أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد الشيخ - سلطويات مانعة للمواطنة














المزيد.....

سلطويات مانعة للمواطنة


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 3346 - 2011 / 4 / 25 - 23:07
المحور: المجتمع المدني
    


تصنع الثورات الديمقراطية المدنية والسلمية، عقودها الاجتماعية والسياسية، عبر ما تطلقه من زفرات التحرر والتكتيل المواطني لشعوب تعيد الاعتبار لوطنيتها التي لفظتها وتلفظها الأنظمة السلطوية، باعتبارها النقيض التاريخي لها ولوجودها المزمن في السلطة، ما أدى ويؤدي إلى إغراق الأنظمة لوطنية شعوبها، كأداة موحدة وصلبة في واحات من الصراعات الطوائفية أو الفئوية المتمذهبة، جاعلة من تلك الصراعات السد الحاجز المانع للنهوض؛ نهوض الشعب من كبوات وتمزقات الروح التعصبي، الذي عمدت وشجعت أنظمة الاستبداد السلطوية على نشره وإفشائه لدى شعوبها، كمعلم من معالم ترديات أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية، بينما هي كانت تتكفل بخلق تردّ سياسي وثقافي عميق في إطاراتها السلطوية.

وإذا كان للاستبداد السلطوي أن يقوم مقام الإلغاء للشعب، والتعاطي بخفة مع وجوده، فلأن السلطة لا ترى سوى ذاتها في منظارها، أما الشعب فهو كتلة أخرى لا سلطوية، لا تملك سوى التواجه معها ومع وطنيتها الموحدة؛ وطنية مهجورة، هجرتها الأنظمة بفعل آليات ومآلات هيمنتها السلطوية، ورؤيتها لواحديتها كذات متضخمة على حساب شعبها ووطنيته الجامعة، نفيا لمواطنة طالما وقفت وتقف عاجزة عن تأكيد ذاتها، في مواجهة ثقافة العصبويات وأيديولوجيات التقاليد الانقسامية؛ دينية كانت أو مدنية/حزبية.

وعلى العكس من سلطويات الاستبداد الأبوي البطريركي في مجتمعاتنا ودولنا، وإذ ينهض الشعب في ميادينه وساحاته العامة، فلكي يؤكد خروجه على تلك المعازل والخصوصيات الأهلية الضيقة ما قبل الدولتية، وهي الخصوصيات التي جعلتها الأنظمة هدفا لسلطويتها المانعة، والحاجبة للمواطنة واستحقاقات حقوقها وواجباتها، كما يتضمنها العقد الاجتماعي المتوافق عليه، وفي مقدمة تلك الحقوق، واجب تداول السلطة والخضوع للقانون والتساوي أمامه، في ظل حرية سياسية يتساوى في إطارها الجميع، كل الجميع سلطة وشعبا على اختلاف أطيافه، لا النخب أو الطغم السياسية المهيمنة، وكذا لا أن تكون السلطة هي المحدد الأول والأخير لحريتها هي، في منح أو منع الحرية للشعب في أن يتصرف ككتلة واحدة موحدة في وطنيتها، وفي إعطاء شرعية ومشروعية إدارة الدولة، كمؤسسة لا تعود "ملكيتها" للسلطة، بل هي الملكية الأشد خصوصية لشعبها هوية وانتماء.

لقد تجاوزت شعوب بلادنا وخلال فترة وجيزة، وبفعل ثورات الشعوب المتناسلة، ليس حواجز الخوف والصمت فحسب، بل وألغام التفجير المجتمعي التي لطالما زرعتها الأنظمة من أجل إدامة سلطتها وهيمنتها على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فيما هي تعمد إلى تغريب مواطنيها وسحق وحدتهم المجتمعية الداخلية في مواجهتها. وها هي تنهض من سباتها ومسببات صمتها كتلة ناطقة، وإرادة متحفزة، كي تمارس فعلها المواطني كسياسة عامة، وكأنها تكتشف قوتها الكامنة في ممارستها الطبيعية لدورها الذي غيّب طويلا، وكان يختفي خلف طبقات من تعصبات وعصبويات التمذهب والانقسامات التقليدية التي لطالما رعتها سلطة الأنظمة التقليدية، والسلطات الأخرى الموازية؛ مجتمعية ودينية.

رغم كل ذلك، فإن أنظمة كثيرة تبرهن اليوم أنها ماضية باتجاه السقوط في امتحان الإصلاح، إصلاح تاريخي مفوّت فات أوانه، مع تكشّف أزمات وطنية تنتقل تدريجا نحو كونها تاريخية، وليست أزمات عابرة، يمكن تجاوزها بمعالجات أمنية قمعية. وكما كانت هذه الأنظمة ذاتها قد سقطت في امتحان السياسة والمعالجات السياسية لإشكالات مجتمعاتها، فعجزت عن أن تفلح في معارك احتوائها، عبر أجهزتها البوليسية وأدواتها الأيديولوجية الأخرى، وهي إذ عمدت إلى تفجير مجتمعاتها من داخلها، فلكي يسهل لها الاستيلاء عليها، وتأميم كل حيوية يمكن أن تطلقها في مواجهة إشكالاتها مع السلطة، ومع نظامها الذي تكلس في جموده، بحيث ما عادت تحتمله المجتمعات، ولكون أنظمة كهذه عادة ما تراهن على استمرار آليات الإخضاع القديمة ذاتها، دون أن تلجأ أو توافق على الحوار، أو أي شكل من أشكال التواصل مع مجتمعاتها المنبوذة.

وها هي اليوم تلك الأنظمة، وعلى اختلاف طبائعها الاستبدادية، تواجه معضلة فشلها في مهمة الاحتواء، ما وسّع من قواعد التمرد الشعبي ضدها وضد أجهزتها وكامل آليات سلطويتها، إلى حد رفض كل ما يصدر اليوم من قبل السلطة أو رأس نظامها، من وعود الإصلاح، فقد انكسر "حاجز الثقة" الذي كان مفروضا بالقوة لا بالإقناع، مع انكسار حواجز الخوف والصمت، وبتشجيع من تجارب شعبية ناجحة، أضحت تشكل نموذجا يمكن ارتياده في ظروف ومعطيات مختلفة، لكنها تلتقي في مشابهة طرفي نقيض العملية الثورية الجارية اليوم للانقضاض على سلطة القهر والغلبة والإكراه. ولتحقيق مواطنة ناصعة، وساطعة في حقوقها وواجباتها، حرة في تعبيرها الديمقراطي السلمي، حرة في تساويها أمام القانون وتحت سلطة قضائية نزيهة، لا تنحاز لجانب سلطة هي غالبا الأقوى في مواجهة جبهة المواطن والمواطنة. ولا يحقق المساواة والحق والعدل سوى دولة مدنية مؤسساتية حديثة، هي دولة المواطنة؛ النقيض التاريخي لدولة الاستبداد البوليسي التي عايشنا ونعايش العديد من أنماطها؛ منها ما سقط رأسها ولم يسقط نظامها كاملا بعد، ومنها ما يترنح رغم فرضه شكلا عنيفا ومسلحا من أشكال الصراع مع الشعب، ومنها ما يقود قمعا أهلويا وسلطويا عنيفا بأمل النجاة والاحتفاظ بالسلطة، وهو أمل مستحيل في ظل فقدان أنظمة استبداد الحزب الواحد لشرعيتها ومشروعيتها، وسقوطها قيميا وأخلاقيا وسياسيا، بفعل مواطنة تنضج شرعيتها ومشروعيتها في ميادين وساحات التغيير والتحرير.



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإصلاح الشامل كمسألة وجودية
- سلطويات الذات الاغترابية ونزعتها النيرونية
- آلام التغيير وثقل الستاتيك الفلسطيني
- فجر ليبيا وغروب الأوديسة
- في تعددية ولا معيارية الثورات الديمقراطية
- ليبيا الحرة دولة مدنية حديثة
- دولة الحل المرحلي: دويلة منزوعة السيادة
- روح التغيير وبدء الإنفراج التاريخي
- محفزات احتضان السياسة.. وصناعتها
- فات أوان الإصلاح.. هبت رياح التغيير
- في التغوّل السلطوي اللاغي للتعددية
- الدمقرطة العربية: إعادة تفكير أم اتجاه نحو ثورات التغيير؟
- في التحاكم التبادلي تعاقديا
- أحرار الميادين وعبيد النظام والمال الحرام
- بين الحقيقة الضائعة والتدليس في وثائق -الجزيرة- وويكيليكس!
- حين ينهض فينيق حلم التغيير والثورات الشعبية
- عقل سياسي مغيّب ومجتمعات مأزومة تنفجر
- تونس ومحنة تغيير قد لا يكتمل
- سقوط النموذج التونسي.. ماذا بعد؟
- بداهة الدولة واستثنائية السلطة


المزيد.....




- اللجان الشعبية للاجئين في غزة تنظم وقفة رفضا لاستهداف الأونر ...
- ليندسي غراهام يهدد حلفاء الولايات المتحدة في حال ساعدوا في ا ...
- بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
- مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا ...
- إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
- مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
- مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري ...
- لماذا تعجز الأمم المتحدة عن حماية نفسها من إسرائيل؟
- مرشح ترامب لوزارة أمنية ينتمي للواء متورط بجرائم حرب في العر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد الشيخ - سلطويات مانعة للمواطنة