|
نارٌ يمكنها أن تحرق الجميع
فيدل كاسترو
الحوار المتمدن-العدد: 3349 - 2011 / 4 / 28 - 22:48
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
تأملات الرفيق فيدل
يمكن للمرء أن يوافق القذافي أفكاره السياسية أو لا، لكن وجود ليبيا كدولة مستقلة وعضو في الأمم المتحدة هو أمر ليس من حق أحد طرحه على بساط البحث.
لم يصل العالم بعد إلى ما يشكّل من وجهة نظري مسألة أساسية بالنسبة لجنسنا البشري: وهو أن تكون الموارد المادية للكوكب بمتناول كل الشعوب. ليس هناك من كوكب آخر في النظام الشمسي تتوفر فيه الشروط الأساسية للحياة التي نعرفها.
الولايات المتحدة نفسها سعت دائماً لأن تكون بوتقة كل الأعراق وكل الأديان وكل الأمم: البيضاء والسوداء والصفراء والهندية الحمراء والخلاسيّة، من دون فوارق أخرى غير الفارق بين أسياد وعبيد، وبين أغنياء وفقراء؛ ولكن كل ذلك ضمن إطار الحدود: في الشمال، كندا؛ وفي الجنوب، المكسيك؛ وإلى الشرق، المحيط الأطلسي؛ وإلى الغرب، المحيط الهادئ. أما ألاسكا وبورتوريكو وهاواي فلم تكن إلا عوارض تاريخية لا أكثر.
الأمر المعقد في القضية هو أن المسألة ليست مسألة نية نبيلة عند الذين يكافحون من أجل عالم أفضل، وهو أمر يستحق من الاحترام ما تستحقه المعتقدات الدينية عند الشعوب. فيكفي أن تنبعث بضعة نظائر إشعاعيّة من اليورانيوم المخصّب الذي تستهلكه المحطات الكهرو-نووية بكميات قليلة نسبياً –أذ أنها غير متوفرة في الطبيعة- لكي ينتهي الوجود الهش لجنسنا البشري. الإبقاء على هذه النفايات بأحجام متزايدة في نواويس من الاسمنت المسلّح والفولاذ هو أحد أكبر التحديات التي تواجه التكنولوجيا.
بعض الوقائع كحادثة تشيرنوبيل أو زلزال اليابان دلّلت على هذا المخاطر القاتلة.
ليس هذا هو الموضوع الذي أودّ أن أتناوله اليوم، وإنما الدهشة التي غلبتني عندما رأيت يوم أمس، عبر برنامج التلفزيون الفنزويلي "دوسيير"، لوالتر مارتينيز، مشاهد مصوّرة للاجتماع بين وزير الدفاع الأمريكي، روبيرت غيتس، ونظيره البريطاني، ليام فوكس، الذي زار الولايات المتحدة لبحث الحرب الإجرامية التي يشنها حلف الناتو على ليبيا. كان أمراً يصعب تصديقه، لقد فاز الوزير البريطاني بجائزة "الأوسكار"؛ فقد كان كتلة من الأعصاب، متوتراً، يتحدث كالمجنون، وأعطى انطباعاً بأنه يبصق الكلمات.
طبعاً، وصل أولاً إلى مدخل البنتاغون، حيث كان غيتس بانتظاره باسماً. رايتا البلدين، راية الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية سالفاً، وراية وليدتها، إمبراطورية الولايات المتحدة، كانتا تخفقان في أعلى الطرفين، بينما كانت تُعزف أنغام النشيدين الوطنيين. اليد اليمنى فوق الصدر، والتحية العسكرية الصارمة والمهيبة لمراسم البلد الزائر. كان هذا احتفال الاستقبال. بعد ذلك دخل الوزيران إلى مبنى وزارة الدفاع الأمريكية. يفترَض أنهما تحدثا بإسهاب حسبما أوحت المشاهد التي رأيتها بعدما عاد كل منهما وهو يحمل خطاباً بين يديه، لا شك بأنه قد تم إعداده مسبقاً.
إطار هذه المشهد كله تمثّل بالطاقم العسكري. ظهر في الجهة اليسرى شاب عسكري طويل القامة ونحيف، يبدو أنه أصهب، حليق الرأس، يرتدي قبعة ذات قبال أسود، متدثر حتى الرقبة تقريباً، وهو يحمل بندقية ذات حربة، لا يرف له جفن ولم يبدُ بأنه يتنفّس، بمظهر الجندي الجاهز لإطلاق عياراً من بندقيته أو صاروخاً نووياً ذا قدرة تدميرية تبلغ مائة ألف طن من التي أن تي. غيتس تحدث بابتسامة وطبيعة صاحب الأمر. خلافاً لذلك، البريطاني تكلّم بالطريقة التي ذكرتُها.
نادراً ما رأيته شيئاً أكثر ترويعاً من هذا؛ بدا عليه الحقد والإحباط والغضب، وتحدث بلهجة تهديدية ضد الزعيم الليبي، مطالباً إياه بالاستسلام غير المشروط. بدا عليه الامتعاض لأن طائرات حلف الناتو الجبّارة لم تتمكن من إلحاق الهزيمة بالمقاومة الليبية خلال 72 ساعة.
لم يبقَ إلا أن يصيح: "دموع وعرق ودم"، على غرار ونستون تشرشل عندما كان يجري حساب الثمن الذي يتعيّن على بلاده أن تدفعه في عراكها ضد الطائرات النازية. في هذه الحالة، الدور النازي-الفاشي يقوم به حلف الناتو من خلال آلاف مهمات القصف بواسطة أحدث الطائرات التي عرفها العالم.
وبلغ السيل الزبى بقرار حكومة الولايات المتحدة السماح باستخدام الطائرات بدون طيّار من أجل قتل رجال ونساء وأطفال ليبيين، كما في أفغانستان، على مسافة آلاف الكيلومترات عن أوروبا الغربية، ولكن هذه المرة ضد شعب عربي وأفريقي، وأمام ناظر مئات الملايين من الأوروبيين، وكل ذلك باسم منظمة الأمم المتحدة.
رئيس الوزراء الروسي، فلاديمير بوتين، صرّح يوم أمس أن هذه الأعمال الحربية هي أعمال غير قانونية وتتجاوز إطار القرارين الصادرين عن مجلس الأمن الدولي.
الهجمات الفظة على الشعب الليبي، التي تكتسب طابعاً نازياً-فاشياً يمكن استخدامها ضد أي من شعوب العالم الثالث.
الحقيقة أنني مندهش من المقاومة التي أبدتها ليبيا.
الآن هذه المنظمة الحربية تعتمد على القذافي. فإذا قاوم ولم يخضع لمطالبها، سيدخل التاريخ بصفته واحداً من أعظم شخصيات العالم العربي.
حلف الناتو يسعّر ناراً يمكنها أن تحرق الجميع.
فيدل كاسترو روز
27 نيسان/أبريل 2011
الساعة: 7:37 مساءً
#فيدل_كاسترو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كارثة اليابان وزيارة صديق ..
-
الأفضل والأكثر ذكاءً
-
الشمال المضطرب والهمجيّ
-
معركة خيرون [خليج الخنازير]
-
مداولات المؤتمر
-
غيابي عن اللجنة المركزية
-
بدون عنف ولا مخدّرات
-
درس هايتي
-
الإمبراطورية والرجال الآليون
-
تأملات الرفيق فيدل: يوم فقراء العالم
-
رسالة من القائد العام - فيدل كاسترو
-
ساكون في المقدمة
-
الخطاب الذي ألقاه رئيس جمهورية كوبا، فيدل كاسترو روس، في جلس
...
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|