _كردستان العراق_ تعمق حدة التناقضات ونشوء ظاهرة فوضى القيم لتفقد بعضها القدرة على ضبط السلوك ودون ان تحل محلها قيم بديلة . وقد انتشر الكسب الفردي وتوسعت النزعة الاستهلاكية والانتهازية والنفعية ... واقترن ذلك بإبراز المكانة أحيانا ... . وشيوع اللجوء إلى القوة تارة والهرب من الواقع والعقلانية والعلمانية تارة أخرى . بينما يبقى الاستقرار والأمن ضرورة أساسية لأي مشروع حضاري تنموي في كردستان العراق . وساعدت الفوضى على تحجيم الاستثمار الخاص وارتفاع معدلات البطالة والتضخم في الإقليم .
تحت شعار مقاطعة الانتخابات وتجاهل معاهدة 1930 الكرد والحكم الذاتي ، تحولت الاحتجاجات في كردستان العراق إلى انتفاضة مسلحة ضد بريطانية في السليمانية ألا إن الانتفاضة قمعت بسرعة . ودفعت معاهدة سعد آباد ، بين تركيا وإيران وأفغانستان ، المعادية للكرد ، عام 1937 ، وخيانة البرجوازية اللاتيفوندية ، المثقفين الكرد نحو اليسار ... بينما أدى اضطهاد الكرد القومي إلى ان يسلم الشعب الكردي بزعماء العشائر الكردية قادة تقليديين له ، ليندفع ثلاث مرات إلى التمرد على الدولة العراقية . وقد اتخذ الحكم الملكي من سياسة الأحلاف والعزلة القومية ومناهضة حركة التحرر الوطني العربية والكردستانية والعالمية منهجا له . واستمرت الحركة الكردية في حالة مقاومة مسلحة شبه مستديمة منذ مطلع الستينات لتتصاعد النزعة القومية الكردية لمقاومة الدولة الكلانية والكلانية الجديدة في العراق . وشارك الكرد في جميع انتفاضات الشعب العراقي الوطنية التحررية ، وخاصة وثبة كانون عام 1948 ، وكان لهم أدوار مشهودة . كما شهد العراق صعود بعض كبار الرأسماليين الكرد من العشائر الموالية للمركز : هيركية ، سورجية ، زيبارية بسبب الاعتماد الشديد على الدولة وانعدام التجانس الاقتصادي ، وتبعثر المصالح الاقتصادية وضعف التركيز والتمركز في المؤسسات ونمو الطبقة المتوسطة التي تعتمد على الرواتب والتعليم . بينما ساهمت العلاقات التجارية في نهوض الحركة القومية الكردية بزعامة اللاتيفوند والكومبرادور وزعماء العشائر . ورغم إحكام السلطات الاستعمارية قبضتها على البلاد ومجابهتها الانتفاضات الكردية وتطلعات الشعب الكردي القومية بالإرهاب الدموي فأنها أسهمت بذلك في تجذير الجوهر الديمقراطي للحركة القومية الكردية وتكريس المطالب بالإصلاحات الديمقراطية للحكم .
كان الانتداب البريطاني عائقا أساسيا في سبيل تطور المدينة العراقية .. لان الصناعات الأجنبية الرخيصة عملت على قتل الإنتاج الحرفي المديني لتتعمق ازمة الحرفيين ويظهر الإنتاج الرأسمالي وليتسرب الرأسمال الأجنبي . وتحولت المدن الكردية إلى مراكز للمعاملات التجارية وبرز اضمحلال دورها كمراكز صناعية او حرفية او رأسمالية . مرد ذلك ، النشاط التجاري الكومبرادوري والداخلي . وأصابت الخيبة القطاعات المدنية الكردستانية التي ربطت ازدهار كردستان العراق وانتعاشه بمقدم الإنكليز ، وهي التي كانت أساسا مستاءة من السياسة العثمانية العامة .
جرى أول تقسيم لكردستان العراق عام 1639 في معاهدة وقعها السلطان ( مراد الرابع ) والشاه عباس الصفوي ، بقيت المعاهدة نافذة المفعول حتى عام 1813. وقد اهتمت الدول الكبرى بكردستان في حدود مصالحها السياسية والاقتصادية وبسبب من النفط والموقع الاستراتيجي . ودخلت القضية الكردية معمعان السياسة الدولية وحلبة الصراع العالمي بعيد الحرب العالمية الأولى بين ركام الخطط والمقترحات والمشاريع وعبر المذكرات والوثائق المتعلقة بالمفاوضات التمهيدية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية ، وخاصة سايكس بيكو ، وسيفر ، ومؤتمر باريس للسلام ، ومؤتمر لوزان ، ومفاوضات اسطنبول ، ولجنة التحقيق التابعة لعصبة الامم .وبموجب البيان العراقي – البريطاني المشترك في 22/1/1922 اعترفت الحكومتان بإدارة محمود الحفيد في السليمانية ، ثم خبا بريق القضية الكردية بعدئذ ، وأسقطت الحكومة الحفيدية الأولى لترددها وانغمر الشعب الكردي الابي في انتفاضاته الوطنية التحررية وانتفاضات الشعب العراقي .
لعب التجار والطلاب والضباط والمثقفون الأكراد دورا هاما في إقامة الجمعيات السياسية والثقافية والتعليمية والمكتبات والمدارس وإصدار الصحف . وقد ضم المجلس الوطني التركي اكثر من (70) نائب كرديا . وفي عام 1900 تأسست في اسطنبول جمعية ( العزم القوي) الكردستانية وساهم فيها ( احمد رامز بك)، وبعدها جمعية (تعالي كردستان) . بينما اتخذت جمعية ( الاستقلال الكردي) من القاهرة مقرا لها وأعلنت عن برنامج تأسيس دولة كردية .وفي اسطنبول تأسست جمعية (بعث كردستان) . أما (النادي الكردي) في اسطنبول والرابطة الاجتماعية فقد اتبعا نهجا مدنيا حديثا لادارة شؤون واعمال هذه المؤسسات . وفي عام 1908 ظهرت جمعية (التعالي والترقي الكردية ) ، وفي عام 1910 جمعية هيوا ، وفي عام 1908 أيضا جمعية ( المعارف الكردية ) و(حزب الأمة الكردي) . وفي عام 1913 منظمة (جيهانداني) في إيران . كما ظهرت جمعية ( نشر التعليم الكردية ) التي أسسها (خليل خيالي) . وأقامت الجمعية مدرسة خاصة بالأطفال في اسطنبول . ونشط ( عبد الرزاق بدر خان) في إيران وفتح مدرسة كردية في (خوي) من تبرعات الاهلين. وفي تركيا ظهرت صحيفة (نداء الكرد ) الكردية . واشتركت العشائر الكردية عام 1914 في انتفاضة (بتليس) ضد مظالم الأتراك .وفي فترة الانتداب البريطاني وحتى ثورة 14 تموز 1958 نشطت المؤسسات الكردية الفيلية ، وظهرت جمعية المدارس الفيلية وجمعية المدارس الجعفرية والنادي الفيلي الرياضي. وكان التجار الكرد الفيلية نشطاء في الغرف التجارية العراقية . ومثلما شارك الكرد في بناء الحضارة الإسلامية وتباهت الإمارات الكردية على مر التاريخ بمساجدها المدرسية ومدارسها الدينية ، ومكتباتها العامرة بنفائس المخطوطات ونوادر المؤلفات ، فقد شاركوا بعد تأسيس الدولة العراقية بجدارة في ولادة الأحزاب والجمعيات والنوادي السياسية والثقافية والتعليمية ونشر الصحافة العراقية الملتزمة وبناء المدارس والمكتبات . وكانت الكردية شفاهية ألا ان نشاط الكرد في وضع المخطوطات والكتب بالعربية والفارسية والتركية واللغات الأوربية كان متميزا . وظهرت الكتابة الكردية بالحروف العربية والطريقة الصوتية والقواعد المدونة والإملاء المضبوط بداية القرن العشرين .
في كردستان العراق إلى جانب الكرد تتواجد أقليات قومية . وقد اكتسبت العلاقات شبه الإقطاعية الآثورية واليزيدية الطابع الثيوقراطي. وكسب الإنكليز الآثوريين في سياستهم بالتوطين والترحيل القسري للكرد ، وما لبثوا أن تنكروا للقضية الآثورية القومية بعد أن طالبت القيادة الآثورية بالحد الأدنى من حقوقها القومية في العمادية عام 1932 ، وافتعلوا مذبحة (سميل) عام 1933 بحجة حماية الوطن .
منذ عام 1925 ، وهو تاريخ تأسيس أول برلمان عراقي ، وحتى ثورة 14 تموز 1958 تألف (16) مجلسا نيابيا و (53) وزارة .وفي هذه الفترة اعلنت الاحكام العرفية في كردستان (16) مرة شملت زاخو والعمادية وبارزان والسليمانية والزيبار وراوندوز وسنجار وكركوك واربيل مما اثر على الوضع السياسي عموما.. ولم تقر مجالس النواب ، ولا مرة واحدة ، حجب الثقة عن وزارة ما او وزير واحد من الوزراء . وضمت المجالس النيابية في كل الفترات التاريخية النواب الكرد . وكانت التناقضات داخلها تدور حول المصالح الخاصة والطموحات الضيقة ، لتمرر حياة نيابية هزيلة بدل ان يكون المجلس النيابي منبرا لتدريب الفكر العراقي على الحوار وتنظيم متطلبات الحكم الدستوري واجراءاته وتنمية القدرات البرلمانية . وكان عدد غير قليل من شاغلي الكراسي النيابية من الأميين او أشباههم . دخل الكرد في مجلس الاعيان ومجلس النواب واحتلوا مراكز متقدمة في السلطات الملكية الحكومية بعد ان ادمجوا في جسم النخبة الارستقراطية بذات الطريقة التي ادخلوا فيها في الجسم العثماني . ومارست السلطات الملكية التعريب مع الكرد السياسيين والمثقفين مقابل مكاسب تافهة وامتيازات . ولم تستثمر ثورة 14 تموز السمة البيروقراطية الكفوءة للموظفين الكرد ووقعت في فخ مأساة التمثيل السياسي . ومع مجيء البعث دخل الكرد من جديد الحكومة وتولوا هذه المرة مناصب غير حساسة . ومنذ ثورة 14 تموز ابعد الكرد عن تولي المسؤوليات الحساسة في العراق ! مما ولد الغصة عندهم ... وحتى ( طه محي الدين معروف ) نائب صدام حسين فكان واجهة لا تملك ناقة ولا جمل ! .. ويبدو جليا اليوم ان الفيدرالية لا تتحقق الا عن طريق اسقاط الدكتاتوريات والنظم الشمولية واقامة الديمقراطية في عموم العراق .
بعد ثورة 14 تموز 1958 تسارع التأثير المتبادل بين القرية والمدينة ، وتحولت ضيعات جبلية صغيرة إلى مدن تعج بالحركة وتوسع التصنيع . ولكن الترحيل والتهجر القسري للكرد تواصل وأقدمت السلطات المركزية على بناء المستوطنات الحكومية السكنية لها مما ساعد على اختلاط نمط معيشة المدينـة الكرديـة بتمدين الريف الكردي . وتشابكت العلاقات الاجتماعية وتفاقمت السياسات الارادوية التعسفية والشوفينية للسلطات المركزية . وتسببت سياسة إخلاء الريف الكردي من قبل الحكومات المركزية المتعاقبة بمراحلها المتعددة في تهجير أهالي قرابة (3199) قرية من عام 1963 حتى عام 1987 . ويجري إسكان العشائر العربية في عمق إقليم كردستان . وقد شنت الدكتاتورية أشرس الحملات لتهجير الكرد الفيلية بحجج واهية بسبب اختزانهم الطاقة الثورية .
ثبت الدستور المؤقت في تموز 1958 بعد الثورة نصا للمرة الأولى "العرب والكرد شركاء في هذا الوطن. ويقر الدستور حقوقهم القومية ضمن الوحدة العراقية". وساعد تردد ثورة 14 تموز في حقل الحريات العامة وبناء أسس المجتمع المدني الحديث وإطالتها الفترة الانتقالية ، وتأخير تشريع الدستور الدائم ، وتسييرها ماكنة الدولة على يد نفس الجهاز الإداري خريج المدرسة الملكية في قمع الشعب ... ساعد كل ذلك على اندلاع الصراع في كردستان مجددا ، وليتحول إلى حرب مدمرة . ولم تسعف الثورة السياسة القاسمية في الموازنة والتوفيقية السياسية ، لأنها ولدت حكم الفرد الواحد وضيعت فرصة بناء المجتمع المدني العراقي والكردستاني الحديث ، وفتحت الطريق لتوالي الدكتاتوريات ، وتعزيز أزمة دولة الشرعية القانونية والهيمنة الحزبية . وهي دولة تدخلت بالسبعينات من هذا القرن بقوة لتعديل التركيبة القومية للطبقة النافذة اقتصاديا بالتهجير القسري للكرد الفيلية والشيعة . وبذلك اقترن التطور الطبقي في العراق بتدخل سلطة الدولة البرجوازية العربية في مساراته وتعديل مكنوناته القومية وتأطير القاعدة الاجتماعية للحكم .
أحيت دكتاتورية صدام حسين المؤسسة العشائرية ولكن على نحو مصطنع للتخفيف عن كاهل السلطة ودفع المشاكل بعيدا عنها في سياسة عرفت بالتعشير والعشرنة والعشائرياتية … فرسخت ما سمي ب ( أفواج الدفاع الوطني _ الجحوش) وهي عشائر كردية مسلحة جرى منحها امتيازات هائلة لتتحول الى فئة طفيلية ، وتكتسب المكانة القهرية القمعية . وأسهم الحظر المزدوج على الشعب الكردي _ الحصار الاقتصادي الدولي وحظر دكتاتورية المركز _ وتجويع الناس والضغط عليهم في إضعاف الروح القومية والثورية وخلق الحاجة الى الاحتماء المتخلف والمصطنع في عصرنا الحديث بالعشيرة والحزبية القهرية ( العشيرة الحزبية والحزبية العشيرية ) والتي تمارس بالضد من مصلحته .
الحياة الريفية عصب المجتمع الكردي . وقد أدركت دكتاتورية صدام حسين ، حسب مفهومها عن الأمن الاستراتيجي ، ضرورة تهجير الكرد واقتلاع الحياة الريفية على نحو تدريجي منهجي وشديد الفاعليـة ، واعدت ( قرى النصر) أقساما داخلية للشعب الكردي قرب معسكرات الجيش والشرطة لاستقبال المهجرين الكرد . وترسخت المنطقة المحرمة الحدودية بطول( 600) ميل وعمق يصل إلى (15) ميلا. بذلك جرى تقويض أسس المجتمع المدني التقليدي

 أسس المجتمع المدني الحديث والسلطات الإقليمية

المجتمع المدني يشير الى كل ما هو ليس بدولة وسلطة في حياة مجتمع من المجتمعات القائمة. واستمد عالم السياسة المعروف " جابرييل الموند " مفهومه في الثقافة المدنية من مصادر عدة من فلاسفة الاغريق والفيلسوف الفرنسي " مونتكسيو "، واوضح ان دراسة الثقافة السياسية تكون على مستويين : الفرد والنظام... وهي تعتبر وسيلة ادماج وتلاحم ما بين المواطنين والنظام السياسي القائم ! ويعتبر المجتمع المدني ترتيبا جديدا للمجموعات الاجتماعية يقاوم رغبتها ومحاولاتها السيطرة على باقي المجموعات باسم الصحة المطلقة لعقيدتها ! لكنه يحتكم الى الاعتراف المتبادل بالمصالح وحرية الاعتقاد ووجوب الاحتكام الى المؤسسات التمثيلية غير المقيدة بصفات اطلاقية دينية كانت او دنيوية . ويساهم المجتمع المدني في توفير قنوات المشاركة الاجتماعية وضبط السلطات الحكومية ورصد الاساءات الاجتماعية والثقافية بهدف دراستها وتطوير القدرات المعيشية ومراقبة البنى التحتانية والخدمات الحكومية والاهلية والتقنية عبر الموارد البشرية.
ويعد العمل البرلماني رافعة اساسية قادرة على اخراج اليسار من نفق النخبوية الى دفء الجماهير وهو ارضية المجتمع المدني الحديث ( سلام كبة/ النهج/ عدد 56) وقد اصطبغت البرلمانية الملكية في العراق منذ نشأتها باللون العسكري الحاد. وكان رؤساء الحكومة المتعاقبون ضباطا في اغلبيتهم الساحقة . وراحت الشراكة بين الدستورية والعسكرية تتفكك لصالح الثانية بحكم التحديات الاقليمية وتحديات وتنامي النشاط السياسي المعارض ومخاطر اليقظة الكردية ! واندفعت القيادات الحاكمة الى الاحتماء بالمؤسسة العسكرية المسلحة العربية السنية بينما جاء مسلسل القمع والفساد والتزوير الانتخابي والالاعيب التي ادارها الوصي ونوري السعيد لتعقد امكانيات الاصلاح من داخل النظام وساهم ذلك في لجوء السياسيين المبكر الى الاستعانة بالجيش في صراعاتهم .
تباطأ الركب الكردي في مسيرته الاجتماعية والاقتصادية رغم بعض الصولات التي ولدتها انتفاضة آذار المجيدة 1991 والرعاية الدولية للشعب الكردي في كردستان العراق بعد ذلك . وسبب التباطؤ هو ازدياد الفجوة العلمية والإنتاجية بينه وبين المجتمعات المجاورة والمتقدمة . وقد ترجمت الذهنية الكردية أفكارها بصراعات عسكرية وحروب أهلية بدلا من أن تكون قاعدة لحوار بناء لمواجهة طغيان الدكتاتورية وإفساح المجال للصراع الفكري أن يدلي بدلوه في بناء مجتمع مدني حديث في كردستان العراق .
وما يزال تطبيق القانون متعثرا بسبب ضعف السلطات الإقليميـة وضعف الديمقراطيـة والعدالـة والوعي الحقوقي رغم انهيار الدكتاتورية عام 2003. ووفر قيام حكومة إقليمية موحدة وبرلمان واحد عام 1992 فرصة تاريخية لتثبيت أسس المجتمع المدني بدءا بتطبيق القانون دون تعسف أو لجم محاولات إخضاع البعض له دون الآخر .ومن اجل أن يكون تطبيق القانون شاملا كان لابد من بث الروح في الأجهزة القضائية والضبط القضائي ، أي فرض احترام سيادة القانون والشرعية القانونية والدستورية لتحل محل السلطات المتعددة التي تعيق تطبيق القانون ، لاسيما الولاءات العشائرية والقبلية والأسرية والجهوية وهي ولاءات تشيع الظلم وتحميه .
إن فرض سيادة القانون والشرعية القانونية يعني إقامة السلطات الإقليمية الموحدة وفرض هيبتها في كل أنحاء كردستان العراق ، ونشر الوعي القانوني لتكريس أسس المشروع الحضاري الكردستاني وتوفير شروط الانتقال إلى المجتمع المدني . فالمساواة في تطبيق القانون من مميزات المجتمع المدني الذي يقوم على أساس العدل والشرعية . وتتمكن رموز القوى المعادية للشرعية وسلطة القانون والنظام والعدالة والتحديث والعقلانية والعلمانية ، في ظل الاحتراب الكردي _ الكردي ، من العودة إلى رحاب السلطات ، بعباءات جديدة ليصبح الولاء السياسي المعمد بالولاء العشائري والشخصي هو المعيار الوحيد لشغل الوظائف العامة . ولتنتشر الفعاليات الاقتصادية غير المشروعة كالتهريب ونهب المال العام والفساد ، وليصبح التاجر الملتزم بالقانون مهددا بالإفلاس والموظف الشريف غير قادر على مواجهة أعباء الحياة ... الخ .
إن واقع الحال والممارسة العملية في كردستان العراق حتى قبل 3 سنوات خلت تثبت إن القانون وحقوق الإنسان والديمقراطية هي مبادئ في مهب الريح تهدد من قبل السلطات ابتداء من المحافظة وإدارات الاقضية والنواحي والقيادات العسكرية _ (البيشمركة) مرورا بأقسام الشرطة والأمن _ (الآسايش) والضرائب والبلديات. ويمتلك مسؤولو بعض هذه الأجهزة سجونهم الخاصة ، وقد خولوا لأنفسهم حق إصدار أوامر الاعتقال والتفتيش والتحقيق والإيداع في السجون وإصدار الأحكام . كما إن فرض الرسوم والضرائب والأعباء المالية ، خلافا للقوانين السائدة ،كان في تصاعد مستمر . والقانون ليس له حضور في كردستان العراق ، حيث لا توجد أجهزة قضائية ولا أجهزة أمنية مسؤولة ، والإدارات الحكومية لها حضور في المدن الرئيسية فقط . ومع الزعامات العشائرية ظهر في الإقليم رديف قوي يرفض القانون متمثلا بالشرائح الطفيلية التي تثري بسرعة كبيرة عن طريق استغلال السلطة وممارسة النشاطات الاقتصادية غير المشروعة كالتهريب والصفقات غير القانونية ونهب المال العام والخاص وتعاطي الرشوة .
إن مشاركة حقيقية لجماهير كردستان العراق في توفير مستلزمات نجاح أية تنمية أو اعمار مستقل فيها لا يمكن أن تتم إلا على أساس طوعي وديمقراطي ، وتتطلب الاحترام الكامل لحقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية واحترام التعددية السياسية والابتعاد عن القهرية الحزبية والميكافيلية والتدخل في الحياة الشخصية للناس وتوفير آليات تداول السلطة الإقليمية الموحدة بطريق سلمي والعلانية وتوفير البيانات المعلوماتية الصحيحة وتعضيد فعالية المؤسسات الأهلية والمدنية والديمقراطية والنقابية والسير قدما باتجاه العراق الفيدرالي التعددي الديمقراطي العلماني والموحد . في عكس ذلك ، يجري تكريس الطغيان والحكم الاستبدادي واللامبالاة والفساد والتطلعات الاستهلاكية ، ويصبح المجتمع عرضة للاختراق الخارجي دون جهد يذكر . ولم يكن الحكم الذاتي عام 1970 إلا مجرد جرعة مسكنة قليلة الفعالية لانه ثبت عمليا قصوره عن تحقيق الاستقرار السياسي وحل المسالة القومية في العراق . واليوم تتوجه الأنظار نحو الحل الفيدرالي لعدم جدوى الحكم الذاتي سواء أكان كاملا او ناقصا ، مزيفا او حقيقيا!.
ورثت حكومات إقليم كردستان هياكل مؤسساتية مدنية تتصف بالضعف والتقليدية وغياب الديمقراطية وتسودها قيم تحابي الركود والتخلف وتخضع إما لسيطرة بيروقراطية السلطات أو للهيمنة العشائرية والطفيلية . بينما يتطلب بناء المجتمع المدني المنشود في الإقليم على أسس سليمة إلغاء القوانين والقرارات الجائرة التي أصدرتها الدكتاتوريات المتعاقبة على المركز والمرتبطة بالجنسية والإقامة والأوقاف والمطبوعات والتجارة وتوزيع المشاريع الاقتصادية ... الخ وإعادة المهجرين إلى مواطنهم الأصلية ، والوثائق والممتلكات المصادرة إليهم وتعويضهم حقوقا واعتبارات قانونية ... وإلغاء التمييز السياسي والديني والطائفي وسبر غور التعليم الديمقراطي الحر وإجازة ممارسة الشعائر الدينية وتأسيس الجامعات والجامعات الدينية ومراكز البحث العلمي واحترام المقدسات الدينية والمذهبية ورعاية عوائل الشهداء ضد الدكتاتورية في حروبها الكارثية .
الأرض التي انبتت الحركة القومية الكردية وحركة التحرر الوطني الكردستانية أكثر عشائرية من أن تتقبل اقتصاد السوق ويصعب جدا تجييرها زراعيا . وهي ارض رعي وغارات عشائرية وتقشف وزهد صوفي منذ أجيال . أما الأحزاب القومية الكردية – الذراع الكردي الحضري والمديني _ ورغم امتلاكها مناهج العمل الواسعة لإعادة المجتمع الكردي إلا أن الواقع العملي اثبت فقدان هذه البرامج إمكانيات إعادة بناء الريف الكردستاني سلميا دون صراعات . وما زالت الأعراف العشائرية محافظة على مكانة وهيبة معينة في كردستان رغم أن الوهن اخذ يعتريها بسبب تغلب الحياة العصرية . وقد أحيت الملحمة البارزانية نضالات الشعب الكردي والنزاعات التقليدية القديمة والمنافسة المتجددة بين رموز المجتمع الطبقي إلى أقصى حدوده الطبقية . لكن الرباط العشائري القوي هو مصدر قوة كردستان سابقا واليوم أيضا ، وهو مصدر ضعفها في الوقت نفسه . ومع ازدياد هيبة السلطات الإقليمية الحكومية يتقوض النظام العشائري .
تتسم البنية التحتية لاقتصاد كردستان العراق بهشاشة الإنتاج وفقره وضعفه والتدني الشديد لمستواه كما وكيفا ، وببدائية وسائل الإنتاج والتخلف التكنولوجي . والاقتصاد الكردستاني رعوي زراعي خدمي تتعدد وتتداخل أنماطه .... بينما تسهم الصناعة فيه بنسبة ضئيلة من الناتج الإجمالي لا تتجاوز حدود (10%) فقط.
ما زال الوضع الطبقي في الإقليم يتسم بضعف وخضوع وجهل وتشتت الفلاحين الكرد وجنينية الطبقة العاملة حيث الانتشار الواسع لطابع العمل الموسمي . وأستغلت السلطات والمؤسسات في المناطق الخاضعة للحكومة المركزية التهجير القسري للكرد وتنقلهم المستمر في عمليات تنظيف صفوف العمال ! عن طريق تبديل القدماء بالمهاجرين الجدد مستغلة هشاشة التشريعات القانونية والرقابة الحكومية والأوضاع الاستثنائية والاحتراب الكردي- الكردي والهجمات الوحشية للدكتاتورية على مناطق كردستان .
اقتصاد كردستان العراق مغلق ( عائلي ) يقوم على إعادة الإنتاج البسيط والإنتاج الأسري أولا ومن اجل المقايضة ثانيا . وتنتظم العلاقات الاجتماعية فيه على أساس القربى وصلة الدم وتتجدد مفاهيم " الزعامة، الأيديولوجيا ، التشريع" على أساس عشائري وبدائي في التعاقدات. وقد حدت أوضاع عدم الاستقرار منذ عام 1961 من عمليات التغيير الاجتماعي الشاملة التي كان يفترض ان تترافق مع الإصلاحات الزراعية وقوانين تنظيم الملكية الزراعية بسبب من احتكار المراكز والمسؤوليات السياسية ، وولاء التشكيلات المسلحة في الحركة الكردية من قبل نفس المتنفذين المتضررين من الإصلاحات ، والسياسة الشوفينية للسلطات المركزية في جميع الميادين ، ونهج التعريب سيئ الصيت ، والتهجير القسري للقرى والمجمعات الاستيطانية ، ونواقص نصوص القوانين والإصلاحات وثغراتها. وقد سببت الحملات الأنفالية اضطرابا كبيرا في بنية الملكية الزراعية وأدت الى تدمير 92% من الريف والقرى الكردية واغتصاب الملكيات الزراعية وعموم حقوق الملكية . كما استحوذ نفر من المتنفذين ( الأفواج الخفيفة – الحجوش) على المساحات المحرمة الحدودية .
دخل العراق التسعينات بمعدل للدخل الفردي يساوي ما كانت عليه الحال في الأربعينيات من هذا القرن ، بينما اقترن الطابع العفوي للانتفاضة في آذار عام 1991 بأعمال إساءة واسعة النطاق للملكية العامة بسبب سوء إدارة الجبهة الكردستانية (جك) للمناطق الخاضعة لأدارتها ، وسرعة اندماج المتنفذين السابقين في ميليشيات ومؤسسات ( جك).وبسبب من الدمار والعقوبات الدولية وحصار الدكتاتورية منذ سحب الإدارات الحكومية المركزية في 26/10/1991 فقد أصاب الشلل القطاع الصناعي ، وتلقت الزراعة أقصى الضربات .ورغم إلغاء جك تبعيات قانوني رقم (35) لعام 1983 و(364) لسنة 1990 واعترافها بالاستثمارة الفلاحية الصغيرة وسيادتها حسب التعليمات رقم (2) لسنة 1992 الصادرة من (جك ) فقد ظلت السياسة الزراعية انتقائية لابتعاد السلطات الإقليمية عن منهج التخطيط والتنمية وافتعال جولات الاقتتال الداخلية أسلوبا للابتعاد والهرب عن معضلات كردستان الحقيقية . يضاف إلى ذلك تعدد المرجعيات القانونية وانتشار التسلح الميليشياتي ورعايته من الجهات المتنفذة الحزبية والعشائرية وانتشار ظاهرة التهديد باللجـوء الى العنف واستخدام السلاح والقتل والتهجـير . اما المنظمـات غير الحكوميـة N.G.O.sفي مضمار الإغاثة واعادة الاعمار والتنمية فقد سادها عدم الانتظام والعشوائية وهي بعيدة عن الرقابة الحكومية والشعبية . كما لم يخضع التمويل الخارجي للرقابة مما صعد من الميول التضخمية وعمق التفاوت في الداخل .
الاقتصاد في كردستان العراق ليس بناء شاملا تحتيا ، وليس بإمكانه ان يفرز بناء فوقيا منسجما آخر . فالعينات الاجتماعية المتواجدة من الصعب انتقالها الى مستوى التعاقدات الارقى في الفراغ . ولا بد من التكسيرات الاجتماعية الجديدة لنقل العلاقات العشائرية وشبه الإقطاعية ومفاهيمها الى علاقات أرقى تسهم في صياغة مفهوم الشعب الكردي وليس الاتحاد العشائري الكردي . وهنا وجب ملاحظة مايلي :
1- خصوصية نشأة السلطات الإقليمية عام 1991 وما ترتب على ذلك من تكريس الانقسام ( اربيل _ سليمانية ) .
2- الدور المهيمن للأمم المتحدة وهيئاتها والمنظمات غير الحكومية N.G.O.sوالمنظمات الإنسانية والشركات متعددة الجنسية في رفد السوق الداخلية بالسلع الأساسية والخدمية وتحديد وجهة تطور العلاقات ما قبل الرأسمالية .
3- مستوى الرسملة المتدني لم يدخل نطاق القوانين المولدة للمجتمع المدني الحديث .... لأنه مستوى يدور حول وسائل الإنتاج والسلع الاستهلاكية والخدماتية ضمن البرنامج الإنساني المخصص للإقليم ومرتبط موضوعيا بالسوق العالمية الرأسمالية وخضوع سلطات الإقليم لاستغلال عناصر ضغط أجهزة وصناع القرار الغربيين لإبقاء الدورات الاقتصادية ذات طابع إنفاقي - استهلاكي يصون عملية التفتت الاجتماعي وتفكك النسيج الاجتماعي .
4- ضغط الدكتاتورية البائدة المستمر على الإقليم كان بسبب نفطه وثرواته وموقعه الاستراتيجي وجهود السلطات المركزية في بغداد لإخضاعه وتركيعه مجددا لهيمنتها .
5- الضغوط الإقليمية والدولية والدور التركي المتنامي ... كون الإقليم منطقة استراتيجية حيوية ذات ثروات اقتصادية . ودخلت الولايات المتحدة على الخط بقوة بعد 9 نيسان 2003 .
تغلف العلاقات الاستهلاكية البنى الممتدة من القواعد والأصول العشائرية الضيقة بالسلع الاستهلاكية ولا تحمل في داخلها آلية إطلاق المفاهيم الجديدة الموحدة وهي غير قادرة على أن تضفي على التكوينات الاجتماعية الكردستانية العراقية أية ديمومة كيانية أو مسحة اجتماعية تقدمية !.وتعتبر شروط انتقال المواطن في الإقليم من العصبية والعشائرية بأشكالها المختلطة والقرابية إلى مصاف الشعب شروطا غائبة ومغيبة لأنه لا يمكن أن تتم عمليات الانتقال الداخلي في أنماط الإنتاج اعتباطا أو تفترض افتراضا أو يجري حسابها على أسس حركة الاستهلاك !فسوق كردستان تبادلية الطابع ، تباع فيها سلع حديثة لم يترتب على حركتها واستهلاكها أي انتقال حقيقي لموقع المواطنين الاجتماعي ولذهنيتهم وسلوكهم . ويظل الفراغ وانتاج التخلف الاجتماعي بأشكال مختلفة منسجمين مع درجة التبعية للسوق الرأسمالية العالمية .
من السهولة استثارة عموم الفلاحين والاستفادة من عصبيتهم على نطاق واسع ، ألا ان حدود هذه العصبية غير مستقرة وتدور حول العشائرية والمناطقية لا الإقليمية والكيانية ...في حين لم تنم مدن كردستانية بفعل آلية اقتصادية _ اجتماعية بل بفعل معسكرات الجيش العراقي حولها وهجرة النازحين أليها . وشمل هذا اربيل بالطبع ، فقد لعب تحديدها مركزا للحكم الذاتي وعاصفة لحكومة الإقليم دورا في توسعها ، ولم تنم في حركة اقتصادية _ اجتماعية . وتركزت فيها أجهزة الحكومة الإقليمية والاقتصاد الخدماتي .وهذا شمل السليمانية أيضا .
مدن كردستان العراق قرى عصرية كبيرة تتعايش ضمن أنماط إنتاج ما قبل الرأسمالية واللاتيفوند والكولونيالية بكل عصبياتها العشائرية والطائفية والمناطقية .ولم يستطع الإعلام ان يشحن المواطنين بالمفاهيم الجديدة للشعب الكردي . وتعكس الأحياء المدينية الراقية لكبار التجار والسماسرة وكبار الموظفين الطبيعة الطبقية للعلاقات السائدة العاجزة عن نسج كيان اجتماعي موحد . ولا تلعب الطبقة العاملة دورا رئيسيا في الإنتاج والحركة الاجتماعية باتجاه وحدة النسيج الاجتماعي . بينما لا يستطيع النمط الرعوي _ العشائري _ الزراعي أن يلعب الدور التوحيدي . وكما وسعت القوانين الداخلية الموضوعية من التناقضات الاجتماعية بين أهل المدن والعشائرية فان حركة معارضة عشائرية لدور الحكومة الإقليمية الشرطية – الجابية في اتساع متنام. وتتراجع قيم التكافل الاجتماعي والتراحم الأسرى وحرمة العمل والكدح والارتباط بالأرض ومصادر الإنتاج الأخرى . وتوسعت الشهوة الجامحة للاستهلاك والقيم والنزعات الفردية والأنانية والاهتمامات الضيقة والجري اللاهث وراء تحسين الدخل وغيره من قيم وأخلاقيات المجتمع الاستهلاكي _ الطفيلي الجديد.
الانتماء الحزبي يحدده اليوم عامل الاحتماء والحاجة المادية في الإقليم . وتتهرب السلطات من تطبيق القوانين على الجميع بنفس المستوى لتترك فراغات تمرر من خلالها الضغط على هذا النفر او ذاك لأجباره على الخضوع للسلطات القائمة .وبذلك تكون مكاتب الكومه لايتي وامتيازاتها ، هي اعادة انتاج لعملية خلق ازدواجية السلطات . وتحول الإقليم الى ملعب ومختبر للافكار والأحزاب المعلبة حديثا المتسترة بالعباءات السياسية . اما تجويع الناس والضغط عليهم فانه يضعف الروح القومية والثورية ويخلق الحاجة إلى الاحتماء المتخلف المصطنع في هذا العصر بالعشيرة . ويفترض تأسيس مؤسسات الحكم المدني إلغاء القوانين الجانبية الشفاهية والعرفية بقوة العادة التي تحل محل القوانين وبنود الدستور العام ، خاصة في الريف.
يرتبط حل القضية الكردية عضويا بقضية الديمقراطية في العراق . ومحنة الشعب الكردي جزء من محنة الشعب العراقي . ويتوقف الحل الديمقراطي للقضية الكردية في العراق على مستقبل تطور الحركة الوطنية العراقية ودور هذه الحركة في حركة التحرر الوطني العربية وعلى مستقبل حركة التحرر الوطني الكردستانية ومستقبل مصير العراق . وهذا يتطلب توفير المؤسسات الديمقراطية لتنظيم العلاقات السياسية والدستورية بين الشعبين في ظل نظام ديمقراطي برلماني تعددي تداولي فيدرالي واتباع نهج المصالحة الوطنية والسلم كحلقة مركزية لتوطيد حركة التحرر الوطني الكردستانية .

** _ كبة مهندس استشاري في الطاقة الكهربائية وباحث علمي وكاتب وصحفي .
وهو عضو في
1- نقابة المهندسين في كردستان العراق
2- جمعية المهندسين العراقية
3- نقابة الصحفيين في كردستان العراق
4- جمعية البيشمركة القدامى



#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كردستان العراق والمجتمع المدني الحديث
- الشبيبة العراقية …ما لها وما عليها !
- آليات العقلنة واللاعقلنة في المنظمات غير الحكومية


المزيد.....




- جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR ...
- تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
- جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
- أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ ...
- -نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
- -غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
- لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل ...
- ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به ...
- غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو ...
- مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سلام ابراهيم عطوف كبة - كردستان العراق والمجتمع المدني الحديث