اليابان ... سلام خذ

حاتم عبد الواحد

الحوار المتمدن-العدد: 3346 - 2011 / 4 / 25 - 10:38
المحور: المجتمع المدني
    

من يستطيع قتل روح الانسان ؟
بدقائق معدودات فقدت اليابان موانيء ومطارات وبشرا ومدنا ومصانع ومظاهر كثيرة من مقومات مدنيتها الحضارية ، ولكن مع كل هذا الخراب المادي لم تتأثر الروح الانسانية للشعب الياباني الا بمقدار حزنهم على اهلهم واحبتهم ووطنهم ، ولم يخرج لنا راهب بوذي او عابد من الزن ليقول امام كاميرات التلفزيونات انه غضب الله على الناس بسبب ابتعادهم عن السماء ، ولم تهرول الحكومة اليابانية الى معابد الشنتو ليطلبوا من كبير كبير الرهبان منحهم البركة والقدرة على الصمود بوجه هذا الدمار الطبيعي ، بل عمل اليابانيون حكومة وشعبا وامبراطورا كيد واحدة من اجل مواجهة ما حاق ببلدهم .
هذا البلد الذي قدم للبشرية افضل الابتكارات خلال اقل من قرن من الزمن اثبت ان للجذر الحضاري امكانية على تثبيت الامم بترابها ، واثبت ايضا بطريقة غير مباشرة ان العرب والمسلمين عموما هم اصحاب حضارة كاذبة وادبيات هوائية فارغة لا تروي ولا تشبع ، لان العرب والمسلمين لم يثبتوا مرة واحدة طوال قرون امام اصغر مصائب الطبيعة او البشر وانما كانوا وما زالوا انتهازيين وانهزاميين وتبرريين وخرافيين في تعاملهم مع الكوارث التي مرت وتمر بهم وما اكثرها .
لقد فقدت اليابان في هذه الكارثة الاف البشر واكيد ان منهم من كان عالما او اديبا او سياسيا او عضوا في محفل دولي ، ولكن لم تظهر على شاشات تلفزيون طوكيو سرادق العزاءات ولا نواح اللاطمات صدورهن ولا الازياء الغرابية السواداء المجللة بالاخضر المفتقد في بلداننا الكالحة ، لم يقل لنا اليابانيون ما ديانتهم ولا بماذا يؤمنون ، فكثير من زملائي في الجامعة يخبرونني بان الدين في اليابان فلسفة وليس عبادة وان كانت هناك طقوس ، ولكن الاكيد ان العالم كله يعرف صناعات اليابان وتطورها العلمي ولهذا لم نرَ على شاشاتهم او في جرائدهم بيانات وبرامج نعي لفلان او علان لان اليابان كلها كانت يد واحدة في مواجهة مصيرها والانسان لا يمكن ان يفنى وان اظلمت بوجهه الدنيا .
لقد سقطت حكومة تتالف من عدة اشخاص في العراق عام 2003 وحتى يومنا هذا لم يرَ الناس الكهرباء ولا الماء ولا ابسط مقومات الحياة البشرية ، وتعزو الحكومة البديلة سبب هذا الشح في الخدمات الى عصابات الحكومة السابقة والى جهات سلفية اخرى ، علما ان شعار الحزب الذي يقود البلد هو اكثر سلفية من كل افراد العصابات المفترضة ، وان المبالغ التي دخلت الى الخزينة العراقية منذ نسيان 2003 الى الان تكفي لجعل اي صحراء قاحلة في العالم بلدا من اجمل واهم بلدان العالم ، ولا احد يعلم ما مصير هذه الاموال ولا اين اختفت ، ولا احد يستطيع ان يسال عنها لانه سوف يوصم بالخيانة العظمى ، في حين ان اليابان وفي ذروة الكارثة لم تسجل جريمة سرقة واحدة ولا سطوا على بنك ولا هرجا ومرجا وشعارات ثأرية بين طوائف ومذاهب وعقائد اهل بلاد الشمس ، بل ان الاخلاق العظيمة التي يتحلى بها اليابانيون ولم يتخلوا عنها وهم في هول الفجيعة قد جعلتهم يتكافلون اكثر مما كانوا متكافيلين قبل الكارثة ، ولكن دهاقنة وشيوخ الاسلام يسمون اخلاق هذا الشعب وشعوب مثله بانها اخلاق الكفار ، فمن هم الكفار يا ايها الملتحون السارقون الكذابون الزناة ؟؟ تعلموا ايها المتشدقون بالاخلاق الاسلامية والعربية من هؤلاء الذين تصفونهم بالكفار لكي تفهموا معني كلمة الانسان .

#حاتم_عبد_الواحد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات