|
ديموقراطيتنا.........المزعومة
لينا جزراوي
الحوار المتمدن-العدد: 3348 - 2011 / 4 / 27 - 11:34
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
ديموقراطيتنا......... المزعومة
في عالمنا العربي ، تبرز تناقضات واضحة في التعاطي مع مفاهيم الحرية والديموقراطية ، ونحن على أعتاب حقبة جديدة ، يفترض أن يكون عنوانها ، الكرامة ، العدالة ، والحرية ، ثم نشهد في الوقت ذاته اغتيالات للرأي الآخر ، واعدامات للفكر الحر ...... لمجرد أنه يدور في فلك الثقافة المضادة. فثورات الشعوب العربية ضد أنظمتها الشمولية ، وخطوتها الأولى نحو الاصلاح ، جاءت لرسم معالم مجتمعات حديثة ، مدنية ، ديموقراطية ، فاجتاحتنا رياح التغيير وبدأت الشعوب تفكر خارج صندوق الدولة ، وثقافتها، وتتحرر منها ، لكن لا يكفي أن نطالب باليموقراطية ونحن مازلنا نغتال حريات الآخرين، المختلفين معنا ، فالديموقراطية التي ترفض الآخر ، لمجرد أنه اختلف معها في الرؤيا والفكر والطرح ، ديموقراطية ناقصة ، فارغة من مضمونها فهل نصمم لمجتمعاتنا ، وتركيبتها ، ديموقراطية تختلف عن ديموقراطيات العالم الحديث؟ الديموقراطية ، حرية سقفها السماء ، حرية لا تتجزأ، لتناسب مجتمعا دون آخر ، وشعبا دون آخر، مظلتها واسعة تضم كل الأطياف السياسية والاجتماعية ، بدون تمييز . عندما ثار الشعب المصري ضد جلاديه الذين ما فتئوا يغتالون حريات الآخرين ، ويعتقلون مخالفينهم في الرأي والتوجه ، وطالبوا بالحرية ومحاسبة الفاسدين ، برز على السطح توجهات مختلفة ، تحمل رأيا آخر، وهذا سلوك طبيعي وصحي برأيي، ،فبعض الفنانين المصريين مثلا لم يردوا التغيير ، لكنهم يدفعون الآن ثمن اختلافهم عن الثقافة السائدة، وثمن آراءهم ، ويتم اعدامهم فنيا ، وهذا لا يتوافق مع الطرح الديموقراطي ، فلماذا نشهد اغتيال لشخصيات فنية عريقة لطالما أتحفنا انتاجها الفني ؟، شخصيات كانت أكثر جرأة وصلابة في تجاوز الممنوع والتعبير عن المحرم ، وكسر الحواجز، يوم لم يتجرأ فيه الكثيرمن الفنانين على كسر تابوهات التقاليد والأعراف والعقائد. فما يجري تجاه بعض الفنانين المصريين ، هو نوع من أنواع الاستئصال ، اسئصال للفكر وللحرية، واعدام لتاريخ فنانين مبدعين كان لهم بصمات هامة ومؤثرة على الساحة الفنية المصرية ، والعربية ، وهذا مخالف لجوهر الديموقراطية ومضمونها. ،فهل يجوز أن نحتضن مؤيدينا ونلفظ معارضينا ، ثم ندعي أننا ديموقراطيون!!!! حالة بعض الفنانين المصريين ، وطريقة التعاطي معهم، بعد نجاح الثورة في مصر ، تبين أن مازال لدينا أزمة في طريقة تفكيرنا ، وفي مدى احترام العقل والخيال الحر في أنظمة يفضل معظمها أن يتحكم مباشرة في اتجاهات تفكير الناس ، أزمة متعلقة بطريقة تفكيرنا التقليدية ، فهل المفروض أن يتفق الشعب ، كل الشعب ، على رؤيا واحدة ، للاصلاح ؟ وهل المفروض أن نغتال ، مستقبل بعض المختلفين معنا ، وحريتهم في التعبير عن توجهاتهم؟ ان مبادىء الديموقراطية تقول بأن الحكم للأغلبية ، لكن من حق المختلفين معنا ، في أن يختلفوا . تسعى الشعوب وتموت من أجل أن تنعم بالديموقراطية والحرية، لكن علينا أن نتعلم ممارستها من خلال قبول المختلفين معنا أولا، واحترام رأيهم ثانيا، بدون أن نستأصل فكرهم ، ونقصيهم لمجرد أنهم يحملون وجهة نظر أخرى ، وهذا برأيي أصعب خطوات المرحلة الجديدة ، وأهمها . فما زلنا نعاني في العالم العربي من ازدواجية الشخصية العربية ، التي تظهر عكس ما تبطن ، وتبين عكس ما تخفي ، فتستخدم نظريات التحرر على المنابر السياسية والثقافية فقط، يرددون بلا انقطاع ، في كتبهم وندواتهم ومحاضراتهم عن أهمية الحرية والكرامة والحقوق ، ثم يركضون لاهثين الى منازلهم ، ليسحقوا ، وينتهكوا ، حق أقرب الناس اليهم ، والى مؤسساتهم ليقمعوا وينكلوا بمن هم أدنى سلطة منهم ، ويهاجمون المختلفين معهم ، لقد سئمت الشعوب العربية من هذه الكاريزمات السياسية ، وما نحتاجه فعلا هو جيل جديد، يدرك أصول اللعبة ويحترم العقول ، بغض النظر عن ما تتبنى هذه العقول من فكر وثقافة. من الصعب على من لم يعتادوا تطبيق الديموقراطية ، أن يكونوا ديموقراطيين بين ليلة وضحاها ، لكن عليهم أن يتقنوا فن التعاطي مع قضايا الحريات ، وأن لا يكرروا من سبقوهم من أنظمة قمعية ، لأن أزمتنا الحقيقية بدأت عندما انعدمت الثقة بين الحاكم والمحكوم . يجب تحرير ثقافتنا من مفاهيم التبعية والخوف ، الخوف من الثقافة المضادة ، حتى لا يكون مجتمعنا القادم ، نسخة مكررة عن أنظمة القمع والاستبداد ، واغتيال الفكر الحر ، فنحن مطالبون بالتحرر من الثقافة الرسمية ، الثقافة التي تشرف عليها مؤسسات الدولة أو التي تدور في فلكها وأن نمنع اغتيال الثقافة المضادة ، ثقافة المعارضة ، فليس من الممكن بأي حال من الأحوال فصل الثقافة عن السياسة في التجربة الديموقراطية الحديثة في العالم العربي، أعرف أن الانسان يحمل معه تاريخه ، والفكر والممارسات أيضا تحمل معها آثار وبصمات الواقع الذي تشكلت فيه، وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها ، لكن يترتب علينا في المرحلة القادمة مسؤولية تخفيف آثارها ، حتى لا نقع في مطب الأنظمة الساقطة. لأننا ان لم ندرك أن الديموقراطية ، لا تفرق بين مؤيد ومعارض ، فاننا وللأسف نكون قد استبدلنا ، قمعا بقمع ، وسلطة بسلطة ، ومفسدة بمفسدة.
#لينا_جزراوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاعلام ...... تآمر على المرأة العربية
-
أم حسن ................ والقوانين
-
لن تحقق المرأة مساواتها مع الرجل .......... بدون اطار سياسي
-
لماذا تثير قضايا المرأة حساسية لدى الرجال ، ولماذا يرفض الرج
...
-
لماذا تنشأ المرأة ، أكثر عاطفية، وأقل مهنية من الرجل ،
المزيد.....
-
ترامب: تحدثت مع الرئيس المصري حول نقل الفلسطينيين من غزة
-
كوكا كولا تسحب منتجاتها من الأسواق الأوروبية بسبب مستويات ال
...
-
ترامب: سأوقع أمرا تنفيذيا لإنشاء -قبة حديدية- للدفاع الصاروخ
...
-
محادثات أولية للمرحلة الثانية من اتفاق غزة ومبعوث ترامب يتوج
...
-
الاحتلال يصعد عدوانه على الضفة ويهجر آلاف العائلات بجنين وطو
...
-
الجيش الإسرائيلي يوسع عملياته في الضفة الغربية و-يجبر- عائلا
...
-
-ديب سيك- تطبيق صيني يغير معادلة الذكاء الاصطناعي العالمي..
...
-
الأزهر يعلن رفضه القاطع لمخططات تهجير الفلسطينيين
-
إقالة 12 مدعيا شاركوا بمحاكمة ترامب
-
أميركا تواصل ترحيل مهاجرين إلى غواتيمالا وتتجاوز الأزمة مع ك
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|