|
الى أشقائنا ثوار اليمن
أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .
(Ahmad Hamdy Sabbah)
الحوار المتمدن-العدد: 3348 - 2011 / 4 / 27 - 12:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تربط بين الثوار والاحرار في العالم الاسلامي والعربي روابط أعمق وأقوى من الاخوة الموجوده أصلآ بحكم الدين واللغة والثقافة والأهم وحدة المعاناة والمصير والأهداف المشتركه جميعها ، ولا يمكن ان تشعر تونس ولا يمكن أن نشعر هنا في مصر بالأمن والأمان وأننا حققنا النصر الكامل وبقية أشقائنا لا زالوا يواجهون حكم الطغاة والطغيان الذين ابتلينا بهم لا على مدار عقود بل على مدار قرون فهم ورثة مستبدين سابقين .
وعليه فانه لابد من تبادل الخبرات والمعلومات والتحليلات بين الثوار والأحرار في العالم الاسلامي والعربي لا من منظور عاطفي فلا نختلف ساعتها عمن تسببوا في تخلفنا وانهيارنا من الطغاة المستبدين الذين يساندون بعضهم بعضآ بكل ما أوتوا من قوة وما حدث في البحرين من قمع للانتفاضة البحرينية الحره ومن ايواء لظالم طاغيه وتوفير الامان له والملجأ له ولأسرته كبن علي وزوجته ومحاولة الضغط على المجلس العسكري الحاكم في مصر لمنع محاكمة مبارك وأسرته وأعوانه وان كان ذلك لا يخلو من حسابات منطقية تتعلق بالحفاظ على عروشهم مخافة انتقال ربيع الحرية اليهم ، بل تكون مساندتنا من واقع العقل والمنطق الذي نريد ان نؤسس بهما مستقبلنا بعد أن عجزنا أن نرث الأمل فلنورثه لأنفسنا ولأبنائنا واحفادنا .
وعليه فانه تواجه ثورتنا الطاهرة في اليمن تحديات كبيرة أثبت فيها الشعب اليمني الحر العظيم توقه للحرية والعدالة والكرام ، وضرب مثلآ ولا أروع في الفداء والصمود والمثابرة متجاوزآ الثورة المصرية صمودآ وصبرآ وألمآ ، فثورتنا المصرية العظيمة امتدت ثمانية عشر يومآ فيما امتدت ثورة اليمن أسابيع وشهور عاني فيها أحرار اليمن من الويلات وقدموا الكثير من الشهداء والجرحى والمصابين .
ولكن عند تحليل واقع المجتمع والأزمة اليمنية فاننا نجد انفسنا نقف أمام جملة من المعطيات تختلف عن مثيلتيها التونسية والمصرية وذلك على النحو التالي :
1- الطبيعة القبلية للمجتمع اليمني ، وان كانت أغلب قبائل اليمن انضمت الى ثورة الأحرار فان مجموعات قبلية وعشائرية اخرى لا تزال تحتفظ بولائها لعلي صالح وأسرته لاعتبارت مختلفة ، وبالطبع فان الطبيعة القبلية تفرض نوع من التحديات أمام تشكيل اجماع متكامل وقوي ومتماسك يدوم بالقدر الذي يتطلبه تحقيق الاهداف جميعها بشكل كلي وتام .
2- استمرار الأوضاع الحالية تسبب في مزيد من التدهور للحالة الاقتصادية والمالية المتدهورة أصلآ بفعل فساد وفشل سياسات علي صالح وأسرته وأعوانهم وما تسببوا فيه من تدمير ونهب لمقدرات وامكانيات اليمن شعبآ ودولة ، ولكن من ناحية اخرى فانه على المستوى الجزئي والكلي فان استمرار الأوضاع على ما هي عليه سيدخل اليمن في نوع آخر من الثورات وهي ثورة الجياع وهذه النوعية من الثورات يخطأ النظام الحاكم ان اعتقد أنها لن تمسه أو ستجيه مما هو فيه بل هي ستدمر كل من يقف في طريقها وستضعف من قوة وزخم الثورة اليمنية .
3- ضعف التأييد والدعم الدولي أو على الأقل ليس بالزخم والقوة التي توافرت للحالة المصرية وهذا نتاج عاملين أساسيين هما :
أ – الضغوط الخليجية على القوى الكبرى في العالم بعد السقوط المدوي لبن علي ومبارك ، ومطالبة القوى الكبرى بوقف دعم الثورات والتأكيد على أن مثل هذه المواقف ستضر بالعلاقات الاستراتيجية الخليجية من ناحية وأوروبا وأمريكا من ناحية أخرى ، وطبعآ السبب معروف وهو الخوف على العروش والثروات التي يحتكرونها في بلدانهم حتى مع غنى شعوب هذه البلدان فالجال كان سيكون أفضل بكثير على كافة الأصعده بما فيها الاقنتصادية والمالية لو ان هناك ديموقراطية جقيقية تحكم هذه الدول.
ب – تمركز تنظيم القاعده في اليمن وانتشار بعض الافكار المتشدده بين قطاعات من اليمنيين ، وهو ما يثير مخاوف القوى الغربية من وجود حالة من الفراغ الأمني والسيطرة السياسية السيادية خاصة في ظل التعاون بين النظام الحاكم اليمني وأمريكا في جهود مكافحة الارهاب ، وهو ما يستغله علي صالح في اثارة رعب الغربيين من غيابه عن المشهد السياسي ، وان كان هؤلاء تجاوزا هذه الألعوبه وانضموا لطرف المطالبين اياه بالرحيل ، بعد تأكدهم ان استمرار الأوضاع على ما هي عليه ستلقي باليمن كله في حضن القاعده ، فتنظيم القاعده لا يعدو كونه في النهاية أكثر من فطر أو جرثومة تنتظر الجسد المتهترئ لتسكنه .
4 – يثبت الجيش أنه المفصل في رمانة الميزان في معادلة القوة بين الثوار والطغاه فعندما انحاز الجيش للحرية والعدالة في الحالتين التونسية والمصرية استطاع بذلك أن يوفر الغطاء اللازم لنجاح هاتين الثورتين ، وهو للأسف المطلب الذي لم يتم توافره لا في الحالة اليمنية ولا الحالة الليبية وكذلك السورية حيث انحاز الجيش أو القسم الاكبر منه للجانب الظلامي من المعادلة ، وهو بالطبع ما سيكتبه ويأخذه التاريخ على قادة تلك الجيوش واعوانهم أنهم في يوم من الأيام وجهوا بنادقهم ومدافعهم ودباباتهم وطائراتهم تجاه اخوانهم وأبنائهم لا لشئ الا لأنهم كانوا يسعون الى الحرية والعدالة .
5 – محاكمة مبارك وأسرته وأعمدة نظامه والسعي لاسترجاع بن علي ومحاكمة عدد من أفراد أسرته وأعوانه والبحث عن الثروات المنهوبة من قبل كلا الرئيسين السابقين وأسرتهما وأعوانهما ، يقد مضاجع علي صالح وأسرته وأعوانه لأنهم لا يريدون أن يلاقوا نفس هذا المصير المخزي ، فيبدون تمسكآ أقوى وأكبر بالسلطة ويحشدون في ذلك ما استطاعوا اليه سبيلآ يعاونهم الجيش في ذلك كما سبق وذكرنا.
وبالتالي فاننا نجد انفسنا ازاء المبادرة الخليجية لحل الازمة في اليمن أمام مفترق طرق اما القبول بها على الرغم أنها لا تحقق مطلب رحيل النظام بشكل كلي وفوري ومحاكمة أركان هذا النظام على ما اقترفوه في حق الشعب اليمني ، ولكن من ناحية فان رفض المبادرة يضعنا أمام مفترق طرق وبالتالي الاستمرار في حالة الضبابية السياسية وجمود الموقف وبالتالي المخاطرة بفقدان زخم الثورة بفعل عاملي الزمن والحاجة الى العمل والمال ، ومواجهة ثورة جياع ، واستغلال من قبل النظام الحاكم لأي رفض لهذه المبادرة وتسويقه على انه محاولة من الثوار لاشاعة الفوضى والاضطراب في البلد واستمرار الحالة الراهنة من التأزم والخسائر الاقتصادية والمالية .
وهو ما قد يلاقي قبولآ لدى قطاعات عريضة من الشعب والقبائل اليمينية اضافة الى استغلال تنظيم القاعدة المتمركز أصلآ في اليمن لحالة الفوضى والتشنج السياسي هذه في تدعيم قواعده وركائزه في اليمن وهو ما سيصعب الوضع بعد ذلك على أي نظام قادم أيآ كانت اتجاهاته السياسية وهو بالطبع أيضآ ما سيستغله النظام الحالي بمحاولة تسويق أن الثوار يتسببون في دعم القاعده وسيجنح الى نسج اتهاماته الغير شريفه للثوار بتعاونهم مع القاعده ، وهو بالطبع الامر الغير حقيقي بالمرة فالأحرار دومآ أشراف والأشراف أبدآ لا يكونوا ارهابيين ولا ظلاميين .
وبالتالي فان معايير البراجماتية والمصالح السياسيه تفرض على أشقائنا ثوار اليمن وضع هذه الظروف والأحوال والمعطيات والنتائج محل الدراسة والاعتبار ، ومحاولة الاستفاده من تلك المبادرة بأقصى ما يستطيعون ، فعلي صالح وأسرته كل ما يهم الآن لا البقاء في الحكم بل تجنب المحاكمة ومصير مبارك وبن علي كهارب ومطارد وبالتالي فان الحل العملي الآن هو القبول بالمبادرة بشرط عدم فض الاعتصامات الا بعد رحيل صالح وأعوانه في نهاية المدة الزمنية المحددة في المبادرة وهي شهر من تاريخ توقيع الاتفاق .
مع الاستمرار في ممارسة الضغوط لرحيل مبكر عن ذلك وتنقية حكومة الوحدة الوطنية القادمة من أي وجود لأعضاء حزب المؤتمر ، وبعد ذلك يتم الدخول في محاكمات تجاه من يمكن محاكمته فالرؤساء لا يستطيعون عمل شئ بدون الصغار والأعوان ، مع فضح صالح وأعوانه ومحاولة استعادة ثروات التي نهبوها من الشعب وكذلك فضح ممارساتهم التعذيبية والتنكيلية بالشعب اليمني الحر على دمار العقود الثلاثة الماضية وهو أمر كفيل بأن يلاحقهم العار أينما ثقفوا بعد ذلك وهو عار سيورثوه لأولادهم وأحفادهم من بعدهم مثلما هو الحال مع مبارك وبن علي .
فهؤلاء مهما عوقبوا فان الزمن في صالحهم لأنهم لن يعيشوا في الهوان قدر ما عاشوا في النعيم ولكن ارثهم وميراثهم سيحمله الأبناء والأحفاد فبئس الارث وما أتعسه من ميراث ، وبعد ذلك اعلان الاحتفالات في كل مكان باعلان انتصار الثورة اليمينة الطاهرة على الفاسدين والمستبدين .
أما المصابين والشهداء الذين سقطوا في حرب الحرية وثورتها فلابد من سن قانون ينص على صرف معاشات شهرية كبيرة لهم ولأسرهم وتخليد أسمائهم في الشوارع والميادين وبناء نصب تذكارية لهم يكتتب لبنائها أبناء الشعب اليمني العظيم فالثأر لدماء هؤلاء ليس فقط القصاص من قاتليهم بل الأهم هو تحقيق الهدف الذي أسيلت اليه هذه الدماء ليعيش اخوانهم وأبنائهم مرفوعي الرأس معززي الكرامة ناعمين بالحرية والعدالة ، فهذا يا اخواني هو الهدف ونعم الهدف وما أروعه من مصير .
#أحمد_حمدي_سبح (هاشتاغ)
Ahmad_Hamdy_Sabbah#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كفاكم ... دعونا لشأننا
-
يا داعيآ الى النور
-
ضروريات التدخل العسكري في ليبيا
-
آليات التعامل الراهن في الثورة المصرية
-
الامامان الأعظمان
-
في سياسة الاخوان والسلفيين
-
لا تقل السلف الصالح بل قل الخلف الصالح
-
المجلس الأعلى وحماية الثورة المصرية
-
دلالات غزوة الصناديق
-
ردآ على النظام السوري
-
ردآ على النظام السعودي
-
نظرة في العلمانية
-
ماذا تعني السلفية ؟
-
في المادة الثانية من الدستور المصري
-
في الخطاب والفكر الديني
المزيد.....
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|