جاسم هداد
الحوار المتمدن-العدد: 999 - 2004 / 10 / 27 - 10:59
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
تعتبر المشاركة في الأفراح والمسرات , وكذلك في الأتراح والأحزان من القيم والتقاليد العشائرية الأيجابية والقيمة السائدة في بلادنا . وشهد عراقنا الحبيب سنينا عصيبة وليس أياما , لأكثر من ثلاث عقود, أي طيلة فترة تسلط زمرة البعث الفاشي على رقاب أبناء شعبنا , قدم شعبنا العراقي فيها الآلاف بل الملايين من الضحايا منذ أن اصبح الطاغية صدام في المركز الأول في الدولة العراقية في حروب لا نهاية لها : حربه على الجارة إيران , وحربه , بل غزوه للجارة الكويت , وحربه مع قوى التحالف الدولي عندما رفض الأنسحاب من الكويت عام 1991, وحرب الحصار الجائر , التي كانت سياسة نظام صدام الغبية , سببا في رفضه تنفيذ برنامج الغذاء والدواء مقابل النفط , اولا ومراوغاته الثعلبية في اطالة فترة الحصار ثانيا , وحربه ضد أبناء شعبنا العراقي بكافة قومياته وطيفه السياسي , والمقابر الجماعية وحملات تنظيف السجون والأنفال وحلبجة الشهيدة والأهوار , أدلة دامغة وشاهدة على ذلك . رغم طول هذه السنوات السوداء التي خيمت بضلالها على وطننا , والتي ذاق شعبنا العراقي فيها الويل , لم نسمع او نرى , أية تضامن مع شعبنا أو كلمة حق توجه للحاكم الجائر من عشيرة آل ثاني , لابل على العكس كانت تقدم للطاغية ولنظامه كافة المساعدات والتسهيلات سواء كانت مالية او اعلامية , وحتى قبل السقوط المشين , بذل أولياء أمور هذه العشيرة , جهودا كبيرة من اجل إصلاح ذات البين بين النظام الديكتاتوري المقبور وبين الولايات المتحدة الأمريكية , حيث اخبرهم الطاغية بإستعداده إعطاء الأخيرة ما تريده من قواعد عسكرية لها في العراق , وما تريده من كميات نفط وبالسعر الذي تحدده هي , أي بـ" تراب الفلوس " , مقابل بقاءه جالسا على كرسي الحكم , ولكن استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية تطلبت في الظرف الراهن تغييره , لأنه اصبح ورقة محروقة , وادى ما عليه طيلة الفترة الماضية , واستوجب رحيله .
وعند سقوط تمثال الطاغية , الذي شكل الدلالة على سقوط النظام الديكتاتوري المهترئ اصلا , كان الحزن باديا على محيا مراسلي فضائية الجزيرة التابعة لعشيرة آل ثاني , وكان ذلك واضحا لكل من تابع سقوط تمثال الطاغية في ساحة الفردوس .
بعد سقوط نظام البعث الفاشي , قامت عشيرة آل ثاني بتوفير الملاذ الآمن لفلول النظام وعناصر مخابراته وأقطاب نظامه , وقام حاكم هذه العشيرة بنقل زوجة الطاغية بطائرته الخاصة من دمشق الى الدوحة , وذلك تقديرا لجهودها فيما نهبته من ثروات الشعب العراقي , واستعانت بأبواق النظام المقبور واطلقتها في اجهزتها الأعلامية , مثل نقيب المخابرات شاكر حامد , وظافر العاني وغيرهم الكثير ممن أسمتهم بـ " المحللين السياسيين " , و كانت تتصل بهم وتوفر لهم الحضور التلفزيوني , وواصلت ولا تزال تواصل تقديم دعمها الأعلامي للمجرمين الأرهابيين , الذين يقومون بتنفيذ اعمال تفجيرات السيارات المفخخة واغتيال العراقيين من قوات الشرطة والحرس الوطني , الذين اخذوا على عاتقهم ومسؤوليتهم حفظ الأمن والأستقرار الذي يساعد ويخدم اعادة بناء الوطن .
اما المحطات االفضائية , الحكومية ( الفضائية القطرية ) , والخاصة ( فضائية الجزيرة ) , حولها آل ثاني الى منبر لكل ما يسئ للعراق وطنا وشعبا . والمتابع يستطيع تلمس الدس والتشويه , و الأمثلة لا تعد ولا تحصى , ومن ذلك , بتاريخ (13/10/2004 ) , اذاعت الجزيرة خبرا مفاده : " القوات الأمريكية تداهم ثلاثة مساجد ببغداد وتصادر اسلحة حراسها " , وفي (21/10/2004) اذاعت الجزيرة : " القصف الأمريكي للفلوجة تسبب في تدمير العديد من منازل العراقيين " , والفضائية القطرية الحكومية اذاعت في يوم ( 16/10/2004) : " يسود التوتر في كركوك بين الأكراد والعرب والتركمان حيث يطالب الأكراد بالسيطرة على كركوك " , وفي يوم ( 21/10/2004 ) اذاعت نفس القناة : " حصل قتال بين القوات الأمريكية والمدافعين عن مدينة الفلوجه " , وهنا اصبح المجرمين الأرهابيين الذين اتخذوا من اهالي مدينة الفلوجة دروعا يحتمون بهم , هم المدافعين عن مدينة الفلوجة. اما الصحيفتان اللتان تصدران في قطر وهما " الراية " و " الشرق " فلا تقلان عن الفضائيتين في الدجل والنفاق والدس والحقد على العراق , وللمثال فقط , فقد نشرت صحيفة الراية القطرية في يوم (20/10/2004 ) خبرا عن مواجهات عسكرية في مدينة سامراء , وضمن الخبر المنشور تدس التشويه الذي تريده فتضيف : " التي قال الجيش الأمريكي ان الهدوء سادها بعد هجوم شنه في وقت سابق من الشهر الجاري " , وفي يوم (21/10/2004 ) نشرت نفس الجريدة خبرا يوحي للقارئ ان جميع ابناء الطائفة السنية , يؤيدون ما تقوم به هيئة متابعة شؤون الخاطفين المسماة زورا بهيئة علماء المسلمين, مشوهين بذلك الحقيقة التي تقول , ان المؤيدين لهذه الهيئة هم الذين تضررت مصالحهم بسقوط نظام الظلم والطغيان , والمستفيدين منه سابقا , حيث جاء في الخبر : " في بغداد دعا اجتماع للطائفة السنية ضم عددا كبيرا من علماء الدين, الى مقاطعة الأنتخابات " , متغافلين ان الشعب الكردي اغلبيته من الطائفة السنية , وان الكثير من ابناء الطائفة السنية يشاركون في العملية السياسية الجارية في العراق , ويبذلون كل جهودهم من اجل اعادة الأمن والأستقرار للبلاد , ومن اجل اعادة بناء الدولة العراقية , وصحيفة الشرق القطرية نشرت في يوم (21/1/ 2004 ) , خبرا يصب في طاحونة زميلتها " الراية القطرية " , موهمة القارئ بأن جميع علماء الطائفة السنية مع بقاء حالة الفلتان الأمني وعدم عودة الأستقرار , وهذه بالتأكيد مخالفة للحقيقة , حيث كتبت ان : " علماء السنة العراقيون يطالبون بمقاطعة الأنتخابات " وكذلك نشرت نفس الصحيفة وفي نفس التاريخ , خبرا , يشير بكل وضوح الى ان هذه الجريدة فرحة مستبشرة بنتائج الأعمال الأرهابية وما تخلفه من ضحايا وخراب , حيث كتبت : " تشير الأوضاع السياسية والعسكرية الى مزيد من التعقيد والتدهور " ونشرت ايضا , خبرا تحاول فيه تبييض صفحة الهيئة المسماة زورا بـ " علماء المسلمين " , معطية إياها حجما اكثر بكثير من حجمها الحقيقي , مسبغة عليها , أهمية خاصة , محاولة إبعاد ما لحقها في الفترة الأخيرة , من انتقادات , نتيجة اخذها عمولات عن دورها وصلاتها بعصابات الخاطفين , حيث كتبت : " وكانت هيئة علماء المسلمين التي تعد احد اهم الهيئات السنية في العراق قد حاولت في الأشهر الأخيرة تأمين اطلاق سراح اجانب اختطفتهم جماعات مسلحة سرية كما ادانت عمليات قتل الرهائن , الا انها اصرت على معارضتها للوجود الأمريكي في العراق ". وبحلول شهر الصيام , شهر الخير والسلام , يلاحظ ان الجريدة , سائرة في غيها , وفرحها , بما يلحق , بشعب عربي مسلم , حيث نشرت ايضا : " تصاعدت عمليات المقاومة مع بداية شهر رمضان " واضافت " ان ما حدث في العراق هو توقف حالة الحرب دون نهاية حاسمة , ودون توافق بالرضا بين جميع الأطراف التي يجب الأعتراف بها بما فيها المقاومة " , وهي بذلك تريد القول , انه من الواجب عودة ازلام نظام صدام الى السلطة , والأعتراف بالأرهابيين , والخضوع لشروطهم .
ومعروف للجميع ان آخر اجتماع لأمانة المؤتمر القومي العربي عقد في الدوحة , هذا المؤتمر ذو المواقف المشينة والمخزية تجاه قضية الحرية والديمقراطية لشعبنا العراقي , والذي اعلن تأييده لأعمال القوى الأرهابية ودعا الى مساندتها وفتح الحدود لها .
وليس مستبعدا ان الدولة التي اشار السيد وزير الخارجية العراقي بأن بقايا النظام السابق عقدوا اخيرا فيها اجتماعا , قرروا فيه تعطيل الأنتخابات عبر القتل والأرهاب , هي دولة قطر , والتي تتباهى صحفها بعمليات تخريب انابيب النفط في العراق .
غريب موقف هذه العشيرة , توجد فيها اكبر قاعدة امريكية , و وزير خارجيتها ينادي علنا وامام الملأ , بضرورة اتباع سياسة التوسل والأستجداء مع الولايات المتحدة الأمريكية , لحل القضية الفلسطينية , لا بل كل القضايا العربية , ويبدو ان القضية العراقية استثناء من توسل وإستجداء معاليه , وأمير قطر المعروف, انه لم يجلس على كرسي الأمارة بالوراثة , كما تنص اعراف العشيرة , بل جاء بإنقلاب على والده .
حسنا فعلت الدولة العراقية عندما استثنت دولة قطر من جولة رئيس الجمهورية العراقية المؤقت , الذين بحاجة لمن يصرخ بآذانهم : إذا كان بيتكم من زجاج يا حكام قطر , لماذا ترمون عراقنا الحبيب بحجر ؟ .
#جاسم_هداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟