أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - شادي عبده - شرعنة الاحتلال - الحزب الشيوعي العراقي على محك المواقف















المزيد.....

شرعنة الاحتلال - الحزب الشيوعي العراقي على محك المواقف


شادي عبده

الحوار المتمدن-العدد: 998 - 2004 / 10 / 26 - 08:48
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


*هناك شعور بالمرارة والالم حيال واقع الحزب الشيوعي العراقي، صاحب النضالات والتضحيات الجسام، والذي هو الأولى والاجدر ان يدخل التاريخ مكللاً بغار تغيير النظام السابق، وبدلاً من "الفرحة" في ظل الاحتلال، كانت الحاجة تلح على امعان الفكر والنظر في السؤال لماذا لم يستطع الحزب الشيوعي العراقي وبقية احزاب المعارضة ان تطلع شمس الحرية على الشعب العراقي؟*
قد ينتهي الاحتلال الامريكي ونفاجأ بغيره دون ان يصل البحث في مسألة الموقف من الحزب الشيوعي العراقي الى اي قرار. وفي هذه الحقيقة ما يشي بالعجز المخجل والتردد المعيب. وفي كل الاحوال فان مقالة الرفيق فتحي شبيطة- بتاريخ 4.10.04 - المدافعة عن الحزب الشيوعي العراقي هي مناسبة لفتح النقاش على مصراعيه مع قيادة الحزب الشيوعي العراقي، ونقصد بذلك منذ بداية الاحتلال الامريكي وحتى اللحظات الراهنة.

في بداية الاحتلال الامريكي
حينما رفعت الاعلام الحمراء عنوة في شوارع بغداد لتعبر عن فرحتها بسقوط النظام الدموي في ظل كارثة احتلال العراق، كانت اقلام التجمع والحركة الاسلامية جاهزة ومتحفزة لكي تعيد الاعتبار لضحايا نظام عبد الكريم القاسم من القوميين والاسلاميين، والذين سقطوا على يد الحزب الشيوعي المتنفذ في السلطة آنذاك- حسب ادعاءاتهم المغرضة- والذي برأيهم ثبتت عمالته التاريخية من موقفه الآني من احتلال العراق. وكان فيما كتبوه محاولة خسيسة لاستغلال واقع الحزب الشيوعي للنيل من تاريخه، ومن ثم، بهدف تمجيد وطنية القوميين والاسلاميين.

والحاصل انه ولاول مرة في التاريخ تقوم عدسات الاعلام الغربية بملاحقة الاعلام الحمراء ونوادي الحزب الشيوعي لتصورها وتبرزها في حالة القبول بالاحتلال أو لا مقاومته، وكانت هذه المشاهد قاتمة في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي المجيد تحديداً، وفي تاريخ حركة امتازت في القرن العشرين بكونها قادت وبجدارة حركة التحرر الوطني والاجتماعي، ونعني بذلك الحركة الشيوعية. ومع ذلك فالمشاهد صورت خصيصاً لشعوب الدول الغربية، لكي تطلعها على فرحة الشعب العراقي التي لا تشوبها شائبة الاحتلال. وحبكة الاعلام الغربي في كل ذلك قائمة على ان الشرق ما يزال شرقاً ، وهو بحاجة دائمة لدور الغرب التاريخي والحضاري والانساني في التدخل بشؤونه ولو بقوة السلاح لانقاذه من تعسفه وتخلفه وانحطاطه.

وللاختصار سنورد بعض الهواجس التي الحت في بداية الاحتلال الامريكي:

* ان مواقف قيادة الحزب الشيوعي العراقي هي بداية طبيعية لشرعنة الاحتلال الامبريالي كأداة لتغيير الانظمة المحلية، وبالمقابل فان هذه المواقف قد تؤدي لاحقاً الى استبدال الثورية الماركسية بثورية ممسوخة ومنحطة- هي في الواقع معادية للثورية ونقيضتها- لا تعتمد على قواها وجماهيرها فحسب- في افضل الاحوال- كقوة للتغيير، بل تعتمد على فنون التآمر والتواطؤ والعمالة مع القوى الامبريالية والاستجداء في طلب قوتها العسكرية.

* لقد دفع الشعب العراقي بأكثر مما نال، فالوقوع تحت الاحتلال الامريكي هو اشد كلفة وخسارة من ارباح التخلص من النظام السابق، وبدلاً من القرصان والطاغية الصغير وجد الشعب العراقي نفسه في حضرة زعيم القراصنة، اي الولايات المتحدة المسؤولة مباشرة عن بقاء النظام السابق ودعمه لفترة طويلة، والقادرة دائماً على اعادة انتاج ذاك النظام حاضراً ومستقبلاً، وخلاصة القول إن الداء اياً كان لا يعالج بالداء العضال.

* ومن ثم فان هناك شعورا بالمرارة والالم حيال واقع الحزب الشيوعي العراقي، صاحب النضالات والتضحيات الجسام، والذي هو الاولى والاجدر ان يدخل التاريخ مكللاً بغار تغيير النظام السابق، وبدلاً من "الفرحة" في ظل الاحتلال، كانت الحاجة تلح على امعان الفكر والنظر في السؤال لماذا لم يستطع الحزب الشيوعي العراقي وبقية احزاب المعارضة ان تطلع شمس الحرية على الشعب العراقي؟ والحاصل ان كل محاولة لاخراس ذاك السؤال وعدم الاجابة عليه لن تؤدي الا الى تكريس وتأبيد العجز والتخلف والشلل في احداث التغيير، والركون للقوى الاجنبية والخارجية وطلب "معونتها". ومن الغريب ان الكثرة التي لم تكف عن التشدق "بفوائد" الاحتلال الامريكي، هي التي اهملت الحقيقة التي تقر بأن الاستفادة من حضارة الغرب لا تكون بطلب قوتها العسكرية، تماماً كما ان تقمّص الغرب مظهراً وشكلاً لا ينتج شرقاً مبدعاً، فشتان مابين قوة الفكر والقوة العسكرية.

* ومن الغريب ان عصرنا الذي يمتاز بدقة الحسابات غاب عن باله بأن الابقاء على النظام السابق هو اقل كلفة بشرية من التخلص منه، فقد خسر الشعب العراقي مليون ونصف من ابنائه نتيجة الحصار الاقتصادي هذا بالاضافة لآلاف الضحايا الذين سقطوا جراء الغارات الغربية. ومما لا شك فيه ان غياب تلك الحسابات والسكوت عنها لم يكن بفعل المصادفات البريئة ولا حتى الساذجة.

* وبدلاً من الالتزام بالنقد كأداة لتطوير الاحزاب الشيوعية وتخليصها من الادران اللاحقة والعالقة بها، وجدنا ان ما يلف المواقف هو الصمت والتغاضي والهروب من قولة حق، وفي هذه الحقيقة ما يشي بأن شوكة الحزبية المغلوطة هي اشد واقوى من الانتماء للفكر والالتزام به، فعلى ما يبدو إن تجربة الاتحاد السوفيتي قد ذهبت هدراً وهباءً، وكأن سقوطه لم يكن سقوطاً مدوياً لمقولة ان الشيوعيين من طينة خاصة. فبالمواقف وبالممارسة تكون شيوعية الشيوعي او لا تكون، او تكون بشكلها المشوه والمنقوص.

في الماضي لم يتوان آباء الماركسية عن فضح وإدانة مواقف وممارسة مختلف الاحزاب وبضمنها تلك المعدودة تعدياً على الماركسية. فالنقد الذاتي لم يولد الا من اليقين بان الاحزاب الشيوعية لا تفد السياسة بقلاع تجنبها تغلغل الانتهازية او السقوط التدريجي في شرك خيانة الفكر. فبالمواقف كانت تزداد قلاع الاحزاب الشيوعية ارتفاعاً وأما ممارساتها فكانت المادة التي تشد اواصر تلك المواقف لئلا تتحول لزيادة في الارتفاع دون متانة في البناء.

هزيمتان بطعم النصر!
في الماضي القريب جداً كان هناك من لاذ من وطأة سياسة التتريك فوجد نفسه يقع بدون ارادة منه في احضان مخطط سايكس بيكو، فالقوى الاجنبية لا تحمل نفسها المحمل الصعب للقدوم الينا دون طائل يحدوها ويغريها بذلك، وهي لا تلغي الظلم المحلي الا لكي تستبدله بظلم من لدنها اشد وادهى.

تزخر البلدان العربية بالحركات السياسية المبدعة بامتياز في فنون التبريرات والتسويغات والحط من البرغماتية لدرجة الخيانة، لذلك فلا حاجة بتلك البلدان للمزيد منها، بل ان حاجتها تبقى لاحزاب لا تتهيب من تقييم اخفاقاتها نقدياً، لكي تبدع بالتالي في الوسائل القادرة على تحرير طاقات الشعوب العربية لتصنع تغييرها بنفسها. فتجارب الشعوب انتهت لنتيجة مفادها ان التقدم لا يمكن استيراده، فانجازه منوط بقدرتها على حسم صراعها مع القوى الرجعية والظلامية والمتواطئة لديها. هذه هي التحديات التي غيبت بفظاظة عند بداية الاحتلال الامريكي، والتي زادتها الاعلام الحمراء المرفوعة عنوة طينة على بلة، وكأن الامبريالية لم تكتف بالثأر من الماركسية عند انهيار غالبية الانظمة الاشتراكية، بل ارادت ان تنكأ في جذوتها الحمراء اي جذوة الوطنية المعادية لها. فالهزيمة كانت هزيمتين، الاولى هي عجز الاحزاب الثورية ان تؤتي بالتغيير ومن ثم وقوع العراق تحت طائلة الاحتلال بكل ما يعنيه ذلك من الثمن المدفوع والثمن الذي سيدفع.
نصر بطعم الهزيمة، مقولة زفر بها نابليون في اعقاب معركة انتصر فيها وانتصر الموت على جنوده وقواده ففتك باعداد كبيرة. قد يقبل الخيال العبث بالمقولة فيعكسها، ولكن ما لا يستطيع اي خيال ان يتخيله هو ان يكون لهزيمتين طعم النصر! فاذا كانت الهزائم بطعم النصر فماذا سيكون طعم النصر؟ وأصلاً، فمن ينكر هزائمه لن يؤتي النصر ولن يطعم طعمه. واذا اسثنينا البلاهة عن مواقف قادة الحزب الشيوعي العراقي، فماذا سيتبقى؟ مشاعر الانتقام والارتفاع بها الى مصاف الايديولوجيا والفكر الزاعم باجتراح المواقف، المنفلتة من كل عقال ومبادىء واشباهها واجزائها، كمقولة "وطن حر وشعب سعيد في ظل الاحتلال"! اي المقولة التي شرفت وفاجأت الاحتلال الامبريالي بكونه النقيض لذاته، لانه اطلع الحرية وانجز الاستقلال.

بشرعنة الاحتلال والرفع من قدره تنتفي الحاجة لمقاومته عراقياً ولدى قوى المعارضة الامريكية، وبالشرعنة ذاتها يختفي الطابع المادي البشع لمصالح الاحتلال في الوطن العراقي ويغيب. فاذا كان هذا هو مؤدى فعل الاحزاب "الوطنية"، فبماذا ستنشغل قوى الخيانة؟

(يتبع)



#شادي_عبده (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تفاعل على ترحيب أصالة بأحلام في جلسات موسم الرياض ورحيل صادم ...
- النرويج تقفل تحقيقها بشأن أجهزة -بيجر حزب الله- التي انفجرت ...
- -سي إن إن-: الحكومة الإسرائيلية ستصوت على اتفاق وقف إطلاق ال ...
- برلماني روسي: -أوريشنيك- أظهر حتمية اقتصاص روسيا ممن يعتدي ع ...
- وزير الخارجية الإيطالي: إيطاليا لن ترسل عسكريا واحدا إلى أوك ...
- المتحدث باسم ترامب: إسقاط القضايا الفيدرالية ضد الرئيس بمثاب ...
- شولتس بعد ترشيحه رسميا: هدفنا تصدر المشهد وأن نصبح الحزب الأ ...
- حرب غزة.. أول إبادة جماعية بالبث المباشر
- أفرزتها حرب مدمرة.. غزة تحت وطأة مجاعة وأمراض وحصار لا هوادة ...
- خبراء أمميون: إسرائيل مسؤولة عن سلامة مصور الجزيرة فادي الوح ...


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - شادي عبده - شرعنة الاحتلال - الحزب الشيوعي العراقي على محك المواقف