|
انا وامي وعيد العمال
قحطان محمد صالح الهيتي
الحوار المتمدن-العدد: 3352 - 2011 / 5 / 1 - 08:06
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
اليوم هو الأول من أيار، هذا اليوم الذي احتفلت مع المحتفلين به في العام 1961 اي قبل نصف قرن من الزمن كنت في حينها طالبا في الصف السادس الابتدائي في مدرسة النضال الابتدائية للبنين في مدينتي هيت. في ذلك الزمان وفي ذلك المكان كنت ابن الثانية عشرة من العمر صبيا يتيما لم ير اباه. اشتغلت امه عاملة خدمات في مدرسة خديجة الكبرى للبنات لتعليه واخوته . في ذلك الزمان وفي ذلك المكان صفقت مع المصفقين، وهتفت مع الهاتفين دون أن اعرف ماذا يعني ذلك اليوم سوى انه عيد العمال، ولما انتهى العيد وبعد سنوات قليلة وبالتحديد بعد شباط 1963 وما تلاه من قتل وتعذيب لقوى اليسار العراقي ،وما رافق ذلك من احداث مأساوية لا يمكن لي ان انساها ،وجدت نفسي انا ابن تلك الأم الكادحة مصطفا الى جانب الطبقة العاملة دون وعي مني في ذلك العمر ولكنها الفطرة، او ربما هو الانتماء الى طبقة امي العاملة التي كانت تكدح من الصباح الباكر حتى المساء لتوفر لنا ما يسد رمقنا ،ولتعطيني ولكل واحد من اخوتي عشرة فلوس يوميا او كل يومين. وكبرت وصرت شابا في الاعدادية وكبر معي حب الطبقة العاملة وكان علي ان انتمي الى الحزب الذي يسعى ويهدف الى تحقيق اهدافها ،فتحقق لي ذلك ،ولكني لم اشارك، بل لم تعقد في مدينتي في تلك السنين العجاف أية ندوة بارزة او اية مسيرة جماهيرية .وانهيت الإعدادية واصبت طالبا جامعيا في بغداد في العام الدراسي 1967-1968 اي قبل انقلاب تموز 1968 ولم يكن نظام الحكم في ذلك الزمن ممن يؤيد العمال ، فلم يحتفلوا بعيدهم الا بما يتفق والمجاملات الدولية والخوف من غضب الطبقة العاملة. وجاء البعث في تموز 1968 بأهدافه البراقة وادعى بما ادعى من انه راع للعمال والفلاحين بالرغم من حقيقة تكوينه البرجوازية .ولكنه وفي سبعينيات القرن الماضي نظم مسيرات عمالية حاشدة – شاركت ببعضها محتفلا- وكانت تلك المسيرات تبدأ من الباب المعظم وتنتهي بساحة التحرير بمواكب جرارة اغلبها لعمال القطاع العام واقلها لعمال القطاع الخاص. وكان الاحتفال بعيد العمال نوعا من الدعاية الحزبية بل المناكدة السياسية لقوى اليسار العراقي التي لم تكن في ذلك الوقت قادرة على القيام بما كانت تقوم به الدولة راعية تلك الاحتفالات. ومرت الايام ،ودارت ،وصدر القرار 150 لسنة 1987 قرار تحويل العمال الى موظفين في مؤسسات الدولة والقطاع العام كافة، ذلك القرار الذي الغى الطبقة العاملة وحولها الى موظفين، ولم يكن القرار خال من الأهداف بل انه كان هدفا بحد ذاته، وهو الغاء وجود الطبقة العاملة ودورها في الحياة السياسية . ومنذ صدور ذلك القرار المشؤوم لم يعد العمال يحتفلون بعيدهم كما كان في سنواتهم السابقة ،فقد ارتضوا الحال ،وصفقوا للقرار خوفا من جبروت النظام، فلم يعد عيد العمال في حسابات العراقيين ساسة وشعبا سوى عطلة رسمية . واليوم وانا اعيش هذا العيد بعد سنوات عجاف تلت الاحتلال لم اشعر بذلك الفرح الذي كنت اعيشه ايام صباي، فلا الحكومة تحب العمال، ولا هي تسعى الى تحقيق اهدافهم فليس من مصلحة (السيد ) ولا (الشيخ) أن يعيش العمال فرحا يحتفلون به في عيدهم. وليس من مصلحة المتأسلمين الاحتفال بعيد العمال لأنه ( بدعة) وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة الى النار. وليس من مصلحة (العراقية) ولا (دولة القانون) ،ولا (التحالف الكوردستاني) ولا غيرهم من الكتل التي ابتلينا بها ان تكون في العراق طبقة عمالية مستقلة ذات اهداف طبقية محددة لان من يتربع على كراسي قيادات هذه المكونات برجوازيون كبار لا صغار فهم من حيث الصراع الطبقي اعداء للطبقة العاملة. ما اريده اليوم وما اتمناه ان تعي الطبقة العاملة العراقية دورها .وان تسعى الى انتزاع حقوقها المشروعة وان يكون لها دور بارز ومميز في الحياة السياسية. وان لا تظل طبقة هامشية تنتظر الفرج من ساسة لا تهمهم الا مصالحهم الشخصية. اليوم اريد من الطبقة العاملة العراقية ان تعيد مجدها التليد وان تكون فاعلة في العملية السياسية وان لا تنظرالفرح من قادة لايحبون الفرح. اليوم وبمناسبة عيد العمال العالمي اطلب من العمال أن يعيدوا لهذا العيد تاريخه باعتباره عيدا للتضامن والنضال من اجل الحريات النقابية ومن اجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والسلام . و وأن يسعوا الى تحقيق العدالة الاجتماعية في عالم خال من الاستغلال الطبقي ومن التمييز والاضطهاد الديني او القومي او الطائفي. ومن اجل تحقيق اهداف العراقيين في تحقيق السيادة الوطنية. اليوم لن استطيع ان اقف على قبر امي لأقرا عليه ما كتبت. واقول لها لقد بلغت -يا امي - من العمر عتيا وصرت في طبقة المثقفين لا في طبقة العمال. ولكني ارسل لها عبر الوسائل كافة رسالتي هذه واقول لها: اليك ايتها الكادحة تحيات ابن ارضعتيه المحبة للشعب والوطن. ابن احبك فاحب العامل والفلاح. ابن سيظل يهتف وينشد ويقول: ستظل تهتف للشعوب قصائدي**** وتظل تعزف للســلام ربابي ويظل صوت الكادحين هويتي**** وعقيدتــي وقصيدتي وكتابي
#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خمسون مرت وانقضت
-
رونق
-
الأسف
-
قرار الحب
-
جامعة الانبار شكر، وتكريم
-
يا رنا
-
مقدمة في تاريخ القانون
-
نور
-
الى الذين في قلوبهم مرض
-
مرة لا مرتين
-
الأم آزو وبلقيس هيت
-
مهرجان الحب والثقافة
-
زينب
-
عجيب امركم يا حكام العرب
-
قصيدة ايمان
-
حكومة من أزبري
-
ثورة الرافدين
-
الليلة التي لم يرحل بها مبارك
-
قميص أحمر
-
أسئلة مشروعة
المزيد.....
-
عاملون بمصنع حديد يعتزمون الاعتصام أمام مجلس النواب غدا الإث
...
-
أشغال المؤتمر الوطني الأول للجامعة الوطنية للصحافة والإعلام
...
-
بمناسبة رمضان .. ما هي حقيقة زيادة رواتب التقاعد 20 ألف دينا
...
-
تحذيرات من انهيار اقتصادي وشيك.. رواتب الموظفين على المحك؟
-
8 إجازات رسمية للطلاب والموظفين .. رزنامة العطل الرسمية في ا
...
-
أنبـاء عن موعد صرف رواتب المتقاعدين لشهر فبراير 2025 بالعراق
...
-
بضغطة زر.. خطوات تجديد منحة البطالة في الجزائر 2025 وأهم شرو
...
-
في كوريا الجنوبية حيث ساعات العمل الأطول.. الاستجمام متاح وم
...
-
تجديد منحة البطالة في الجزائر 2025 إلكترونيا بعد استيفاء الش
...
-
سلفة مصرف الرافدين للموظفين والمتقاعدين 25.000.000 دينار بفت
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|