|
الأول من آيار: تحرر الطبقة العاملة مفتاح تحرر الطبقات الأخرى...!
باقر الفضلي
الحوار المتمدن-العدد: 3349 - 2011 / 4 / 28 - 18:43
المحور:
ملف 1 ايار 2011 - تأثير ثورات العالم العربي على تقوية الحركة العمالية والنقابية
من الصعوبة بمكان الحديث عن الأول من آيار من كل عام، وكأنه يوم جامد في حياة الطبقة العاملة، في أي بلد من البلدان؛ يوم يتكرر بكل مباهجه ومسراته التي إعتدنا الإحتفاء بها مثلما نحتفل بأي عيد ديني أو شعبي، نقيم خلاله الطقوس المعتادة التي توارثناها عن الأجيال الماضية، وتمر علينا ذكراه في بهجة وسرور وسط عاصفة من الأناشيد والتراتيل والبلاغات واللافتات والشعارات والرايات الحمراء..!
نعم إن الأول من آيار من كل عام، هو عيد كباقي الأعياد كما هو متعارف عليه، ولكن لهذا العيد ما يميزه عن غيره من الأعياد، وله خصوصيته التي ينفرد فيها عن سواه، فهو يتحدد بكونه يوماً ذا معنى تأريخي مجازي، إختارته الطبقة العاملة العالمية، كيوم يعكس وحدة هذه الطبقة إرتباطاً بوحدة مصالحها على الصعيد الحياتي اليومي من جهة، ووحدة نضالها الطبقي المشترك من أجل تحقيق هذه المصالح من الجهة الأخرى، ومن هنا تبرز أهمية الإحتفال بمثل هذا اليوم على الصعيد العالمي، لما يعنيه ذلك، من وحدة تلك المصالح الطبقية مهما إختلفت طبيعة وإشكال العمل وظروفه في جميع البلدان، ناهيك عن إختلاف مستويات الإنتاج، سواء في الدول المتقدمة صناعياً أو تلك التي لازالت تقف في أسفل السلم من حيث التطور الصناعي..!
وحيث قد أدركت الطبقة العاملة وفي زمن مبكر من بدء تشكلها كطبقة متميزة في المجتمع، وتحسست ثقل وجودها أمام الطبقة الرأسمالية الناشئة حديثاً؛ بأن النضال من أجل صيانة حقوقها المشتركة كطبقة متميزة في المجتمع، لا يمكنها أن تتحقق دون العمل المشترك بين جميع فصائلها ضمن تنظيمات موحدة من العمال، وعلى صعيد مختلف الصناعات والمهن التي ينتشر وجودها داخلها، ما دفعها الى تركيز جهدها النضالي ضمن منظمات عمالية ذات طابع ديمقراطي، تمثل بتأسيس النقابات العمالية في كافة أفرع الصناعات المختلفة، معززة ذلك بتشكيل الإتحادات النقابية الفرعية والمركزية لكل صناعة على مستوى الدولة الواحدة، وأخيراً على المستوى الدولي، ممثلة بالإتحاد العالمي للنقابات..!
ولم يتحقق كل ذلك على الصعيدين المحلي أوالدولي، إلا عبر نضال قاس وعنيد خاضه العمال أمام تعنت وجبروت الطبقة الرأسمالية في تلك البلدان، التي تمكن فيها العمال من تحقيق أهدافهم المذكورة، حيث كانت الطبقة العاملة في البلدان المتطورة رأسمالياً في مقدمة تلك البلدان التي أحرزت نتائج باهرة في هذا المجال، وتمكنت من تأسيس منظماتها النقابية، التي يسجل لها السبق في تشكيل الإتحادات النقابية على الصعيد المحلي والعالمي..!
كما ولم تتمكن الطبقة العاملة حتى ضمن تلك الدول المتقدمة صناعياً من الوصول الى هذه النتائج، دون أن تنظم نفسها عبر تشكيلاتها النقابية، مستخدمة سلاح الإضراب العمالي الفعال، في إجبار أرباب العمل والسلطات الحكومية التي في خدمتهم، على تلبية المطاليب العمالية في تحسين الأجور وظروف العمل وتقليص يوم العمل، ومساواة المرأة مع الرجل في تلك الحقوق، والإعتراف بحقوق العمال النقابية والسياسية؛ ومع ذلك فإن هناك الكثير من البلدان في العالم، لا زالت الطبقة العاملة فيها رغم محدوديتها العددية، محرومة من جملة مثل تلك الحقوق، كما وأن العديد منها لا زالت تفتقر الى قوانين تنظم علاقات العمل، أو تنظيمات نقابية عمالية، في نفس الوقت الذي تحاول فيه السلطات الحكومية، في بعض تلك البلدان، وخاصة منها من تمتلك فيها الطبقة العاملة، إرثاً نضالياً وطنياً في مجال التنظيم النقابي، من الإستحواذ على التنظيم النقابي العمالي بمختلف الطرق والأساليب، ومنها القانونية والتشريعية، وتنصيب رموزها وممثليها على رأس تلك التنظيمات النقابية، ومحاولة شق وحدة صفوف الطبقة العاملة في البلد المعني..!
وليس بعيداً عن ذلك ما تسعى اليه السلطات الحكومية العراقية المتنفذة، وفي مقدمتها اللجنة الوزارية العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم رقم/3 لسنة 2004 ،من محاولة إستنزاف الجهد العمالي النقابي في توحيد صفوف الطبقة العاملة العراقية، من خلال ما أقدمت عليه من إجراءات تعسفية بحق الإتحاد العام لنقابات العمال في العراق، بهدف عزل الإتحاد المذكور عن قاعدته العمالية في المحافظات، والتفرد الحكومي من خلال من تنصبه على رأس قيادات المنظمات النقابية العمالية في تلك المحافظات، والتأثير على نتائج الإنتخابات النقابية في المحافظات، بما يوفر الهيمنة الحكومية على التنظيم العمالي النقابي في البلاد..!(*)
إن ما تقدم عليه السلطات الحكومية من إجراءات تعسفية بحق الطبقة العاملة العراقية حالياً، ليس جديداً على الطبقة العراقية، ففي تأريخها النضالي الطويل، قد إصطدمت تلك الطبقة بمحولات غير قليلة بهذا الإتجاه، فقد حاولت حتى حكومة عبد الكريم قاسم وفي أول عهدها من الإقدام على نفس الخطوة التي تحاول تنفيذها السلطات الحكومية الحالية، من شقها لوحدة الطبقة العاملة العراقية، من خلال تأسيس إتحاد نقابي عمالي حكومي، الى جنب الإتحاد العام لنقابات العمال المنتخب من قبل العمال، في محاولة لعزل الإتحاد الشرعي، وكذلك الأمر في زمن الفترة التي طغت فيها الدكتاتورية، حيث بات التنظيم النقابي جزء من تنظيمات الدولة وخاضع لمشيئتها التامة، نفسه الحال بالنسبة للإتحادات المهنية والفلاحية، في تلكما الفترتين حيث هيمنت الحكومة على مقدرات تلك المنظمات النقابية المهنية بالتمام..!
مع كل تلك المفارقات يظل الأول من آيار من كل عام يوماً خالداً في حياة الطبقة العاملة العالمية، تشاركها الطبقة العاملة العراقية، من خلال ما سطرته في تأريخها المجيد من مآثر لا تنسى، وما حققته من مكاسب على صعيد التنظيم النقابي والحقوق النقابية والسياسية، وما إجترحته من بطولات تأريخية مشهودة، في ظل قيادات عمالية نقابية، كان لها الأثر الفعال والدور الكبير في توحيد صفوف العمال العراقيين وراء تنظيماتهم النقابية، وفي تأسيس الحركة النقابية العراقية المجيدة، من أمثال قادة العمال النقابيين البارزين؛ الشهيد طالب عبد الجبار والمرحوم علي شكر والمرحوم صادق الفلاحي، والقائد العمالي البارز آرا آخاجادور والعديد من القادة العماليين التي أنجبتهم الطبقة العاملة العراقية عبر ما يزيد على أكثر من نصف قرن من الزمان..!
كل المجد للطبقة العاملة العراقية في يومها العالمي، وكل الدعم لحركتها النقابية الديمقراطية في نضالها من أجل توحيد صفوف الطبقة العاملة العراقية، وتشريع قانون ديمقراطي للعمل، وإرساء القواعد الديمقراطية في الإعتراف بإستقلالية التنظيم العمالي النقابي، وعدم التدخل بشؤونه الداخلية من قبل السلطات الحكومية..!
إن الطبقة العاملة العراقية سجل حافل بالمآثر والأمجاد البطولية الراسخة في ذاكرة الشعب العراقي، سجل لأمجاد الشعب العراقي في الكفاح من أجل تعزيز وحدة العراق، وصيانة إستقلاله، والنضال في سبيل ترسيخ الديمقراطية؛ وأمامها اليوم وهي في معترك المجابهة لتحقيق وحدتها، ما يضعها في جسامة حجم مسؤولية النضال من اجل إنهاء الإحتلال وتثبيت حقوقها النقابية والسياسية بتشريع قانون عمل ديمقراطي يقر لها جميع حقوقها المنتهكة، فتحررها سياسياً وإقتصادياً هو مفتاح تحرر كافة الطبقات في المجتمع..! 28/4/2011 (*)http://sautalomal.org/index.php?option=com_content&view=article&id=3817:2011-04-24-11-19-11&catid=39:2010-04-09-05-57-20&Itemid=57
#باقر_الفضلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البوح...!
-
العراق: الإتفاقية الأمنية الأمريكية- العراقية: ملاحظات هامشي
...
-
فلسطين : فيتوريو أريغوني الإنسان..!
-
العراق: أيُ حالٍ أمرَ من ذي الحالِ...!؟
-
العراق:إغتيال المثقفين كارثة وطنية..!
-
جوليانو..!(*)
-
الفجر..!(*)
-
ليبيا: بين سندان الشرعية الدولية ومطارق الإحتلال..!
-
ليبيا: بين الثورة والتثوير..!!؟
-
لا للإنقسام..!*
-
آذارالأعياد....!(*)
-
العراق: خطوة في الطريق الخطأ..!!؟
-
بغداد تفتخر...!
-
العراق: ما الذي يريده الشعب وما تريده الحكومة..!؟
-
شياع..!(*)
-
فلسطين: الفيتو الأمريكي..!
-
طوبى مصر..!
-
مصر: لقد تخلى الرئيس..!
-
مصر: التغيير المنتظر..؟!
-
العراق: [الهيئات المستقلة] بين الإستقلالية الدستورية والتبعي
...
المزيد.....
-
ماذا نعرف عن صاروخ -أوريشنيك- الذي استخدمته روسيا لأول مرة ف
...
-
زنازين في الطريق إلى القصر الرئاسي بالسنغال
-
-خطوة مهمة-.. بايدن يشيد باتفاق كوب29
-
الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
-
ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات
...
-
إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار
...
-
قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
-
دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح
...
-
كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع
...
-
-كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة
...
المزيد.....
-
في قلب حركة 20 فبراير لكن برؤية اشتراكية ثورية
/ التضامن من اجل بديل اشتراكي
-
الثورة العربية- بيان التيار الماركسي الأممي، الجزء الثاني: ا
...
/ بيان الدفاع عن الماركسية
المزيد.....
|